فشل العملية الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية.. وهل ينتهى العراق أم يتغير أسلوب الحكم فيه؟
أنتوني كوردسمان
لمجلة كولان 3/1/2013
ينبهنا البروفيسور(رايان كيل) أستاذ العلوم السياسية في جامعة كارلتون في بحث نشره تزامناً مع صياغة الدستور العراقي في شهر آذار 2005 من مخاطر فشل عملية بناء الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة وكان عنوان البحث(بناء المؤسسات الديمقراطية في المجتمع التعددي- مسألة العراق) و يشير فيه الى أن(لو أراد العراق أن يبقى، كدولة، موحداً، فإن الأمر يتطلب التخطيط المتكامل بحيث تتولى تلك المؤسسات الديمقراطية التعاون في مواجهة المعضلات والأزمات المتراكمة.. ضماناً لمواجهة التحديات التي تتعرض لها العملية الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية وقد حدد البروفيسور.
(كيلي) أربعة تحديات تواجه العملية الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية بغياب بناء هيكلية المؤسسات بشكل ينجم عن ممارسة و سيادة الحكم الرشيد و يؤكد في ذلك أن الديمقراطية ليست كافية لوحدها مالم تتمكن الهيكلية تلك من تحقيق حكم رشيد وهي:
1- مخاطر التسلط وأستخدام نسفق(الأكثرية) في القمع: عن هذا الجانب يتحدث البروفيسور(دانيال بايمان) رئيس مجموعة التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية السابق ويؤكد و بكل جدية عن مسألة العراق ويشيري الى أن محاولة استخدام(الأكثرية) كسلاح لتهميش الديمقراطية هو أخطر التحديات التي تواجه العملية الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية ويرى أن بإمكان الشيعة وهم يؤلفون 60% من سكان العراق أستخدام مسألة(الأكثرية) لتطويق الديمقراطية وأنحرافها نحو مسار القمع ما يشكل خطراً حقيقيا وجديا على العملية الديمقراطية و يسير بها نحو الفشل.
2- ممارسة التصرفات غير الديمقراطية لتهميش مكونات العراق الأخرى:
ومثلها في تهميش مكوني العرب السنة والكورد من قبل القوى والأطراف الشيعية والمعروف بلا شك أنه لا ينتظر من التهميش بأساليب غير ديمقراطية واللجوء الى أستغلال السلطة وحكرها، أن تقف الأطراف الأخرى من كورد وعرب سنة وغيرها مكتوفة الأيدي أزاء تلك التصرفات المناوئة للديقمراطية. وسيبقى الطريق الوحيد امامهم في هذه الحالة هو الرد على الجهة المتسلطة باللغة التي تفهمها هي أي اللجوء الى المواجهة على شكل و بأسلوب تشكيل حكومة المالكي ومن طرف واحد ما يسمى عمليات دجلة لتعكير صفو واستقرار المناطق الكوردستانية خارج الأقليم وبالمقابل أضطر أقليم كوردستان الى مواجهة – هذا التصرف و تحريك قوات البيشمه ركة للدفاع عن شعبها.. وعلى ذات المسار فإن مدن العرب السنة تقوم بمظاهرات يومية من الموصل الى الأنبار ومع أن مطاليبهم كانت في البداية تنحصر في نقاط محددة إلا أنهم يطالبون الآن بتغيير أسلوب الحكم الذي يمارسه المالكي.
3- وكما ابلغنا البروفيسور أنتوني كوردسمان في بحثه المنشور في هذا العدد من مجلة كولان فإن هناك(أخفاق في ملء الفراغ القائم بين الشيعة والسنة والكورد والعرب) ما يعني أن تلك المكونات لا يعتبرون أنفسهم عراقيين بل تعود بتوجهها المذهبي وهو واقع يجب عدم التغاضي عنه... أو أهماله والذي شكل أتحاداً بين تلك المكونات على اساس مذهبي وقومي وقد اثبتت صناديق الأقتراع أن الكورد يصوتون للكورد فقط والعرب الشيعة للشيعة والعرب السنة للسنة لذا فقد اصبح اخفاق مؤسسات الدولة العراقية خلال السنوات ال(10) الأخيرة وما بعد النظام السابق في احتواء جميع تلك المكونات داخل المؤسسات تلك... ما تسبب في عدم تشكيل أي تعاون تألف أو تحالف بينها في أطار الوطن العراقي... وهي بالذات نقطة الخطر الداهم التي فككت المجتمع العراقي ومن الصعوبة جداً في مثل هذه الظروف، منع التقسيم والتوجه نحو الأنفصال في العراق.
4- الخطر المحدق الذي يودي بالدول نحو الأنتهاء هو اهمال مسألة الفصل بين السلطات فمع خطورة مثل هذا الواقع المحتمل فإننا نرى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو يشير صراحة من على شاشة فضائية (العراقية) أن مجلس النواب العراقي قد فقد شرعيته ويدعو الى حل الحكومة و مجلس النواب معاً وكأن البرلمان هو جزء من الحكومة أو أن عضو البرلماني هو موظف يعمل تحت أمرته وهذه الحالة تذكرنا اليوم بالأسلوب الديمقراطي ! الذي تحدث عنه(هوكو شافيز) بخرقه لكل المعايير الديمقراطية وأجهاض جوهرها إلا انه أبقى الأنتخابات ستارا لسلطته الدكتاتورية وها أن نوري المالكي يحاول تكراراً اسلوب شيفيز هذا في العراق إلا أنه لا يبدو عليه النجاح في هذا المسعى و يسود احتمال واقعي في أن يسير العراق ، كدولة و بلد، نحو النهاية.
الصمت الأمريكي لا يمنع أنتهاء العراق
منذ ما يقارب السنة والسيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان يحذر كل الأطراف من مخاطر تحريف الديمقراطية و خطوات حكومة المالكي لأفشال العملية الديمقراطية في العراق وأكثر من ذلك ، وفي ندوة نظمها لسيادته معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في شهر آذار من عام 2012 فقد ابلغ سيادته العالم أجمع، وبكل صراحة، أن حكومة المالكي قد خرقت كل الأتقافات وغير ملتزمة بالدستور الدائم ما ينم عن كارثة كبرى وقال الرئيس البارزاني في تلك الندوة .
(لم يكن الهدف من أتفاق أربيل تشكيل الحكومة فحسب بل كانت لترسيخ المشاركة الحقيقية في البلاد والألتزام بالدستور و تنفيذه.. وذلك توخياً لسيادة المساواة داخل جميع المؤسسات و قد كان تنفيذ ذلك الأتفاق كفيلاًً يمنع وقوع الأزمة أو المعضلة التي يعشيها العراق اليوم) ولو أمعنا في الرسالة المقتضبة هذه والتي وجهها الرئيس البارزاني لوجدنا انه يحدد فيها ذات المخاطر التي تتسبب في فشل العملية الديمقراطية في المرحلة الأنتقالية . وهي أشارة صريحة و مباشرة الى أن حكومة المالكي لا هي راغبة في تنفيذ الدستور ولا ملتزمة بالأتفاقات التي وقعت عليها، ما تسبب في توجه المالكي نحو التفرد وبالتالي الأزمة التي يعيشها البلد.. وكان تحذير الرئيس البارزاني الذي أطلقه بداية العام الماضي أو في نوروز 2012 قد حسم بالكامل موقف كوردستان وعدم قبوله بهذا الوضع، وأعادة هذه المسألة لشعب كوردستان ليقرر مصيره بنفسه.
إن ما يتوجب الوقوف عنده هنا هو توقع الرئيس البارزاني للكارثة التي تتمخض عن تحريف الديمقراطية وعدم الألتزام بالدستور والأتفاقات وهو بالضبط الوضع الذي يمر به العراق راهنا.. وأن الطريق الوحيد، وكما اشار اليه د. أياد علاوي مؤخرا، هو تنفيذ أتفاق اربيل كما هو أو أنسحاب نوري المالكي من السلطة وحل هذه الحكومة وتشكيل حكومة، أخرى لتصريف العمل اليومي والأعداد لأنتخابات مبكرة.
ما يعني أن أوضاع العراق لم تعد تتحمل أسلوب الحكم الذي يمارسه المالكي، والذي اشار اليه الصحفي(روبرت تولاست) في مقال نشره يوم 31/12/2012 بعنوان(جيش المالكي الخاص)،(Malikis Private Army)، الى أن بعض قادة الجيش العراقي كانوا يصفون أنسحاب القوات الأمريكية في عام 2011 بإنه أمر سئ و ذلك لأن القوات العراقية لا تمتلك ولا تتمكن من حماية حدود البلاد و محاربة الأرهاب وهي دون القدرات الأمريكية إلا أن ما نسيناه جميعا ولم نتحدث عنه هو أن الجيش العراقي قد اصبح اليوم جيشاً خاصا للمالكي و يستخدمه لمصالحه الخاصة و لقمع خصومه ومناهضيه.
ثم أن تنظيم القاعدة يحتكم الآن على موقع جيد في سوريا إلا أن ما يشكل خطراً محدقاً على العراق هو المالكي الذي يستخدم الجيش لأغراضه السياسية أي أن ما اشار اليه(روبرت تولاست) هو مرحلة أخرى من (مخاطر المالكي) التي يورط فيها الجيش أزاء المكونات الأخرى و في معالجة مشكلاته السياسية. والذي يمنع الدستور تورط الجيش في المشكلات الداخلية.. إلا أن ما يبعث على الدهشة و الأسف هو أن مسألة العراق قد سادها ستار كثيف من الكتمان في وسائل الأعلام الأمريكية وكأنه لم يعد للعراق أية أهمية في السياسة الأمريكية وهي حقيقة تؤكد ما أشار اليه البروفيسور(روبرت روبيرك) في بحثه المعنون( الدولة الفاشلة في عالم الأرهاب) في أن الولايات المتحدة تتعامل بمكيالين مع الدول السائرة نحو(الدولة الفاشلة) ما يوضح قلة الدول التي تعتبرها حليفة لها ولا تنتقدها إلا قليلاً فيما تتبع كل الوسائل والسبل ضد الدول التي تعتبرها معادية أو مناهضة لها والعراق أحداها، والصمت الأعلامي الموسع بشأنها.. هنا يشيرى البروفيسور(تيدكلن كاربينتر) الكاتب المزمن في صحيفة (ذي ناشنال اينتريست) و مكاتب مجلة كولان في آخر مقال له بعنوان (كارثة العراق مستمرة) و نشره في الصحيفة المذكورة يوم 3/1/2013 يشير صراحة الى ان مسالة العراق قد تراجعت عقب أنسحاب القوات الأمريكية منه في ديسمبر 2011 وبالذات في وسائل الأعلام الأمريكية، بحيث لا يشعر المرء أو يكاد، بوجودها هذا في حين لا تزال مسألة العراق تحتل حيزاً كبيراً في السياسة الأمريكية و كمثال على ذلك:
1- تحتل السفارة الأمريكية في بغداد مساحة توازي ما تحتله دولة الفاتيكان في روما.
2- يزيد عدد الخبراء والدبلوماسيين في السفارة عن دورهم في سفارتيها في اليابان وألمانيا معاً.
3- تم تعيين 17 ألف حارس، وعلى شكل عقود لحماية أمن السفارة والدبلوماسيين والخبراء الأمريكان في العراق وبوجود مستمر، ما يبين لنا أن الولايات المتحدة لا تزال تراقب أوضاع العراق إلا أن ما يؤسف له هو أنه عندما قادت الولايات المتحدة عملية تحرير العراق فإن الهدف منها لم يكن ظهور هذه المشكلات المتراكمة وقد وصلت الأوضاع حداً يتوقع منه السير من سئ الى اسوء ما يعني أن أدارة اوباما تواجه، في عام 2013، جملة مشكلات جدية في العراق وهي:
1- المشكلة الأولى هي تفرد المالكي بالحكم لأن ميول القمع والتفرد تزداد لديه بأستمرار فمشكلة حكومة المالكي لا تنحصر فقط في (غرقها في الفساد يوماً بعد آخر) بل تكمن في تراجع مستمر للحريات السياسية في العراق فالصحفيون الذي يكتبون و ينتقدون حكومة المالكي وحاشيته، يتعرضون الى مختلف أنواع المضايقة والمراقبة المستمرة... وأصبح جهاز الأمن في العراق جهازاً بيروقراطياً يسوق الناس بصورة عشوائية نحو السجون و يشير تقرير صادر عن معهد (ضد الحرب Anti wars) أن اسوء تطور في تصرفات المالكي هو أنه قد باشر بحملة واسعة لقمع خصومه و منافسيه السياسيين وأصبحت المكونات المؤتلفة داخل التحالف الوطني(تحالف المالكي) عاجزة عن التعبير الحر عن خلافاتها وقد همش السنة واستفاد من الأنقسامات الموجودة داخل ذلك المكون، ما يثبت أن ذلك ليس ستراتيجية ديمقراطية سليمة، بل هي ذات السياسة التي يمارسها (هوكو شافيز) في فنزويلا، وقد أصبحت ديقمراطية ساخرة لليبرال ديمقراطي و ليس الديمقراطية التي كانت أمريكا تتطلع اليها في العراق الجديد وها هي نتائجها التي نعيشها اليوم.
2- مشكلة اخرى سيئة هي التعقيدات القائمة بين أقليم كوردستان وبين بغداد والأسوء من ذلك هو أنه رغم الأنقسام العميق بين الشيعة والسنة والكورد والمركز إلا أن واشطن تؤكد بأستمرار أن العراق قد بقى سليماً و موحداً، إلا أن هذا الهدف يكاد يكون جزءا من الماضي فقد يكون غير هذا مستقبلاً سيما وقد شهدت الأعوام الأخيرة نوعاً من المواجهة بين أقليم كوردستان و بين المالكي وأعتباراً من العقود النفطية و مشكلة المناطق الكوردستانية خارج الأقليم ما اغضب الكورد في هذه المسالة من حكومة بغداد و يعتبرها جهة مقصرة أخفقت في تحقيق الأستفتاء العام و حسم مصير تلك المناطق وهي أوضاع و صلت خلال شهر أيلول من عام 2012 مدى خطيراً بعد أن شكل المالكي ما يسمى (قيادات عمليات دجلة) وأعتبر الكورد هذه الخطوة تهديداً مباشرا لأقليم كوردستان وكان أن تطورت المسألة أواسط شهر أكتوبر.. وتم نشر قوات البيشمه ركة في تلك المناطق لوضع حد للمالكي و تصرفاته.. صحيح أن أدارة أوباما قلقة إزاء تصاعد الأوضاع هذه وأرسلت أحد جنرالاتها للتوسط أو (التفريق) بين الجانبين إلا أن كل المشكلات قد بقيت بدون حلول رغم تهدئة نسبية في الأوضاع ما جعل مساعي أقليم كوردستان مستمرة لأعلان دولة مستقلة.
3- إن موقف حكومة المالكي، أزاء سوريا و إيران يناقض الموقف الأمريكي وهي مسألة على الأدارة الأمريكية الوقوف عندها لأن الموضع الراهن للعراق يضر بالمصالح الأمريكية. هذه المشكلات في السياسة الخارجية الأمريكية تسير نحو الأسوء في عام 2013 ولم يتحقق التطلع الأمريكي في أن يصبح العراق بلداً ديمقراطياً موحداً و منطلقاً لمساندة المصالح الأمركية.. ما يحتم على أوباما في رئاسته الثانية أن يتعامل مع العراق بأعتباره يكون نظاماً قمعياً و فاسداً الى أبعد الحدود و عاجزاً عن مساندة أهداف الولايات المتحدة، نظاماً و بلداً قد ينقسم على أسس عرقية و مذهبية يبدا ذي بدء بكوردستان مستقلة.
(وكيف الطريق لمعالجة هذا الوضع؟)
لقد توصلت جميع الأطراف، وبالأخص التحالف الوطني والشيعة، أيضاً الى قناعة أن هذا الوضع لا يمكن السيطرة عليه و يحتاج الى حل جذري، إلا أن ما يبعث على التأمل في هذه الحالة هو مخاطر وصول أي حل آت الى التجمد ثم أن مساعي قائمة دولة القانون تهدف الى تغيير أي حل جذري للمشكلة الى حل صوري و ظاهري والتنصل ثانية من هذه الأزمة وأبقاء المشكلات دون حلول، لذا فإن الملاحظ في هذه الحالة، حيث بقى المالكي و قائمته وحيدين داخل التحالف الشيعي و أتخذ التيار الصدري والمجلس الأعلى الأسلامي فيه مواقف اخرى، يلاحظ من خلال تصريحات برلمانيي دولة القانون أنهم الآن بصدد تهيئة و أعداد مناورة سياسية جديدة وهم على وشك أن يقبلوا أضطرارا بحل الحكومة إلا أنهم يربطون رغبتهم هذه بعدة شروط مخفية ومنها:
1- حل البرلمان(المجلس الوطني) والحكومة معاً وهم يسعون الآن، حسب البرلماني عن دولة القانون عزت الشابندر، لجمع الأصوات الكافية لذلك.
2- بقاء حكومة المالكي الحالية كحكومة لتصريف الأعمال اليومية أو بصورة أوضح تهيئة الأرضية لأجراء أنتخابات مبكرة و تحت رعاية و مراقبة الحكومة الحالية ايضاً إلا أن الصورة تبين رغبة الأطراف الأخرى أيضا وبالأخص د. أياد علاوي والسيد مقتدى الصدر وربما التحالف الكوردستني أيضاً في حل البرلمان والحكومة معا ولكن بشرط :
1- أنسحاب نوري المالكي من منصبه كرئيس للوزراء تزامناً مع حل الحكومة.
2- تشكيل حكومة مؤقتة تشارك فيها جميع الأطراف وعلى أساس حكومة توافق وطني...
3- الأشراف على هذه الحكومة من قبل الأمم المتحدة وتهيئة الأرضية لأجراء أنتخابات حرة و نزيهة تمهيداً لتشكيل الحكومة الجديدة على ضوء نتائج الأنتخابات.
في الحالة الأولى والأصرار على مقترح دولة القانون فإنه لا يتوقع قبول الأطراف الآخر عليه و بالأخص الطرف الكوردستاني والسنة والتيار الصدري، لأن المقترح يهدف الى تولى المالكي وحزب الدعوة مقاليد الحكم في العراق ثانية وإذا ما نال مقترح الأطراف الأخرى الأصوات اللازمة داخل مجلس النواب فإن المتوقع هو عدم تخلى المالكي عن السلطة بسهولة والتهيؤ، خارج البرلمان، لخوض الأنتخابات القادمة ما يعني توقع تداعي الوضع و تلافياً لذلك فإن على المجتمع المدني والولايات المتحدة أن تستخدم و تمارس ضغوطها
لأجراء تحولات على أساليب الحكم في العراق وهذا لا يعني بالطبع تبديل وجه المالكي بشخص آخر بل بمعنى تنفيذو أحترام معايير الديمقراطية المنوه اليها في الدستور العراقي و إعادة تنظيم الهيكل المؤسساتي والتنظيمي لدولة العراق بحيث تضمن أحتضان تمثيل المكونات المختلفة ولا تشعر المكونات تلك بأي تهميش أو ممارسة ضغط عليها، ما يعني أن عدم دخول المجتمع المدني والولايات المتحدة بهذه القوة والنفوذ الى العملية السياسية في العراق و عدم التعاون مع العراقيين، فإن العراق سيكون قد أنتهى ولا يمكن منع هذا المصير.
عارف طيفور نائب رئيس مجلس النواب العراقي:
الأوضاع سائرة نحو نهاية المالكي
ويتحدث السيد عارف طيفور نائب رئيس مجلس النواب العراقي لمجلة كولان عن الأوضاع المتأزمة في العراق بقوله: إن أوضاع العراق اليوم هي في منتهى التعقيد سيما وأن الجميع متفقون على تنظيم المظاهرات بهدف حل بعض القوانين الصادرة والغائها، فيما يواصل حزب الدعوة مواجهتها بالقوة ما يحتم علينا أن ننتظر مجريات الأحداث و معطياتها في بحر الأيام القليلة القادمة.. على أن المشكلات التي تحدث في الشارع العراقي هذه الأيام هي ذات المشكلات والخلافات التي تحدث داخل مجلس النواب لا بل أن الخلافات بين الأطراف المختلفة هي أشد و وأوسع، ما يبرر عجز مجلس النواب في تداركها وعلى سبيل المثال نقول: عندما أصدر مجلس النواب قانوناً خاصاً بمجلس القضاء الأعلى فقد أقدم المالكي على ألغائه عن طريق المحكمة الفدرالية، أي أن المالكي يحاول عدم نجاح، أو أصدار أي قرار تقترحه الأطراف الأخرى ضده ما يعني أن القضاء مسيس في العراق هذا بالضبط هو وضع العراق الذي ينعكس تحت قبة البرلمان أما مسألة عدم بقاء أية شرعية للبرلمان فهذه قضيته أخرى ليس للمالكي سحب الشرعية منه كونه لم يمنحه مثل هذه الشرعية والتي هي مستمدة من الشعب فكل واحد من أعضاء البرلمان يمثل عدة الآف من المواطنين و تتجلى مساعيه في هذا الجانب لأصابة المجلس بالشلل عن طريق المحكمة الفدرالية.. هذا الوضع في الواقع يبين لنا أن المالكي قد بقي وحيداً على الساحة السياسية العراقية وليس معه من يسانده والأقرب كان الأئتلاف الوطني الذي أبتعد عنه هو الآخر.. صحيح أن المالكي يحاول يوماً بعد آخر ترسيخ سلطته ونفوذه في العراق والسيطرة على الوضع فيه مع دلالة كل المؤشرات على سيره نحو الدكتاتورية. و يطلق تهديدات غير مقبولة لأن حق التظاهر مكفول في الدستور ما يعني أن تلك المظاهرات ستكون سبباً إما لأنهاء المالكي الذي لا يتمكن من أستمرار الوجود على الساحة السياسية أو لتقليل صلاحياته هذا وكان قد ساد قبل أيام قول داخل دولة القانون بإنه لا يشترط أن يرشح المالكي نفسه لدورة تشريعية أو مرحلة ثالثة من الأدارة و هذا النوع من اليأس في عدم تمكنه بعد الآن من العمل بهذه التصرفات والممارسات الدكتاتورية.. يقنعني بإن المالكي سائر نحو النهاية.
أسامة جميل عضو مجلس النواب العراقي عن قائمة الأتحاد الأسلامي الكوردستاني لمجلة كولان:
المالكي يتخبط و يفكر كدكتاتور و بقي وحيدا..
و يتحدث البرلماني أسامة جميل لمجلة كولان عن تداعيات
الوضع المتأزم في العراق و يقول:
(إن الوضع الراهن ناجم برمته عن التصرفات التي يتبعها نوري المالكي أزاء الشعوب العراقية والطوائف الأخرى و ممن لا ينتمون الى حزب الدعوة و قائمة دولة القانون ، وكان المتوقع منذ وقت طويل أن تشارك الأطراف والطوائف العربية السنية و الكورد في تحذيراتهم بعدم التزام المالكي بالدستور و نزعته للسيطرة على السلطة والتفرد بالجوانب الأخرى في البلاد من سياسية و عسكرية وأقتصادية و غيرها لأن تلك الأطراف مبتلاة بزعامته منذ أمد و يسعى دائما لتحديد كياناتها و ضمان أن يحكم حزب الدعوة و دولة القانون لوحدهما وأرى أن هذه المظاهرات سوف تستمر ما يجبر المالكي على التنازل عن جملة أشياء والعودة الى المسار الذي حدده له الدستور الدائم, والتصرف عكس ذلك يعني تكبده لخسائر كبرى و منها موقعه الجماهيري، وقد يكون هناك أشخاص أخرى داخل حزب الدعوة أو دولة القانون لا يقبلون بتصرفاته هذه لأن بعضا منهم، على سبيل المثال، ومنهم النائب حسين الأسدي، قد أعلنوا قبل أيام عن تشكيل كتلة جديدة أي أن هناك من لا يقبلون بتلك التصرفات أو بسياسة المالكي هذه و قد يفكر حزب الدعوة مستقبلاً في تغييره و بعكسه سيلاقون ضرراً جسيماً في الأنتخابات فالشيعة حائرون أزاءه كما أن أبراهيم الجعفري يحاول بدوره تهدئة الأوضاع، وكذلك الحال بالنسبة للسيد عمار الحكيم والمجلس الأعلى والرأي أن المالكي لا يتصرف بالضد من السنة والكورد لا بل أن الشيعة أيضاً قد ملوا من تصرفاته.
أما إدعاء المالكي بقصد مجلس النواب لشرعيته فهذا إدعاء يخالف تماماً ما قاله أن القوانين التي يطالب المتظاهرون بالغائنا هي ليست من صلاحيتي بل من صلاحية مجلس النواب !! ما يؤكد أختلاط الرؤية أمامه فنشرعية البرلمان و حله هما أمر يقرره الشعب لأن المالكي يتصرف كدكتاتور وفق رغباته و ميوله و يرى أن يفكر الجميع كما يفكر هو وذلك أمر غير مقبول والمتضرر فيه هو المالكي شخصياً.
مؤيد طيب المتحدث بأسم التحالف الكوردستاني في مجلس النواب العراقي:
(الرئيس البارزاني تنبأ، قبل سنة من الآن بحدوث هذه الأزمة.)
ويتحدث السيد مؤيد طيب عن سبل معالجة الأوضاع المتأزمة في العراق و يقول: نعم نحن الآن في ذروة خلافاتنا أزاء الحكم ولا يبدو أي حل قريب في الأفق ما يحتم علينا أن ننتظر أنتهاء الدورة البرلمانية الحالية أو أجراء أنتخابات مبكرة مع عدم تلمس أية نية حقيقية لدى دولة القانون في معالجة مشكلات البلاد، ثم أن المالكي يعمد دائماً، وهذا ما فعله هذه المرة أيضا، الى أثارة المشكلات وأطلاق التهديدات والوعيد مع كل أزمة تمر بهذا البلد والمثال أنه قد لجأ الى القوة العسكرية عندما ظهرت الأزمة بين حكومتي العراق وأقليم كوردستان أزاء مناطق خانقين والموصل وكركوك العام الماضي وهو طريق قد يتسبب في فشل العملية السياسية برمتها.. لأن المظاهرات التي تشهدها مختلف مناطق العراق هي نتاج جماهيري مع حقيقة أسباب الأزمة الراهنة وهي ذاتها التي حددها الرئيس البارزاني قبل عام من الآن بأنها مسألة حكم لا قضية عدة سجناء ثم أن الحكم في العراق بسير بشكل تفردي كون المالكي لا عليك صلاحيات دستورية لحكم العراق بشكل دكتاتوري ثم أن لدى عموم المكونات المشتركة في الحكومة مشكلاتها مع المالكي و بقناعتي أن الفرص ما تزال سانحة لتلجيم الوضع و ذلك بعودته الى الأتفاقات السياسية والشراكة الوطنية.
ترجمة / دارا صديق نورجان