الأستقلال أو التعايش..اساليب الحكم والآليات هي التي تحدد الحلول للمشكلات
(( الأسلوب العقلاني لحل المشكلات العرقية،يتطلب احياناً أنْ يصبح الأستقلال بدلاَ من الأتحاد الوطني للدولة،لذا لايمكن رفض مطلب الأستقلال بسهولة،القرار حول الأستقلال أو الوحدة يجب انْ يكون بصيغة ديقراطية وأنْ تقرّه الجماعة الراغبة فيه،واذا ماتم ذلك فإنّ رسم الحدود بين الدولة الجديدة و الدولة السابقة سيتحول الى شكل من اشكال الحلول،هذا الشكل يضم ثلاث جهات رئيسة، الأولى:حل المشكلات التي تطالب فيها العرقيات بالأستقلال،الثانية:شرح خلفية المشكلة العرقية،الثالثة:المناقشة على اساس الأستقلال المطروحة من قبل شعب من الشعوب.
المشكلة الحالية للمجتمع المدني بالدرجة الأولى في حل المشكلات العرقية هي النظر الى بعض الحلول(الأنفصال أم الأستقلال)كشىء مستحيل.ومع وجود تعاريف مختلفة لحق تقرير المصير،ولكن الجميع متفقون على أنّ لكل الشعوب حق تقرير المصير،أي انشاء دولها المستقلة،وعلاوة على ذلك لكل الشعوب حقوق ثقافية عدا الثقافة القومية،كما أنّ استقلالية الثقافة عامل من عوامل اقرار الدولة المستقلة،ولكن بسبب انعدام الأرادة بين المؤيدين لحق تقرير المصير كأنشاء دولة وبين الذين يرون ذلك مستحيلاً.لذا فإنهم لم يستطيعوا في المشكلات العرقية التقرب من ايجاد الحلول السلمية لها،وهذا كان سبباً في أنْ يذهب بعد الحرب العالمية الأولى بين 7-16 مليون انسان ضحية للمشكلات العرقية التى لم تجد لها الحلول حتى الآن.
البروفيسور جان تولبيرك
جامعة ستوكهولم
البروفيسور ستيفن وولف ل(كولان): الحدود ليست مقدسة كالسابق ويمكن تغييرها في اغلب الأحوال
البروفيسور ستيفن وولف استاذ الأمن الدولي في جامعة بيرمننغهام البريطانيةو المختص في ادارة التحديات في العالم المعاصر و خاصة مواجهة الأزمات و حل المشكلات العرقية و القومية و بناء الدولة وقد عمل كثيراً في مجال ازمات ايرلندا الشمالية و منطقة البلقان و جمهوريات الأتحاد السوفيتي و الشرق الأوسط و العراق و مولدافيا و السودان و سريلانكا و كوسوفو، وللحديث عن حل المشكلات العرقية و القومية و محاولة الشعوب لبناء دولهم المستقلة،وجهت كولان عدداً من الأسئلة الى البروفيسور وولف.
* لايُعتبر حل الخلافات العرقية بين الدول متعددة الأعراق مشكلات داخلية للدول،بل تُعد جزءاً من السياسة الدولية، المشكلة تكمن في عدم وجود سياسة واضحة لدى المجتمع الدولي لحل المشكلات العرقية.وحسب تصوركم ما مدى تأثير تعليق المشكلات العرقية دون حلها على الأمن و السلام الدوليين؟
- على الصعيد المحلي تبقى الخلافات العرقية تحديات حساسة التي تواجه الدول،كما انّ هذه تُعتبر صحيحة على الصعيدين المحلي و العالمي،في حين أنّ حل أي مشكلة دون الأتفاق الداخلي ليس عملياً،وفي الكثير من الأحيان فإنّ حل أي خلاف في اطار الدولة الواحدة ليست كافية،خاصة النزاعات المزمنة و التي تتجاوز الحدود القومية و تتدخل فيها الدول الخارجية،و المثال الواضح في هذا المنحى هو الشرق الأوسط فيما يتعلق بالقضية العربية- الأسرائيلية / السرائيلية – الفلسطينية،والمتعلق ايضاً بالأوضاع المستجحدة في سوريا،هذه الأمثلة دليل على انتقال تأثير و نتائج الخلافات العرقية السلبية الى خارج حدود الدول التي تحدث فيها الخلافات، كما هي دليل على انعدام القدرة و الأرادة لدى المجتمع الدولي في حلها.
* بالنسبة لحل المشكلات العرقية،فإنّ المجتمع الدولي ملتزم بالحدود القديمة،وهذا يؤدي الى عدم حل تلك المشكلات في اطار الحدود القديمة و تتعدى في بعض الأحيان الى القتل الجماعي،في منظوركم الى متى يعتبر المجتمع الدولي الحدود من الأمور المقدسة؟
- هناك نظرة عامة حول قيام المجتمع الدولي بمنع تغيير الحدود كأداة لحل الخلافات العرقية،بالرغم من انه صحيح بشكل عام، ولكن عليه تحقيق بعض الشروط منها:
1- عندما يتفق طرفان على تغيير الحدود،لايتعرض المجتمع الدولي الى هذا الخيار(وعلى سبيل المثال ظهر هذا الموقف على صعيد الجنوب السوداني).
2- عندما تتأثر المصالح الستراتيجية للقوى العظمى يؤخذ تغيير الحدود في الحسبان و بكل سهولة(كما في حالة الكوسوفو أو ما يتعلق بأبخازيا و اوسيستا الجنوبية).
3- تظهر معارضة تغيير الحدود الى حد كبير عندما يتم الأحساس بأن الحدود المتنازع عليها في احسن الأحوال ، تحوّل المشكلات الى منحى آخر، وفي اسوء الحالات تزيد من معاناة الشعوب المعنية.
* الخلافات العرقية لها تأريخ من التأزم و العنف، حيث اصبح العنف و رفض الآخر جزءاً من سماتها النفسية و الأجتماعية، وهذا هو سبب التوقيع على اتفاقيات السلام ولكن المجتمعات ترفض بعضها البعض،هل تعتقد أنّ اجبار الشعوب المختلفة للتعايش معاً لن تؤدي الى خطر حدوث المزيد من العنف؟
- لاشك فيه أنّ اتفاقيات السلام لاتضمن تحقيق السلام،الكثير من اتفاقيات السلام تتهاوى بسرعة و تؤدي الى تجدد اعمال العنف،و بالرغم مما تقدم من القول علينا أنْ لاننسى انّ الشعوب هي التي تقرر خياراتها كما أنّ التجزئة العرقية لاتعني عدم انتهاء المشكلة،لم تشهد البوسنة و الهرسك بعد عام 1995 استئناف اعمال العنف، مع أنّ ايرلندا الشمالية تعرضت الى العديد من المشكلات،ولكنها بقيت مستقرة بشكل عام،وعلى عكس ذلك لم يؤد خيار الدولة المستقلة الى حل المشكلات بين السودان و جنوبه ، كما أنّ اكثر من مليون شخص قتل من الطرفين( اريتيريا و اثيوبيا)بعد ابرام الأتفاقية بينهما حول انفصال اريتيريا.
* الكثير من الخلافات العرقية و القومية يتم حلها فقط عبر تشكيل الدولة المستقلة،مثل جنوب السودان و الكوسوفو و البوسنة و دول أخرى،وقد اثبتت التجارب أنّ تشكيل الدول المستقلة من شأنها حل المشكلات،السؤال هنا هو لماذا لايقبل المجتمع الدولي بهذا الخيار الأوحد والمتمثل في تأسيس الدول المستقلة الاّ بعد وقوع الأبادات الجماعية و المذابح البشرية.
- لم تحدث أية مشكلة عند انفصال جنوب السودان،بل أنّه تم على اساس الأتفاق السلمي الشامل، كما أنّ المجتمع الدولي وافق على استقلال كا من سلوفاكيا (قبل حوالي 20 عاماً)و الدول الأخرى في الأتحاد السوفيتي السابق ،و الجبل الأسود و مقدونيا و التيمور الشرقية،كما أنه يؤيد انشاء دولة مستقلة لفلسطين،اذاَ في النتيجة بأمكان المجتمع الدولي الأقرار على خيار يتفق من خلاله على استقلال الدول و العمل من اجل حمايتها في البمستقبل.
* ثمة قضايا عديدة في الشرق الأوسط من بينها القضية الكوردية و القضية الفلسطينية،وحلها يكمن في انشاء الدولة المستقلة لكل منهما،ولقد اقرّ المجتمع الدولي بأنشاء دولة مستقلة لفلسطين ولكنه لن يمنح الكورد هذه الفرصة،ألا تعتقد أنّ بقاء هذه القضية على حالها سوف يؤدي الى عدم استقرار المنطقة؟
- بالتأكيد القضية الكوردية هي احد العوامل الجوهرية في عدم استقرار الأوضاع في المنطقة في الوقت الحاضر وفي المستقبل ايضاً،و التي تؤثر – كما هي الآن- على تركيا و العراق و سوريا و ايران،وهناك بُعد محلي معقد في كل دولة من تلك الدول(وعلى سبيل المثال وجود الخلاف على المناطق الكوردستانية خارج الأقليم في العر اق)وما له من تداعيات اقليمية خطيرة على العلاقات بين الكورد و الدول التي يعيشون فيها وبين الدول نفسها،ان عدم الأستقرار يؤثر ايضاً على اوضاع الكورد و القوميات و الأقليات الأخرى المتعايشة معه في تلك الدول،وسوف يؤدي ذلك الى عواقب خطيرة التي تؤثر بدورها على استقرار الأوضاع في المنطقة برمتها.
*لقد طُرحتْ فكرة النظام الفدرالي كحل للمشكلات العرقية و القومية ، وليس بأمكان الفدرالية تحقيق النجاح من غير وجود ارضية ديمقراطية و ليبرالية ، وعلى سبيل المثال في العراق حيث انعدام الديمقراطية،كيف يمكن للفدرالية أنْ تنجح كنظام حكم؟
- الظروف الحالية في العراق تؤكد بوضوح محدودية الحل الفدرالي، و يعود ىسبب ذلك بالضبط الى انعدام البنية الداخلية المتينة،وما يمكن للفدرالية أنْ تحققه هو مستوى من الأدارة الذاتية و بناء المؤسسات والتي تمنع اندلاع حرب اهلية شاملة،ولكن لاتستطيع الأستمرارعلى هذا النهج في كل الظروف،وقد يجوز الأستغناء عن الحل الفدرالي وهو الطريقة المثلى في العمل من اجل بناء الديمقراطية في العراق من خلال دستورعام 2005 والذي ينص على انشاء دولة فدرالية ديمقراطية والتي تضمن العيش السلمي لعموم مكونات المجتمع العراقي.