• Friday, 29 March 2024
logo

السياسة النفطية لإقليم كوردستان أوجدت تحولا جيوسياسيا على خارطة العالم

السياسة النفطية لإقليم كوردستان أوجدت تحولا جيوسياسيا على خارطة العالم
لقد كان أحد محاور اجتماع الاقتصاد و الطاقة الذي عقد في اسطنبول عام 2012 خاصا بالاهتمام بإقليم كوردستان : (Focus on the Kurdistan region of Iraq) و حضره إلى جانب وزير الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان مندوبو العديد من الشركات التي تستثمر في الإقليم , الدبلوماسيين و الخبراء و المختصين و منهم السفير فراكلين جيفري الذي كان سفيرا للولايات المتحدة لدى العراق خلال عامي 2011 و 2012 و قد أثار في بداية كلمته التي ألقاها في الاجتماع : ترى لماذا نجتمع اليوم هنا؟ و يعود جيفري في رده على هذا السؤال إلى حديث لنائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية علي باباجان و وزير الطاقة التركي تنريلدز و اللذين أشارا إلى وجود نوع من الارتباط و الاشتباك بين (السياسة و الاقتصاد و الطاقة) و يقول السفير جيفري من هذا المنطلق هذا بلا شك صحيح بالنسبة لهذا الإقليم و على مستوى العالم أيضا و تقول تجربتي في العمل بهذه المنطقة و لمدة 20 عاما: لم يحصل التحول في أي بقعة من العالم كما حصل في العراق و ما حوله و بالأخص في إقليم كوردستان ما يبرر أهمية النظر إلى هذه المسألة من وجهة نظر سياسية و جيوستراتيجية و حتى عسكرية و دبلوماسية بصدد كيف كان في الماضي و كيف هو الآن و مدى تأثيره على المستقبل الوضاء للطاقة و تطوير اقتصاد المنطقة و تحدث الجنرال جيم جونز الذي كان أحد الضباط الذين شاركوا عام 1991 في عملية الملاذ الآمن (بروفايد كومفورت) في (شمال العراق) و هو الآن رئيس مركز برانت سكروكرافت في معهد ترانس أتلنتك , في ندوة نظمت في نيسان الماضي لوزير الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان في ذلك المعهد و قال : أن التحول السياسي و اللوجستي الذي أتبعه إقليم كوردستان لإدارة ثرواته الطبيعية قد أحدث , بعد أن وصل النفط و الغاز الكوردستاني إلى تركيا و أوربا, انقلابا جيوسياسيا ما يعني "وكما جاء في مقال للدكتور خالد صالح رئيس جامعة كوردستان نشر في العدد الأخير من مجلة كولان" لقد أصبحنا قسما أو جزءا من شيء آخر أي أصبحنا جزءا من سياسة الطاقة العالمية" و أنه سيكون لهذا القسم – إقليم كوردستان- تأثيره على تلك السياسة ، و كما اضطرت حكومة إقليم كوردستان في العام الماضي ، و بسبب بعض المسائل ذات العلاقة بعدم صرف مستحقات الشركات النفطية من قبل الحكومة الاتحادية ، لإيقاف صادراتها النفطية لبعض الوقت و أصبح التوقف الذي وصفه البروفيسور (بوس هلترمان) في بحث نشره في بداية عام 2013 في عملية فورن أفيرز بعنوان( انتقام الكورد هو الابتعاد عن بغداد) وصفه بأنه قد تسبب في ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية و تلافيا لعدم اختلال توازن السوق العالمية للطاقة فإن الولايات المتحدة تمارس ضغوطها لاستئناف تصدير النفط ثانية
و المهم هنا أن نعيد طرح تساؤل السفير جميز جيفيري بشكل آخر و هو : ما الدافع لتنظيم هذا التقرير عن أهمية الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان ؟ و هل أننا نتوخى من وراء ذلك إبلاغ قرائنا أن إيرادات النفط و الغاز تدخل الإقليم بصورة مباشرة ؟عن ذلك علينا العودة إلى حديث للسيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان نشر في كتاب ( إقليم كوردستان ، الاستثمار للمستقبل) و ينوه فيه إلى أن المصادقة على قانون النفط و الغاز لحكومة إقليم كوردستان من قبل برلمان كوردستان العراق قد تمت تحت مظلة الدستور العراقي و هي ممارسة لحق منحه الدستور لإقليم كوردستان و بموجب ذلك القانون تتم إدارة الحقول النفطية التي يتم اكتشافها من قبل حكومة إقليم كوردستان و تعود إيراداتها إلى جميع العراقيين و ليس لإقليم كوردستان فحسب ، أي أن الهدف الكامن وراء الإدارة الجيدة للمصادر الطبيعية في إقليم كوردستان من قبل حكومة الإقليم هو لتصحيح مسار عموم السياسة البترولية العراقية في أن يكون العراقيون شركاء حقيقيين في توزيع السلطات و الإيرادات و عدم حصرها مر أخرى في أيدي نخبة قليلة من مكون عراقي معين ... بل يجب أن تكون جميع المكونات العراقية شركاء حقيقيين فيها. و يشدد آشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم في مقال نشره أواسط شهر نيسان الماضي في موقع (ريل كلير وورلد Real Clear World) و بكل صراحة (ليس هناك من هو أكثر من الكورد إطلاعا على ذلك الواقع المر في هدر تلك الثروات العراقية الكبيرة ، و لأمد طويل و التي اتخذت إيراداتها وسيلة لمعادة الإقليم و خلافاته و قمع شعب كوردستان و كان ذلك السبب في أن يكون الكورد الهدف الرئيس لتلك الحملات الوحشية التي شنها النظام العراقي البائد في ثمانينيات القرن الماضي و التي وصلت حد الإبادة الجماعية للكورد و ضرب مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي فيما أصبحت الثروات الطبيعية تلك في يومنا هذا مصدرا لاستقرار الإقليم و أمنه و توفير الأمان الذي يمكننا الاعتماد عليه لإيصال النفط و الغاز إلى الأسواق العالمية ... إن ما يطمح الوزير في إيصاله للعالم هو أن سياسة (مركزية النفط و الغاز في العراق) تحظى بتاريخ سيء و كانت مصدر كوارث و مآسي عموم الشعب العراقي .... لذا فإن التطلع نحو إنعاش العراق و استرداد موقعه في العالم المعاصر يتطلب أن تكون السياسة البترولية تلك وفق معطيات الدستور العراقي و هو أن يكون للأقاليم الحق في إدارة المصادر الطبيعية التي تم اكتشافها فيما بعد المصادقة على الدستور العراقي الدائم في عام 2005
"إقليم كوردستان عاصمة الطاقة البكر"
يرى الخبراء في مجال النفط أن إقليم كوردستان هو البقعة الوحيدة المتبقية على كوكب الأرض التي تمتلك 45 مليار برميل من الاحتياطي النفطي و 3-6 ترليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي البكر ... أي أن المسألة هنا لا تقتصر على كون إقليم كوردستان صاحب أكبر احتياطي للنفط في العالم بل المقصود هنا أكبر احتياطي من النفط و الغاز ما زال بكراً و لم يمسسه أحد و هو السبب في تساؤلات عن حقيقة كون الإقليم يمتلك أكبر احتياطي عالمي فقد تكون هناك كميات أكبر في مناطق أخرى من العالم ، إلا أن احتياطي الإقليم قد بقي بكرا و لم يستثمر حتى الآن ما يبرر حقيقة توصيف الشركات العالمية التي تستثمر في إقليم كوردستان للإقليم بأنه عاصمة الاستثمار للنفط و الغاز... إن هذا التحول الكبير الذي طرأ أو تحقق في قطاع الطاقة بإقليم كوردستان هو نتاج سنوات محدودة فقط من سياسة حكومة الإقليم و الأهم من ذلك هو أن القاعدة التي اعتمدت للاستثمار في إقليم كوردستان قد بدأت من الصفر و لم تكن هناك أية بنى أو أساس لها من قبل ذلك دليلا على تطلع حكومة إقليم كوردستان إلى أن تكون الإيرادات المستحصلة من النفط و الغاز سببا و أساسا لإعادة بناء العراق و لكن السؤال هنا هو: إذا كانت هذا بالفعل الهدف من السياسة النفطية للإقليم فلماذا لم تتم المصادقة حتى الآن على قانون النفط و الغاز للحكومة الاتحادية ؟
"سياسة بترولية واحدة ، بلد واحد ، دستور واحد"
كثيرا ما يشير المسئولون العراقيون عندما يجري الحديث عن قانون النفط و الغاز ، إلى أن العراق هو دولة واحدة و يجب أن تكون فيها سياسة نفطية واحدة أي لا يجوز أن يكون لإقليم كوردستان الحق في توقيع عقود نفطية مع شركات أجنبية و لقد تحولت هذه الدعوة التي إنما هي تنصل عن الدستور العراقي ، في معظم الحالات لصالح الحكومة العراقية ما حدا بوزير الثروات الطبيعية في كثير من الحالات إلى التأكيد على ضرورة التحدث بصورة أكثر جدية حول إدعاء الحكومة الاتحادية لأن حكومة إقليم كوردستان راغبة هي الأخرى و تتطلع إلى وجود سياسات بترولية واحدة و دولة واحدة و دستور واحد في العراق ، و ذلك الدستور الذي صوت له أكثر من 80% من الشعب العراقي و الذي يبين أن السياسة النفطية التي تتبعها حكومة الإقليم إنما هي التزام بالدستور فيما كانت السياسة التي اتبعتها الحكومة الاتحادية حتى الآن (مركزية السياسة النفطية) و الحيلولة دون توزع السلطات و الإيرادات بصورة عادلة ... عن هذا الجانب يشير البروفسور يوست هيلترمان في بحثه المنشور في مجلة فورن أفيرز) أن السبب الكامن وراء ابتعاد الكورد عن بغداد هو عدم رغبة الأخيرة في ممارسة الحق الذي أمنه الدستور العراقي لإقليم كوردستان و كتب يقول : لقد أعلن الكورد صراحة رغبتهم في الالتزام بالعراق الجديد و لكن ذلك الالتزام مرهون بأن يكون عراقا ديمقراطيا فدراليا و هم ملتزمون بوحدة الأراضي العراقية إن كان شريكا حقيقيا في العملية السياسية ، إلا أن الحكومة العراقية بعد عام 2006 و بدلا من حثها الخطى نحو الفدرالية ، قد تقدمت بخطواتها أكثر نحو إعادة (مركزة العراق) و كان ذلك قد أنذر بقرب مدى استقلال كوردستان و أن يتخلى الكورد بصورة مباشرة عن الالتزام بوحدة العراق ... و كان أن باشر الكورد بممارسة حقوقهم التي حددها له الدستور ... المعلوم أن إقليم كوردستان يتمتع باحتياطي نفطي كبير و كانت بغداد قد عجزت بعد مباحثات عام 2007 مع الكورد ، عن صياغة قانون النفط و الغاز العراقي مما حدا بالكورد من ذلك الحين ،ووفق حقوقهم الدستورية، أن يطوروا قطاع الهيدروكاربون و قد أظهرت تقنيات محدودة منذ البداية وجود احتياطي كبير من النفط و الغاز في الإقليم و بدأت استثماراتهم من الشركات الصغيرة صعودا إلى أكبر الشركات العالمية مثل (أيكسن موبيل) و عندما وصلت مستويات استخراج النفط حد التصدير فقد اضطرت حكومة الإقليم لاستخدام الأنابيب النفطية العراقية التي تربط حقول كركوك بدولة تركيا و ميناء (جيهان) فيها .... و توصلت الحكومة العراقية في عام 2009 عندما اشتدت حاجتها لإيرادات مالية إلى اتفاق بشأن تصديرها لنفط الإقليم أي بيع النفط و عودة إيراداته إلى الحكومة المركزية .. إلا أن حكومة إقليم كوردستان قد وقعت تحت وطأة دفع المستحقات المالية للشركات المنتجة للنفط في الإقليم ، غير أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لم يلتزم بدفع تلك المستحقات و يدعو إلى دفعها من موازنة إقليم كوردستان ... و في عام 2011 حيث ازداد الإنتاج النفطي للإقليم فقد توصل الجانبان إلى اتفاق آخر شرط التزام الحكومة العراقية بدفع مستحقات تلك الشركات إلا أن الزمن لم يمهل ذلك الاتفاق طويلا ما اضطر الكورد لإيقاف تصدير النفط عن طريق أنابيب كركوك إلى العالم . و استجد واقع فرض عدم إمكانية إنتاج كميات كبيرة من النفط قدرت بملايين البراميل و تهيئتها للبيع و لكن مع تعذر إيصالها إلى الأسواق العالمية ... و كان التصور القائم حينها أن بغداد ستضطر لتصدير تلك الكميات بسبب أسعارها الباهظة و المتراكمة كما أن تركيا قد أبدت هي الأخرى رغبتها في شراء نفط إقليم كوردستان و أنها مستعدة لتجاوز بغداد و إنشاء أنبوب ناقل لنفط الإقليم .
إن ما أشرنا إليه آنفا هو تنويه آخر بضرورة حل هذه المشكلة بين الإقليم و بغداد سلميا و عن طريق الحوار و كان السبب و الدافع الأساس هو أن نفط و غاز الإقليم هو مبعث إيصال مصالح العراق و حكومة إقليم كوردستان و الولايات المتحدة و حتى تركيا إلى مشتركات عدة منها:
1- كون إيرادات النفط هي ملك لكل العراقيين فإن إنتاج النفط و الغاز في الإقليم هو ضمان لتأمين مصدر آخر للإيرادات يستفيد منه العراقيون في هذه الحالة.
2- و لأن مصلحة العراق تكمن في تطوير قطاع الهيدروكربون و رفع الإنتاج إلى أعلى مستوياته فإن مصلحة الإقليم و العراق تلتقي مرة أخرى عند هذه النقطة.
3- و لأن زيادة الإنتاج هذه ستكون سببا في استقرار أسواق الطاقة في العالم ، و هذا ما يوافق المصالح الأمريكية أيضا ؛ و يكون من مصلحتها أيضا تطوير قطاع الهيدروكربون في الإقليم و العراق..
4- كون هذه الكميات من النفط الكوردستاني تصل إلى العالم عن طريق تركيا فضلا عن تأمين حاجات الأخيرة منها ، و هو أساس توافق مصالحها مع مثيلاتها في الإقليم و العراق و المنطقة.
"السياسة السوقية و اللوجيكية للإقليم هي مصدر السلام في المنطقة"
و بعد زيارة السيد نيجيرفان بارزاني إلى بغداد و من ثم نوري المالكي إلى أربيل و زيارة السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان إلى بغداد توحي بإيجاد تفاهم لمعالجة جميع المشكلات و بوابة على قانون النفط و الغاز الاتحادي العراقي و قد شكلت بالفعل عدة لجان لهذا الغرض إلا أن التحولات السائدة في المنطقة و أوضاع سوريا الراهنة ستكون لها تأثيراتها على أوضاع العراق الذي يستفاد كثيرا من هذا الوضع إذا ما تحقق حل سريع لتلك الخلافات .. و جاءت مبادرة السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان في وقت كان بإمكان الإقليم تصدير نفطه بصورة مباشرة . كون إيقاف تصديره ستكون له آثار سلبية على أسواق الطاقة في العالم و استقرارها . عندها فإن المجتمع الدولي لن يقبل بهذه النتيجة في حين تعاني السوق العالمية من تزعزع و عدم استقرار عن طريق إيقاف تصدير النفط إلا أن حكومة الإقليم قد بادرت ، إبان إمكانية معالجة المعضلات أم تصدير نفطها ، إلى التوصل مع بغداد إلى تفاهم مشترك ما يعني و يؤكد أن السياسة المبدئية للإقليم لا تسير نحو الانفصال عن العراق بل نحو إعادة بناء العراق الجديد الذي حدد الدستور الدائم خريطة طريق له في أن يكون عراقا فدراليا و ديمقراطيا و توزيع عادل للإيرادات و السلطات بين مختلف المكونات العراقية. و كان ذلك عكس توقعات البعض بأن الكورد عندما يطالبون بحقوقهم إنما يفكرون في تقسيم العراق . و قد أثبتت توجهات و خطوة إقليم كوردستان هذه أن الكورد لن يكونوا جزءا من عراق يسعى للعودة إلى زمن المركزية بل جزء من عراق ديمقراطي و فدرالي ، و يكون ذلك مع حث الخطى نحو معالجة المشكلات بين الإقليم و بغداد في إطار الدستور العراقي ، و بالتالي فإن ذلك يعني أن الدستور سيغدو مرة أخرى مظلة لجمع عموم المكونات و عودة الحكم إلى مساره الصحيح و هو الالتزام بالدستور العراقي و يكون بدوره مسعى لحماية العراق و بقائه كدولة اتحادية. كما أن السياسة التي تتبعها حكومة إقليم كوردستان قد أصبحت السبب في إقامة علاقات جيدة مع جيران الإقليم يكون من شأنها السعي لاتخاذ إقليم كوردستان سببا و منطلقا لحل مشكلات دول الجوار و أفضل دليل على ذلك هو مساندة الإقليم لحل سلمي للقضية الكوردية في تركيا و بناء الحوار بين حزب العمال الكوردستاني و بين الحكومة التركية.... و رغم كون هذه القضية من أكثر المشكلات تعقيدا أو صعوبة إلا أن تفهم الحكومة التركية أحسن من الأطراف الأخرى للإستراتيجية السلمية التي يتبعها الإقليم ، و قد أوجد ، و لأول مرة في تاريخ تركيا المعاصر ، سياسة انفتاح تركية نحو المسألة الكوردية بطرق سلمية و عن طريق الحوار. و قد خطت هذه الخطوة ، و هي نتاج علاقات اقتصادية و تجارية و الطاقة بين إقليم كوردستان و بين تركيا ؛ نحو نتائج جيدة على المستويات السياسية و الدبلوماسية الملموسة ، هنا لو أمعنا النظر في السياسة اللوجستية لإقليم كوردستان و بالأخص في مجال النفط و الغاز لوجدنا أن سياسة النفط والغاز للحكومة الاتحادية قد استخدمت على الدوام طريقا لإيجاد المعضلات و المشكلات مع الجيران من جهة و قمع الشعوب العراقية من جهة أخرى. غير أن الأوضاع الآن قد تغيرت تماما و قد أصبحت المصادر الطبيعية التي كانت حتى الأمس مصدرا للتهديد و الدمار في المنطقة قد أصبحت اليوم سببا في استتباب الاستقرار و السلام فيها...

الرئيس التنفيذي لشركة Genel Energy لمجلة كولان: سيبلغ إنتاج نفط إقليم كوردستان 2 مليون برميل يوميا بحلول عام 2019
توني هيوارد الرئيس التنفيذي لشركة جنيل أنيرجي هو أحد الذين دخلوا لإقليم منذ بدايات عمل شركته فيه و قد تحدث للمجلة عن تجربته الشخصية في إقليم كوردستان : بودي أن أبدأ من تساؤل ملح : ترى لماذا يحظى إقليم كوردستان العراق بهذه الأهمية في صناعات النفط في عالم اليوم؟
و الجواب هو: يتوقع (وفق المسوحات التي أجراها الجيولوجيون و الباحثون) وجود (45-50) مليار برميل من النفط و زهاء (50-100) ترليون قدم مكعب من الغاز في هذا الإقليم يتطلب استخراجها و الأهم من ذلك أنّ ما يتم التوقف عنده هو وجود و تأمين أرضية ملائمة للاستقرار و الأمان فيه وهي عبارة عن سيادة القانون والشفافية في المقاولات والعطاءات أقل قدر ممكن من البيروقراطية في ذلك ,حيث قدمت حكومة الإقليم تسهيلات كبرى للقطاع الخاص .. لقد أنجزنا نحن خلال الأعوام 5-7 الماضية استثمارا كبيراً في إقليم كوردستان وبمنتهى النجاح, والمتوقع اليوم أن يصبح الإقليم احدى الجهات الرئيسية لتصدير النفط والغاز على مستوى العالم .. و تبلغ الطاقة الإنتاجية المالية للنفط (ويقصد عام 2012) (200-250)ألف برميل يومياً وسيبلغ هذا المستوى زهاء الـ (500) ألف برميل يومياً في عام 2014 وقد يصل إلى مليون برميل في عام 2015 وإلى(2) مليون برميل يوميا ً نهاية عام 2019 .. أما بالنسبة لإنتاج و استثمار الغاز فيه سيتمكن الإقليم بحلول عام 2019 من إنتاج وتصدير (10)مليارات قدم مكعب من الغاز سنوياً وقد حققت شركة جنيل أكبر استثمار في الإقليم لغاية العام 2012 و بلغ زهاء (3) مليارات دولار وتبلغ الطاقة الإنتاجية (2012) في حقل طق طق (100) ألف برميل من النفط يومياً ليصل إلى (200) ألف برميل في عام 2013 وفي حقول توكية بمعدل (100) ألف برميل حالياً ليرتفع إلى (200) ألف برميل يومياً في عام 2014 , وتفيد توقعاتنا بشأن إنتاج النفط في شركتنا أن يصل غاز الإقليم إلى الأسواق العالمية في عام 2015 والى ما يناهز (4) مليارات م3 في عام 2016 .. هنا بودي القول أنه رغم بعض التعقيدات السياسية في إقليم كوردستان إلا أن قادة الإقليم يعملون بكل جد وحماس لاستمرار استخراج هذا النفط و هو مرد تطور قطاع النفط في إقليم كوردستان بشكل مستمر ولابد من طريق سالك لإيصال هذه الملايين من البراميل إلى الأسواق العالمية .
السفير الأميركي السابق في العراق جامبيزفراكلين لمجلة كولان :
تطوير قطاع النفط والغاز في إقليم كوردستان ,هو لصالح العراق والمنطقة ,وحتى الولايات المتحدة الأميركية .
تحدث السفير فراكلين خلال مؤتمر الاقتصاد والطاقة عام 2012 في اسطنبول ,عن أهمية إقليم كوردستان بالقول: أتحدث اليوم بصفتي دبلوماسياً أميركياً سابقاً غير أنني أحاول ترتيب توجهاتي في وفق مواقف الولايات المتحدة آنذاك حيث تم تطوير قطاع الغاز والنفط وهو أمر جاء لصالح شعب إقليم كوردستان و عموم الشعب العراقي و ضمان استقرار المنطقة بصورة عامة , ولتركيا و الولايات المتحدة أيضا ما يضمن تعرض الشركات الاستثمارية العالمية لأدنى المخاطر في الإقليم و أعود و أتساءل لماذا اجتمعنا هنا جميعاً ؟ وبودي في ذلك أن أعود إلى تصريحات علي باباجان و تنريلماز واللذين أشارا بكل صراحة هناك اشتباك بين الاقتصاد و الطاقة و السياسية وهو تصور يصح بالنسبة لهذه المنطقة وللعالم أجمع .. و برأيي , واعتمادا على تجربتي العملية في هذه المنطقة لمدة (20) عاماً أقول : لم تشهد أية منطقة تحولات كالتي عاشها العراق و جواره سيما إقليم كوردستان ما يبين أهمية دراسة هذه المسألة من النواحي السياسية و الجيوستراتجية وحتى العسكرية والدبلوماسية ماضياً و حاضراً ومستقبلاً بالنسبة لتطور قطاعي الطاقة والاقتصاد , و الإشكال الأهم في كل ذلك هو أننا عندما نتحدث عن هذه المسألة , إنما نشعر بعدم وجود أي إتفاق بين حكومتي إقليم كوردستان و العراق الاتحادي بشأن سُبل تطور القطاعين فهي في بعض جوانبها مشكلات فنية , ولكن ذات طابع سياسي , وذلك لسببين هما أوجه الالتزام بأسس الدستور العراقي بصدد إيجاد سُبل عملية اكتشاف حقول جديدة في الإقليم و المحافظات العراقية الأخرى و تطوير قطاع الهدروكربونات وكيفية إيجاد رابط على خريطة الدستور بين حقوق السيادة و ملكية تلك الثروات للشعوب العراقية.
الجنرال جيمس جونر رئيس مركز برانت سكروكرافت في معهد آتلنتيك لمجلة كولان :
" عندما تزور أربيل تشعر بوجود حركة كبيرة لإعادة البناء "
في ملتقى نُظم في نيسان من عام 2013 للسيد وزير الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان في معهد "ترانس آتلنتيك" , تحدث الجنرال جونز عن إقليم كوردستان لدى تقديمه السيد الوزير قائلاً :
لقد كان لي الشرف ,قبل 22عاماً أن أشارك إلى جانب الجنرال جون كارندو و صديقي ديك نارب , في عملية توفير الملاذ الآمن في (شمال العراق) . و بودي هنا أن أتحدث نيابة عن صديقي أيضاً بأن مشاركتنا في تلك العملية كانت أكبر تجربة بالنسبة إلينا , والمشاركة العسكرية الوحيدة التي ارتحنا لها , فقد شاركنا حينها في أكبر مهمة إنسانية , وتعرفنا أيضاً على العديد من الشخصيات البارزة , التي لا تزال شخصيات متميزة في حياتي , مثل السيد الرئيس البارزاني , والسيد الرئيس الطالباني , وقد كانت جهود و كفاءة هاتين الشخصيتين السبب وراء انتعاش إقليم كوردستان , وصولاً إلى ما نراه اليوم ..فهذا الإقليم ليس فقط نموذجاً وضاءً في كونه مجتمعاً مستقراً و شبه مفتوح فحسب , بل وبسبب الحملة الاقتصادية التي بدأت فيه بحيث أصبحت هذه التطورات الاقتصادية وسيلة لسياسات الجيران والتفاعل معها وهي مسألة جد مطلوبة بالنسبة لهذه المنطقة .. لقد وقف إقليم كوردستان اليوم على قدميه كجزيرة سلام آمنة وسط منطقة مليئة بالتعقيدات و المشكلات .. ويحث الخطى ويتقدم و يجب أن يتقدم أكثر من ذلك مع خطوات ثابتة لبناء أسس اقتصادية راسخة . ويتوقع أن يصل الاحتياطي النفطي لإقليم كوردستان إلى 45 مليار برميل مع ( 3-6) ترليون م3 من الغاز الطبيعي وبلغت استثمارات عدد كبير من الشركات العالمية فيه مليارات الدولارات , ولا تتعجب أن نقول أن إقليم كوردستان هو آخر منطقة في العالم تتمتع بهذه الكميات الكبيرة من احتياطي النفط والغاز ، وشمل الاستثمار فيه معظم المجالات , فلو زرنا مدينة أربيل , وهي أمنية أدعوها لكم جميعاً , لوجدتم فيها و في سائر مناطق الإقليم حملة كبرى من إعادة الإعمار في شتى الميادين , و تجدون فيها عشرات الفنادق الحديثة و الطرق والجسور و المطاعم الفاخرة والمدارس التي شٌيدَتْ في سرعة قياسية , فهو في حركة دائبة بانتظام , فلم يكن لأحدٍ أنْ يتصور و حتى فترة قريبة , أن تتحقق علاقات مستقرة و دائمة بين تركيا وبين إقليم كوردستان , إلا أنّ ذلك قد تحقق في السنوات الأخيرة , وكانت حكومة الإقليم العامل الرئيس في حدوث الانفتاح السائد في تركيا إزاء القضية الكوردية , كما أنّ هذه الحالات من التقدم ,قد تسببت في وصول مصادر الطاقة في إقليم كوردستان إلى أسواق تركيا و أوربا .. وهو يماثل تحولاً جيوسياسياَ كبيراً و الأرجح أنه لايمكن حماية التقدم الذي يعيشه إقليم كوردستان اليوم دون تصميمنا على ذلك .
الرئيس التنفيذي لشركة MOL لمجلة كولان:
سنوظف1/6 من رؤوس أموالنا في إقليم كوردستان خلال السنوات الخمس القادمة .
سولت هيرنادي هو الرئيس التنفيذي لأكبر شركة هنكارية تعمل في مجال النفط والغاز في وسط وشرق أوربا وعلى مختلف المستويات و يوضح لنا هيرنادي في هذا الملتقى تطلع شركته لإسهام كبير في تنمية و إعمار الإقليم .
" هنا بودي أن أؤكد أن أعمال و نشاطات شركتنا لا تقتصر فقط على الاستثمار في وسط و شرق أوربا ,بل لدينا استثماراتنا في مشاريع كبرى بمنطقة الشرق الأوسط , فقصتنا مع إقليم كوردستان تبدأ منذ عام 2005 حيث مارسنا استثمارات كبرى في قطاعه النفطي – في مناطق آكرى و بجيل و شيخان و أكثر من ذلك تصميمنا على استثمارات أكبر فيه ويعود الدافع المشجع إلى ذلك إلى الأوضاع السائدة فيه ,فقد علمتنا تجربتنا في العمل الاستثماري على على القصير لأن مساعي تلك البلاد سوق تثمر إن كان زعماؤنا مصممين على ذلك وهي أستثمارات تعتبر دول شرق ووسط أوربا بأمّسٍِ الحاجة اليها والأمر يتطلب تهيئة الأرضية المناسبة لها كما وفرها الأقليم ما يجعل لدينا أن توجهاتنا فيه سائدة نحو استثمار 1/6 من رأسمال شركتنا الإجمالي في إقليم كوردستان خلال السنوات الخمس القادمة وقد تعهدنا بذلك لأنه يتراءى لنا مستقبل زاهر فيه كما أن التزام زعماء الاقليم بإعادة بناء وطنهم والشفافية الموجودة و الملموسة فيه هي أهم الأسباب التي تدعونا للاستمرار في الإقليم الذي ينوي زيادة إنتاجه من الهايدروكربونات إلى (10)أضعاف ما هو عليه الآن بحلول العقد القادم .ما يشجعنا لتوسيع استثماراتنا فيه و يتطلب تفاهماً مشتركاَ بين إقليم كوردستان وبين بغداد .. وبين الإقليم وتركيا أيضاً . فنحن بحاجة ليس فقط لإنتاج النفط والغاز فيه فحسب بل أيضا إلى إيصالهما إلى الأسواق العالمية , هذا فضلاً عن ضرورة تدريب و تأهيل السكان المحليين في هذا البلد ليتمكنوا من المشاركة في المشاريع و تحقيقاً لذلك فقد وقعنا اتفاقاً مع إقليم كوردستان لإرسال العاملين إلى هنكاريا و الدول الأخرى في وسط وشرق أوربا للتدريب وإكمال الدراسة فيها ,وسببنا و دافعنا في ذلك هو التزامنا بمستقبل إقليم كوردستان العراق.
د . آشتى هورامي في معهد ترانس آتلنتيك :
"نحن راغبون في سياسة نفطية واحدة في العراق مبنية على أساس الدستور "
تحدث د. آشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان في شهر نيسان من عام 2013 خلال منتدى إقامة المعهد عن سياسة حكومة الإقليم في مجال النفط والغاز وفيما يأتي إيجاز لبعض ملامح حديثه :
" السؤال الذي أطرحه هنا هو كيفية وصول مصادر النفط و الغاز هذه إلى أسواق العالم و بما يعود بالنفع على عموم الشعب العراقي و الأمر يتطلب أن نتعامل مع هذه المسألة بصراحة لأن هناك بعض الغموض فيها ..وتصورات أخرى حول ما يسمى " سياسة نفطية واحدة للعراق " تعتمد على الدستور العراقي و هي مسألة نحن متفقون جميعاً حولها .. بل هو مهمتنا وواجبنا الرئيسي, ولكن كيف السبيل إلى بدايتها و نهايتها , وإلا فنحن لم نتحدث إطلاقاً عن سياسة مختلفة وكل ما نطمح اليه هو أن يكون لنا سياسة عراقية واحدة ودستور واحد وبلد أو وطن واحد يحظى بإحترام كل العراقيين فالعراق هو بلد يتمتع بثروات طبيعية كبيرة , وقد استخدمت ايراداتهاولفترة طويلة لخدمة المشكلات و الصراعات الداخلية و إضطهاد الكورد و قمعهم ,حتى وصلت إلى ممارسة الإبادة الجماعية (الجينوسايد ضدهم فيما أصبحت اليوم , وفي ظل السياسة النفطية التي تتبعها حكومة إقليم كوردستان , مصدراً للإستقرار و الأمن المستقل الذي يضمن لنا إيصال النفط إلى أسواق العالم..كما أن تقديرات الطاقة في إقليم كوردستان آخذة في التوسع وبرأينا ان أهداف الطاقة و استخداماتها هي شيء واحد بالنسبة لحكومتي الإقليم و العراق الفدرالي وحتى الولايات المتحدة الأميركية وهي أن أولويتنا , تكمن في زيادة الإنتاج النفطي في عموم العراق إلى أعلى النسب والمستويات لنبني استقرارا في السوق النفطي لقد تمكنا في ظرف (5) سنوات فقط من بناء قطاع جديد للطاقة وهي مسألة بدأناها من الصفر وبمشاركة فاعلة مع شركات اميركية و أوربية ومستثمرين آخرين في مختلف أنحاء العالم ..ما يتطلب الإشادة بالإدارة الحكيمة لحكومة إقليم كوردستان التي تنوي تصدير النفط إلى الخارج خلال العام الحالي وبمعدل (200) ألف برميل يومياً على الأقل فضلاً عن كميات النفط التي يجب استخراجها للاستعمالات المحلية ما يضيف زهاء (8) مليارات دولار إلى الموازنة العراقية وبما يساوي تقريباً الحصة التي تُرسَل إلى إقليم كوردستان من الموازنة الفدرالية , و تتواصل جهودنا لإيصال نسبة إنتاجنا إلى مليون برميل يومياً في عام 2015 و زهاء مليوني برميل يومياً في عام 2019 , ونتطلع إلى تصدير النفط إلى الخارج , ليس من الإقليم فحسب , بل و من المحافظات المجاورة أيضاً و هذه مسألة تحتاج إلى تأمين بُنى حقيقية للتصدير لأن الشائع أن صادرات النفط من ( شمال العراق )إلى الأسواق العالمية , ستصل إلى (3) ملايين برميل يومياً في عام 2019 , و هي أيضاً مسألة تحتاج إلى إنشاء أنابيب جديدة لتجاوز مشكلات التصدير , وكلنا أمل أن يتحقق تفاهم سياسي ونتمكن من معالجة مشكلاتنا قبل إكمال هذا الخط الناقل ..حكومة إقليم كوردستان مقتنعة تماماً بأنّ النفط هو ملك جميع العراقيين وهي قضية نحن ملتزمون بها , ونطمح أن ْ نكون جزءاً من عراق ديمقراطي وفدرالي , وأنْ تكون السياسة النفطية للبلاد لا مركزية , وأن تكون إيرادات النفط لكل العراقيين , وأن نراعي مأساة السياسة النفطية المركزية ، لأن اللامركزية هي سبب رئيس لبناء علاقات جيدة مع جيراننا وسيصبح أنبوب تصدير النفط إلى الخارج سبباً أساسياً لإنعاش الإقليم وتجاوز معضلاته والمشكلات الداخلية بصورة عامة .. و في ذلك فقد منح الدستور العراقي ، وبشكل جيد و عملي ، إقليم كوردستان الحق في إدارة مصادره الطبيعية ، والأهم ألا يحتكر استخراج النفط و إيصال الطاقة العراقية إلى الأسواق العالمية، على أيّ مكون عراقي ، سواء أكان من الحكومة العراقية الاتحادية أم حكومات الإقاليم . وعليها الالتزام بالنظام الفدرالي ,الذي تأسس وفق بنود الدستور العراقي الدائم ،كما أن حكومة إقليم كوردستان واثقة من أنّ سياسة الطاقة التي تتبعها هي سبب في بقاء العراق موحداً ، وربط الموزاييك الذي يستدعيه الدستور العراقي , والذي هو- وليس المركزية – الضمانة الوحيدة لبقاء العراق موحداً , ونحن واثقون أيضاً في أنّ الاستقرار الدائم في العراق , سيكون توجهاً تشارك فيه أنقرة أيضاً .. فقد تباحثنا معهم حول هذه المسألة و هذا ما منحنا الثقة بأن ّ هذا هو الطريق الذي نبتغيه للوصول إلى الهدف الذي نتطلع إليه من وراء هذا التعاون .

ترجمة/ دارا صديق نورجان
Top