• Friday, 19 April 2024
logo

الحكومة العراقية من النهج الأنفرادي الى الدكتاتورية العسكرية

الحكومة العراقية من النهج الأنفرادي الى الدكتاتورية العسكرية
ترجمة/بهاءالدين جلال

لماذا تحاول العقلية غير الديمقراطية و المتسلطة انشاء جيش قوي و تسليحه بأحدث أنواع الأسلحة؟ في وقت يخطو فيه البلد بمرحلة الأنتقالية الديمقراطية؟ و ماهي دواعي استخدام مثل هذا الجيش؟واذا كانت مهمة الجيش هي حماية البلاد من تهديدات خارجية اذاَ ماذا يعني استخدامه داخل المدن؟وللأجابة عن هذه الأسئلة من الأجدر العودة الى نظرية نشوء الدكتاتورية العسكرية A Theory of Military Dictatorships) التي كتبها كل من الباحثين( دارون اسيم ئوغلو من جامعة MIT، و ديفيد تيكجي من جامعة Urbinoو انديرا فيجني من جامعة Princeton الذين يتحدثون عن النظرية الدكتاتورية العسكرية في الأنظمة غير الديمقراطية التي تتبنى المرحلة الأنتقالية ،حيث يجيبون عن الأسئلة التي تثيرها تلك العقليات: (نظريتنا هذه- نظرية الدكتاتورية العسكرية، هي متابعة حول كيفية قيام الأنظمة الديمقراطية لجيوشهم،وهذا الأستخدام سوف يؤدي الى نشوء الدكتاتورية العسكرية، في الأنظمة غير الديمقراطية تحاول نخبة أو مجموعة انشاء جيش قوي و تجري كل المساومات مع جيوشهم لتتعامل عنهم بالوكالة، لذا عندما تبدأ عملية التحول نحو الديمقراطية،فإنّ وجود جيش قوي يصبح اكبر عائق أمام بناء الديمقراطية،كما أنّ هذه الأنظمة غير الديمقراطية تعتمد الى حد كبير على نوع من الضغوط على الأطراف التي تتنازع معها سياسياً،وهذ القمع يجري احياناً كثيرة بالأعتماد على الجيش الذي أنشأته هذه النخبة أو المجموعة،واذا تصفحنا تأريخ الأنظمة غير الديمقراطية ،لوجدنا أنّ الجيش يلعب دوراَ كبيراً في هذه الأنظمة،لذا فالتأريخ يتضح لنا أنّ الجيش هو الصديق المقرب و المفضل للأنظمة غير الديمقراطية،و لهذا عندما تتولى مجموعة غير ديمقراطية مقاليد السلطة،فإنها لاتستطيع تهيئة أجواء لأنجاح المرحلة الأنتقالية نحو الديمقراطية لذا فأنها تجد في جعل الجيش اكبر أداة مناسبة لهم أوانشاء وحدة خاصة و مستقلة لهم داخل الجيش لتحقيق أهدافها،التي تكمن في استخدام القوة في قمع مناهضي تلك المجموعات،و الأكثر من ذلك فإن الجيش القوي لايشكّل فقط الخطر لخلق العراقيل في المرحلة الأنتقالية، بل خطراًعلى الأخلاق السياسية(political moral hazard problm)،هذا البحث الذي تم اعداده في شهر حزيران عام 2008 يدور حول اطلاق النار على المتظاهرين قبل أيام و تصرفات نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي خلال الأشهر الماضية،وسبب هذا التشابه هو كيفية تفكير العقليات الديمقراطية التي تفكر في الألتزام بمجموعة من المعايير و المبادىء التي تشكل بدورها الأسس الديمقراطية،أما العقليات غير الديمقراطية فهي تفكر على اسس و معايير تحفظ فيها نفوذها،لذا فإن تفكيرها بهذا الشكل يجبرها على اللجوء الى الجيش سواء عن طريق استخدامه للقيام بالأنقلابات على الأنظمة أو اجبارها على الحكم وفق عقلية الجنرالات،و هذا يؤدي بالنتيجة الى نشوء الدكتاتورية العسكرية.
مما لاشك فيه يُلاحظ خلال عام 2012 المنصرم وبداية عام 2013 أنّ كل محاولات الحكومة العراقية تصب في جعل قوات الشرطة و الأمن و الجيش تحت سيطرة شخص رئيس الوزراء والتحليل الصائب لهذه الملاحظة هو أنّ لرئيس الوزراء نوري الماكي أهدافاً يريد تحقيقها بالأعتماد على تلك القوات،ولهذا فقد لجأ الى تغيير مهمة القوات من الوطنية الى تهديد للمواطنين و عموم العملية السياسية في العراق،احداث الجمعة الماضية اظهرت كيف أنّ الجيش اطلق النار على متظاهرين في الفلوجة، كما تصدت قوات الجيش للمتظاهرين في ديالى وجلولاء و السعدية و الحويجة ومنعتهم من نصب الخيام ومن ثم احراقها،كل هذا دليل على أنّ الجيش العراقي تحول الى قوة للترهيب و قمع المواطنين و عدم استخدامه للمحافظة على كرامتهم.
يشيراعضاء قائمة دولة القانون و التي يرأسها نوري المالكي الى قيام الجيش بأطلاق النار على المتظاهرين في الفلوجة بمحافظة الأنبار بأنه حق مشروع تحت ذريعة أن المتظاهرين هاجموا نقاط التفتيش والجيش بالأسلحة حيث رد الجيش عليهم بالمثل،وقد سألنا النائب عن دولة القانون احسان العوادي لماذا اطلق الجيش النار على المتظاهرين؟ أجاب: كان المتظاهرون قد خطّطوا لها في وقت سابق،أما في رده على سؤال آخر حول انتشار الجيش داخل احياء محافظة الأنبار فقال:هناك قيادات للقوات العسكرية في 15 محافظة و الأنبار هي جزء من العراق ومن الضروري انتشار الجيش فيها،لأنها كانت سابقاً احدى اوكار القاعدة الأرهابية، ان ما يتذرع به العوادي دليل على اعطاء الشرعية للجيش حتي يعيد الكرّة في مناطق العراق الأخرى في حال قيام تظاهرات فيها،واضاف العوادي أنّ الدافع السياسي و المذهبي هما من الأسباب الرئيسة في احتمال حدوث المواجهات بين المتظاهرين و الحكومة،هناك من يلوّح الى هذا الأحتمال ،وهذه سابقة خطيرة لم يشهدها أي نظام ديمقراطي من قبل،صحيح أن التظاهرات حق دستوري ولكن أنْ تصل الأمور الى الهجوم على نقاط تفتيش الجيش بالأسلحة الخفيفة و الثقيلة، تشكّل هذه خطراً كبيراً للغاية،اعتقد هناك من يقف وراء ذلك بهدف تقسيم البلاد واجهاض العملية السياسية،ارى من الضروري ايلاء اهتمام خاص بمحافظة الأنبارمن اجل حماية ارواح المواطنين فيها و انْ لا تتحول المحافظة مرة اخرى الى وكر للقاعدة و الأرهابيين وما صرح به العوادي اتهام مباشر لمحافظة الأنبار كانها تأوي الأرهابيين وفي الوقت ذاته هو التستر على ما فعله الجيش من الأعتداء المتظاهرين،والقى بالتهمة عليهم في الهجوم على الجيش،و لمتابعة هذه المسألة وجهنا بسؤال الى كاظم الشمري النائب عن قائمة العراقية البيضاء وفي معرض رده عليه والذي يتعلق باطلاق الجيش النار على المتظاهرين قال: من المعروف أنّ التظاهر هو حق مشروع ولكن اللجوء الى استخدام القوة ضد المتظاهرين بأي شكل من الأشكال يُعدّ امراً مرفوضاً و هو يخالف مبادىء حقوق الأنسان وحق التظاهر الذي ورد في الدستور،ولكن في الوقت ذاته لايحق للجيش و في أي حال من الأحوال توجيه فوهات البنادق الى المتظاهرين العزل و الذين يرفعون فقط العلم العراقي و يرددون شعارات تتضمن مطالب قانونية و دستورية مشروعة لاتخص مطالب ابناء محافظة الأنبار بل هي مطال كل العراقيين،ومهمة الجيش هي الدفاع عن المواطنين من الأعتداءات الخارجية و تأمين الحماية لهم، اعتقد أن ما يمارسه العراقيون اليوم يصب ضمن الممارسات الحضارية و المدنية للنهج الديمقراطي الذي يصبو اليه الشعب في العراق الجديد.ان ما تسعى اليه دولة القانون هو التستر على خروقات الحكومة و الجيش و توجيه التهم الى المتظاهرين بحجة رفع الشعارات المذهبية و صور رئيس النظام المقبور،ولكن كاظم الشمري نفى ما قيل عن رفع الشعارات المذهبية من قبل المتظاهرين بل كانت شعارات تنادي بتنفيذ مطالب مشروعة ، وفيما يتعلق بأقتحام المتظاهرين لمواقع الجيش، صرح السيد سعدون شعلان نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار و روى ل(كولان) ماحدث في ذلك اليوم قائلاً: بالنسبة لأحداث الجمعة، بعد انتهاء صلاة الجمعة في الفلوجة خرج عدد غفير من المتظاهرين و حدثت مواجهة بينهم و بين الجيش و قد لجأ الجيش الى اطلاق النار على المتظاهرين ما ادى الى مقتل خمسة منهم و جرح 41 آخرين.اما بصدد نشر قوات الجيش داخل المدينة أكد سعدون شعلان أنّهم كانوا يتوقعون حدوث هذه المواجهة وقد طرحنا فكرة وقوف الجيش على الحياد و عدم التقرب من تجمع المتظاهرين وتولي شرطة الأنشطة المدنية مسؤولية حماية المتظاهرين،ولكنهم رفضوا مقترح مجلس محافظة الأنبار و لم يسحبوا الجيش الى أنْ حدث ما حدث.وقد طلبنا من وزارة الدفاع بعد الحادث سحب القوات باسرع وقت تفادياً لحدوث مزيد من الأشتباكات، وقد اضطرت الوزارة الى ارسال الشرطة الأتحادية لتحل محل الجيش،كما تم تشكيل لجنة تحقيقية من قبل وزارة الدفاع و قد باشرت بعملها فوراً للتوصل الى الأسباب والدوافع التي كانت تقف خلف الحادث و محاسبة المقصرين، و اضاف نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار: بالنسبة لنا كمجلس المحافظة عقدنا اجتماعاَ لتدارس الموضوع و لنا حضور مباشر و متابعة اوضاع المتظاهرين.
Top