الأولويات الوطنية ووحدة صف الأطراف السياسية و الأدارة الكوردية
ولو رجعنا إنطلاقاً من هذه الحقيقة الى تأريخ قريب و ليس بعيد، فإن أفضل عبرة نتعلمها من التأريخ هي مآسي ما بعد جرائم الأنفال والقصف الكيمياوي ومن ثم الأنتفاضة والهجرة المليونية، و يستقى لنا التأريخ من كل تلك الأحداث، أن وحدة الأرادة الكوردية والبيت الكوردي قد تولدت وأنطلقت من رحم مآسي القصف الكيمياوي والأنفال وتجلياتها من أرادة الأنتفاضة و تحرير كركوك، قلب كوردستان، و عموم المناطق الكوردستانية خارج إدارة الأقليم.. ولوكانت أرادتنا قد توحدت وأستقرت وحدة البيت الكوردي فإن، المشهود أن روح المقاومة والصمود قد ولدت في أحضان كارثة الهجرة المليونية..
وأن الفرصة التأريخية لهذا الشعب قد توفرت بصدور قرار مجلس الأمن الدولي 688 و تأمين الملاذ الآمن للكورد.. ولأن الأرادة الموحدة للكورد في ذلك الملاذ قد نجمت عن فرصة أجراء الأنتخابات وتأسيس برلمان كوردستان العراق و حكومة أقليم كوردستان والتجربة الديمقراطية الراهنة التي تعتبر منقطعة النظير على مستوى المنطقة ،هنا قد يعتبر البعض هذا التوجه نوعاً من المديح في أننا نعني بهذا التعبير المكتسبات التي حققتها حكومة الأقليم، إلا أن الهدف من هذا التقرير هو أكبر من هذا المعنى سواء كان المقصود الحكومة أم الأحزاب الحاكمة حتى، بل ينتقل الى مستوى اوسع وأرفع يشمل أطاره كل عملية الحكم، و منظمات المجتمع المدني وأقتصاد السوق أيضا والتي تجتمع في عمومها ضمن الفضاء العام للديمقراطية وبالأمكان أنتقادها وأتخاذ الموقف منها بكل حرية أي أن للمكتسب في بحثنا هذا معنى آخر وهو الحرية التي تحققت اليوم والتي هي حصيلة سهر كل فرد كوردستاني و تضحياته والتي تصبح مهمة رئيسة تقع على عاتق كل الأفراد و مسؤولية جميع الأحزاب السياسية الكوردستانية أيضا.. لذا نرى أنه من المهم بالنسبة الينا، عندما نتحدث عن راهن الأوضاع في أقليم كوردستان والأحتمالات المستقبلية، أن تنشر آراء عموم الأحزاب والأطراف السياسية والمثقفين والأدباء والكتاب في كوردستان مرفقة بأنتقاداتهم و ملاحظاتهم على طريق مواجهتنا جميعا، وعلى أختلاف أهدافنا و توجهاتنا ، لكل الأحتمالات ما يحتم علينا أن نسعى معاً بوحدة صفوفنا وتوحدنا، لإفشال المخاوف والأنتفاع معاً من الفرص المختلفة، لذا فإن أختلاف توجهاتنا في هذا الأطار سيصبح علامة و دليلاً على حيوية تجربتنا الديمقراطية وأتخاذ خطوات أكبر نحو الوصول الى غايتنا الأخيرة وهي حماية هذه الحرية، ومن هذا المنطلق أيضا فقد رحب رئيس أقليم كوردستان بمقترح أطراف المعارضة الثلاثة على طريق معالجة المشكلات الداخلية، بلغة الحوار و التفاهم و تعزيز وحدة صف البيت الكوردستاني، عن هذا الأجتماع الرباعي تحدث السيد محمد حاج محمود سكرتير الحزب الأشتراكي الديمقراطي الكوردستاني عن أنفتاح الرئيس البارزاني وذلك في لقاء مع مجلة كولان وقال: إن الأجتماعات الأخيرة بين الرئيس البارزاني وبين أطراف المعارضة الثلاثة، وبعد الأستعداد الذي أبدته المعارضة في وحدة موقفها أزاء العراق والمنطقة، كانت في الواقع خطوة جيدة وقد قبل رئيس الأقليم هذا الموضوع بكل جدية وأعقب ذلك بيوم واحد أجتماع مشترك للمكتبين السياسيين للحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني و تقرر فيه التقاء و زيارة وفد مشترك من المكتبين السياسين لأطراف المعارضة و أرى أن ذلك قد أخذ اجتماع الرئيس البارزاني مع المعارضة بجدية و مسؤولية ، وأكد سكرتير الحزب الأشتراكي الديمقراطي الكوردستاني في حديثه لمجلة كولان : إنه ليست هناك مشكلة لا يمكن حلها عن طريق الحوار والتفاوض ما يعني إمكانية معالجة اية مشكلة قائمة بين المعارضة والسلطة وقال: لقد تم حل الجانب الأكبر من تداعيات الحربين العالميتين الأولى والثانية عن طريق التفاوض وكذلك الحرب العراقية الأيرانية ثم أن قسماً من القتال بين الشعب الكوردي وبين الأنظمة العراقية قد تم حلها عبر التأريخ بهذه الطريقة أيضا.. نعم نحن نتحاور حتى مع اعداء الكورد ولا ضير في أن يعيد الكورد بيته عن طريق الحوار.. فقد أنتهت عموم الخلافات التي سادت العلاقة بين المعارضة وبين السلطة الى غير نتيجة عندما حاول الطرفان حسمها عن طريق المواجهة أو العنف وبلكل الوسائل والطرق وكان أن أبدت المعارضة في الأونة الأخيرة أستعدادها للمعالجة وأتخاذ الموقف الوطني الموحد سيما مواقفها التي توافقت مع سائر الأطراف السياسية الكوردستانية أزاء قضية كركوك والخلاف مع بغداد وكان موقفاً جيداً و تابع رئيس أقليم كوردستان موقفهم وأتخذ خطوات جدية في هذا المنحى وأعود وأكرر أنه يمكن حل كل الخلافات عن طريق الحوار رغم بعض الشروط التي قدمتها المعارضة مؤخرا..
ثم يتحدث السيد محمد حاج محمود عن مقترحات المعارضة والتي رأت ان على السلطة تلبيتها ويقول: من المهم أن ينتفع من كل المقترحات ويمكن تنفيذها غير أن لكل حزب سياسي شارك في الأنتخابات برنامجه الخاص وأولويته هي تنفيذ ذلك البرنامج وأضاف: قد تكون بعض الأشياء مجرد مزايدة سياسية وإلا فإن كل الأحزاب قد شاركت في الأنتخابات و شكلت الجهة التي فازت فيها الحكومة ولها أيضاَ برنامجها ما يجعلني أرى أنه قد تدرجها الجهة الفائزة اقتراحك إذا ما أستحسنته وللجهة الفائزة أن تنفذ برنامج وهنا بإمكان الأطراف المعارضة ذات النهج المتقارب (وبالأخص حركة كوران و وهي قوة متقاربة مع السلطة من حيث المقاعد التي فازت بها) أن توفق توجهاتها وقد لا تكون بقية الأحزاب بهذا الشكل ما يعني أن (كوران) هي أكثر الأحزاب المعارضة الثلاثة تقارباً- من حيث المقاعد- مع حزبي السلطة الرئيسيين...
"مشاركة المعارضة في الحكومة شرط صعب لا يمكن تنفيذه."
يعتبر طرف المعارضة مقترح البارتي والأتحاد للمشاركة في الحكم بإنه شرط صعب.. وتحدث السيد قادر عزيز سكرتير حزب آيندة(مستقبل) كوردستان والذي أعلن حزبه ضمن المعارضة ولم نر منه أي ظهور مع أطراف المعارضة الثلاثة الأخرى، تحدث لمجلة كولان وقال: إن المقترح الذي قدمه الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني لأطراف المعارضة تلك هو شرط تعجيزي فهو يعني أن الحكومة تنوي أسترداد حق المعارضة من تلك الأحزاب و جعلها قسماً من السلطة ، لذا فإن الحكومة الحالية لا تحتاج الى مشاركة المعارضة بعدد من الوزراء في السلطة وقال:
نحن كحزب(آيندة) كوردستان حزب معارض و نعمل بصورة مشتركة مع المعارضة في البرلمان غير أننا قد أنسحبنا الآن من اللجنة المشتركة التي كانت موجودة قبل أنتظامنا في المعارضة، ما يبرر عدم ظهورنا في معظم الحالات في الأجتماعات الرفيعة للأحزاب الثلاثة ثم تعلممون أنتم بالتعقيدات السائدة في المنطقة وتواجهها أحتمالات سيما لما بعد(سقوط) نظام بشار الأسد المرتقب من قبل كل الأطراف كما أن العراق يواجه هو الآخر الأحتمال الذي نرجو ألا يحدث وهو الحرب الطائفية والتقسيم لذا فإن هناك أحتمالاً ملحوظاً في توجه العراق نحو هذا المسار إذا ما رفضت حكومة المالكي تنفيذ مطاليب المتظاهرين السنة، وعلى الكورد قبل أي طرف آخر أن يستعد لتلك الأحتمالات لأن للعراق و سوريا علاقة مباشرة بنا فما زلنا جزءا من تلكما الدولتين والأجدى أن نسعى لألا تصيبنا شرارة تلك التوجهات والمشكلات الى جانب أستغلال و توظيف التحولات لصالحنا ويتم ذلك بإن نستعد، نحن الكورد وأقليم كوردستان لتلك الأحتمالات من موقع القوة و ذلك بتقوية و تعزيز عاملنا الذاتي أي أعادة تنظيم البيت الكوردي بشكل حقيقي وعلى أسس من الديمقراطية و تحديد الحقوق والواجبات و سيادة القانون و حماية حقوقنا جميعاً في اقليم كوردستان لنشارك في وحدة موقفه و خطابه السياسي و يتم ذلك بأجراء أصلاحات جذرية و حقيقية و ذلك لأنهاء اللامساواة والتمييز وأي مظهر للفساد في كوردستان أي كون حكم الأحزاب فوق الحكومة والبرلمان هذا إذا ما أردنا ذلك جميعاً و تحملنا مسؤوليتنا فيه وبالأخص حزبي السلطة لأن السلطة هي، وقبل كل شئ، مسؤولية أزاء مكتسبات أقليم كوردستان و مستقبله وأرى أنه لا تزال هناك مساع بين السلطة والأحزاب المعارضة الثلاثة في أن نعتبر معاً الأصلاح أستحقاقاً مرحلياً وليس في أطار المشكلات والخلافات.. فتغدو المهمة في هذه الحالة واجباًً عاماً و شاملاً لكل الأطراف وبالأمكان أن نتعاون جميعاًً في إنجاح العملية) إلا أن ما يتطلب الوقوف والتأمل أزاءه هو أن أطراف المعارضة تعتقد أن المشاركة هي ليست من واجب المعارضة بل أن تقترح فقط وتقوم السلطة بالتنفيذ ويرى سكرتير حزب(آيندة) كوردستان هذه المسألة في أن(الأجتماعات التي تنعقد) الآن بين المعارضة والسلطة هي ليست أنفتاحاً بل كانت بمبادرة من العارضة إلا أن رد الحزبين الديمقراطي والأتحاد) لم يكن مشجعا منذ الخطوة الأولى لأنهما قد وضعاً شرطاً مسبقا لأجراء الأصلاحات وهو مشاركة المعارضة في حكومة ذات قاعدة عريضة وهو شرط تعجيزي لعدم توفر مثل هذه الثقة بين الجانبين في الوقت الراهن بل أن المشاركة فيها تعني نهاية المعارضة(أي استرداد حق المعارضة ولا ندري بعد ذلك هل أن الحكومة تجري الأصلاحات أم لا). لأنها مسألة غير مضمونة لأنهما يحتاجان فقط إلى تعاون المعارضة والأطراف الأخرى إذا ما أراد أجراء الأصلاحات وليس الى مشاركتها.. فلدينا حكومة متكاملة وبإمكانها وحدها أن تجري أصلاحات وهو طريق سالك و مطلب جميع الأطراف ولم يمنعهما أحد من تحقيقها.. غير أن الشرط الذي وضعاها أمام المعارضة إنما يعني عدم نيتهما في إجراء الأصلاحات ولو كانت هناك إرادة لأجرائها فإن الأمر لا يتطلب أية شروط و بإمكان البارتي والأتحاد طلب مساندة المعارضة فحسب لتحقيق الأصلاح..
(المقاييس الديمقراطية كأساس للعلاقة والتعاون بين الأطراف السياسية)، هناك في النظام الديمقراطي مجموعة معايير يتم تنظيم النظام الحزبي على أساسها لذا فإن على الأحزاب السياسية، إن كانت معارضة أم في السلطة، قبول شرعية ذلك النظام السياسي وأحترام نتائج الأنتخابات والتي صنفت بعض الأحزاب كسلطة حكم والبعض الآخر معارضة لذا فإن الواجب الأهم للحزب السياسي، إن كان في المعارضة أم الحكم هو حماية النظام الديمقراطي وأن تكون المعايير التي تنظم اللعبة السياسية و العلاقة بينهما هي الأسس القياسية التي تم تشكيل النظام الديمقراطي بموجبها ومن حق حزب السلطة ، في هذا الأطار ، أن ينفذ خلال دورتين أنتخابيتين البرنامج الذي نال الأصوات بموجبه ومن حق المعارضة أيضا أن تنتقد تنفيذ ذلك البرنامج أو يبدي موقفه أزاء التنفيذ:
إلا أن الخروج عن تلك الأسس و رفض برنامج طرف السلطة والتأكيد على ضرورة أن تنفذ السلطة برنامج المعارضة و تتخلى عن برنامجها هي فإن ذلك هو ظاهرة غريبة عن الديمقراطية الليبرالية والتي ربما تظهر في وقتنا الراهن فقط في بعض النماذج الديقراطية التي تظهر الآن في بعض دول أمريكا اللاتينية، وهو نهج غايته أنهاء المؤسسات و تسفيه الشرعية السياسية التي منحها المواطنون لنظامهم السياسي عبر صناديق الأقتراع و ليست خطوة مسؤولة نحو حكم مؤسساتي و تحديد السلطات...
إن هذا التفكير الذي يقودنا نحو النماذج البوليسية لتلك الدول مثل(البيرو و بوليفيا) إنما ينطلق من خلفية فكر راديكالي وهو بالنسبة اليهم الخلفية الفكرية اليسارية و بالنسبة للشرق الأوسط و أقليم كوردستان هي اليسارية والأسلامية، وقد يتساءل البعض : ألا يجوز أن يكون للفكر اليساري أو الأسلامي و جود ضمن النظام الديمقراطي أو بمعنى آخر ألا تسمح الديمقراطية بوجود مثل هذه الأفكار و التصورات؟ وردا على ذلك نقول : بالأمكان أن يتولى حزب أسلامي أو ذو خلفية أسلامية مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا مقاليد السلطة و لكن شرط أن لا تتخذ تلك الفكرة خطواتها نحو رفض النظام الديقمراطي... أن هناك العديد من الأحزاب اليسارية في النماذج الليبرالية الديمقراطية في أوربا الغربية وتشارك في برلماناتها أيضا إلا أنها لا ترفض النظام السياسي فيما نرى، في دول أمريكا اللاتينية أن هذه الخلفية الفكرية ترفض بالكامل عموم الأنظمة الديمقراطية والمؤسساتية وتسعى لتحويل عموم البيئة المفتوحة للنظام الديقمراطي إلى أداة لهدم ذلك النظام.. لذا فإن خلط هذه الخلفية في أي بلد مع المشكلات السياسية إنما يتسبب في تعكير الأستقرار السياسي فيه الى مدى كبير و أجهاض الأرضية المناسبة للأصلاح وأجراء الأستفتاء.. ولو نظرنا من هذا المنظور الى حديث السيد قادر عزيز سكرتير حزب(آيندة كوردستان) الوارد ضمن هذا التقرير لوجدنا أنهم عندما ينتقدون الحكومة والسلطة إنما ينوهون فقط إلى أن الحكم السائد هو حزبي و يجب تغييره نحو المؤسساتية و سيادة القانون إلا أن الحكومة عندما تدعوهم للمشاركة في الحكم: لنجري الأصلاحات التي نراها و نتوخاها معاً إنما يعتبر سكرتير(آيندة كوردستان) ذلك شرطا تعجيزياً و يرى أن لدى البارتي والأتحاد حكومة كاملة ولا تحتاج الى مشاركة المعارضة!!
و نتساءل ثانية : هل أن الحكومة الحالية هي نظام حزبي أم أن بإمكانها حث الخطى لأجراء الأصلاحات ؟ وإذا ماكانت الحكومة حزبية ولا وجود للقانون في هذا البلد كما أشار اليه، فكيف تكون الحكومة الراهنة متكاملة ولا تحتاج الى مشاركة المعارضة !؟ إن الرد على هذا التساؤل يشكل نوعاً من عدم التوافق والتناظر في العلاقة والتفاهم بين السلطة والمعارضة وذلك لأن الأمر يتطلب إما أن ينتظروا هم تنفيذ الحكومة لبرنامجها وأن يشاركواهم(المعارضة) في تنفيذ مقترحاتها للأصلاح هذا في حين أعلن طرفا السلطة، البارتي والاتحاد و بكل صراحة أنه ليس لديهما خط أحمر على أية مسالة و مستعدان لمناقشة كل المسائل...
عن هذا الجانب تحدث السيد روميو هكاري سكرتير حزب بيت نهرين الديمقراطي لمجلة كولان قائلاً(لا يمكن أن نتحدث عن ديمقراطيتنا و نجري مزايدتنا بشأنها وعن تجربتنا الديمقراطية فحسب و يكون أداؤنا الفعلي ضد الديمقراطية أو نكون نحن أناساً غير ديمقراطيين، فلقد أتخذت التجربة الديمقراطية الراهنة في أقليم كوردستان، و بشهادة الأصدقاء والأعداء، نهجها و سارت في تقدم و تطور، أي أن علينا جميعاً أن نرسخ و نعزز هذه التجربة فنرى مثلاً أن أسماء أكثرية الأحزاب السياسية الكوردستانية تحمل كلمة الديمقراطية أو معانيها، ما يحتم عليهاً أن تسمو بمستوى أدائها لممارسة الديمقراطية، و تقول الحقيقة أن غالبية الأحزاب السياسية هي ديمقراطية لأننا نلاحظ فرقاً شاسعاً إذا ما قارنا الديمقراطية السائدة في أقليم كوردستان مع سائر المناطق العراقية والمجاورة الأخرى.. فالرأي أن التزامنا بعناصر و مفاهيم الديمقراطية إنما يعزز من موقعنا و يحمينا و يؤمن لنا مواجهة أية هجمات خارجية موحدين كلمة و موقفاً أزاء ما ينصب من مكائد ضد تجربتنا الديمقراطية هذه.. لذا أرى أن من المهم أن تكون أولوياتنا الوطنية الخطوة الأولى في مسيرتنا.
حيث نرى اصرار و تصميم جميع القوى السياسية على الساحة الكوردستانية على أن تكون المسائل المصيرية والوطنية في مقدمة برامجها وأعمالها و سياساتها ومن ثم ملاحظة المسائل السياسية لاحقاً، فمتى ما تم لنا إبعاد المخاوف والتهديدات على أقليم كوردستان، عندها فقط يكون بالأمكان الخوض في المسائل الحزبية ولا أقصد بذلك الحزبية الضيقة والتقليدية، والحقيقة هنا هي إننا، في مرحلتنا الراهنة خلال عام 2013، نختلف كثيرا عن أعوام تسعينيات القرن الماضي والتي تجاوزناها بعد الأنتفاضة فكل القوى والأطراف السياسية الكوردستانية هي اليوم مصممة على حماية الجانب الوطني والكوردستاني أولا ومن ثم الحديث عن المسائل الحزبية لاحقا.
(وحدة الصفوف والأولويات الوطنية).
في هذه المرحلة، وفضلاً عن كون أقليم كوردستان جزءاً من الجغرافيا التي شملتها التحولات ، فإن له عدة مشكلات مع حكومة بغداد.. و يحدثنا السيد محمد حاج محمود عن مخاطر هذه المرحلة بقوله:
لأننا لسنا مستقلين؛ فإننا معرضون للتهديد و يعتبرك الطرف المقابل جزءا منه، ويلاحظ من الأحاديث والتنويهات اليومية للمسؤولين العراقيين التأكيد على وحدة الأراضي العراقية، اي يجب أن نكون نحن أيضا جزءا من العراق ما يجعلنا نعجز أحياناً ولا نتمكن من الأعلان والقول بإننا نحن أيضا لدينا حقنا، كأمة في الأستقلال، وهي أمور تحتم علينا أن نوحد صفوفنا لأن الكورد هو عامل قوي و مهم في المنطقة، فلو لم يكن كذلك لما تراجعت المحاولات الأخيرة لبغداد، وقد لا يعتبرون ذلك القرار تراجعاً منهم وبالأخص بعد تحريك الجيش، وذلك ماله علاقة بقوة الكورد في المنطقة، فنرى مثلاً أن أردوغان وهو رئيس لحكومة ذات (80) مليوناً ورؤساء الجمهورية والبرلمان والسلطة القضائية هم جميعاً من حزبه، ماالذي يدفعه مع ذلك لأجراء مفاوضات في سجن إيمرالي مع أوجلان أي ان ذلك الكوردي هو عامل قوي وماالذي يجعله، أن يسعى لتسليم أدارة المناطق الكوردية في سوريا الى الكورد أنفسهم ما يعني أن الكورد هم عامل قوي ليس في أقليم كوردستان والعراق فحسب بل وفي الشرق الأوسط أيضا فهو يشكل توازناً بين القوى الكبرى، بين الشيعة والسنة، بين الولايات المتحدة وإيران الأسلامية، بين تركيا وقطر والسعودية، أما بالنسبة للعراق فإنني أرى معطيات الحرب العالمية الأولى ومعاهدة سايكس بيكو وتداعياتها و تقسيم العالم بين الحلفاء والمحور قد أطلقت على ولايات بغداد والبصرة والموصل أسم العراق و نجمت أيضا عن معركة ساحة سراي السليمانية والأنتفاضة هناك في ثلاثينيات القرن الماضي... أي أن هذا العراق هو ليس بلداً قديم التكون والتشكيل بل أنه قد ألحق الكورد بالعراق رعاية للمصالحة البريطانية وبالأخص بالنسبة للنفط الذي شعروا بوجوده منذ ذلك الحين في أراضي كوردستان، يومها لم يشارك الشيعة في الأنتخابات وتشكيل الحكومة بإدعاء ان الأنكليز قد تدخلوا في هذا الموضوع وبالتالي تولى السنة الحكم ولم تنفذ الوعود التي منحت للكورد في عصبة الأمم بتولى الكورد ولاية الموصل.. وبقى العراق يعاني من هذا الألحاق القسري لغاية عام 2003 ، و لكن بعد سقوط النظام السابق و تحرير الكورد من مآسيه ربما تكون قد فاتت الكورد بعض التوجهات لأنهم كانوا يشعرون آنذاك(أي الكورد) بإن الأمور قد سادت لهم بعد سقوط النظام وأصبحوا سادة أمورهم وكان لدى الكورد أسلحتهم وقوتهم (بيشمه ركة) بإمكانهم فعل أي شئ في حين أنه لم يبق لدى العراق أي جندي و سلاح.. غير أن الكورد قد ساعدوا الأطراف الأخرى وأعادوا بناء العراق وتم بعد ذلك وضع الدستور المؤقت الذي فرض على الكورد جملة مستجدات وتمت تسمية قسم كبير من كوردستان ب(المناطق المتنازع عليها) وقد كنا ضد هذه المستجدات لأن من حق الطرف الآخر، في هذه الحالة المطالبة بتلك المناطق أيضا ويومها فقد رضي الشيعة وقبلوا بإن يكون لهم أقليم و يشاركوا في الحكم في بغداد.. وبعد التحولات التي شهدتها المنطقة، والتي أعتبرها خريفا لا ربيعاً عربيا، ثم بدأت الخلافات بين الشيعة والسنة في العراق وتمكن الشيعة من الأستيلاء على بغداد أيضا، فضلاً عن الجنوب وعندها تراجعوا عن الفدرالية وتشكيل الأقاليم و جملة من المسائل الأخرى ثم أستجدت مشكلة الخلاف بين المالكي والهاشمي ما جعل الحكومة العراقية تفكر عندها في تحريك الجيش أزاء كوردستان والذي بين أنك مازلت تحت التهديد ثم تم تشكيل الحكومة العراقية بعد(9) أشهر من اجراء الأنتخابات في عام 2009 وذلك بالتوافق عقب اجتماع وأتفاق أربيل..
أي أنه تم تنصيب و تعين رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة بالتوافق و دون الألتزام بالدستور.. كما أن رئيس الوزراء لم يتول هذا المنصب بقوته و كفاءته لا بل أنه قد عمد إلى تعيين قادة الفرق العسكرية بالوكالة دون أن يؤدوا اليمين القانونية أمام مجلس النواب ليعينهم فيما بعد قادة أصليين لتلك الفرق.. كما أن تشكيل قوات أو عمليات دجلة كان هو الآخر أحد مدارات الحديث فقد كانت البداية معها (إبعاد) قوات البيشمه ركة من مناطق جلولاء والسعدية و قرتبة و تقدم الفرقة العسكرية الـ( 12) المختلف على مرابطتها، ثم أستجدت أحدث عين زاله و سنجار، وقد تستجد لاحقاً المسائل المالية و مواضيع البيشمه ركه والنفط والغاز وهي مسائل لا يمكن حلها بهذه السهولة..
غفور مخموري لمجلة كولان: وحدتنا هي الضمانة لتحقيق استقلال كوردستان
أن منطقة الشرق الأوسط عموماً هي في وضع حساس جداً أو مجموعة من الأحتمالات والمستجدات المهمة ما يحتم علينا جميعاً أن نفكر في مصلحتنا القومية و نستعد لمواجهتها والتعامل معها. ولتحقيق ذلك فإن العمل على أتحاد الكورد ووحدة صفوفهم لنبرهن وجودنا الفعلي في المنطقة، و نحقق طموحاتنا وأهدافنا المشروعة في المستقبل القريب، والعامل الأهم لذلك هو وحدة صفوفنا و خطابنا، لا شك في أن اليوم هو عصر الأنعتاق والتحرر للقوميات المضطهدة من نير الأحتلال والدكتاتورية فقد هيأ تفكك الأتحاد السوفيتي في القرن الماضي الفرصة السانحة لمجموعة من الشعوب المحتلة للتحرر وأعلان أستقلالها وتمتلك دولها القومية.. و ستكون لثورات الشعوب والدول العربية وأنتفاضتها في القرن الحالي ضد الظلم والتمييز والدكتاتورية والتي بدأت من شمال افريقيا ووصلت الى مشارف هذه المنطقة ولا تزال مستمرة، سيكون لها تاثيرها على المسيرة النضالية ولا تزال مستمرة، ستكون لها تأثيرها على المسيرة النضالية للأمم المحتلة، و بإمكان الحركة التحررية الوطنية الكوردستانية أن تستفيد ، على مستوى كوردستان الكبرى. من هذه الفرص والتحولات و تخطو وفق برنامج عمل قومي و وطني عصري نحو تحرر كوردستان وأستقلالها و لتحقيق ذلك فإن أنعقاد مؤتمر قومي شامل لعموم القوى والأطراف السياسية في سائر أجزاء كوردستان لأعداد الكورد على المستوى القومي و صياغة ستراتيجية قومية للحركة التحررية الوطنية الكوردستانية، إنما هو أحدى المهمات والواجبات الآنية والسريعة في المرحلة النضالية للكورد و يجب أن يصار الى صياغة ستراتيجية قومية موحدة، و بمراعاة خصوصية كل جزء من كوردستان، للمرحلة النضالية القادمة لشعب كوردستان وأتخاذها منهاج عمل لسائر الأطراف، كما أن تأخير هذا المنهاج القومي سيلحق أفدح ضرر بالقضية المشروعة لشعب كوردستان، ما يحتم عدم تأخيره كما أن أنعقاد هذا المؤتمر هو خطوة نحو أستقلال كوردستان، و لتحقيق ذلك فإن بأمكاننا جعل تجربة جنوب كوردستان نقطة تحول نحو تحقيق حلمنا القومي في الاستقلال.. كما أن الظروف مناسبة الأن والى درجة جيدة ذلك لأن جنوب كوردستان يخطو بأستمرار نحو التطور والتقدم السياسي والدبلوماسي والأقتصادي وعملية إعادة البناء والأعمار والتنمية وهي مبعث أمل وتفاؤل وعلينا جميعاً أن نتعاون في عملية أعمار جنوب كوردستان وتقدمها في عموم المجالات و يتطلب ذلك أجراء أصلاحات جذرية منذ الآن وأتباع المؤسساتية في أسلوب الأدارة و مراعاة العدالة الأجتماعية وقطع دابر الفساد وإيلاء أهتمام كامل بالشبيبة والطلبة والنساء والأشخاص الخبراء والمختصين و يصبح كل ذلك عاملاً بناء لزيادة فاعلية وتطور مؤسسات حكومة أقليم كوردستان واساساً راسخاً لبناء دولتنا القومية.. ومما لاشك فيه أن أقليم كوردستان قد اصبح اليوم رقماً قوياً و صعباً ضمن المشكلات السياسية في الشرق الأوسط وينال أهتمام العديد من الأطراف ماحدا بالعديد من الدول لفتح قنصلياتها و ممثلياتها فيه وهناك الكثير مما تسير بهذا الأتجاه وتسعى جاهدة لأقامة علاقات جيدة مع الأقليم لأنها توصلت الى قناعة بإن لأقليم كوردستان مستقبلاً مشرقاً و يسير نحو بناء دولته لذا فإن علينا جميعاً أن نراعى هذا الوضع القائم فيه و محاولة جلب أنتباه وأهتمام المجتمع المدني وأصحاب القرار بشكل أوفر الى قضيتنا وتأمين مصالح تلك الدول والشركات الكبرى في الأقليم ضماناً لحمايتهم لنا حفاظاً على مصالحهم الذاتية ورغم ذلك التقدم فإنه لا تزال هناك جملة مخاطر على جنوب كوردستان علينا جميعاً مواجهتها ما يتطلب إعادة تنظيم وتوحيد البيت الكوردي والوسط السياسي وتعاملاُ سلمياً و صحياً مع القوى والأطراف السياسية الكوردستانية و وحدة مواقف تلك الأطراف أزاء المسائل القومية والوطنية وبالأخص في هذه المرحة المصيرية والحساسة...
على جميع الأطراف الدفاع عن مكتسبات جنوب كوردستان الذي غدا موطن امل عموم الكورد وأعتباره خطوة ثابتة نحو تأسيس كيان قومي لأن مصيرنا جميعاً هو مرتبط بهذه التجربة ما يعني ان معاداتها هي محاربة لمستقبلنا وخطورة كبرى على أمن الشعب الكوردي و مستقبله.. صحيح أن لدينا جميعاً ملاحظاتنا حول أسلوب أدارة أقليم كوردستان، وهو أمر طبيعي، لانه لیس هناك أی نظام فی كل العالم لا يسجل عليه أية ملاحظات لذا فإن على جميع الأطراف طرح ملاحظاتهم وأنتقاداتهم بصورة عصرية و حضارية لتحسين أدارة البلاد.
فالملاحظ أن الحاقدين مازالوا يبذلون محاولاتهم لأضعاف موقع أقليم كوردستان وايجاد مشكلات مختلفة له بأستمرار أي أن المخاطر لا تزال تحيط بنا و نعيش في وضع حساس لأننا لم نتجاوز بعد مرحلة التحرر الوطني وتسير التهديدات الحالية للحكومة العراقية في ذات الأطار. فالعراق يخطو بممارساته هذه نحو التفرد والدكتاتورية سوف يقف ضد الكورد متى ما قويت شكيمته على غرار الحكومات العراقية السابقة ولنا في ذلك ، نحن الكورد، تجربة مرة مع تلك الحكومات، والتي كانت تلجأ إلى الكورد متى ما شعرت بالضعف وتجري مفاوضات معهم و تقف بالضد منهم متى ما شعرت بالقوة والأقتدار وكان ذلك دأبها بأستمرار..
فقد أبدى عبدالكريم قاسم نوعاً من المرونة خلال الأعوام 1958- 1961 إلا أنه تراجع عن وعوده لاحقاً وكان أن أندلعت بمواجهة ذلك ثورة أيلول 1961 بزعامة الجنرال مصطفى البارزاني، ولم تقصر السلطة القاسمية في قتل الكورد ومهاجمتهم و قصفهم و حرق مدنهم و قراهم.. ولنأخذ مثالاً آخر، فعندما تولى حزب البعث البائد مقاليد السلطة في أنقلاب عسكري عام 1968 فقد أبدى بعض المرونة و تفاوض مع قيادة الثورة الكوردستانية وأضطر في النهاية الى توقيع أتفاقية 11 آذار عام 1970 و سيادة نوع من الهدوء والأستقرار على كوردستان خلال الفترة 1970- 1974 ثم تراجع البعث عن وعوده عندما قويت شكيمته خلال السنوات الأربع تلك و عاد لمحاربة الكورد وأستخدام أنواع المؤامرات والدسائس من تعريب وقصف كيمياوي وأنفال عنصرية مشؤومة وكان هدف البعث إبادة شعب كوردستان أرضا و ناسأ.. وآخر مثال على هذا النهج المتخلف هو ما بعد أسقاط نظام البعث في 9-3-2003 لم يمكن لمن سموا أنفسهم (المعارضة العراقية) عندها أي موقع أو شعبية أو جماهيرية تذكر ثم رسخوا أقدامهم عندما عادوا الى العراق بمساعدة دول التحالف والجوار وكانوا يلجأون الى القيادة الكوردستانية في كل شأن والتي لم تدخر جهداً في مساندتهم والتعاون معهم الى درجة أن ما قدمته للأطراف العربية في العراقي تتجاوز أضعافاً مضاعفة ما قدمته للأطراف الكوردستانية وكان الأمر يتطلب أن تدعم الأخيرة أكثر و أبلغ و ها نحن نرى اليوم كيف تقف معظم الأطراف العربية في العراق ضد الطموحات المشروعة لشعب كوردستان و قيادته وبالمقابل تدافع الأطراف الكوردستانية عن مكتسبات شعب كوردستان و تدعم القيادة الكوردستانية والأمر هذا يتطلب أن تعيد النظر في سياساتها و مواقفها و تنظم أكثر فأكثر الوسط السياسي الكوردستاني و تعززه.. وأخذ مسائل حماية البلد و حماته و مخلصيه على محمل الجد و تتقبل برحابة صدر أكبر أنتقادات وأقتراحات الناس وأن تفعل للأطراف الكوردستانية ما تقدمه للآخرين.. هذا واقع علينا الأعتراف به وأن تدرك أن كل محاولات التي يبذلها المالكي إنما الهدف منها هو للسيطرة على كركوك و مخمور والمناطق الكوردستانية المحتلة الأخرى و أضعاف موقع الأقليم و سيبقى المالكي ومن يأتي من بعده على هذا الوجه من الأطماع والتصرف وعلينا أن نتصرف بواقعية والتزام.
إننا إذ نعيش وضعاً كهذا، إنما علينا أن نتعامل بوعي وحذر مع واقعنا وأن يتوحد خطابنا و مواقفنا جميعاً لتطوير تجربتنا أكثر ونقف يداً واحدة لمواجهة المخاطر ما يعني ألا نلجأ الى ردود الأفعال في معالجة مشكلاتنا وخلافاتنا المحلية بل علينا طرحها عن طريق الأنتقاد وأيجاد الحلول المقبولة لها.. وعلينا نحن الكورد توحيد خطابناً السياسي لتحقيق أهدافنا ونتعامل بفكر و ستراتيجية قومية مع هذا الوضع الدقيق والحساس فأوضاع العالم هي أنسب أكثر من أي وقت مضى للعمل والكفاح والنضال الوطني فمعظم دول العالم ينظرون الى المسألة الكوردية نظرة أخرى ويرونها كمسألة سياسية وعلينا بالتالي، نحن الكورد، مراعاة مصلحتنا القومية والأستفادة من راهن هذه الظروف والحقائق ضماناً لحريتنا وأستقلالنا و تحقيق حلمنا القومي وهو تأسيس الدولة الكوردستانية.
ترجمة: دارا صديق نورجان