• Sunday, 22 December 2024
logo

ليس من المتوقع أن يُحدث مؤتمر جنيف 2 أي تغيير في اوضاع سوريا

ليس من المتوقع أن يُحدث مؤتمر جنيف 2 أي  تغيير في اوضاع سوريا
ترجمة/بهاءالدين جلال


وصل موقف الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في شهر آب الماضي الى تحريك سفن تحمل طائرات و صواريخ داخل مياه البحر المتوسط، و كان العالم في انتظار قيام اوباما بتوجيه ضربة قاضية الى النظام السوري بعد التشاور مع الكونكريس الأمريكي و تغيير التوازن على ارض الواقع،و في المقابل كان الغرب ينوي تزويد المعارضة السورية بالأسلحة من اجل اجراء حصول توازن قوى في المنطقة و منع الطائرات السورية من قصف مناطق تواجد مسلحي المعارضة السورية،ولكن في فترة وجيزة و بمقترح روسي تغيّرت الأوضاع بشكل كامل بدعوة انّ النظام السوري مستعد لأبادة اسلحته الكيميائية و الأنضمام الى اتفاق حظر نشر الأسلحة الكيميائية،حيث لم تقم امريكا بتوجيه الضربة العسكرية و لم تزوّد الدول الغربية المعارضة السورية بالأسلحة،وفي المقابل نجد انّ النظام السوري جعل من الأنتصارات التي حققها في الجبهة العسكرية القريبة من دمشق و منطقة القصير مكسباً حربياً و بهذا تمكن الأفلات من السقوط ومن ثم تغيير ميزان القوى،حيث نرى الآن بشار الأسد و هو يظهر من على شاشات التلفزيون و يرفض علناً شروط مؤتمر جنيف 1 باعتبار تشكيل الحكومة الأنتقالية يعني انتهاء حكم بشار الأسد،و اكثر من ذلك فإنّه يؤكد عدم قبوله الشروط المسبقة،وهذا يعني انه ينوي اعادة ترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية،و في الوقت ذاته تقدّم الحكومة الروسية الدعم له كما أن بعض المراقبين يشيرون الى أنّ اجتماع وزيري خارجية الولايات المتحدة و روسيا يصب في مصلحة نظام الأسد،وحول هذا الجانب سألنا البروفيسور دافيد بوتر الباحث الكبير في معهد جاتام هاوس البريطاني و المتخصص في السياسة السورية، حيث قال:اصبح موقع نظام الأسد خلال الشهرين المنصرمين اقوى من الناحيتين السياسية و الدبلوماسية،وهذا لايعني حدوث تطورات كبيرة على ارض الواقع،لذا اعتقد أنّ الأوضاع في سوريا لن تعود الى ماقبل انتفاضة الشعب،حتى لو بقي نظام الأسد في الحكم،السبب اولاً هو حدوث الخراب و الدمار في البلد و الثاني هو ضرورة قيام النظام بأجراء بعض المساومات السياسية،وما اوجد هذه التغييرات هو أن ّ نظام الأسد جلب انتباه الغرب عندما اعرب عن استعداده لتدمير اسلحته الكيميائية من جهة وبهذا الأجراء طمأنهم بأن هذا سوف يزيل الخطر على الأمن الدولي ، و من جهة أخرى فإنّ الغرب عندما ينظر الى سوريا من حيث انتشار مجموعات ارهابية تحت مسميات عدة فإن ذلك مؤشر سلبي على الأمن الدولي،وعندما قرر الغرب عدم التدخل العسكري في سوريا وبهذا سوف يضطرالى قبول الواقع و هو احتمال بقاء الأسد و اجبارهم على العمل مع النظام.

ما يؤكد عليه البروفيسور بوتر هو أنّ سوريا تحولت الآن الى ساحة لمجاميع متطرفة تابعة للقاعدة حيث اعطت فرصة اخرى الى النظام للبقاء في السلطة،وهنا نتساءل هل ان الوضع المستجد حالياً هو احد اسباب فوز بشار الأسد في هذه اللعبة؟هذا السؤال وجهناه الى حسن سليم اوزترم الباحث المعروف في معهد يوساكي التركي و كاتب العمود الصحفي في توركيش ويكلي جونال حيث أجاب قائلاً:لااعتقد أنّ هناك أي فائز في هذه المعادلة،بالرغم من سيطرة الأسد على مناطق معينة من البلاد ولكن في النهاية توجد اطراف اخرى تملك زمام السيطرة على بعض الأراضي،امثال (بيدة) و جبهة النصرة التابعة للقاعدة،و يجري الحديث الآن ايضاً بشأن الدولة الأسلامية في العراق و الشام(داعش)، ومع وضع الأعتبار لهذه كلها نجد أنّ المجلس الوطني السوري فقد السطرة على مجاميع مختلفة من المعارضة،ولكن هناك مجاميع اخرى تحكم الآن مناطق عدة من سوريا و هي تحمل السلاح بشكل علني،و بالرغم من سيطرة الأسد الكاملة على مدينة دمشق ولكن تعم الأضطرابات و الفوضى شمال البلاد، و بسبب عدم الأنسجام و التحالف بين اطراف المعارضة في تلك المناطق هناك مخاوف من أنّ تتحول الأوضاع في سوريا كما هي الآن في افغانستان،وأنْ ترتبط المجاميع المسلحة في سوريا بالشبكات الدولية مثل منظمة القاعدة أو المجموعات الوهابية وبهذا سوف تتعقد الأمور اكثر فيها.

تصرّ روسيا الآن على ضرورة عقد مؤتمر جنيف 2 قبل حلول شهر نوفمبر ،هذا يأتي في وقت يشير فيه المراقبون الى تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن توجيه ضرية عسكرية الى النظام السوري،وفي الوقت الحاضر نجد أنّ المعارضة السورية تعاني من يأس شديد و قد تشتت صفوف التحالف السوري المعارض و يجري الأعتماد الأكثر على التيارات الأسلامية، و لم يبق امام مؤتمر جنيف 2 الاّ 20 يوماً لعقده في موعده المعين، ولكن لايلوح في الأفق الأن أي استعداد لأنعقاده في هذا الموعد،وحسب رأي المختصين لاتكفي المدة المتبقية لقيام المعارضة بالأستحضارات اللازمة،هذه الظروف الدولية و الأوضاع المتأزمة التي تعاني منها المعارضة السورية هي سبب اصرار بشار الأسد على البقاء وعدم الأكتراث بما يحدث في سوريا ما جعله لايقبل بأي شرط من الشروط و حتى أنّه بدأ بفرض شروطه على الاخرين،و يضيف البروفيسور بوتر في اطار حديثه ل(كولان):اعتقد أن المفاوضات و التوازن داخل المجتمع الدولي تشير الى بقاء الأسد في السلطة و فرض اجندات للحل السياسي كما انه يحظى بدعم قوي من جانب روسيا ما جعله يرفض الشروط المسبقة و كأن ترك السلطة هو احد وجوه الحل في البلاد.

وحول الجانب ذاته يقول الصحفي و الباحث حسن سليم اوزترم في اطار حديثه و كتأييد لآراء دافيد بوتر :اعتقد هناك عدة اسباب تدفع الأسد الى التحدث بلغة أوضح مثل الغاء قرار التدخل الأمريكي في سوريا في اللحظات الأخيرة،وكذلك الدفاع الروسي عن سوريا في المحافل الدولية، وتشعر حكومة الأسد الآن بأنها أقوى و تحاول فرض شروط و المجتمع الدولي تأمل في حل دبلوماسي و ليس في فرض العقوبات على الأسد،و مع كل هذه الأمور يتصرف بشار الآن كرئيس قوي قبل عقد مؤتمر جنيف 2، وكما تعلمون كان في السابق اجتماع عُقد في 15 و 16 من تشرين الأول الماضي في جنيف بين ايران و مجموعة 5+1 وقد جرى فيه بحث الخلافات حول حل الأزمة السورية،من جهة اخرى فإنّ المبادرة الدبلوماسية التي طرحتها روسيا تضمنت الموقف الأيراني حول سوريا،لأن هذا الموقف كان يدعم نظام الأسد بكل جوانبه،و أنّ لأيران الآن موقعاً اكثر ضماناً في سوريا مقارنة مع الأطراف الأخرى في المنطقة،ومع ذلك لايُتوقع حل هذه المشكلة ببساطة،لأن المجاميع المعارضة تعتبر الأسد جزءاً من المشكلة،و لطالما بقي الأسد في الحكم فإنه من الصعب جداً خلق ارضية طبيعية للمفاوضات بين المجاميع المعارضة و حكومة بشار الأسد،ولكن يوجد تطور ايجابي حول نزع السلاح الكيميائي السوري و الذي يُعدّ انتصاراً للمجتمع الدولي،ومع هذا اعتقد أنّ المشكلة اكبر من السلاح الكيميائي،لأنه و كما اشرت اليه سابقاً أنّ هناك اطرافاً اخرى في سوريا التي تتقوى يوماً بعد يوم و التحالف السوري المعارض مشتت و يوجد الآن أكثر من طرف يمثّل اولويات و مصالح مختلفة،اذاً ايجاد حل دبلوماسي في سوريا ليس على الصعيد الدولي يجعل من الصعب جداً تسهيل عملية جلوس الأسد في المفاوضات مع الأطراف المعارضة المختلفة من اجل التوصل الى اتفاق معيّن،واننا نشهد أفغنة سوريا مع اضعاف سلطة الدولة في اطار حدود البلاد،و هذه الحالة من شأنها خلق مشكلة اكبر على المدى البعيد،لأن وجود هذه المجاميع سوف يؤدي الى نشوء شبكات ارهابية داخل سوريا ومنها الى اوروبا و القوقاز و دول أخرى في الشرق الأوسط،ونلاحظ الآن حركة واسعة باتجاه سوريا ولكن على مدى البعيد سوف تعود هذه المجاميع الى بلدانها حيث تتفاقم فيها الأمور و المشكلات الأمنية،و مشكلة اخرى سوف تواجه الأردن و لبنان،لأن عدد النازحين و اللاجئين الآن يتجاوز ثلاثة ملايين و غالبيتهم توجهوا الى الدولتين،و انهما تعانيان الضعف من الناحية الاقتصادية وان تعاملهما مع هذه الأوضاع تخلق لهما المزيد من المشكلات،و باستمرار الأوضاع المتردية هذه في سوريا فإنّ عدد اللاجئين سوف يتزايد في الأردن و لبنان و في النتيجة تنعكس حالة عدم الأستقرار على الدول المجاورة الأخرى،اما ما يتعلق بالعراق فأنه يعيش حالة حرجة وحساسة بسبب حدوده المشتركة مع سورية حيث تسيطر عليها اسبوعياُ مجاميع مختلفة من المسلحين، من جانب آخر يتحمل العراق اعباء كبيرة بسبب تزايد نزوح عدد اللاجئين الى اراضيه و تنقّل المجاميع المسلحة على الحدود العراقية – السورية بأستمرار، وهنا يجب الأنتباه الى وضع اعتبار لكل هذه التهديدات التي سوف تواجه العراق مستقبلاً.
Top