• Wednesday, 24 April 2024
logo

الفيتو الروسي و الصيني لن يمنع الكروز الأمريكي من ضرب سوريا

الفيتو الروسي و الصيني  لن يمنع الكروز الأمريكي من ضرب سوريا
ترجمة/بهاءالدين جلال

بالرغم من انّ مجلس العموم البريطاني لم يصوّت على مشاركة البلاد في توجيه ضربة عسكرية الى سوريا،الاّ انّ جون ميري وزير الخارجية الأمريكي قد اعلن انّ هناك ادلة دامغة على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا،وكان وزير الدفاع الأمريكي جاك هاكلي قد أمر السفن الحربية بالتوجه نحو سوريا،و هذا يؤكد عدم تأثير الموقف الأمريكي في هذا المجال،والحديث لايدور الآن حول شن الهجوم من عدمه،و انما يتركز حول اساليب اجرائه و الأهداف التي تتعرض للهجوم العسكري المتوقع،وقد غادر مفتشو الأمم المتحدة الأراضي السورية و من المتوقع البدء بالهجوم في الساعات القليلة القادمة،والتقرير الآتي يؤكد على مبررات شن هجوم محدد على نظام الأسد من اجل تحطيم بعض قدراته العسكرية الستراتيجية و خاصة قوته الجوية .
واذا كان هذا الهجوم يعني في احد جوانبه معاقبة النظام السوري لقيامه بأستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه فإنّما يعني من جانب آخر خير وسيلة للأميركان و الغربيين الذين لديهم مخاوف من تزويد المعارضة السورية بالمزيد من الأسلحة،و بدلاَ من ذلك يقومون بتقليل قدرات الأسد العسكرية لخلق توازن القوى بين النظام السوري و مسلحي المعارضة السورية،من جهة اخرى فإنّ احد اهداف الهجوم العسكري هو تحطيم القوة الجوية للنظام و طائراته و في الوقت ذاته يشكّل خطوة نحو عزل النظام عن حلفائه الذين كانوا يمدون له يد المساعدة عن طريق الجو.
كما هناك توقعات بأن احد جوانب هذا الهجوم العسكري و الذي يمكن انْ تتمخض عنها ردودفعل مختلفة من قبل الأسد و حلفائه و خاصة حزب الله اللبناني هو انجرار اسرائيل و بعض الدول الأخرى كتركيا وهي عضو في الناتو الى هذه الحرب،و ما يزيد من الطين بلة انه بتعاقب هجمات مماثلة من قبل بعض الدول الغربية،سوف يزيد المخاوف لدى المراقبين و المحللين من اندلاع حرب اقليمية ما يزيد من احتمالات سقوط النظام السوري في فترة اقل.
وحول هذا الموضوع التقت مجلة كولان البروفيسور الم بايند مدير مركز دراسات الشرق الوسط (MESC)في جامعة اوهايو ووجهت اليه عدة اسئلة تتعلق بالهجوم العسكري الأمريكي المرتقب على سوريا.
* لقد بات شن الهجوم العسكري على سوريا الآن امراَ واضحاَ و يجري الحديث عن ساعة الصفر و آلية الهجوم ، برأيكم كيف يتم هذا الهجوم؟
- كما سمعنا من الرئيس اوباما سوف يكون هجوماً جراحياَ أي يتم فيه استهداف المؤسسات العسكرية و المطارات و الأماكن التي انطلقت منها الأسلحة الكيميائية،وسوف تطلق عدة صواريخ من نوع الكروز من السفن الحربية الراسية في البحر الأبيض المتوسط والقريبة من سوريا،ولاتستهدف الصواريخ القصور الرئاسية و مخازن الأسلحة الكيميائية،لآن ذلك يؤدي الى حدوث كارثة بيئية خطيرة،وكل هذه الأمور تتوقف على ما يصرّح به الخبراء الأمميون و كذلك ما تثبته الأجهزة الأستخباراتية الأمريكية من ادلة حول قيام النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية و ليس المعارضة.
*يشير بعض المراقبين الى أنّ استخدام الأسلحة الكيميائية كان تجاوزاً للخط الأحمر الذي وضعه اوباما،فهل تجاوز مثل هذا الخط يتطلب هكذا ردود فعل من الجانب الأمريكي؟
- العبارة التي استخدمها الرئيس اوباما والتي اعتبرها تجاوزاً للخط الأحمر هي( منافية للأعراف الدولية)- اتفاقية جنيف،وهذه ليست لتغيير النظام و الأطاحة به أو ازاحة بشار الأسد،بل انها لتعطيل قدراته و الحيلولة دون استخدام النظام للأسلحة الكيميائية مرة اخرى،ونحن لانعلم ما ينتج عن الهجوم المتوقع على سوريا والتي حسب المصادر الأمريكية تقتصر فقط على المؤسسات العسكرية و المواقع التي انطلقت منها الأسلحة الكيميائية على المواطنين العزل.
* يُلاحظ كثيراً أنّ ردود الفعل الأمريكية تتركز على اقناع الرأي العام،و لو نظرنا الى النظام السوري قبل استخدامه الأسلحة الكيميائية نجد انه قد استخدم الأسلحة التقليدية ذات الأبادة الجماعية،وهذه المسألة تحتاج الى الحسم الكامل و ليس الى هجوم عسكري، ألاتؤدي هذه الهجمات الى زيادة القدرات العسكرية لنظام الأسد؟
- هذا هو السؤال الذي يطرحه الناس كثيراً،هل بأستطاعة النظام قتل الناس بالأسلحة التقليدية؟و الأسلحة الكيميائية ليست وحدها التي تؤدي الى الأبادة الجماعية،وان الذين قتلوا و البالغ عددهم ال(100) الف مواطن تم ابادتهم بالأسلحة الأخري غير الكيميائية،وهذا ما يؤكده الباحثون و المتابعون لقضية سوريا و تطوراتها اليومية،صحيح ان الهجوم سوف يؤدي الى اضعاف النظام السوري اذا ما استهدف المطارات و التي تقطع الطرق امام وصول المساعدات الى النظام من ايران و روسيا،الاّ انه يثير مخاوف امريكا من سيطرة المجموعات الأرهابية على الأسلحة الكيميائية منها جبهة النصرة و منظمة القاعدة الأرهابية اذا ما سقط النظام السوري،وهذا هو سبب عدم عزم امريكا و الغرب على اسقاط النظام نهائياً،حيث حصلت مثل هذه الأمور عندما سقط صدام حسين و دخلت قوى اخرى التي كانت لها تأثير سلبي على الأوضاع و وقوع العراق تحت النفوذ الأيراني.
* ولكن بقاء نظام الأسد يؤدي الى وقوع كارثة انسانية كبيرة،ألا تشكل هذه خطورة كبيرة؟
- هذه مشكلة كبيرة،فمن جهة هناك حزب الله الذي تعتبره امريكا و اوروبا الغربية منظمة ارهابية و كذلك القاعدة و جبهة النصرة،ولكن تلك المنظمات لها نشاطات فاعلة في سوريا الآن،ما حدا بتلك الدول انْ تتحفظ عن تزويد المعارضة بالأسلحة لكون افاق مستقبل الحكم في سوريا غير واضحة حتى الآن بعد سقوط النظام،كما تتردد عن ارسال الأسلحة الى سوريا خشية وقوعوها بأيدي المنظمات الأرهابية التي ورد ذكرها آنفاً.
* تقوم كل من روسيا و الصين على مستوى مجلس الأمن بدعم نظام الأسد، ألايؤدي هذا الدعم الى تقسيم المجتمع الدولي بين مؤيد و معارض للنظام؟
- هناك خمسة اعضاء دائميين في مجلس الأمن الدولي لهم حق النقض(الفيتو) بينهم روسيا و الصين، و تتعارض آراء الأعضاء الآخرين الذين يمثلون فرنسا و بريطانيا و امريكا مع اراء كل من الصين و روسيا اللتين تؤيدان النظام السوري لذا نجد أنّ المجلس لايؤدي دوره بالشكل المطلوب و كما ينبغي،وفي هذا الوقت بالذات تنتظر كل من فرنسا و بريطانيا التقرير الذي سوف يرفعه المفتشون الدوليون الذين زاروا سورية مؤخراَ للتحقق حول قيام نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية،لذا لاأتوقع اطلاق أي صاروخ كروز من جانب امريكا قبل نشر التقرير.
اما البروفيسور جيرمي بريسمان استاذ العلاقات الدولية في جامعة ماسيوشيتد الدولية و المتخصص في سياسات الشرق اوسطية و الأمريكية،فقد اعرب عن رأيه الصريح حول الهجوم المرتقب على سوريا من خلال اللقاء الآتي:
*يتوقع العالم توجيه ضربة عسكرية غربية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية الى سوريا ، بعد اتهام النظام السوري بأستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه ، ما تأثير هذه الضربة على الأزمة السورية؟
- احتمالات توجيه الضربة العسكرية واردة في الوقت الحاضر وقد تكون محدودة للغاية ويتم في وقت قريب،وتريد امريكا ان تكون حذرة في هذه المهمة بحيث تكون الضربة محدودة و بمثابة رسالة تحذير الى الأسد في عدم تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية،كما تدّعي بأنها لن تكون وسيلة لأسقاط النظام بالشكل النهائي و انما لأضعاف آليته العسكرية، و لانعلم كيف ستكون الأهداف الحقيقية بعد حصول الضربة مستقبلاً .
* وفق المعلومات المتوفرة لدينا لن يكون الهدف من الهجوم العسكري هو اسقاط نظام الأسد بل هو من اجل ارغامه على الألتزام بعقد مؤتمر جنيف-2،هل تعتقد أنّ حصول ذلك امر سهل للغاية؟
- لااعتقد حصول حوار سياسي في مثل هذا الوقت،لسببين الأول الظروف العسكرية في سوريا و الثاني هو الدعم الرئيس الذي يتلقاه النظام من ايران و روسيا و اللتين لاتعملان بأتجاه عقد مؤتمر جنيف بشكل صريح،وذلك من اجل وضع اطار للمفاوضات توافق عليها المعارضة.
*العديد من الخبراء العسكريين يعتقدون أنّ الهحوم العسكري الغربي على سوريا سوف يكون شبيهاً بهجوم ثعلب الصحراء الذي شنه كلنتون و بلير على صدام حسين في القرن الماضي،اي الهجوم على اهداف محددة،ألا تعتقد أن الهجوم على اهداف محددة سوف يجبر نظام الأسد على ارتكاب المزيد من القتل ضد المواطنين؟
- الصورة واضحة للجميع ،حتى اذا لم يحصل الهجوم الغربي،نرى كيف انّ النظام يرتكب يومياً جرائم منظمة ضد شعبه، حيث يقتل العشرات وهو سوف يستمر على ذلك طالما هناك معارضة في بلاده،الحرب الداخلية قائمة و قد تركت آثاراً انسانية سيئة و محزنة،الضحايا بالآلاف و التهجير و النزوح يزداد يوماَ بعد يوم،لاأعتقد انّ أي تدخل من جانب امريكا أو أي دولة اخرى سوف ينهي المأساة الحالية في سوريا.واذا ما حصلت الضربة العسكرية في غضون ايام قلائل علينا معرفة الأهداف العسكرية التي تتعرض لها وكذلك المدة التي تستغرقها الضربة،و ذلك من اجل ارغام الأسد على المشاركة في مؤتمر جنيف و القبول بالشروط التي تفرضها الولايات المتحدة و المعارضة السورية،و اعتقد – كما هو معلن- ان الضربة سوف تكون محددة و تهدف الى تعطيل القدرات الحربية للنظام.
* لقد شهد العالم تجربة صدام حسين من فترة 1991 و لغاية 2003 حيث تعرض العراق طيلة هذه الفترة الى هجمات عسكرية على حساب شعبه،و سوريا تعاني الآن من كارثة انسانية ،واذا ما حصل الهجوم و لم يتغير النظام،ألا يؤدي ذلك الى كارثة انسانية اكبر؟
- قد يؤدي ذلك الى هذا التوتر،النظرة العامة تتركز على أنّ توجيه اية ضربة عسكرية محدودة الى سوريا من جانب امريكا أو بريطانيا سوف لن يغيّر الوضع القائم و لكن يتمخض عنها اندلاع حرب اهلية تذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء،واذا نظرنا الى العراق خلال 20 الى 25 سنة الماضية من منظور تأريخي لوجدنا أن الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و فرنسا فرضت في تسعينيات القرن الماضي منطقة حظر الطيران على البلاد ولكن هناك فرقاً بين الهجوم الأمريكي و التحالف الغربي على العراق في تلك الفترة وبين ماحدث في عام 2003 والذي انتهى بموجبه حكم صدام حسين،والأمر يختلف بالنسبة الى سوريا حيث هناك تدخل روسي في سوريا و المتوقع حصوله بعد تأزم الأوضاع في حال حصول الهجوم الأمريكي المرتقب.
*اعلنت روسيا انها لاتحاول وقف الهجوم العسكري، ولكن وزير خارجيتها اكد صراحة انه لايجوز حسم القضية السورية عبر الحل العسكري،ألا تعتقد لو كان هدف الهجوم تركّز على تغيير النظام فإن روسيا سوف يغيّر ايضاً موقفها الحالي؟
- لو استعرضنا ماحدث في بغداد من مواقف امريكا و بريطانيا فإننا نصل الى حقيقة معروفة وهي انّ الدولتين عندما اعلنتا الحرب على العراق في عام 1991،لم تغيّرا النظام في بغداد،رغم اقتراب قواتهما من العاصمة العراقية،ولكن الستراتيجية الأمريكية تغيرت في 2003 و التي تركزت على اسقاط النظام و حصل ذلك فعلاً.
* لقد هاجم النظام السوري بأستمرار اسرائيل كردفعل على الهجوم الغربي،والآن نرى انّ النظام يتحالف مع حزب الله اللبناني ما يساعده على شن الهجوم على اسرائيل في اي وقت يشاء، هل انتم متفقون بأن حدوث مثل هذه الهجمات سوف يؤدي الى اندلاع حرب دموية شاملة في المنطقة؟
- من المتوقع حدوث هجوم سوري على اسرائيل ، ولكن ردفعل الأخيرة لن يكون محدوداً و انما قد تستخدم سلاحها الجوي ضد الأهداف السورية،و من المعلوم انّ محاولات سوريا كلها تتركز على بقائها في السلطة لفترة اطول،وبالنسبة الى اسرائيل فإنها تقف على مسافة حدودية قصيرة مع سوريا و هذا يجعلها توسّع من حجم و افاق الهجوم المتوقع انْ حدث،وفي كل الأحوال فإن النظام السوري يتعرض الى خطر الأنهيار و يفقد زمام السلطة و سوف يدفع الثمن غالياً اذا ما ارتكب هذا الخطأ.
Top