• Friday, 26 April 2024
logo

المشروع القومي للبارزاني وتطلعات الكورد في غرب كوردستان

المشروع القومي  للبارزاني وتطلعات الكورد في غرب كوردستان
تتم معالجة القضية الكوردية في كل من البلدان الأربعة التي تتقاسم كوردستان بأسلوب مختلف، مع كون التأريخ والوضع الستراتيجي في كل منها منقطع النظير، فكورد العراق، يسعون منذ عام 1991 ولمدة أكثر من(20) عاماً من أجل بناء دولتهم وقد بدأوا مساعيهم تلك بخطوات بناءة وحققوا دعماً أمريكيا قوياً ما يعني أن أقليم كوردستان هو الأساس الأول للدولة الكوردية، كما يقوم الكورد في سوريا قريباً بالسيطرة على المناطق شبه المتمتعه بالحكم الذاتي، إلا أنهم بحاجة الى بناء تحالف طويل المد مع طرف معين وإلا فإنه تتم محاصرتهم ويبقون دون أصدقاء.. فيما يحث الكورد في تركيا الخطى نحو حكم ذاتي ثقافي وسياسي في أطار دولة قوية إلا أن الوضع هناك يتقدم ضمن وضع متلكئ خطوة بخطوة، وستكون طبيعة الأختلاف أقل عسكرية وترتدي على الأكثر غلافاً سياسياً، بينما يحقق الكورد في إيران الحرية وفق أبطأ مسار ووضع، فإيران هي دولة قوية ويسعى الكورد هناك ليؤمنوا بإن الرئيس روحاني قد صحب معه حريات أوسع غير أن ذلك قد يكون أملأ مسبقاً..


البروفيسور مايكل نايت
رئيس برامج العراق في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط

قدم الباحثان والخبيران الأقدمان (مايكل نايت وديفد بولوك)
مؤخراً ندوة بعنوان(الهلال الكوردي.. التوجه الجديد في العراق وايران و تركيا وسوريا) وتكمن أهميتها في أن هذه الندوة عقدت بعد زيارة الباحثين للمنطقة وأن حديثهما بهذا الشأن يعبر عن الواقع الحي للقضية الكوردية على مستوى الشرق الأوسط والأهم من ذلك هو أنهما يعتبر أنه النجاح الذي حققه أقليم كوردستان في مجلس تأسيس بنية مؤسسات الدولة في الأقليم، بمثابة أساس يمكن أن يستفيد منه جميع الكورد ماحدا بالمجلة للحديث مع الباحثين وقد أستجاب لنا البروفيسور نايت مشكوراً ما يبين أختلاف المقدمة الواردة لهذا التقرير عن مضمون حديثه في ندوة معهد واشنطن وقدتم نشر نص المقابلة معه باللغة الأنكليزية على القسم الأنكليزي في موقع مجلة كولان..
إن الهدف الكامن وراء التنويه الى الندوة هو الأشارة الى أهتمام الحكومة الأمريكية في معرفة دقائق توجهات القضية الكوردية في الدول الأربع(تركيا والعراق وإيران وسوريا)، لأن الباحثين، سيزودان ويقدمان الأستشارة للحكومة الأمريكية ليس من أجل الكورد بل أنهما يقدمان الحقائق لحكومتهما تحديداً للتوجيهات الأمريكية الخارجية بصدد عموم المشكلات.. وتأتي أهمية ذلك عندما أختار الباحثان عنوان(الهلال الكوردي) لندوتهما وتم أستخدام تشكيل هذا الهلال اشارة الى ترابط كل المشكلة في الدول الأربع وقد كون ذلك الترابط شكلاً هلاليا.. إلا أن المشكلات داخل هذا الهلال، حسب ما قاله البروفيسور نايت لمجة كولان، تتم معالجتها في أوقات و ظروف مختلفة إلا أنه يتم حث الخطى لترسيخ التوجه الجديد للقضية الكوردية على مستوى الشرق الأوسط وإنطلاقاً من أقليم كوردستان الذي اصبح نقطة الترابط بين مختلف الأتجاهات ما يدفع بالبروفيسور بولاك لأن يوصل جميع خيوط العملية الى الأقليم في قراءته الشمولية للوضع الراهن للقضية الكوردية في المنطقة، ويربط أتجاه التطورات بأتجاه نظرة أقليم كوردستان و سياسته مع البلدان الأربعة ، واكثر من ذلك أنه يدعو الولايات المتحدة الى إيلاء أهتمام أزيد بالأقليم وتقديم تسهيلات أكبر لمواطنيه في التنقل الى الولايات المتحدة، حيث الصعوبات الكثيرة أمام هذه المسألة في الوقت الراهن.

أقليم كوردستان في المشكلات الأقليمية وعلاقاته بالكورد في الأجزاء الأخرى.

نشرت صحيفة(حريت) التركية في عددها ليوم 23/11/2013
مقالاً بقلم السيدة(فيردا أوزار) بعنوان(زيارة البارزاني الى آمد وتطلع لجميع الكورد) واشارت فيه الى أن الزيارة قد أسقطت العديد من الحواجز وبنت جملة أخرى منها، وتعني بذلك هدم الجدران بين رجب طيب أردوغان وبين رئاسة بلدية دياربكر(آمد) وأجتماع أرودغان مع قادة حزب السلام والديمقراطية(BDP)، فيما تعني ببناء الجدران أنشاء حزب الأتحاد الديمقراطي ( PYD)، الكانتونات في سوريا من طرف واحد والذي جاء مرفوضا من قبل السيد مسعود بارزاني، عن هذا الرفض وجهت كولان سؤالها الى المتحدث الرسمي بإسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني السيد جعفر إيمنكي، وكان رده: نحن لسنا ضد هذا الأعلان بل ضد التصرفات والممارسات التفردية ل(ب.ي.د) ويقصد الرئيس البارزاني أن تكون إدارة المناطق الكوردية في سوريا إدارة ديمقراطية وأن تشارك فيها مختلف الأحزاب والتوجهات في غرب كوردستان وتمثل جميع الكورد في سوريا ماحدا بجريدة (حريت) الى الأشارة بإن واشنطن تساند بقوة زيارة البارزاني الى آمد وأجتماعه مع أردوغان والأهم أنها قد أشارت الى أن حزب السلام والديمقراطية BDP يساند هو الآخر العلاقات بين أقليم كوردستان وتركيا، ويتطلع الى أتخاذ الخطوات نحو السلام بالتعاون مع البارزاني أي أن زيارة البارزاني الى آمد، هي نهضة وأنبعاث للحركة الكوردية على مستوى المنطقة في إطار الأيمان بالسلام والديمقراطية والحل السلمي للقضية الكوردية في الأجزاء الأربعة مع مراعاة خصوصية كل جزء، وأن جميع الأجزاء ، وفق هذا التصور، تحتاج الى تعاون البارزاني إلا أن ما يخالف آراءه في هذه العملية هو الجماعات التي لا تزال غير مؤمنة بقبول الآخر والتوجهات المختلفة داخل المجتمع الكوردستاني، ما يعني أن البارزاني لو تمكن في هذه المرحلة من أسقاط الجدار بين التوجهات السلمية للكورد والقوميات الآخرى، فإن ذلك يوضح لنا صراحة أن خطوات السيد أرودغان قد حطمت هي الآخرى الجدران بين رئاسة بلدية آمد(دياربكر) وبين تلك القائمة بين أردوغا و(ب.د.ب) إلا أنها قد شيدت جدارا بين الحكومة وبين الأحزاب الأشتراكية التركية المتطرفة وأن على البارزاني وأردوغان بذل أقصى المساعي لضمان تخلى من لا يؤمنون بالسلام والديمقراطية عن نهج العنف والتطرف لأن جميع القوميات في الشرق الأوسط تحتاج في هذه المرحلة الحساسة الى السلام والحل الديمقراطي.
بالنسبة للسيد مسعود بارزاني الذي هو الآن الرئيس المنتخب لأقليم كوردستان ولأن الهدف الرئيسي لسياسته في إدارة الأقليم كان بناء كيان ديمقراطي مستقر ولأن هذا الأقليم يرتبط هو الآخر بعدة روابط مع المنطقة بأسرها، فعندما ننظر ونتابع موقع الرئيس البارزاني و دوره على مستوى أقليم كوردستان إنما نشعر بإن موقفه أكبر من الحدود الجغرافية للأقليم و بتاثيرات أوسع ما أدى أن يكون للرئيس البارزاني دوره البارز في خضم عدة مشكلات مختلفة وأصبح تلك الشخصية المهمة التي لها تأثيراتها في مجموع المسائل والمشكلات وتحتاج الأخيرة الى وجهات نظره أزاءها ومن أبرزها:
1-أقليم كوردستان، كأقليم فدرالي في أطار العراق:
لقد عاش أقليم كوردستان منذ عام 1991 وحتى الآن مرحلتين مهمتين الأولى في حقبة 1991- 2003 والثانية منذ عام 2003 والى يومنا هذا، وقد سعى البارزاني في المرحلة الأولى لتوحيد قدرات شعب كوردستان لبناء أقليم أمر واقع، ويعود نجاحه في هذه المرحلة الى أنه لم يسمح في تلك الفترة، حيث كان يتولى رئاسة الجبهة الكوردستانية، بحكم السلطة الجديدة القائمة في جنوب كوردستان من قبل حزب معين، ما أوجد في هذا الأطار أساساً لبناء دولة مؤسساتية خطوة بخطوة، أما في المرحلة الثانية فقد عمل البارزاني على أن يؤدي الطرف الكوردي دوراً أيجابيا في صياغة الدستور العراقي الجديد في سياق إعادة بناء الدولة العراقية لأعادة بناء العراق وفق أسس دولة عصرية ديمقراطية فدراليية وتعددية وأصبح أقليم كوردستان في هذا الأطار أساساً لأعادة تأسيس تلك الدولة الديمقراطية، إلا أنه بسبب عدم التمكن من تأسيس مثل تلك الدولة في العراق فقد ظهرت أهمية مسار الأقليم كدولة أمر واقع معاصرة وأعتراف دولي متزايد به، بل أصبح السبب الرئيس في أفتتاح أكثرية دول الأتحاد الأوربي والعالم قنصلياتها العامة في أربيل، ورغم أن بعضاً منها تم أدارتها من قبل دبلوماسيين كانوا في السابق سفراء لدولهم، ويتم الأشراف على بعضها الآخر من قبل سفراء دولها ويحضر السفراء شخصياً في الأجتماعات التي تعقد مع رئيس الأقليم أو رئيس الوزراء ما يعني انه رغم أن القنصليات تلك تمثل بلدانها في أقليم كوردستان، إلا أن أهمية الأقليم توجب الأشراف المباشر على القنصليات من قبل السفراء ويحضرون أكثرية الأجتماعات التي تعقد بينها وبين المؤسسات الرسمية في الأقليم.
2-أقليم كوردستان وتركيا:
بحكم أن أقليم كوردستان قد سعى بعد المصادقة على الدستور العراقي الدائم في عام 2005، أن يمارس السلطة بشكل عملي كان الدستور قد حددها للأقاليم، فإن تركيا كانت تعتبر هذا الكيان كأساس لأعلان دولة كوردستان المستقلة ولم تكن مستعدة للأعتراف بالأقليم الذي وصفه الدستور العراقي بالشرعي ما تسبب في مرور العلاقات بين أقليم كوردستان وبين تركيا بمرحلة معقدة حاولت فيها تركيا مرة أخرى التدخل العسكري في الأقليم، إلا أنه، وكما تركزت نوايا تركيا في عام 2003 لمنع تشكيل هذه الدولة والقيام بشن هجوم عسكري على أقليم كوردستان وأعلن الرئيس البارزاني أنه (يجب أحتلال الأقليم بالمرور على أجسادنا) وسد الطريق أمام ذلك الهجوم، فإن ذلك الموقف القومي للبارزاني قد تكرر مرة أخرى بعد المصادقة على الدستور العراقي وصموده بوجه ضغوط الجنرالات الترك والتي كانت تسمى آنذاك بالدولة العميقة (Deep state)ما يعني أنه رغم أن المدنيين هم الذين يحكمون ظاهرا، إلا أن الحكام الحقيقيين من وراء الستار كانوا الجنرالات الترك، حتى أن الجنرال بيوكانيت، الذي كان يشرف بشكل مباشر على أختراق قواته للحدود ودخول أقليم كوردستان في عام 2007، قرر سحب قواته دون علم من رئيس الوزراء التركي ما يعني أن التفكير اللوجستي والأساسي لرئيس أقليم كوردستان كان يتعامل مع عقلية عسكرية فحسب، حيث كان الجنرالات يعتقدون آنذاك أن الحل العسكري هو الطريق لمعالجة القضية الكوردية في تركيا، غير أن الرئيس البارزاني كان قد أبلغ العالم أن الطريق الوحيد لمعالجتها هو الحل السياسي وأن الكورد والترك يتقاتلان منذ (30) عاماً، إلا أن الوضع الآن(ويقصد عامي 2007 و 2008) هو أكثر تعقيدا من أي وقت مضي، ما حدا بالبارزاني لمحاولة أفهام الحكومة التركية بأستحالة الحل العسكري لهذه القضية، وان مثل هذا التفكير لا ينسجم مع العالم المعاصر، ثم أن مساعي الرئيس البارزاني تلك كانت قليلة الثاثير بسبب تسلط الجيش على الحكم، إلا أن تولى باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة في عام 2009 وكون القوة الناعمة (SOFT POWER)، جزء أمن برنامج الحكم لدى الأدارة الأمريكية، قد أوجدت نوعاً من التحول في تفكير الحكومة التركية التي حثت الخطى نحو ممارسة نهج(صفر مشكلة) مع جيرانها وبالتالى ونظر العدم وجود أية مشكلة بين أقليم كوردستان وبين جيرانه في أطار التفكير السلمي والديمقراطي، فإن العلاقات بين أقليم كوردستان وبين تركيا لم تعد الى سابق عهدها فحسب، بل أصبحا في فترة قصيرة شريكين ستراتيجيين على جميع المستويات وأستجدت ثقة قوية بينهما حداً أصبح رئيس الوزراء التركي هو المشجع وتوصل الى قناعة الأعتراف بأقليم كوردستان والسعي لممارسة سياسة الأنفتاح على المستوى المحلي وحث الخطى نحو حل سلمي للقضية الكوردية في تركيا ويكون ذلك باعثاً لتقارب اكبر بينها وبين الأتحاد الأوربي، وأن تتقدم من الناحية الأقتصادية حدا وصلت معه مصاف الدول العشرين الأكثر ثراء في العالم، واصبح ذلك التحول الذي شاهدنا مؤخراً آخر تطوراته في زيارة البارزاني الى مدينة آمد( دياربكر) جزءاً آخر من تحول التفكير القومي لتعيش جميع القوميات في وئام وأستقرار، وبالنسبة للتفكير القومي للكورد، فقد تمكن البارزاني من أنشاء أساس يفكر فيه الكورد في المستقبل ويجرى تحولاً:
اساسيا في الفكر القومي وتغييره نحو مد أيديهم للسلام وبناء التعايش مع جميع القوميات الأخرى.
3-الأقليم وغرب كوردستان
الأطار الحقيقي للعملية القومية للبارزاني أزاء أجزاء كوردستان الأربعة هو ضمان قراءة المرحلة بصورة حكيمة وفوق المصالح الحزبية والسعى لتوحيد جميع القدرات لتأمين الكورد ما يمكن تأمينه في هذه المرحلة الحساسة، لذلك فإن البارزاني قد شعر قبل انسحاب قوات الأسد من غرب كوردستان أن الأنفتاح من مستجدات الأوضاع بالنسبة للكورد في سوريا، إنما يتطلب تهيئة الأرضية وأهم مفاصلها هو أن يقبل كورد الغرب أحدهم الآخر و حماية وحده صفوفهم وفي ذلك فقد قام البارزاني بدعوة الأحزاب السياسية في غرب كوردستان الى أربيل ووقع الأتفاق بينها(أتفاقية أربيل) كي تنتفع جميع الأطراف من الأوضاع المستجدة، وبعد أن تحررت تلك المناطق فقد واصل البارزاني مساعيه لضمان المساندة الدولية لأدارة تلك المناطق وأن يحدد شعب غرب سوريا، وعلى غرار أقليم كوردستان وتجربته وبحضور كامل الأحزاب والأطراف السياسية و في جو من الحرية والديمقراطية، ممثليه المنتخبين وقد رجت كل الأحزاب والأطراف تلك بمساعي البارزاني هذه حتى أن حزب(ب.ي.د) قد وقع هو الآخر على الأتفاق إلا أن الأخير، وبعد تحرير تلك المناطف، قام بخرق بفوز أتفاق أربيل، وباشر بممارسة سياسة التفرد وأخذ يعتقل ويلاحق ويغتال أعضاء الأحزاب الآخرى بدل توحيد المساعي في أدارة تلك المناطق، وهي ممارسة لا محل لها في أطار العملية القومية للبارزاني، وكلنا نتساءل: هل يعادي السيد رئيس أقليم كوردستان والحزب الديمقراطي مسألة وجود نفوذ سياسي في الغرب؟ عن ذلك أعلن المتحدث الرسمي للحزب:
ما تزال علاقاتنا قائمة مع (ب.ي.د) ونحاول معهم عبر عدة قنوات ليتخلوا عن سياسة التهميش والتفرد وأن ما غير موقفنا أزاءه هو أنه لا يقبل الأطراف الأخرى والمفروض أن تحدد الأنتخابات طرف الأكثرية حتى لو كان حزب(ب.ي.د) وليس التسلط وفرض النفس.. ومن شأن رد الناطق الرسمي للحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يحدد مسار الأمور ويزيح الستار عن التشويه الذي يمارسه (ب.ي.د) وبعض الأطراف الأخرى ضد الرئيس البارزاني والحزب ويسعون لذر الرماد في عيون الجماهير وإلا كيف ينتقد الرئيس البارزاني و يعترض على أدارة فاعلة للكورد إذا كان الشعب الكوردي في الغرب هو الذي قرر تلك الأدارة؟ إلا أنه بسبب منع (ب.ي.د) لحرية الرأي والتعبير ونشاطات الأحزاب والقوى السياسسة الأخرى في غرب كوردستان، فإن هذا الجانب، و كنظرة قومية لا يمكن القبول به.
4-أقليم كوردستان وإيران الأسلامية:
وعلى المستوى الشعبي فإن الشعب الكوردي في شرق كوردستان ينتظر حلول يوم يقوم فيه البارزاني بزيارة الشرق أسوة بشمال كوردستان و زيارة مدينة آمد فيها, وأن يستجد فيها نوع من الانفتاح في إيران بصدد حل القضية الكوردية فيها, لقد سارت سياسة الرئيس البارزاني على مدى العشرين سنة الماضية بعد تشكيل برلمان و حكومة إقليم كوردستان أن يفعل الإقليم, بكل إمكانياته في إطار القوانين الدولية، في ممارسة سياسة حُسن الجوار مع الدول المجاورة لها و أن تكون للمصلحة القومية للكورد جميعاً و ليس لمواطني الإقليم فحسب, ما يعني حماية أمن الإقليم و استقراره كجزء من الأمن و الاستقرار الإقليمي, وأن يسعى الكورد جاهدين للحيلولة دون وقوع الإقليم وتجربته تحت التهديد كي يعتبروه جميعا موطنهم, هذه الأستراتيجية قد سار باتجاه ضرورة التفكير في حل القضية الكوردية في جميع الأجزاء بصورة سلمية, وأن يؤثر هذا التفكير على النمط الفكري للحكومات التي تكون كوردستان جزءاً منها و توخياً لنجاح هذه الاستراتيجية، منذ أعلنّ البارزاني صراحة ً استعداده لمساعدة جميع الحكومات في حل القضية الكوردية فيها و وفق الاسلوب الذي يفضّله الكورد, وبناء على ما أظهره روحاني بعد مجيئه إلى الحكم في إيران من إيمانه بالانفتاح و الحوار على المستوى الخارجي، فإنّ الأمل يحدونا في أن يباشر خطوته هذه على المستوى الداخلي - بصورة عامة لحل القضية الكوردية في بلاده, وعندها سيبرز دور البارزاني في عملية السلام في هذا الجزء ايضاً أسوة ببروزه في عملية السلام في تركيا ..

( البارزاني و العملية القومية وبناء الدولة )
في رد له على سؤال لمجلة كولان حول المسألة الكوردية في تركيا ؛ أبلغنا البروفسور توزن با هجلي الخبير والمختص في المسألة الكوردية و تركيا: أن ( الدولة ) التي كانت تركيا قبل (10 ) سنوات و مستعدة للقيام بهجوم عسكري ضدها لتمنع ولادتها، فأنها تعتبر تلك الدولة اليوم شريكا استراتيجيا لها, ونتساءل من جديد: هل أنّ في مخيلة السيد مسعود بارزاني, الذي يحلم و يأمل, كأي فرد كوردستاني , الاعتراف بهذه الدولة الوليدة من قبل العالم, هو آخر مطاف آماله, أم أنّ لديه آمالاً أخرى: و خلاصة الرد على هذا التساؤل قد ورد في سياق لقاء أجرته مجلة كولان مع البارزاني قبل سنة أو سنتين و مفاده هو أنه يعتبر تشكيل دولة في جنوب كوردستان كأساس لحل القضية الكوردية برمتها في المنطقة , و هنا بالإمكان التداول في هذه المسألة القومية على مستويين :
•الهدف الأسمى للبارزاني هو تأسيس دولة للكورد طريقاً لحل سلمي للمسألة القومية الكوردية بصورة عامة, و بدعم و تأييد دولي, كما كان مستعداً لزيارة الدول الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لتأمين الدعم لغرب كوردستان .
• والهدف الكامن وراء إنشاء دولة كوردستان هو إظهار الإرادة الكوردية على المستوى المحلي ما يعني أنّ إرادة الكورد هي التي تقرر من يختاره الكورد رئيساً لهم بموجب انتخابات ديمقراطية, ومن يعتبر البرلمان ممثله, كما أن إعلان دولة كوردستان على المستوى الدولي و العالمي هو إظهار لحقيقة إرادة الكورد ليبين لهم أنّ حلّ هذه القضية هو عامل مهم لحماية السلم و الأمن الإقليمي و الدولي .. أي أنه إذا ما كان إعلان دولة كوردستان في جزء من كوردستان هو صنع هوية قومية و دولية لجميع الكورد ؛ فإنّ تلك الدولة ستغدو, في إطار تلك العملية القومية التي يفكر فيها البارزاني, شاهداً و ضمانة لحل سلمي للقضية في الأجزاء الأخرى وتساعد في ربط مصالح الكورد بعموم المنطقة, و الجميع على دراية تامة بأنّ بناء المصالح المشتركة هو أساس السياسة في مجمل العلاقات الدولية .
مايكل نايت لمجلة كولان :
الرئيس البارزاني هو دبلوماسي عملي و زعيم عالمي ممكن العمل معه..
البروفيسور مايكل نايت, فضلاً عن كونه أحد كبار الباحثين في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى و رئيس قسم دراسات العراق و إقليم كوردستان فيه و مستشاراً للحكومة الأمريكية و كان في هذه السنة عاكفاً على بحث بعنوان ( إقليم كوردستان بعد 25 عاماً من الأنفال ) و تحضيراً لبحثه فقد قام بزيارة أكثرية المناطق التي شملتها عملية الأنفال سيئة الصيت, وهو الآن بصدد إجراء بحث حول الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة و سماه ( الهلال الكوردي ) و قد تحدث لمجلة كولان عن سبل معالجة القضية الكوردية في الشرق الأوسط :
•ما مدى الآمال المعقودة على مساعي الرئيس البارزاني السلمية في هذه المرحلة ؟
- الرئيس البارزاني يؤدي دوراً بنّاء في وقف ب . ك. ك لإطلاق النار وهو موضع تقدير تركيا في المساندة و المساعدة لبناء توافق سياسي ، و يتعرض القادة الكورد باستمرار إلى المخاطر التي من شأنها تفسير علاقاتهم الضرورية مع تركيا بصورة خاطئة . وتصويرهم و كأنّهم مسيطر عليهم من قبلها . وعلى إقليم كوردستان إدارة و جهات نظر الكورد عند مستوى العلاقات بين أنقرة و أربيل و ذلك كي يبين بأنّ هذه المساعي تأتي لصالح الكورد في كل مكان و لصالح تركيا و إقليم كوردستان أيضاً
* ألا يعني استخدام رئيس الوزراء التركي في مدينة آمد بكل صراحة كلمة كوردستان أنّه جدي في حلّ القضية الكوردية ؟
- لقد استمر أردوغان منذ عام 2002 بعملية الانفتاح على الكورد , إلا أنّه مازال بحاجة إلى بناء القوى و تصغير و تحديد ( الدولة العميقة ) الاشتراكية ما يعني أنّ الجيش هو الذي كان المسيطر على جميع السلطات قبل تولي أردوغان رئاسة الوزراء التركية و أنّ نقاط الالتقاء المشتركة بينه وبين الكورد في تركيا كانت أمثل من الاشتراكيين المتطرفين, بحيث أن أردوغان قد تعرض أسوة بالكورد إلى الاضطهاد من قِبَل ( الدولة العميقة ) وهو راغب بصدق في أنْ يجعل إحلال السلام مع الكورد إرثاً خاصاً له , و الحصول على أصوات الكورد في انتخابات عام 2014-2015 .
* ما مدى تأثير الرئيس البارزاني كشخصية إقليمية و دولية في المشكلات و الخلافات السياسية و معالجتها ؟
- الرئيس البارزاني هو شخصية رئيسية على المسرح الإقليمي و يحظى بسمعة و شهرة قوية في مواجهته لدكتاتورية صدام و سجل أهمية خاصة بعد اندلاع الربيع العربي, حين بدأ العرب بمحاربة دكتاتورياتهم, و يعتبر الرئيس البارزاني كدبلوماسي عملي و زعيم عالمي بالإمكان العمل معه , وهو السبب الكامن وراء زيارته للبيت الأبيض و لقائه مع الرئيس أوباما و من ثم يقوم بزيارة ديار بكر ( آمد ) و يلتقي فيها رئيس الوزراء أردوغان ثم يزور الخليج و روسيا و آسيا و قد أحضر إقليم كوردستان إلى المسرح العالمي
*ما مدى توفر الفرص أمام حكومة أردوغان في مساره نحو عملية السلام؟
- لقد كان إقليم كوردستان عاملاً أساسياً في التقدم و الانفتاح التركي نحو السلام لأنّه وضع أمام تركيا حقيقة أنّ بالإمكان أنْ يكون الكورد شبه مستقلين دون أنْ يعرّضوا مصالح تركيا ووحدة أراضيها إلى الضرر, ثم أنّ أكبر المخاطر التي تهدد تركيا في الوقت الحاضر هو الحرب في سورية و ليس وجود إقليم شبه مستقل في العراق, وهي فرصة كبرى عندما نتذكر أنّ الجيش التركي كان قبل ( 10 ) سنوات يهدد باحتلال العراق ليمنع إنشاء دولة كوردية بعد سقوط صدام .
*و كيف تؤثر وجهة النظر الكوردستانية التركية المشتركة على الأوضاع في سورية ؟
- لقد وجد إقليم كوردستان أن من الصعب التدخل في سورية لأن ( ب. ي. د ) قد قاوم (تورط ) إقليم كوردستان كونّه قد شكلّ دعماً و مساندة ً كبيرةً للاجئين السوريين, و يتمكن إقليم كوردستان من إحداث تأثيره الكبير على التطورات ذات العلاقة بالكورد في سوريا فقط عندما يؤمن ( ب. د . ب) بالتعددية و يشعر بحاجته للإقليم, أو أن تنفتح بوابة إقليم كوردستان, وقد فتحت تركيا مديات الحوار والمباحثات مع ( ب . ي . د ) لأن تقارب الأخير مع إقليم كوردستان لم يحقق تقدماً كبيراً
*ما مدى تأثير مصادر الطاقة على موقع إقليم كوردستان في شتى المجالات ؟
إنّ الثروة النفطية للإقليم متعلقة بتركيا, و سيكون لذلك تأثيرته على أسعار النفط و الغاز الذي يبيعه عن طريق تركيا, ثم إنّ إقليم كوردستان هو بحاجة إلى الاطمئنان بأنّ تركيا ستدفع له أسعاراً عادلة , وهي بحد ذاتها مسألة مهمة, إذا ما أدت الثروة النفطية دوراً مهماً في بناء الإقليم و تعويض مسائله المادية المستندة إلى بغداد . وأن إقليم كوردستان لا يستحسن القول بأن كورد العراق يقومون ببيع احتياطي النفط والغاز بأسعار متدنية جداً, وذلك لأهمية تحقيق مباحثات صعبة مع تركيا .
ومن المهم أيضاً أن يفهم كورد العراق حقيقة عدم إمكانية تعويض الثروة النفطية للمبالغ المالية التي تدفعها لهم بغداد, و أنّ إيراداتها لا تدخل في خزينة إقليم كوردستان مباشرةً, بل يجب أولاً دفع استحقاقات البُنى التحتية و أسعار إنتاج النفط و الغاز ونقلها من تلك الإيرادات . فضلاً عن دفع أرباح المتعاقدين, عندها فقط سيتمكن إقليم كوردستان من تسلم القسم الكبير المتبقي منها, أي أنّه لا يمكن هنا تحقيق الثروة النفطية بصورة مباشرة كما هو حاصل في السعودية و غيرها .. و أخيراً على الكورد في العراق أن يفهموا حقيقة أنّ من شأن الثروات النفطية أن تدمر البلاد ومن الضروري الاهتمام بثقافتهم و اقتصادهم و عدم إتلافه بسبب النفط فمن السهل على الدول الغنية بالنفط إهمال الاقتصاديات غير المعتمدة على النفط و التي تتهيأ فرص سانحة للعمل كما أنّ الصناعات النفطية قد تجعل من الشباب يفكرون في أنّ أوضاعهم هي جيدة بما يكفي لكي يشعروا بأنهم ليسوا محتاجين لممارسة أعمال اعتيادية, ومنها العمل و الخدمة في الفنادق وتصليح السيارات و تنظيف الشوارع, ومع مرور مجرد (25) عاماً على عمليات الأنفال العنصرية؛ فإن الوقت مبكر جداً لأنْ يشعر الجيل الجديد بعدم حاجتهم للعمل بأيديهم, و ليس من الصحيح جلب العمالة الرخيصة من باكستان و الفلبين أو من كورد وعرب سورية إلى إقليم كوردستان في حين ما يزال هناك العديد من الشباب الكورد العاطلين عن العمل و عليه من الممكن أن يكون النفط سبب اللعنة إذا لم يكن السبب في تغيير الثقافة و تقليل و تدني أخلاقيات العمل ..


ديفيد فليبس لمجلة كولان :
في ظل زعامة البارزاني, أصبح إقليم كوردستان نموذجاً للكورد جميعاً و مصدر إلهام لشعوب الشرق الأوسط .
الدبلوماسي و البروفيسور ديفد فليبس رغم كونه الآن مدير برامج بناء السلام و حقوق الإنسان في معهد جامعة كولومبيا, فهو في ذات الوقت أحد المستشارين السابقين في وزارة الخارجية الأميركية و مختص في القضية الكوردية ويعمل منذ تسعينيات القرن الماضي على هذه القضية و قدم في عام 2002 قبل سقوط النظام السابق في العراق, في مؤتمر (الكورد مفتاح الاستقرار في العراق ) في معهد مصطفى البارزاني في جامعة أمريكا بحثه حول (تقاسم السلطات في العراق كدولة فدرالية ) و يعمل منذ عام 2009 في معهد ترانس اتلانتيك على أسلوب تطبيع العلاقات بين إقليم كوردستان و تركيا, و إعادة بناء الثقة بينهما أساساً لحل سلمي للقضية الكوردية في تركيا و قد أثرنا معه ثانية ً مسألة دخول هذه القضية في الشرق الأوسط مرحل أخرى وكان هذا الحوار :
• كيف هي نظرتكم إلى المشكلة الكوردية على مستوى الدول الأربع و الشرق الأوسط بصورة عامة ؟
كوردستان العراق هي في الواقع نموذج للكورد في المنطقة, فقد أصبح السلام و النماء الذي حققته مصدر إلهام لشعوب الشرق الأوسط, كما أنّ التطورات الديمقراطية و الاقتصادية لإقليم كوردستان, هي في الواقع تهديد لدكتاتوريي الانظمة الديمقراطية الصورية ..ثم إنّ إعلان وقف إطلاق النار من قبل حزب العمال الكوردستاني ( ب.ك.ك ) و انسحاب قواته في 23 آذار هو تجسيد لتطور حقيقي أنهى الخلاف العنيف بين تركيا و بين ب ك ك ومع ذلك فقد أعتبر أردوغان وقف إطلاق النار كغاية و وسيلة و ليس كخطوة أولى باتجاه التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد ( الحزمة الديمقراطية ) التي تم الإعلان عنها في 30 أيلول الماضي وقد كان ذلك خطوة مهمة إلا إنّها كانت محدودة و متأخرة جداً, ولم تبلغ الإصلاحات التي أعلن عنها مستوى الضمانات الدستورية للهوية الكوردية و حقوقهم السياسية و الثقافية, فهم يطالبون بإنزال السلطات إلى الحكومة المحلية, وأن يصبحوا على مستوى إقليمهم و ثقافتهم, أصحاب إدارة ذاتية ( حكم ذاتي ) أساساً لتعزيز أساليب إنزال السلطات
كما أنّ كورد سوريا هم محاصرون في كل الجبهات, وقد أصبحوا من الناحية التاريخية , ضحايا لنظام الأسد و وقعوا في مدى هجمات (جبهة النصرة ) المدعومة من قبل تركيا و مازال الكورد في إيران أقلية مضطهدة, وسيبقون كمجموعة مهمشة إلى أن يحدث تحول حقيقي من شأنه نقل السلطة إلى مجتمع تعددي و متسامح .
* و ما مدى مساعدة و تأثير الزيارة الرسمية الأخيرة للرئيس البارزاني إلى مدينة ( ديار بكر ) أكبر المدن الكوردية في تركيا, وبدعوة من رئيس الوزراء التركي أردوغان في حل سلمي للقضية الكوردية ؟
- لقد كانت دعوة أردوغان اعترافا بالمشاركة البنّاءة للبارزاني في عملية السلام في تركيا, ولم يبق نجاح إقليم كوردستان بعد الآن مصدر تهديد لها و أنّ الكورد في تركيا لا يطمحون في أن يكونوا جزءاً من ( كوردستان الكبرى ) و يدركون جيدا ً أنّ أهدافهم سوف تتقدم بانضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي . ومنذ مدة بعيدة و يراودني إحساس بعدم إمكانية بقاء العراق بحدوده الحالية, وأنّ إقليم كوردستان سيصبح كياناً مستقلاً تحت إشراف تركيا و حمايتها و التي أصبحت تثق بنفسها أكثر من الماضي و لا تعتبر نجاح كوردستان العراق مصدر تهديد لاستقرار تركيا و سيادتها بل هي في الواقع على العكس من ذلك تماماً .
•و هل ترون أنّ مسألة ذكر أردوغان لاسم (كوردستان ) لثلاث مرات خلال الزيارة الأخيرة للرئيس البارزاني إلى تركيا, تعبر عن رغبته في حل ّ القضية الكوردية بصورة سلمية, وصياغة دستور جديد لبلاده ؟
- عندما يكون هناك ثغرات بين القول والممارسة , فإنّ ذلك يحول دون تحقيق سلام طويل الأمد, وأنّ معالجة القضية الكوردية بحاجة إلى إصلاح دستوري من شأنه تنزيل السلطات في تركيا إلى الأدنى ثم إنّ الحكم الذاتي سيكون بصورة رئيسية أساساً للتحولات في تلك البلاد و المزيد من التمثيل النيابي و الديمقراطية فيها . ومن الممكن أن تبدأ عملية إنزال السلطات بضمانة المجلس الأوربي للحكم الذاتي للحكومات المحلية، و إن لم تكن تركيا مستعدة لهذه العملية فإنّ بإمكانها إتباع طرق حل بديلة و تبدأ بإنزال السلطات إلى الحكومات المحلية في جنوب شرقها, وعلينا تفهم دوافع أردوغان, فهو في صدد السعي لإجراء إصلاحات في الدستور نحو تأسيس نظام رئاسي, هو مطمح أهدافه و تطلعاته, و مع ذلك فإنّ الترك ينظرون إليه بعين الريبة و الشك المتزايد, وذلك بسبب ما حدث في الصيف الماضي في ( جيزي بارك ) و عموم البلاد و بالإمكان تأخير الإصلاحات الدستورية إلى أن تنهي تركيا دائرة انتخاباتها ذات السنتين فيها .
•ما مدى كون إقليم كوردستان العراق عاملاً مهماً في حدوث تحولات في القضية الكوردستانية بالشرق الأوسط ؟
- إنّ دول الشرق الأوسط هي في الواقع من مخلفات الاستعمار و لديها مشكلات مشتركة في تركيز سلطات واسعة لدى الحكومة المركزية، تقاسم السلطات و هي ضمن صلاحيات الحكومة المحلية, الاقتصاد و اللغة المحلية و التربية و الثقافة في أيدي القادة المحليين, هي في الواقع لصالح الاستقرار في الشرق الأوسط .ثم إن الدستور العراقي يوفر إطاراً للإدارة الذاتية لكوردستان العراق, وذلك عن طريق تحقيق نظام حكم فدرالي و ديمقراطي و أنّ الفدرالية تمنح كوردستان العراق تلك السلطة التي تسمح لها بإدارة شؤونها كدولة مستقلة و التي تضم مستوى رفيعاً من الحكم الذاتي. وبصدد إمكانية تحقيق كورد سوريا لطموحاتهم, يضيف ديفيد فيلبس : إنّ سوريا هي دولة فاشلة و أنّ موقع بشار الأسد هو محكمة الجنايات الدولية وليس القصر الرئاسي في دمشق . وبغض النظر عن النتائج التي تتمخض عن الحرب الداخلية في سورية, والتي تطحن جميع الأطراف ؛ فإنّ السوريين هم بحاجة إلى اتفاق جديد فتقاسم السلطات في إطار الفدرالية هو بديل لأسلوب الحكم المركزي المتشدد القائم في ظل الأسد, وهناك احتمالات كبيرة بتفكك سوريا إلى مجموعة دويلات تُدار من قبل الميليشيات و الأمراء المحليين و في هذه الحالة أعلن البارزاني صراحةً أنّه لا يقف مكتوف اليدين إذا ما ارتكبت جرائم الإبادة الجماعية للكورد من قبل جبهة النصرة و الجهاديين الأخرين و أنّ حمايتهم هي خطوة نحو اتحاد كونفدرالي يربط الأراضي الكوردية في سورية بكوردستان العراق . و بصدد تعزيز مصادر الطاقة في الإقليم لمواقفه في جميع النواحي يقول : الهدف الرئيس في ذلك هو على الأكثر ناحية الأعمال فقد قامت الشركات التركية ببيع ما قيمته ( 13 ) مليار دولار من السلع إلى المستهلكين في كوردستان العراق خلال عام 2012 و وقعت الشركات الإنمائية عقوداً تصل لأكثر من 30 مليار دولار, وأنّ التعاون التجاري هو في توسع مستمر .. وأنّ تركيا تحتاج إلى موفر موثوق به للطاقة ليؤمن لها متطلباتها المتزايدة في التنمية , وبدلاً عن اعتمادها فقط على روسيا و إيران، المختلفة معها بسبب الأزمة السورية، فإنّ تركيا قد توجهت إلى كوردستان العراق و أصبحت تهتم بالمشاركة في تطوير قطاعات الطاقة فيها, و أنّ نقل النفط و الغاز منها إلى تركيا سيزيد من الروابط القائمة في العلاقات بين هذين الشريكين الاستراتيجيين .
* و أين تكمن قدرات البارزاني في التعاون من أجل السلام و معالجة مشكلات المنطقة ؟
- بالإمكان تقدم عملية السلام عن طريق تغيير البناء و الآليات الجديدة لإدارة المفاوضات و أن من شأن توسيع و زيادة المحاورين من الجانبين خدمة الحوار السياسي, وكذلك مراقبة المباحثات ورعايتها و تحقيق السلام من قبل المجتمع الدولي و ظهور الطرف الثالث فيها و بإمكان البارزاني أنْ يؤدي دوراً في هذه المسألة ,فلديه علاقات قريبة مع أطراف ب . ك . ك .. و في ظل قيادته أصبحت تركيا و إقليم كوردستان شريكين استراتيجيين تجمع بينهما المصالح الأمنية و التجارية و السياسية .


توزن با هجلي لمجلة كولان:
زيارة البارزاني إلى مدينة آمد, كانت حدثاً تاريخياً و كان موقع البارزاني السبب وراء تقدم حقوق الكورد.
البروفيسور توزن با هجلي هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة كينك الكندية بمدينة أنتاريو و خبير و مختص في القضية الكوردية و تركيا و الشؤون الكوردية بمدينة في العراق وتركيا و تحقيقاً لبحوثه المتواصلة يقوم بزيارة إقليم كوردستان بين فترة و أخرى, ويلتقي فيه جميع القوى السياسية الكوردستانية ليقدم دراساته على ضوء ما يحصل عليه من معلومات دقيقة و قد حدثنا عن أوضاع الكورد في الشرق الأوسط و تأثيرات إقليم كوردستان على هذه المسألة و كان هذا اللقاء :
تكاد المسألة الكوردية في الشرق الأوسط تظهر كمشكلة يشعر الجميع بضرورة معالجتها في دول تركيا وسوريا و ايران و العراق, فكيف هي نظرتكم لهذه الرؤية ؟
* يؤدي الكورد اليوم , وبالمقارنة بأي وقت آخر , دوراً كبيراً في الشرق الأوسط و كانت مستجدات الأحداث الأخيرة ذات العلاقة بالكورد في سورية تلك التي تزامنت مع استمرار القتال فيها و التي يبدو أنّ بإمكان الكورد تحقيق تقدم حقيقي في أوضاعهم فالحكومة في العراق تتعرض باستمرار الى تحديات أكبر في مواجهة العنف الطائفي و هي حكومة ضعيفة إلى حد ما, ما منح إقليم كوردستان إمكانية أوسع في التعامل مع حكومة المالكي, تزامناً مع انتعاش أمثل في تركيا, رغم عدم مساواته في تطور تلك الحقوق و الطموحات و ذلك بعد أنّ اضطرت تركيا لممارسة سياسة الانفتاح في حل القضية الكوردية, لذلك عندما يقال في تركيا, أنّ هناك اعترافا ضمنياً و واضحاً من لدن حكومتها بأهمية استتباب الديمقراطية بشكل أوفر لمعالجة القضية الكوردية؛ فإنّ الوضع في إيران الإسلامية, قد بقي على حاله, و لا يبدو لنا حتى الآن وجُودِ أملٍ محسوسٍ في حدوثِ تحولٍ يُذكَرُ فيها, و أضاف أنّ الزيارة الأخيرة للرئيس البارزاني إلى مدينته آمد في تركيا بدعوة رسمية من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان, كانت حدثاً تاريخياً, حيث كان من المحال , قبل الثلاث أو الأربع سنوات الماضية , تصور مثل هذا الحدث, كما أنّ مساعدة البارزاني و مساندته للمبادرة الجديدة لحكومة أردوغان, هي في الواقع تعاون و دعم كبير, و مع ذلك فإن عدداً كبيراً من أعضاء حزب السلام والديمقراطية ( ب . د . ب ) يؤكدون باستمرار أنّ معالجة القضية الكوردية تتطلب مباحثات بين أنقرة وبين القيادة الكوردية في تركيا من أجل تأمين الحقوق الجماعية للكورد و الرأي أنّ الموقع الكبير و المتميز للرئيس البارزاني , بين كورد تركيا و التطور الحاصل في سير العلاقات بين تركيا و إقليم كوردستان ليكتسب أهمية خاصة لعملية السلام فيها .. و أصبحت كوردستان العراق بمثابة (Kin State) و هي عبارة عن دولة أقلية قومية في الدول الأخرى بالنسبة للكورد في الشرق الأوسط , و أوجدت إدارة دولة حقيقية و تحثّ الخطى بحذر لكي لا تثير غضب الدول القوية مثل تركيا و إيران اللتين لديهما أقليات كوردية كبيرة فالرئيس البارزاني يستحق كل الثناء حين لم يتبع طريق معاداة تركيا و قد ظهرت نتائج هذه الزيارة للعيان بصورة واضحة , فالاقتصاد المتنامي و العلاقات التجارية بين إقليم كوردستان و بين تركيا تحقق باستمرار نتائج جيدة جداً بالنسبة للطرفين .. و جعلت العلاقات السياسية الجيدة بين إقليم كوردستان و تركيا من الإقليم, أن يؤدي دوراً مساعداً في المبادرة السلمية لحكومة أردوغان و يقوى موقعه التجاري لطرح مبادرات إقليمية في تقدم حقوق الكورد, و أضاف : لقد ولى منذ فترة زمن تحريم ذكر اسم الكورد و كوردستان في تركيا و قد شاهدنا كيف تعرض الرئيس التركي عبد الله كول منذ فترة ليست ببعيدة إلى انتقادات واسعة بسبب استخدامه كلمة ( كوردستان ) و كان أردوغان يتذكر جيداً الجدل الذي أثاره حديث كول و قوله ذاك, واستخدام أردوغان هذه الكلمة على الأكثر إشارة الى رغبته الشخصية في تحقيق, وضمان مشاعر الناخبين الكورد الذين يدلون بأصواتهم خلال السنتين القادمتين في الانتخابات البلدية و الرئاسية و البرلمانية و لا شك في أنّ أردوغان ملتزم بحل القضية الكوردية في تركيا, وحقق حزب العدالة والتنمية ( آك بارتي) تقدماً كبيراً في التعامل مع مطاليب الكورد , و مع ذلك علينا أن ننتظر كيفية تحقيق هذا الحزب و عوده في المسائل ذات العلاقة بالضمانات الدستورية لحماية اللغة والثقافة الكوردية و الدراسة باللغة الكوردية في المدارس الحكومية و الحكم الذاتي في المناطق الكوردية . و برأيي أنّ بإمكاننا توقع أنّ للتجربة الذاتية في الإدارة القائمة في إقليم كوردستان تأثيراً كبيراً على كورد تركيا و تسببت في إثارة وعيهم القومي , وتدرك الحكومة التركية حقيقة الإدارة الذاتية الناجحة للإقليم بعد سنوات من امتعاضها من هذه المسألة, سيما وأنّ إقليم كوردستان هو طرف مساعد في عملية السلام في تركيا , و أصبحت احتمالات قيام خلافات مستمرة لا تنتهي مع ( ب . ك . ك ) دافعاً قوياً لرغبة تركيا في حل, القضية الكوردية مع حقيقة أنّ تركيا و إقليم كوردستان تتصرفان كحليفين استراتيجيين و لديهما مصالح مشتركة و أخرى متباينة و مختلفة و بإمكانهما أن يكونا مؤثرين على مسار التطورات في سوريا التي تؤثر بدورها على الكورد فيها, و يبدو أن أمامهم فرصة تاريخية لتقدم أوضاعهم و تطورها و الخروج من كونهم مجتمعاً داخل سوريا تعرضوا إلى أكبر أساليب المعاداة إلى جماعة تمّ الاعتراف بحقوقهم و يمكن لهم أن يحققوا نوعاً من الإدارة الذاتية و هي مسألة تتعلق بنتائج الحرب الداخلية , وأن ما يصيبهم بخيبة أمل هو أن ّ كورد سوريا قد انقسموا من الناحية السياسية ما أوجد لهم معوقات كثيرة فقد كان لكل من أنقرة و قيادة إقليم كوردستان العراق تحفظهما و ردود فعلهما السلبية , ضد إعلان الإدارة الذاتية من قِبل حزب الاتحاد الديمقراطي ( ب. ي . د ) مؤخراً و هما لا تستسيغان التحالف القائم بينه وبين ( ب. ك . ك) في تركيا كما أنّ ( ب . ي . د ), يتعاون مع النظام في سوريا و يسعى لفرض أجندته الخاصة على الجماعات الكوردية الأخرى في سوريا .. ثم عاد الكاتب و تحدث عن أهمية وجود مصادر الطاقة في الإقليم في تعزيز موقعه في شتى الميادين و قال :
الثروة الهيدروكربونية في أقليم كوردستان, هي ثروة كبيرة و مصدر رئيس ليوفر له إمكانية أداء دور مهم كلاعب إقليمي و يبدو ذلك جلياً في الاتفاقيات الأخيرة بين أنقرة و أربيل لإرسال كميات كبيرة من النفط و الغاز في إقليم كوردستان إلى تركيا ...


ترجمة : دارا صديق نورجان
Top