• Sunday, 22 December 2024
logo

الدولة تنظم العلاقة بين الشعب و التأريخ:الحزب الديمقراطي الكوردستاني يهدف الى تأسيس دولة كوردستان المستقلة

الدولة تنظم العلاقة بين الشعب و التأريخ:الحزب الديمقراطي الكوردستاني يهدف الى تأسيس دولة كوردستان المستقلة
ترجمة/ بهاءالدين جلال
(( نظرتي الى حق تقرير المصير للشعب الكوردي هي اننا كشعب نعيش في الشرق الأوسط كما العرب و الفرس و الأتراك وهي شعوب لها حق تقرير المصير،لقد تعرض الكورد على مر التأريخ الى ظلم كبير و خاصة بعد الحرب العالمية الأولى،وتم تقسيمنا على الدول قسراً و كرهاً ودون موافقتنا،و أنا أؤمن كثيراً بضمان حق تقرير المصير للشعب الكوردي و اعتبره حقاً مشروعاً،ولكن نعيش الآن في واقع معروف، واتمنى ان تتاح للكورد الفرصة ليقوم بأقرار حقه المشروع في تقرير المصير))
الرئيس مسعود بارزاني ل(كولان)
19/7/2013
يعرّف ميشيل ميتاس في كتاب هيكل و الديمقراطية مفهوم الدولة لدى هيكل بأن اساس الدولة هو القانون و الهدف من الدولة هو الحرية الأنسانية،وهذا الأساس القانوني للوصول الى الحرية يتحقق عبر رص الصفوف و الوحدة بين اعضاء المجتمع،والسبب ان الفرد داخل الدولة هو جزء من الكل و مصيره مرتبط بمصير الأخرين،ونفهم من هذا التعريف أنّ بناء الدولة يحتاج الى الأجماع وهذا يتحقق في المجتمعات الديمقراطية عبر صناديق الأقتراع،وعلى هذا الأساس فإن كل الاحزاب السياسية في المجتمعات الديمقراطية تملك مشاريع و قرارات و برامج ستراتيجية تطرحها على المقترعين من اجل نيل اصواتهم و تكوين الأجماع ليتسنى لها تنفيذ تلك البرامج و المشاريع.
ومن هذا المنطلق عندما نتوقف عند مفهوم الحزب الذي يملك قاعدة جماهيرية قوية داخل المجتمع الديمقراطي نتوصل الى أنّ الوعود التي تقطعها الأحزاب ليست سهلة كما ان الأحزاب الكبيرة لاتتعهد الاّ وهي تستطيع الأيفاء بما قطعت من الوعود لجماهيرها،قد تقوم الأحزاب السياسية برفع الشعارات التي تتضمن وعوداً اثناء الحملات الأنتخابية ولكن الأحزاب ذات نفوذ و مواقع جماهيرية قوية لا تضع نفسها عند مستوى مسؤولية الوعود الاّ وهي مستعدة و قد مهّدتْ الأرضية المناسبة لتنفيذها،ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه و حتى الآن رفع الشعارات وفق المراحل و الظروف الـتأريخية المختلفة وقد نفذها ولم يحاول ابداً رفع الشعارات من اجل جمع الأصوات و المزايدات السياسية،و على سبيل المثال لا الحصر نشير الى انتخابات عام 1992 التي لم يغيّر شعاره فيها حيث شارك فيها بشعاره (الديمقراطية للعراق و الحكم الذاتي لكوردستان)، هذا في الوقت الذي كان الحزب فيه هو صاحب مشروع الفدرالية لأقليم كوردستان، وقد شكّل له لجنة منذ عام 1974 و كان الدكتور شفيق قزاز احد اعضائها ، و بالرغم من انّ الظروف قد تغيرتْ ،لكن بسبب عدم امكانية الحزب الكاملة على جمع الدعم الدولي لهذا الشعار، نرى انه شارك في اول حملة الأنتخابات في الأقليم وقد قدّم برنامجه الى مقترعيه بكل اخلاص و صدق،حيث حصل على اعلى نسبة من اصوات اقليم كوردستان،و قد تأسس اول برلمان كوردستان بعد اشهر قليلة من الأنتخابات، وبعد ذلك تأكد الرئيس البارزاني من امكانية التوجه نحو الفدرالية لذا صادق برلمان كوردستان على مشروع الفدرالية في 4/10/1992،و السؤال هو : الفترة الزمنية بين 19/5/1002 و 4/10/1992 وهي اقل من خمسة اشهر ، فلماذا اقر البارتي الفدرالية في شهر تشرين الأول من 1992وانه لم يفعل ذلك ابان الحملة الأنتخابية في ايار 1992؟
الأجابة عن هذا السؤال ستكون لدى المقترعين في 21 ايلول،لأن البارتي مستعد ان يضحي بمصالحه الحزبية من اجل مصالح شعب كوردستان،صحيح ان البارتي حصل في انتخابات 1992 على نسبة 51% و لكن لو كان هدف الحزب هو الفوز فقط لغيّر شعاره (الحكم الذاتي) الى (الأستقلال و ليس الفدرالي)من اجل الحصول على المزيد من الأصوات ، ولكنه لم يقدم على هذا،لأنه كان يعلم بأن الشعار الذي يرفعه أمام شعب كوردستان سوف يكون مسؤولاً عنه.
لماذا يتحدث البارتي الآن عن الدولة و تقرير المصير؟
كثيرمن المرات عندما يقول عنك الأعداء شيئاً فإنّه يصبح شاهداً للتأريخ،ولذا من الضروري من الأهمية بمكان أنْ نعود الى كيفية نظرة اعداء الكورد و كوردستان الى موقف الرئيس البارزاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني و تبنى على هذا الموقف حسابات عندما قرر الرئيس البارزاني في اواخر تسعينيات القرن الماضي رفع العلم الكوردستاني رسمياً في الأقليم، حيث اكد سيادته للعالم بأنه ولد تحت هذا العلم و يموت تحته ايضاً،لقد هز موقف البارزاني الأقليم والعالم،حتى انّ بعض الأحزاب الأسلامية التي ترفع العلم الآن مجبرة وقفت آنذاك ضد هذا الأجراء و كذلك ضد النشيد القومي (اي رقيب)و لم يقفوا اجلالاً له داخل برلمان كوردستان،والاهم من ذلك عندما كان الحديث يجري بشأن سقوط نظام العراق، حيث كانت الدولة التركية تنوي احتلال جنوب كوردستان كأجراء لمنع قيام دولة كوردستان بعد سقوط النظام نرى كيف ان عموم شعب كوردستان يشهدون للرسالة التأريخية للرئيس البارزاني حيث اعلن للعالم اجمع انّه لايسمح للقوات التركية عبور هذا الجزء من كوردستان الاّ على جثته،وكل الكوردستانيين شهود على تلك الرسالة التي هزت العالم، و لكن بدلاَ من احتلال كوردستان، رأينا كيف انّ كوردستان اصبحت جزءاَ من التحالف الدولي في العملية العسكرية الدولية و التي سميت ب(عملية تحرير العراق)،ان نجاح الرئيس البارزاني في هذا الموقف الوطني و القومي و صياغة دستور العراق بأعتبار أنّ الدستور هو ضمان لوحدة العراق و انه لايمكن التلاعب بحقوق الكورد من دون مشاركتهم المباشرة فيه اصبح عاملاً لقيام مراكز البحوث بدراسة مواقف الرئيس البارزاني و خطواته نحو تأسيس دولة كوردستان المستقلة،و احدث تغييراً جيوبوليتيكياً في المنطقة،ان اعداء و خصوم الكورد كانوا يشرحون في السنوات المنصرمة هذه النقطة للمجتمع الدولي عموماً و امريكا على وجه الخصوص، وكانوا يعتبرون خطوات البارزاني هذه خطراً:
1- الآن تطبع في اقليم البارزاني خارطة كوردستان الكبيرة و التي تضم جزءاً من ايران و تركياو سوريا،وهذا يؤكد حلم البارزاني في تأسيس دولة كوردستان الكبيرة.
2- يُعرّف اقليم كوردستان في وسائل اعلام الأقليم عموماً و خاصة في اعلام الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأنه جنوب كوردستان الكبرى،وهذا يعني انّ الكورد في تركيا هم في شمال كوردستان و هو تهديد للتغيير الجيوبوليتيكي الكبير في المنطقة.
3- قرر مسعود بارزاني رفع العلم في اقليمه وهو علم جمهورية كوردستان في مهاباد،و الذي يرمز الى كوردستان الكبرى ،وهو يشكل خطراَ ايضاً.
4- السيد مسعود بارزاني تعرض الى تهديدات قوية من اجل تسمية حزب العمال الكوردستاني كمنظمة ارهابية،ولكنه لم يفعل ذلك بل وضع شروطاً منها استعداد الحزب المذكور اللجوء الى السلام و كان لهذا الموقف التأثير الكبير حيث نرى العمال الكوردستاني وهو يصبح جزءاً من عملية حل القضية الكوردية سلمياً في تركيا،وتقوم تركيا باجراء المفاوضات مع رئيس هذا الحزب في المعتقل بشكل مباشر.
يقوم اعداء الكورد بتعريف البارزاني بشكل آخر:
1- بالنسبة الى الذين لايعرفون مسعود بارزاني عن كثب، يكفينا القول ان سيادته هو احد بيشمركه كوردستان.
2- في احد اللقاءات بواشنطن سأل مارتن انديك كبير الدبلوماسيين الأمريكان الرئيس البارزاني:سيادة الرئيس علاقاتكم مع جمهورية ايران الأسلامية اعتيادية و متوازنة،كيف يمكن لأمريكا الأستفادة من دبلوماسيتكم؟
3- تحدثت وسائل الأعلام الفرنسية عن رئاسة السيد مسعود بارزاني في اقليم كوردستان و كتبت:ان الأقليم الذي يرأسه البارزاني يشبه في مجال التنمية صغير نمر ينمو في جبال الشرق الأوسط و سوف يكبر ليصبح نمراً اقتصادياً كبيراً،هذه العبارة مقتبسة من التطور الأقتصادي لدول شرق آسيا،و التي كانت تسمى نمور شرق آسيا،وهذا يعني انّ مستوى التطورفي اقليم كوردستان يشبه التطور السريع الذي تحقق في كوريا الجنوبية و تايوان و سنغافورة.
4- وكل ما يهم مواطني اقليم كوردستان الآن هو عبارة عن المساعي المبذولة للمؤتمرالقومي المزمع انعقاده في اربيل الشهر المقبل و الذي يحضره ممثلو الدول التي الحقت بها اجزاء من كوردستان الى جانب ممثلي الدول التي لها قنصليات في اقليم كوردستان و ممثل الأمم المتحدة.
الأشارة الى النقاط التي وردت ذكرها سواء من اعداء الكورد و كوردستان أو من اصدقاء الشعب الكوردي انما تعني انّ الرئيس البارزاني ضحى جل حياته في الكوردايتي و البيشمركايتي من اجل انْ يصل الكورد الى حق تقرير المصير.
الدولة تتحقق على يد البارتي
يعتبرالسيد مسعود بارزاني الدولة أنها قانون و مؤسسات،و تؤكد الخطوات التي اتخذها سيادته على مر الأعوام المنصرمة بأتجاه بناء الدولة بأنها كانت من الناحية القانونية و كيفية مأسسة اقليم كوردستان،ومن هذا المنطلق تحتاج الدولة الى اسس اقتصادية قوية و تمتلك قوة يحترمها العالم المعاصر و ولاينظر لها كمصدر خطورة،وعلى هذا الاساس نجد ان خطوات الرئيس البارزاني تسير في هذا الأتجاه،كما اكد ذلك السيد نيجيرفان بارزاني في لقاء مع كولان نُشر في 11/10/2010،والبارتي يقف على صف واحد و ارادة موحدة عند هذا الهدف الكبير للبارزاني،و هذا يعني انّ البارتي هو وسيلة لتحقيق ذلك الهدف ألا وهو تحقيق حلم دولة كوردستان المستقلة، ولكن السؤال هو : في بيئة ديمقراطية و لأقامة دولة مؤسساتية قوية كيف يتم توجيه المسارات؟الأجابة واضحة وهي تشير الى التصويت لصالح البارتي لتكون ثقة الشعب قوة لامتناهية من اجل تحقيق الهدف الكبير للبارزاني و عبر البارتي الذي هو وسيلة لتحقيق ذلك.
الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي هو المشارك الرئيس في كل المكاسب التي تحققت في كوردستان خلال ال 60 سنة المنصرمة،يستحق اليوم ان نمنحه الثقة الكاملة من اجل تأسيس دولة تليق بنضال شعب كوردستان،البارتي يعلم جيداً أنّ مشكلة الدول النامية و دول الشرق الاوسط هي عدم وجود دولة رشيدة،أي دولة ذات مؤسسات قوية،وهذا هو سبب في عدم امكانية شعوب الشرق الأوسط العيش معاً وجمع مصالحها المشتركة،ومن هذا السياق فإن هدف البارتي هو تأسيس دولة كوردستان تمحو فيها آثار الحقد و الكراهية وعدم القبول بين الكورد و الأتراك و الفرس و العرب،لقد سعى البارتي ومنذ مدة طويلة الى ايجاد حوار مشترك بين الكورد و الشعوب الاخرى بغية بناء ارضية للتفاهم و التعايش و التعاون التجاري بين تلك الشعوب،و اقليم كوردستان هو خير نموذج و هو لايزال جزءاً من العراق،ولكن بسبب وجود التبادل التجاري بين اقليم كوردستان و تركيا استطاع تغيير مسار نظرة الكورد الى الشعب التركي و نظرة الشعب التوركي الى الكورد،وقد اقتنعت تركيا بأنّ الحل السلمي للقضية الكوردية في البلاد يشكل عامل استقرار وسلام بالنسبة لها،ما ادى الى حدوث تحول كبير في قناعة الأتراك بأن الحكومة الحالية في تركيا تستطيع ان تخطو لصياغة دستور جديد.
ان هذا هو المؤشر الذي يؤكد على أنّ البارتي يستطيع تحقيق الأهداف الكبيرة،وخاصة أنّ اوضاع المنطقة اتخذت منحى آخر و ينتظر الكل ما سيحدث مستقبلاً.الجانب الآخر الذي يتبناه البارتي هو انشاء بنية تحتية واسعة لأقتصاد الأقليم من اجل انْ تدير الدولة الجديدة شؤونها كما ينبغي،ويتذكر شعب كوردستان جيداً ما قيل بشأن الموازنة و مفاده اذا لم تصل حصة الموازنة لشهر واحد فأن الأقليم لايستطيع ادارة نفسه بنفسه،ولكن في ظل السياسة الحكيمة للبارتي نرى ان الأقليم الآن يدير منشآته النفطية بنفسه و يقوم بتصديرنفطه و بيعه في الخارج،اذاَ هذه الحقائق تؤكد لنا ان شعارات البارتي لا تتضمن جمل برّاقة تُستخدم للتحايل على الناس من اجل جمع الأصوات و تضليلهم ،و انما منح الثقة بالبارتي مسؤولية تاريخية، وهذا يدعونا للتوجه الى صناديق الأقتراع و التصويت لصالح البارتي من اجل تحقيق حلمنا الكبير في اقامة دولة كوردستان المستقلة.
Top