• Thursday, 25 April 2024
logo

البحث عن نهج بديل للفدرالية ..

البحث عن نهج بديل للفدرالية ..
الفدرالية هي نتاج العقول الديمقراطية و ليس العملية الديمقراطية

إن الاتحاد الأوربي مدين في وجوده إلى النخب السياسية التي تمكنت على خلفية اختلافات الشعوب الأوربية من العثور على إمكانية جمعها في إطار اتحاد واحد, و مراعاة المصالح الاقتصادية لتلك الشعوب فيه من اختلافات و خصوصيات، لقد حقق الاتحاد الأوربي منذ البداية, و بسبب النتائج الجديدة التي أوجدها، شرعيته من منظور المواطنين الأوربيين لأن يكون سببا لتوسيع الإدارة السياسية لهم .ما يعني عدم تفسير الوضع الراهن للاتحاد الأوربي كتاريخ فكري لبناء الاتحاد بل يؤرخ بذلك الدستور القانوني الذي أوجد هذا المكون النادر .... لقد دخلت مؤسسات الاتحاد مثل ( البنك المركزي الأوربي و مفوضية و محكمة العدل الأوربية ) إلى أعماق الحياة اليومية لأبناء أوربا..هذا فضلا عن دخول أو وقوع محدود لتلك المؤسسات تحت طائلة الديمقراطية . و تمكن المجلس الأوربي المؤلف من مجموع رؤساء الحكومات الأعضاء في الاتحاد من إطلاق مبادرته المشهورة في خضم الأزمة الاقتصادية التي شملت العالم أجمع، و بها تمكن المجلس الأوربي،من منظور مواطني جميع الدول الأعضاء فيه, من تمثيل المصالح الوطنية لكل واحدة من هذه الدول و كان الهدف من إنشاء الاتحاد الأوربي و صندوق النقد الأوربي في تسعينيات القرن الماضي على أساس مبدأ إيجاد البديل لليبرالية و شبه الليبرالية و التقارب بين النتائج العملية و النظرية في هذا المسار، كان ليصبح عاملا للأستقرار و التنمية الاقتصادية داخل الاتحاد الأوربي.

يوركن هابرماس
عن محاضرة ألقاها في جامعة لوفان
في 26/4/2013

(الفدرالية بين النظريتين التقليدية و المعاصرة )

لقد خصص البروفيسور ديفيد كاميرون استاذ العلوم السياسية في جامعة تورنتو قسما من كتابه الموسوم (العراق ...إبعاد جيل آخر عن العنف ) للفدرالية في العراق باسم (اعملوا على العمل بالفدرالية في العراق .. وفيه يجري كاميرون مقارنة و تقييما لمعنى الفدرالية في النظرية الليبرالية التقليدية و المعاصرة و يقول: في النظرية التقليدية يتجاوز الأفراد الحالة الطبيعية و يتوجهون إلى المجتمع المدني ... و يأتي هذا التحول في إطار قناعتهم وقبولهم بعقد اجتماعي يتم عليه تأسيس شرعية السلطة السياسية التي تعود بالنفع على جميع الأطراف و التي عليها أن تلتزم بها تماماً وكذلك الحال بالنسبة للنظرية التقليدية للفدرالية حيث تتوحد المجتمعات الحرة و المستقلة بشكل اختياري لبناء و تكوين أسلوب جديد للحكم و سيعود هذا النظام الجديد بالنفع على عموم المجتمعات و المكونات باعتباره دستورا فدراليا هو دستور العقد الاجتماعي للدولة الفدرالية ... غير أن التجربة الفدرالية المعاصرة تختلف إلى حد ما عن الأسلوب التقليدي، لأن الفدرالية وفق هذا التقليد هي عبارة عن اتحاد بين المجتمعات أو الشعوب الحرة و المستقلة لبناء نظام أفضل، إلا أنها في التجربة الفدرالية المعاصرة تكون في كثير من الحالات أسلوبا للجمع بين أو بناء اتحاد بين الشعوب التي كانت تتقاتل فيما بينها في السابق، ما يعني أن إقامة هذا الاتحاد الفدرالي ستتسبب في إيجاد وضع سيء لأن الفدرالية هي ليست (الخيار الأول للأطراف المتحاربة بل هي الخيار الثاني الذي يكون عادة موضع شك و تردد لتلك الأطراف) كما أن الدستور الذي تتم صياغته لمثل هذا الاتحاد لن يكون موضع قبول المواطنين .
و لو نظرنا إلى هذا الدستور نظرة دقيقة و الذي سيكون عقدا اجتماعيا للمكونات داخل النظام الفدرالي فإن الأمر يتطلب أن يكون هذا العقد الاجتماعي موضع قبول جميع الأطراف لأن شرعية النظام الفدرالي تكون على أساس موافقة جميع الأطراف على العقد، و بصدد عدم قبول تلك الأطراف بالعقد، فإن المفكر الألماني يوركن هابرماس يحذر في محاضرة له ألقاها في جامعة لوفان في نيسان 2013 حول تعزيز التعاون و الدعم من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي من أن تتابع بروكسل مجريات الرأي العام (ضد اليورو) في الشارع الوطني كتلك الدول، انطلاقا من حقيقة أن مؤسسات الاتحاد الفدرالي الأوربي لن تقع تحت طائلة الديمقراطية و مسارها .
إلا أن الرأي العام المعادي لليورو هو في تقدم و تزايد مستمر و ما لم تتم مراعاة نهج لا ينسجم مع مسألة التقارب بين الحقائق العملية داخل الدستور الأوربي فإن مرد ذلك سيكون وقوع تنمية أوربا و استقرارها تحت طائلة الخطر.
و لو عمدنا في هذه النقطة من وجهتي نظر ديفيد كاميرون و يوركن هابرماس إلى قراءة متأنية لأوضاع الفدرالية في العراق فإن كاميرون يبلغنا أنه في حال تحول الفدرالية إلى اتحاد يجمعالأطراف المختلفة في السابق فإنها ليست الخيار الأول و عندما تكون الخيار الثاني، ستكون عندها خيارا من الشك و التردد و لا يستبعد توافق اختياري على ذلك الدستور الذي سيكون عقدا اجتماعيا فيما سيضع مثل هذا الخيار فإن شرعية النظام الديمقراطي ستقع تحت طائلة التساؤل، لكن ذلك ، و كما عشناها خلال السنوات الـ10 الماضية و بالأخص في العراق فإن دستور البلاد لم يتحول إلى سبب و أساس لإعادة بناء العراق الجديد (عراق فدرالي و تعددي و ديمقراطي و برلماني) بل بالعكس فقد أصبح سببا في تزايد العنف الدموي الذي وصل حدا سماه بيتر كالبريس في عام 2007 (نهاية العراق) و أن أوضاع العراق غير المستقرة حاليا, ووفق كل المراقبين، قد تجاوزت حدود أعمال العنف في عام 2007، و لو أعدنا ثانية قراءة أوضاع العراق وفق التحذير الذي أطلقه هابرماس لقيام التعاون و الدعم داخل الاتحاد الأوربي ، لوجدنا أن تحذيره نابع على أي أساس من المخاوف، فقد توقف عند نقطة أن الاتحاد الأوربي هو ليس نتاج عملية ديمقراطية، بل هو نتاج العقليات أو الدول الديمقراطية، ما يعني أنه عندما تتكون بين الدول الديمقراطية إرادة لبناء اتحاد مثل الاتحاد الأوربي، فإن مصدر شرعية إرادة تلك الدول ستكون إرادة شعوبها لذلك عندما تكون توجهات (معاداة اليورو) في الشارع الوطني للدول الأعضاء في نماء و انتعاش و تزايد، فإن شرعية إرادة تلك الدول ستكون في مهب المخاطر في كونها قد بنى،في إطار دستور الاتحاد الأوربي, عقدا اجتماعيا للمجموعة الأوربية ما يدفع هابرماس للعودة الى المبادئ التي تم بناء مؤسسات الاتحاد الأوربي على أساسها، و هو الليبرالية التامة لا غير. لذلك فإنه يطلب و يدعو الدول الأعضاء في الاتحاد لاطمئناننا في أن النتائج التي تتحقق في ممارسة و اتباع دستور المجموعة الأوربية ستكون قريبة عن الحقائق الواردة و المسجلة داخل الدستور أما العكس فإنه سوف يودي بالمجموعة الأوربية إلى الخطر.
و لو أعدنا النظر الآن في الدستور الذي تمت المصادقة عليه في عام 2005 بأصوات أكثرية 80% من العراقيين، لوجدنا أنه قد صاغ خريطة طريق الفدرالية على أساسين:
الأول : موافقة جميع العراقيين كأفراد على ذلك النظام
الثاني : موافقة المكونات الرئيسية في العراق، أي الكورد و السنة و الشيعة، على الدستور وفي هذه الحالة إذا ما أمعنا النظر في خريطة الطريق التي نوه إليها الدستور لبناء النظام الفدرالي في العراق، فإننا نشعر بكل وضوح أن دستور عام 2005 لا يهدف إلى بناء الفدرالية في العراق بل جاء الدستور بهدف تحريك عملية تأسيس النظام الفدرالي و خطا بنائه، إلا أن هذا الدستور قد عجز عن تحقيق ذلك و الملاحظ أن عراق 2013 لا يختلف بشيء عن عراق عام 1991، و ربما يكون الاختلاف الوحيد هو أن الأقلية السنية كانت تتولى مقاليد الحكم في بغداد لغاية عام 2003 لتتولى الأكثرية الشيعية. السلطة المركزية بعد هذا التاريخ أو جزء من هذا المكون ما يجعلنا نتمكن صراحة من الإشارة أن العراق لم يصبح دولة فدرالية و لم يتألف أي إقليم فدرالي بعد عام 2005 فيما كان إقليم كوردستان موجودا قبل 2003 و 2005 و أكثر من ذلك هو أنه لا وجود لأية مؤسسة فدرالية فعالة خلال السنوات الثماني التي أعقبت المصادقة على الدستور العراقي . و إن وجدت فإنها غير فعالة أي أن هذه الأوضاع، و كما نوهت إليه مجموعة إدارة الأزمات الدولية في بحوثها تبين أن الفدرالية ذاتها قد أصبحت موضع تأزم بالنسبة للعراقIraq's Federalism Quandary و السؤال المهم هنا هو : لماذا أصبحت الفدرالية موضع إزعاج للعراق و ما هو بديلها؟

(الفدرالية من المعالجة إلى المعضلة)

نشرت مجموعة المعضلات الدولية لإدارة الأزمات يوم 28/2/2012 بحثها المسماة (معضلة الفدرالية في العراق ) في مجلة (ذي ناشنالانتريست) و الذي تم فيه التأكيد على أنه، عندما غادرت القوات الأمريكية العراق فإن الأخير قد واجه مستقبلا مجهولا و مجموعة تحديات مؤثرة أخطرها مدارك الصراع على السلطة و عدم الاستقرار و الملاحظ هنا هو إقامة تحالفات جديدة في مثل هذه الأوضاع غير المستقرة و المضطربة، و تجري تغييرات على التحالفات القديمة كما أن العلاقات بين أربيل و بغداد تسير نحو المزيد من التوتر، و أن الشيء الوحيد الذي يبقى ثابتا وسط المشكلات السياسية في العراق و يدعم هذا الوضع المعقد و غير المستقر هو ذلك التساؤل الذي لا رد له و هو : ترى أي أسلوب للنظام الفدرالي سيكون أساسا للعراق الجديد و كيف تتم تقاسم السلطات على مستوى مشاركة المكونات في الحكومة الاتحادية ببغداد؟ و كيف يتم التعامل مع سلطات حكومة إقليم كوردستان و السلطات المستقبلية للمحافظات التي تطالب بجعلها أقاليم فدرالية و هل يمكن النظر بعين البخل إلى السلطات التي منحها الدستور العراقي لحكومة إقليم كوردستان و هل من الممكن منح ذات السلطات التي يتمتع بها إقليم كوردستان للأقاليم التي ستتكون مستقبلا أو المحافظات التي تصبح أقاليم في المستقبل ؟ و قد أثارت مساعي الرد على هذه التساؤلات و فتح بوابة لمعالجة مشكلات العراق و الأهم في تنظيم العلاقة بين أربيل و بغداد نقاشات و تعقيدات و تحديات بينهما من جهة و إيقاف أو تعليق عملية تشكيل الأقاليم الفدرالية الأخرى على مستوى العراق . و هنا لا بد من التساؤل : هل يبقى العراق دولة موحدة إذا ما أصبح دولة فدرالية وفق الحقوق التي ضمنها الدستور العراقي للأقاليم الفدرالية ... عن ذلك يشير الدستور العراقي للأقاليم الفدرالية ... عن ذلك يشير البرفسور (رايدر فيسر ) الباحث الأقدم في معهد النرويج للشؤون الدولية و مسؤول موقع العراق في ذلك المركز و هو (www.historiae.org) يشير في دراسة له بعنوان (الفدرالية و الأثنية و مفهوم المواطنة المذهبية في العراق – قراءة نقدية) أن التفكير في الشعور الوطني للمواطنة العراقية سيكون معاديا لشعور الوفاء التكوين الاثني و المذهبي، ما يحتم علينا في مثل هذه الحالة جراء دراسة مقارنة بين توجه أسلوب تحديد السياسة من قبل الغرب و التفكير السياسي للسياسيين العراقيين، ما يؤدي إلى توجه مباحثاتنا بشأن الفدرالية نحو الانقسام وسواء فكرنا في تقاسم ناعم يتوقعه الغربيون أم الى انقسام دموي و بهذا الصدد وصف البرفسور يوست هلترمان من مجموعة الأزمات الدولية هذه الحالة و يقول ( لقد تم في الدستور العراقي، مسألة إعادة بناء العراق على أساس فدرالي كمصدر لمعالجة جميع مشكلات البلاد فيما ينظر إليها السياسيون العرب في العراق كأتعيس كلمة في قاموسهم السياسي . هنا لابد من التساؤل : ما هي نظرة الكورد للدستور و الفدرالية ؟ يقول هلترمان : ينظر الكورد إلى ذلك على أساس مفهوم و وثيقة مقدسة، و بذلك يجب عدم الانتظار من الكورد المساومة على الفدرالية أو الدستور . ما يعني أن الخيار الأول للكورد هو الاستقلال و تأسيس دولة كوردستان و تكون الفدرالية هي الخيار الثاني و التي كانت نتاج المساومة و التفاوض بين الطرف الكوردي و بين المعارضة العراقية قبل سقوط النظام السابق. و كان الكورد ينوون بعد إصدارهم قرار الفدرالية في عام 1992، التقدم بخطوات أكبر خلال اجتماعات المعارضة العراقية و أن يكون العراق الجديد دولة كونفدرالية و ارتضوا بدعوة من الأطراف العربية داخل المعارضة، بأن يكون العراق الجديد عراقا فدراليا و ديمقراطيا و برلمانيا إلا أن الحكومة العراقية الحالية تواصل مساعيها لمعادة الحقوق التي منحها لإقليم كوردستان دستور عام 2005 ما يبرر وجود خط ساخن و تعقيدات مستمرة بين الجانبين و ستبقى مستمرة حسب الخبراء المختصين بالمسألة العراقية و إلى أن يتفق العراق و إقليم كوردستان علي صيغة أخرى للفدرالية تنظم العلاقة بين الإقليم و بغداد على خلاف العلاقة مع الأقاليم الجديدة التي تتشكل في العراق .
(من الأفضل للعراق التفكير في القسم العربي للعراق و ليس إقليم كوردستان)
عندما تم تأسيس العراق كدولة في عشرينيات القرن الماضي و تم بموجب اتفاق بريطاني فرنسي إلحاق جنوب كوردستان بالعراق . كان المفروض ببريطانيا أن تسعى لتحقيق تعامل العراق كدولة مع هذا الجزء الجديد الذي يشكل العراق لا أن ينسجم جنوب كوردستان مع دولة تم تشكيلها بالقوة . و كان على بريطانيا التي تعتبر نفسها دولة ديمقراطية . العودة إلى رأي أبناء جنوب كوردستان و تحويل الإلحاق القسري هذا إلى آخر اختياري ، كان عليها أيضا و التي تعتبر نفسها صاحب فكر تقليدي ليبرالي و أول أمة أعلنت الدولة القومية،أن تفي بوعدها أن تعتبر نفسها محرر الشعوب التي كانت في السابق تعاني تحت الاحتلال العثماني و لو تعاملت مع تلك الشعوب التي كانت خاضعة للسلطة البريطانية كأمم و قوميات حرة مستقلة، لكان الواجب وفق النظرية التقليدية الليبرالية، أن يكون إلحاقهم بها اختياريا إلا أن بريطانيا لم تفعل ذلك و كان السبب في ألا يشهد العراق المؤلف بالقوة أي نوع من الاستقرار على مدى قرن كامل تقريبا . و منذ عام 2003 حيث قامت الولايات المتحدة و حلفاؤها و بشكل اختياري في إطار عملية تحرير العراق بإسقاط النظام السابق و رغم كون إقليم كوردستان في هذه المرة قد تشكل من المحافظات الثلاث : أربيل و السليمانية و دهوك، كإقليم ديمقراطي مستقل بأمر واقعي فقد تم مراعاة هذا الأمر الواقع إلى حد ما و تم الاعتراف به في الدستور العراقي، إلا أن عملية التحرير التي نفذتها الولايات المتحدة و أسوة ببريطانيا، لم تكن وفق توجه اعتبار جميع المكونات العراقية، كمكونات و شعوب حرة، و كان الأسوأ في ذلك بقاء المناطق الكوردستانية خارج الإقليم غير محررة و تمت سيطرة النظام السابق و عدم عودتها إلى إرادة الإقليم، حيث كان المفروض، مع نجاح عملية تحرير العراق، تهيئة أرضية مناسبة تضمن عودة تلك المناطق الى إقليمهم المحرر المستقل و هو إقليم كوردستان ... و كان المفروض و الواجب أيضا بعد عودتها إلى إدارة الإقليم، أن تتم إعادة بناء العراق الجديد بحيث ينسجم مع خصوصية إقليم كوردستان و استقلاله، لا محاولة انسجام إقليم كوردستان مع دولة العراق الجديدة. و هي حالة ملموسة على مدى الـ(10) سنوات الماضية في أن الحكومة العراقية قد بذلت مساعيها لإعادة الإقليم إلى الوراء و كانت حجتها في ذلك هي عدم جواز توسيع سلطات الإقليم الفدرالي و الملاحظ في ذلك هو أن إقليم كوردستان عندما يمارس صلاحياته و حقوقه الدستورية، فإن العلاقة بين الإقليم و بغداد تصل حدا يصل مدارك التدخل أو الحراك العسكري و كما شاهدنا ذلك في عملية تشكيل (قيادة عمليات دجلة) أو كما نراه اليوم عندما يجري الحديث عن خفض موازنة الإقليم ..و السؤال المهم هنا هو هل أن أوضاع العراق وصلت حداً من الاستقرار و النماء بحيث يتم التعامل مع الحقوق الدستورية لإقليم كوردستان ؟ و يرى الخبراء بهذا الصدد أنّ الإشكالية الرئيسية لبغداد هي مع الجزء العربي من العراق وليس مع الإقليم و يعيدون السبب في ذلك إلى أن قسماً من محافظات العراق قد طالبت مؤخراً بأن تصبح أقاليم فدرالية. إلا أنّه بسبب مساواة الدستور لحقوق و صلاحيات كل الأقاليم بسلطات إقليم كوردستان ؛ فأن حكومة بغداد تتخوف من أن يكون ذلك بداية لتفكيك العراق و يرى هؤلاء الخبراء أيضاً أن من الأفضل لحكومة بغداد،أن تفكر بأسلوب التفاوض في تنظيم سلطات الأقاليم الجديدة بدل تفكيرها في معاداة سلطات إقليم كوردستان، وكيفية إعادة تنظيم الجزء العربي من العراق في إطار فدرالي .

( إعادة تنظيم العلاقات بين إقليم كوردستان و العراق)

لا يمكن أن يُنظر إلى إقليم كوردستان مرة أخرى بأنه ذلك الجزء من العراق،الذي تسيطر بغداد على شؤونه في إطار العراق . و السبب البسيط لذلك يكمن، في أنّه كان لإقليم كوردستان وجوده قبل البدء بعملية تحرير العراق و إعادة بناء ما يسمى العراق الجديد، وكان أحد أعضاء التحالف الدولي الاختياري لتحرير العراق من نير الدكتاتورية، كما أن التحالف الدولي و عملية العراق قبل سقوط النظام قد قبلت بأن يشارك إقليم كوردستان ، كدولة أمر واقع، في عملية تحرير العراق و يكون جزءا من عملية إعادة بناء العراق، ما حدا بإقليم كوردستان ككيان حر و مستقل أن يتعامل مع عمليتي تحرير العراق و إعادة بنائه و كان باستمرار جزءاً من العمليتين و تنظيم العملية السياسية في العراق و هو واقع يفرز عدة حقائق منها
1- لم يكن إقليم كوردستان و العراق، قبل سقوط النظام السابق، كياناً واحداً، بل إنّ حصة الإقليم من إيرادات النفط العراقي ضمن إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 986 المسمى ب ( النفط مقابل الغذاء ) كانت تفرز من الموازنة العراقية بنسبة 13% منها، ويتم صرفها لإقليم كوردستان عن طريق الأمم المتحدة .. ما يعني قبول المجتمع الدولي قبل سقوط النظام البعثي، بأن العراق و الإقليم هما كيانان سياسيان مختلفان في مصدر إيرادات مشترك، وهو واقع موجود على الأرض رغم عدم الاعتراف به من الناحية النظرية .
2- و بعد سقوط النظام السابق أيضاً و تشكيل السلطة المؤقتة في العراق و التي كانت تسمى مجلس الحكم . و تهيئة الأرضية المناسبة لصياغة الدستور قد قبل مرة أخرى بالاعتراف وفق واقعه هذا بالإقليم في إطار الدستور العراقي و يستقي منه شرعيته، ما يعني أنّ سلطات إقليم كوردستان التي استمدت شرعيتها، ليس من الدستور العراقي الدائم فحسب، بل من الأمر الواقع القائم من (1992- 2003) أيضاً و تم الاتفاق بشأن إدخالها في الدستور كما هي قبل أن يصوت عليه من قبل عموم الشعب العراقي .. أي أنّها صلاحيات واردة في الدستور باستثناء المساومة على بعض سلطات الإقليم،لما قبل عام 2003، وهي نتاج مفاوضات الطرف الكوردستاني و ضمان لنجاح العملية السياسية في العراق فأنه قد قبل بالدستور الدائم .
3- إلا أن مراد الإشكالية في العلاقات بين الإقليم و بغداد،هو أنّ الحكومة المركزية في بغداد تخفي هذه الحقيقة وبالمقابل لا يصر إقليم كوردستان صراحةً و على مستوى الإعلام و الرأي العام،أنّ الأمر الواقع في الإقليم لا علاقة له بأوضاع العراق و الأهم من ذلك أنّ الإقليم، وبعد استعادة المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، سيبلغ من الغنى حداً لا يحتاج فيه لإيرادات العراق فيتمكن أن يكون أهم لاعب داخل لعبة الطاقة في العالم . ويرى البروفيسور يوست هلترمان أن إيرادات إقليم كوردستان من ثرواته الطبيعية خلال الأعوام الـ(10) القادمة (1 ترليون دولار)، أي بمعدل يبلغ (100) مليار دولار سنوياً في حين أنّ الإقليم مستعد لأن يكون هذا العائد لجميع العراقيين، شريطة أن يتم التعامل مع باقي الموارد الطبيعية في العراق بذات الشفافية،التي يتعامل بها الإقليم و أن تغدو إيرادات العراق من النفط و الغاز أساساً لتحسن الحياة المعاشية و البناء الديمقراطي في سائر أنحاء العراق، وهي نقاط قد لا تدركها الحكومة المركزية ببساطة أو أن تقبل بها أصلاً، ما يتطلب في سياق اعتبار حكومة بغداد بانتقال السلطات الحالية لإقليم كوردستان إلى الأقاليم التي تتكون في العراق لاحقاً، تهديداً لسلطاتها و تدافع ضدها باسم وحدة العراق، أن يعتبر إقليم كوردستان مستوى مباحثاته مع الحكومة المركزية لإعادة تنظيم علاقاتهما . وقبل أن يصبح قسماً من مشكلات العراق وفق معادلة العراق و إقليم كوردستان لا أن يعتبر الإقليم قسماً من العراق و نتساءل : هل بمقدور إقليم كوردستان التعامل وفق هذا السياق ؟و الجواب هو نعم لأن :
أ- لقد كان إقليم كوردستان، قبل سقوط النظام السابق، هو الذي يقرر سلطاته كون شعب كوردستان هو المصدر الحقيقي لتلك السلطات
ب- شارك الإقليم في عملية إعادة بناء العراق، شريطة أن يبقى أمره الواقع كما هو، و أن يكون العراق دولة فدرالية و ديمقراطية و تعددية و برلمانية .
ج- هذا الإقليم الذي كان إقليم أمر واقع مستقلاً من الناحية السياسية، يجب أن يكون مستقلاً أيضا من الناحية الاقتصادية الدستورية، وتمت صياغة الدستور العراقي بحيث يسير اقتصاد الإقليم نحو الاستقلال .و عندما يصّر الطرف الكوردستاني على هذه المسألة ؛ وتم تثبيتها كنقطة دستورية، فأنّ ذلك لا علاقة له بالجزء العربي من العراق، بل يتعلق ذلك بإقليم كوردستان و العراق فحسب، وكان تعميم هذه المسألة كمبدأ عام في العراق خطأ ارتكبه السياسيون العراقيون، وعليهم هم أن يصححوه ..أمّا إذا حاول هؤلاء التلاعب بهذه النقطة بحيث يؤدي إلى حصر و تحديد سلطات إقليم كوردستان ؛ فإنّ الكورد لا يرفضون ذلك فحسب، بل يتخذون خطوات أكبر نحو (مستقبل أكثر إشراقاً) .ما يعني ألا يربط إقليم كوردستان مصيره بنجاح أسلوب معين من الفدرالية بل عليه أن يهيئ الأرضية بالممكن من ذلك، عن طريق التفاوض مع بغداد و النظر إلى سلطات الأمر الواقع لإقليم كوردستان ككيان مستقل قبل تحرير العراق و بخصوصية تامة . وأن تكون السلطات معياراً للجزء العربي من العراق .. عن ذلك يقول البروفيسور يوست هلترمان في بحثه المعنون (معضلة الفدرالية في العراق )" في حال عدم النظر إلى سلطات إقليم كوردستان كأمر واقع و تمت إعادة صياغتها في الدستور، فإنّ ذلك لا يمنع حث الخطى نحو تنفيذ الفدرالية في العراق فحسب، بل إن العراق، وبحجة كون الفدرالية معضلة في العراق إنما يعود إلى مركزية مماثلة للنظام السابق، وفي هذه الحالة حيث يحلم الكورد منذ (100) عام بدولتهم المستقلة، فإنهم لن يفوتوا هذه الفرصة و يعلنون دولتهم .. وكي لا تصل الأمور إلى هذا الحد ؛ فإنّ هلترمان يدعو إلى منح نوع من الخصوصية للأسلوب الفدرالي لإقليم كوردستان داخل الفدرالية العراقية، و وفق أسلوب التعايش الاختياري في إطار الواقع الموجود.. والأوضاع من ذلك هو أن على العراق عندما يتفاوض مع إقليم كوردستان لإعادة تنظيم علاقاتهما المشتركة في إطار الدستور العراقي ؛ عليه أن يعترف صراحةً أن الدستور الدائم لعام 2005 ليس هو من حدد صلاحيات الإقليم بل هو نتاج مساعي الطرف الكوردستاني و تضحياته في صياغة الدستور أو وفق تلك الحقائق والسلطات كما أن الطرف الكوردستاني قد ساوم، في صياغة الدستور العراقي على جملة سلطات أخرى حرصاً على نجاح العراق الجديد و على الحكومة الجديدة، عند إجراء مثل تلك المفاوضات إدراك عدم إمكانية المساومة على هذه السلطات و عليها إعادة صياغة برامجها بما ينسجم مع أسلوب إعادة تنظيم علاقاتهما مع أربيل لا أن يساوم الإقليم بصدد توحيده مع بغداد . و عند ذلك، ووفق هذا التعامل الخاص مع الإقليم، ونظراً لكل الذرائع التي توردها الحكومة العراقية بحجة الحفاظ على وحدة العراق أولاً وبسبب اعتبار قسم كبير من العرب السنة في العراق هذه الصيغة الفدرالية مصدراً لتقسيم العراق و خطراً على وحدته، ما يبرر ضرورة عدم تحمل الكورد مسؤولية تقسيم العراق العربي إلى قسمين: للمفاوضات المستقبلية بين الحكومة العراقية و بين المحافظات التي تنوي التحول إلى أقاليم فدرالية، والمفروغ منه هو أن تلك المحافظات، عندما تتجه نحو تشكيل أقاليم فدرالية، إنما تفتقر إلى سلطات الأمر الواقع أو برلماناتها وحكوماتها المحلية كي يكون أساساً لتنظيم علاقاته، كما إقليم كوردستان مع الحكومة الفدرالية، وعليها أن تتفاوض أولاً بشأن إسلوب تشكيل الإقليم و عندها يكون من الطبيعي التفاوض على سلطات الأقاليم الجديدة و قد سمى البروفيسور هيلرمان هذا الأسلوب ب ( التوحد معاً -Together holding ) وهو برأيي يبدد مخاوف قبول الحكومة المركزية بالتفاوض على النفط والغاز مع نفط البصرة و غاز الأنبار على غرار تعاملها مع إقليم كوردستان ؟ أما إذا ما تم التعامل مع إقليم كوردستان كإقليم خاص، عندها ستكون الأساليب المتبعة في الفدراليات الحديثة كفيلة بمعالجة المشكلات بين العراق و إقليم كوردستان و التفاوض حول أسلوب سلطات الإقليم على أساس التوحد معا ً( Together Holding ) ومن ثم سائر مشكلات العراق .



( إقليم كوردستان .. تحديات بغداد و مخاطرها )

لو تمت معالجة العلاقات بين إقليم كوردستان و العراق وفق ذلك النهج الفدرالي ؛ ترى ما هي الضمانة بعدم تعريض إقليم كوردستان ثانيةً لهجمات بغداد و تحدي سلطاته ؟ و الرد على ذلك، إن كان يعتبر خطراً محدقاً بالنسبة لثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي ؛ فإنه سيكون حالياً بمثابة توجه متفائل بمستقبل أفضل للإقليم، لأن أسلوب العلاقات و معالجة المشكلة وفق الدستور العراقي ستكون أساساً لتقوية الحكومة العراقية كي لا تخسر الجزء العربي من العراق وتتمكن من السيطرة عليه،إلا أنه لو حاولت الحكومة العراقية الحالية إتباع أساليب المحتلين التقليدية، على أمل إثارة القلاقل أمام إقليم كوردستان من منطلق اندلاع القتال بين الكورد والعرب، و إدعاءات نية إقليم كوردستان في الانفصال عندها سيتمكن الإقليم من الحفاظ على موقعه الدولي و المحلي و الدفاع عن نفسه و تجاوز اعتماده على بغداد باستخدام مصادره الاقتصادية
ناتان كونزالس لمجلة كولان:
على إقليم كوردستان أن ينظر إلى نفسه كما تايوان، ويطور دولة الأمر الواقع .
د . ناتان كونزالس هو باحث في مشروع ترومان للأمن القومي و محاضر في سياسة الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا . ومؤلف لكتابين هما (التعامل مع إيران ) و (الصراع بين السنة والشيعة ) و قد حدثنا عن أسلوب ممارسة الفدرالية و علاقتها بالديمقراطية،بصورة عامة و تطبيقها في العراق قائلاً : من الممكن ربما أن تكون هناك حكومة تحترم سيادة مجموعة أثنية معينة، دون أن تمنحها الحرية الكاملة ليفعلوا ما يشاءون، وكذلك الحال بالنسبة لتوجهات ديمقراطية مختلفة و نجد في العراق على سبيل المثال، وجود إشكاليات في الديمقراطية، وتتعرض إلى أنواع و أعداد كبيرة من التحديات إلا أنّه لا يماثل دولة مثل الصين التي لم تبذل أية مساع لتحقيق الديمقراطية في البلاد .. وليست راغبة في أن تكون ديمقراطية، و ربما بإمكانها إن أرادت منح بعض مديات الحكم الذاتي لبعض المناطق فإن ذلك لن يمر دون صعوبات في حين أن الإشكالية في العراق هي وجود الديمقراطية فيه دون إدارة جيدة لها و هذا هو التحدي فيه . وتتلاطم فيه الأجوبة المختلفة قياساً بباقي دول العالم .. ويضيف كونزالس : الديمقراطية تكون عادةً بحاجة إلى مؤسسات و تحمل تعريفات متنوعة . ويكون أحدها مثلاً الخسارة في الانتخابات أو التبادل السلمي للسلطة أو احترام حقوق الأقليات كقسم أساسي للديمقراطية و هي بمجموعها، مشكلات حقيقية أي أنّه يصح عندما يكون لديكم إقليم كوردي، ويشعر مواطنوه أنّهم يحملون هوية كوردية، فإن الفدرالية في هذه الحالة كأسلوب للإدارة الذاتية، ستكون أمراً مبدئياً و لوجستياً ، و يسوده التعايش الثنائي و الجمعي بين مختلف القوميات، فمن الصعب بمكان أن تلاحظ في ماليزيا و لبنان و العراق وسوريا مثلاً أن هذا الدور قد أهمل في نجاح الحكومة بوجود تلك الإثنيات لأن ذلك يتطلب العمل الجماعي لكل الأطراف ومع ذلك ترى أنّ الناس مازالوا يصوتون على أساس أثني أو ديني ، أي أنّه من الضروري بمكان وجود آلية لتوجيه تلك الطاقة، والأرجح في ذلك هو التوصل إلى نوع من التوافق كما هو موجود في لبنان، الذي تكمن مشكلته في عدم تجديد نظامهم بوجه الديموغرافية الجديدة .. ما أوجد نوعاً من الاحتلال و عدم التوازن، قياسياً بماليزيا الأكثر استقرارا أي أنّه يجوز أن يكون هناك نظام ديمقراطي في المجتمع يضمن عدم التصويت على أساس أثني أو التوصل إلى نوع من ترتيبات تقسيم السلطات أي أن الفدرالية، كي تسمح للمجموعات المختلفة، و بالأخص في حالة وجود مكون مثل الكورد، لهم حكم ذاتي أصولي، وبصورة قانونية و رسمية يعيشون في منطقة جغرافية معينة و معروفة و ليس بالصدفة، فإن من المفضل بمكان أن نسمح للناس لتكون لهم هوياتهم في إطار ذلك الإقليم . ثم أن القضية الكوردية معينة و معروفة ولا تماثل مشكلات الشيعة أو السنة أو الآخرين و أقول صراحة ً أنّ الكورد بحاجة إلى نوع من الحكم الذاتي .
* ما مدى توقعكم لمعالجة القضية الكوردية بصورة سلمية في خضم مساعيهم في جعل تجربتهم الديمقراطية نموذجهم يحتذى في عموم المنطقة ؟
- بقناعتي أن الكورد في العراق وسوريا سينالون في النهاية نوعاً من الحكم الذاتي المعترف به، وربما تحقيق (استقلال أمر واقع ) أسوة بما هو سائد بين الصين و تايوان التي لم تنل الاعتراف الرسمي بها، غير أنهم لم يؤدّوا ما يحقق العنف والتطرف لدى الأطراف الأخرى في المنطقة أي أنّه من الممكن إبقاء الوضع هادئاً مع تركيا أو إيران مع وجود نوع من الاستقلال لهم في العراق و سورية كأمر واقع و عملي .
* و ما هي نظرة المجتمع الدولي إزاء اعتبار الاستقلال كحل للقضية الكوردية؟
- هذا على الأكثر ليس هو الحل، لأنّ الدول الأوربية الاستعمارية عندما تعاملوا مع الكورد لم تجدهم أهلاً لدولتهم المستقلة!!! و لم تسمح لهم بتطوير نوع من الدولة، كان من المفروض أن تكون لهم، وأرى أن يكون لك استقلالك و سيادتك دون أن تعلن ذلك . و هي مسألة صعبة بالنسبة للقومية الكوردية،إلا أنّ المهم هو عدم السماح بوجود أعمال عنف و الأهم في هذه الحالة هو أن تكون حراً دون أن تعلن استقلالك و الملاحظ هو سيادة نوع من الممارسات القمعية غير المشروعة في بعض الدول مثل السودان ما أوجد مشكلات عديدة و في كل الحالات إن الكورد يتطلعون جميعاً إلى الاستقلال، ويجب أن يكونوا كذلك، إلآ أنّ هناك دولاً تعتبر ذلك معاداةً لها، ثم إن ّ حدود كوردستان قد خططت من قبل الدول و القوى الأوربية و لأسباب منافية لحقوق الإنسان أدت لعدم الاستقرار في المنطقة بشكل أكبر وهو ذات النتيجة التي تتمخض عن إلغاء الحدود بين الدول أي عليكم أن تحققوا ( شيئاً ) يكون لصالح أبناء كوردستان و بالأخص إقليم كوردستان، الذي يحظى و يتمتع بنمو و انتعاش و استقرار نسبي مع ما لا يعكر صفو الاقتصاد المستدام و المتنامي لمشاريعه في التربية و الطرق و الجسور و السيادة، أي أن من أراد تعكير اقتصاده عن طريق الحرب إنما يضر بنفسه ..

رشات كسبه لمجلة كولان :
ستكون الفدرالية حلاً و معالجة فقط عندما تنبعث من موافقة المكونات المختلفة ..

البروفيسور (رشات كسبه ) هو أستاذ الدراسات الدولية في جامعة واشنطن و خبير و مختص حول سياسة الشرق الأوسط و تركيا و الكورد و قد حدثنا عن الفدرالية كأفضل آلية للمسألة الكوردية في الشرق الأوسط قائلاً :
إلى أي مدى تعتبر الفدرالية طريق حل لمشكلات الدول متعددة القوميات و الديانات ؟
- ستكون هي الحل فقط عندما تنطلق من بين الناس،أما إذا جاءت من الأعلى أو الخارج ؛ عنده لن تكون حلاً ناجحاً .. وكذلك الحال عندما تصنع إطاراً تنتظر أن يلتزم الآخرون به،و أذما تم السماح للناس بصياغة إطار أو الخطوط الرئيسية أو البناء الفدرالي مع وجود تفاهم حول كون ذلك حلاً مناسباً بالنسبة لجميع الأطراف ذات العلاقة فأنّها ستحظى بفرصة سانحة للنجاح، أي السماح لهم بالمشاركة في صياغة إطار المؤسسات الفدرالية و يشعروا بأنّها مثال مصالحهم و عندها سيكون ذلك مفيداً لهم جميعاً و بالنسبة لتشكيل الاتحاد الأوربي بعد هزيمة الفاشية و النازية، قال كسبه : لقد كان تشكيل الإتحاد الأوربي إنهاء لحالات الحروب و التأزم بين الشعوب و بالأخص بين ألمانيا و فرنسا و الحرب التي قامت بينهما لسنين عدة و كان ذلك نجاحاً جيداً للإتحاد الأوربي دون أن يتعامل مع تفاصيل الخلافات في إطار دولة أو أمة واحدة كوننا لا نملك إطاراً مثالياً بذلك و ينبري ذلك في مسألة التعامل مع المهاجرين في بعض الدول الأوربية مثل اليونان و إيطاليا إلا أنّ أهم ما حققه الإتحاد الأوربي كان إنهاء الحروب التقليدية و ضمان عدم حدوثها في إطار الإتحاد و عن تأثيرات التغيرات التي حصلت في الفكر والسياسة التركية على حل القضية الكوردية في المنطقة قال الباحث :
سيكون لذلك برأيي تأثير كبير بل هو نموذج جيد عندما استجدت أوضاع تنعمون فيها بنوع من الحكم الذاتي، على مستوى الإقليم والتي من الممكن أن تتحقق في تركيا مستقبلاً حيث تكمن منفعة الناس هناك، سيما الكورد منهم و الذين من المفروض أن يكون لهم نوع من الفدرالية، إلا أنه أن مع ذلك بالأمكان أن يشاركوا في شبكة اقتصادية أكبر، ما يؤكد أن العلاقات بين تركيا و كوردستان العراق هي لصالح الطرفين و هي خطوة ستسهم بشكل كبير في تحسين العلاقات الإقليمية مستقبلاً . ويضيف قائلاً : إن أكثرية مرافق التحولات في تركيا كانت في المواقف الرسمية، وكذلك بين الجيش والحكومة التركية .إلا أن تركيا قد تغيرت نوعاً ما في الأعوام الأخيرة و هو بحد ذاته سبب مهم فضلاً عن توفر الفرص الاقتصادية و نموها في الشرق الأوسط و لصالح تركيا .. هذه في الواقع هي التحولات البارزة التي حدثت في السنوات الأخيرة .. وهي بعمومها، أي تلك العلاقات، لا تشكل أي خطر أو تهديد على أحد،بل تخدم مصالح الناس مع تردي الأوضاع على الحدود بين تركيا و سوريا، وسيكون لعلاقات تركيا مع إقليم كوردستان العراق أهمية أكثر بالنسبة للعلاقات بين تركيا و بين الشرق الأوسط، وأبعد من ذلك، ومتى ما أدرك الناس هذه الحقائق فإن الوضع عندها يتوجه نحو مسار أحسن، واستطرد كه سبه قائلاً : يحدوني أمل كبير بحل القضية الكوردية في المنطقة بسبب العلاقات و الاتصالات القائمة بين كوردستان العراق و تركيا كما أن الحكومة الإيرانية تسعى هي الأخرى، وباهتمام بالغ، لتكون طرفاً نشطاً بالمنطقة و عموم الشرق الأوسط و بإمكان الكورد في سوريا أيضاً أن يكونوا عنصر استقرار لأن هناك العديد من الجماعات المسلحة القادمة من مختلف دول العالم و يحاربون في سوريا، وبإمكان إقليم كوردستان الذي يتعاون مع تركيا و العراق، أن يكون عاملاً إيجابياً في حلها، و بالنسبة للزيارة التاريخية للرئيس البارزاني إلى تركيا أوضح ( كه سبه ) : لقد كانت زيارة ومبادرة جيدة و مهمة فأنا أتذكر جيداً أنّ الناس في تركيا سابقاً كانوا يعاقبون بسنين من السجن ليس بسبب غنائهم باللغة الكوردية و هو تحول مدهش يحدث في ظرف عقد من الزمن أو أكثر .. و سعدت أن شاهدت الحفل الفني الذي أُقيم في آمد التي زارها البارزاني و المباحثات التي جرت هناك، فقد كانت خطوة إيجابية للغاية و غير متوقعة و هذه هي الحياة ..

ترجمة دارا صديق نورجان
Top