• Friday, 29 March 2024
logo

العراق بعد عام من أنسحاب القوات الأمريكية.. السلطة القضائية مسيسة والسلطة مسيطر علهيا بالتفرد

العراق بعد عام من أنسحاب القوات الأمريكية.. السلطة القضائية مسيسة والسلطة مسيطر علهيا بالتفرد
- لقد آن الأوان لكي تترجم إدارة، أوباما الأقوال بالأفعال وتتخذ الخطوات المناسبة والضرورية في الشرق الأوسط وأفغانستان، فالولايات المتحدة هي في غاية المرونة في الشرق الأوسط أزاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس المصري محمد مرسي. فقد أصبحا دكتاتورين وتتجه خطواتهما نحو أتباع حكم الشخص الواحد أو التفرد.. وكذلك الحال بالنسبة لنظرتها الى سوريا، فرغم أن واشنطن مستمرة في معاداة بشار الأسد، إلا أن تلك المعاداة لا تزيد إلا قليلاً عن الأقوال، هذا في حين أن دكتاتور سوريا يحارب شعبه بقنابل الطائرات والصواريخ والمدفعية، فيما تواصل القوات الأمريكية و حلفاؤها القتال في أفغانستان ومع ذلك ليس هناك حتى الآن أي تقدم يذكر في تطوير قوات أمن أفغانستان كما ينبغى هذا تزامناً مع تلكؤ كبير في أجتثاث الفساد، لذلك وتوخياً لعودة نوع من الأمل في عودة الأستقرار الى الشرق الأوسط وأفغانستان، فإن على واشنطن أن تلزم نفسها بعدة خطوات حقيقية و جدية ومنها:
1- على واشنطن أن تقطع كل مساعداتها لمصر و العراق والى أن يتخلى نوري المالكي و محمد مرسي عن تطلعاتهما الدكتاتورية.
2- على واشنطن أن تقوم بتسليح المعارضة السورية في مساعدة لها لأزاحة دكتاتور سوريا عن الحكم وبشكل سريع لا يتحمل أي تأخير.
3- حث الخطى على مستويين الأنسحاب السريع لقواتها من أفغانستان من جهة وتنظيم توفيق أوضاع القوات الأمريكية في ذلك البلد وفق أتفاقية(sofa) و بموجبها تحديد عديد القوات الأمريكية المفروض بقاؤها هناك.. إن هذه الأسباب تبلغنا لقد فات أوان الأقوال منذ أمد بعيد ولا يمكن أن تحمل الأقاويل البراقة محل الأفعال... هذا هو الفعل الذي نحن بأمس الحاجة اليه.

دوف زاخيم
نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق ناشنال ذي أنترييست
28/12/2012

(المشهد السياسي العراقي بعد عام على الأنسحاب الأمريكي)
لعل أجمل تعبير عن أظهار و تجسيد المشهد السياسي الراهن في العراق هو مقولة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي والتي اشار اليها يوم 28/12/2012 أثناء خطابه الذ القاه في مهرجان المصالحة والسيادة الوطنية وقال :
لقد جعلت الأتهامات والأحاديث التي يطلقها السياسيون لأجهزة الأعلام العراق مسخرة للعالم، وهذا الوضع هو في الواقع ليس نتاج توزيع الأتهامات وأحاديث السياسيين لأجهزة الأعلام. بل هو نتائج تلك المشكلات التي اوجدها المالكي شخصيا خلال العام بتفرده و رغباته في احتكار السلطة و النهج الدكتاتوري.. تلك السياسات الخاطئة التي حولت السلطة القضائية منذ اليوم الأول من الأنسحاب الأمريكي، الى سلاح لتصفية خصومه و سياسة عدم الأكتفاء أو الأشباع من الأنتقام و تعميق الجراح المذهبية بين الشيعة و السنة بل هو لعب وتلاعب بمسألة أثارة حرب دموية بين القوميتين الكوردية والعربية في العراق ونتاج عدم الأنصياع بل والتنصل من أتفاق أربيل الذي تم بموجبه تأسيس الحكومة الحالية بعد أنتخابات عام 2010 وهي أيضا تداعيات عدم أتخاذ الخطوات العملية نحو الديمقراطية والتأسيس لحزب حاكم على غرار الدكتاتوريين الأخرين والتي يقول عنها (نيد باركر) الذي كان أحد الصحفيين الذي قام ولعدة سنوات بتغطية أخبار العراق للأعلام العالمي، يقول في مقال بأسم (العراق الذي تركناه خلفنا) ونشره بعد شهور معدودة فقط من الأنسحاب الأمريكي و ذلك في مجلة(فورن أفيرز) خلال وصفه للمشهد العراقي.
1- إن العراق، وبعد(9) سنوات من سقوط نظام صدام حسين وأشهد قليلة من أنسحاب آخر جندي أمريكي في ذلك البلد، يحث الخطى الآن نحو(دولة فاشلة) وعلى العالم أن يرحب الآن بدولة فاشلة أخرى!!
2- وبعد أنسحاب الأمريكيين فقد سيطر نوري المالكي على السلطة وهي سلطة زاخرة بالفساد وتسود ممارساته منتهى الوحشية.
3- ويستخدم القادة السياسيون التابعون لنوري المالكي قوات الأمن والميليشيات التابعة لهم لقمع خصومهم و ترهيب الناس بصورة عامة.
4- هناك قوانين في العراق إلا أن المالكي قد جعل القانون سلاحاً لضرب خصومه و يستخدم ذلك أخفاء لنواياه أمام حلفائه.
5- لقد أبعدت تصرفات المالكي و سفهت أحلام العراقيين بإن يحكمهم قادة ينتخبونهم هم ويمكن مساءلتهم أمام الشعب.
6- وهي تصرفات شلت الحكومة العراقية بشكل عجزت معه عن تأمين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء وفق برنامج منظم والماء الصافي للشرب والرعاية الصحية المناسبة... هذا فضلاً عن تزايد نسبة العاطلين الشباب عن العمل 30% وقد أستغل المالكي كل ذلك لأجبارهم على تسجيل أسمائهم وأنتمائهم لميليشياته هو.
7- وجعلت المشكلات السياسية المتعاقبة التي يثيرها المالكي العراقيين غير واثقين من مستقبلهم و يائسين من أنتهاء سفك الدماء في بلادهم و يعيش العراقيون في أمان و أستقرار ما أوجد و ضعاً من فقدان الثقة بين المكونات السياسية و جعلهم يدورون جميعاً في حلقة مفرغة و يقومون علناً وعلى قارعة الطرق- بتصفية الحساب مع خصومهم.
8- لقد أنقسم عراق اليوم(عراق ما بعد أنسحاب القوات الأمريكية) بالكامل و بصورة عملية.. فالتحالف الشيعي الذي يرأسه حزب الدعوة والمالكي هو في جوع و نهم دائم للأنتقام والى جانب العرب السنة وهم منقسمون بين العلمانية و بين القومية والدينية المتطرفة ونرى بالمقابل أن الكورد يتعاملون مع أوضاع التقسيم الحالية بمنتهى الحساسية، ثم ان أولوية الكورد هي حماية أوضاع أقليم كوردستان والحيلولة دون عودة الحكومة العراقية الى حكومة مركزية قوية.
9- أن (التلكلتيكات) التي يمارسها المالكي هي ذات الألا عيب والسياسات التي كانت الحكومة العراقية السابقة تمارسها وهي عبارة عن: ( استخدام وقبل كل شئ ، قوات الأمن والجيش بدون رحمة)،
10- ويمارس المالكي وحاشيته، أفعالا أستفزازية ضد اي شخص أو جهة يعتبرها المالكي تهديداً له ولحزب الدعوة و ذلك لكي يورطها في هذه الأوضاع، ما يبلغنا بإن المالكي يسير بالعراق نحو حرب داخلية دموية،
إن النقاط التي أوردناها آنفا، لا هي أتهامات نابعة من الطرف العربي السني ولا أقوال لقائد أو زعيم كوردي لكي يتهمهم المالكي و يصفهم(بتوزيع الأتهامات والتصريحات أمام أجهزة الأعلام).
بل هي صورة حقيقية لنتاج قلم صحفي يراقب أوضاع العراق منذ سقوط النظام السابق و بشكل يومي، وهي صور قد سجلت بصدق ما دفع ب(دوف زاخيم) نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق أن يطالب في مقال بعنوان(أفعال وليس أقوال-(action not words)، ونشرته مجلة( ذي ناشنال أينتريست) الأمريكية المعروفة يوم 28/12/2012، الرئيس الأمريكي أوباما وبكل صراحة بالكف عن الممارسات(اللينة) أزاء نوري المالكي و محمد مرسي لأنهما قد أصبحا دكتاتورين وتكمن أهدافهما في إعادة حكم الشخص الواحد الى مصر والعراق، ويوجه زاخيم كلامه الى أوباما بكل صراحة و يقول له: لقد ولى زمن الكلام البراق من أمد بعيد و نحتاج بصدق الى أفعال (The time For wordis has lon since passed verbiage is no substitute For action. And its action that urgently needed)،
و لو ربطنا مقال (دوف زاخيم) هذا بما قاله نوري المالكي في بغداد في ذات اليوم أي 28/12/2012 ، فإننا سنتوصل مباشرة الى حقيقة أنه (إن من جعل العراق مسخرة أمام العالم ليس سوى المالكي و ممارساته التفردية.
(تسييس السلطة القضائية وتهيئة الأرضية لحرب داخلية)
لقد كان السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان يؤكد و منذ بداية عام 2012 (مالم تنفذ الحكومة العراقية الحالية كامل أتفاقية اربيل و تلتزم بالدستور، فإن العراق يتجه نحو منحى بعيد عن الديمقراطية والتعايش وهو أمر لا يمكن قبوله) ما حدا بالرئيس البارزاني، وعقب أستمرار المالكي في تصرفاته التفردية خلال الثلاثة أشهر الأولى من عام 2012 أن يعلن في 21/3/2012(رسالة نوروز) ويبلغ العالم أجمع، و بكل صراحة(في حال عدم تنفيذ الحكومة العراقية للأتفاقات تلك ولم تلتزم بالدستور، فإن حكومة أقليم كوردستان تتخذ قرارها الأخير وتعود الى شعب كوردستان ليقرر هو قراره المصيري.. ويعتبر توقع السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان على مستوى قادة العراق و جميع الباحثين والخبراء في العالم، أول توقع بهذا الأتجاه على مستوى العراق والعالم حيث نبه العراقيين والعالم الى مخاطر عودة الدكتاتورية والتفرد الى العراق.. ويأتي ذلك قبل أسبوعين من تقرير بهذا الشأن نشره الصحفي العالمي(نيد باركر)- و قد سبق أن اشرنا اليه في هذا التقرير) في مجلة (فورن أفيرز) هذا فضلا عن كون رسالة الرئيس البارزاني هذه تحديدا للتوقعات والأحتمالات التي شعربها سيادته بداية عام 2012 و مباشرة بعد أنسحاب القوات الأمريكية من العراق وكان أن بعث رسالة شخصية للمالكي مفادها( أنه إن لم ينفذ الأتفاقات أو لم يلتزم بالدستور فإنه سيكون لأقليم كوردستان حديث و موقف آخر) وقد حاولت بعض الأطراف العراقية والكوردستانية بداية بإظهار موقف أقليم كوردستان هذا والذي عبر عنه الرئيس البارزاني، كقضية شخصية بين سيادته و بين شخص المالكي.. إلا أن التصرفات اللاحقة للمالكي قد أوصلت جميع الأطراف الى قناعة أن الرئيس البارزاني يتخوف من أسلوب الحكم الذي يتبعه رئيس الوزراء في العراق حالياً و يسير بالعراق نحو كارثة لا مثيل لها في التأريخ وهو ذات التوجه الذي حذر(دوف زاخيم) العالم أجمع من عواقبه و ذلك بتحول المالكي و مرسي الى دكتاتورين وأن على الولايات المتحدة أن تقطع مساعداتها عن العراق و مصر والى أن يتخليا عن رغباتها في التفرد والدكتاتورية.

(أستخدام القانون كسلاح ضد الخصوم السياسيين)

إن أستخدام القانون كسلاح من قبل طرف ضد طرف آخر كخصم سياسي، إنما يعني ظهور الفساد داخل السلطة القضائية.. وتعرف منظمة الشفافية الدولية هذه الممارسة ب(أن من يعملون في المحاكم يخرقون مبدأ الحياد في القضاء و يصدرون قرارات المحاكم لصالحه الخاص أو لصالح طرف ثالث و عندما يتولد حالة الفساد هذه داخل السلطة القضائية، فإن ذلك سيكون كفيلاً بظهور أوضاع كالتي يعيش فيها عراق حالياً.. واكثر من ذلك فإن تداعيات وجود الفساد في السلطة القضائية ستكون بوابة تشمل جميع أطراف المجتمع وأطيافه... هنا لا بد من الأشارة الى بعض تلك التداعيات:
1- إذا ما ساد الفساد السلطة القضائية فإن سيادة القانون ستتعطل أو بصورة أدق لا نجد سيادة للقانون فيه.
2- و يصبح الفساد عائقاً أمام التنمية الأقتصادية.
3- عندما تتورط السلطة القضائية في الفساد، فإنها ستعجز بذلك عن أداء الدور المحدد لها في الدستور أو دور المراقب على مؤسسات الحكومة أو تدافع عن سيادة القانون وتحمي حقوق الأفراد.
4- وعندما تصبح السلطة القضائية أداة بيد الحكومة وتصدر قراراتها لصالح الحكومة عندها لا يبقى أي معنى لفصل السلطات وتتحول السلطة القضائية من مؤسسة مستقلة و بعيدة عن الحكومة وتأثيرها الى قسم من الحكومة، إن هذه المؤشرات هي في الواضع السبب الرئيسي الكامن وراء مشكلات الراهن العراقي.. كما أن المظاهرات التي تشهد المدن العراقية منذ عدة أعوام هي المعطيات والسبب الرئيسي الناجم عن فساد السلطة القضائية وأستخدام القانون كسلاح بيد حكومة المالكي... عن هذا الجانب تحدث د.وليد عبود البرلماني عن تحالف الوسط لمجلة كولان قائلاً:
إن منطلق تسييس المحاكم والتدخل في أعمالها قد أصبح ظاهرة سياسية سائدة و واضحة في عراق اليوم وأن ما يمكن الشعور به حالياً هو أن المحاكم قد أصبحت خاضعة لضغوط كبيرة ولا يلاحظ عليها أي مظهر من مظاهر السلطة القضائية المستقلة) ولدينا الكثير من الأدلة على ذلك مثلا(عندما يجري أعتقال رجال حمايات أحدى الشخصيات بتهمة علاقتهم بالأرهاب، فإن كل الأجراءات، وأعتباراً من أوامر القاء قبض ووصولاً الى التحقيق والمحاكمة، تتم بأسرع وقت، ودعنا لا نذهب بعيداً ونذكر ذلك عن أعتقال حراس رافع العيساوي وزير المالية العراقي أو حراس طارق الهاشمي، والأمر الأكثر مأساوية هو أن العديد من الناس قد أصبحوا، ومنذ عدة سنوات، في السجون وبقوا حتى الآن بدون محاكمات ولم تصدر بحقهم أحكام باتهامهم أو أطلاقهم.. وهي كلها، ومع الأسف، أدلة على أن المحاكم قد تم تسيسها وأن الحكومة تمارس الضغوط على المحاكم والنظام القضائي وهناك مئات الأدلة على هذا التصرف.. لذا فإنه يتعذر اليوم على أي شخص على الشارع أو بين الجماهير أو أي مواطن أو سياسي أثبات أستقلالية المحاكم ماحدا بنا للقول أن العراق هو بلد الأزمات، والذي يتعرض و بشكل يومي الى الأزمات والمعضلات والظاهرة في أن فقدان العدالة وخرق الحقوق هي كلها خروقات وقد تورطت المحاكم فيها أيضا.. لأن الكثيرين يتهمون ويحالون بشكل يومي الى السجون و دون أن يسمح لهم بممارسة حقوقهم.
هذا فضلاً عن الظلم الذي يتعرض له الأنسان العراقي في أقسام ومناطق عدة من هذا البلد... كما أن المظاهرات التي تنظم الآن و بصورة يومية في ساحات وشوارع بغداد والمدن الأخرى هي كلها نتاج ظلم المحاكم وعدم عدالتها.. فأستقلال القضاء هو الباعث لترسيخ الأمن والأستقرار وغيرها من مديات الأمان..
إلا أننا كلنا ندرك و مطلعون اليوم على حقيقة تسلط طرف أو حزب معين على المحاكم، وهو مبعث الأسف، ما يعني أنتشار وتفشى الفساد المالي والأداري بشكل كبير وأن أنهيار الهيكل الأداري والمالي قد شمل عموم زوايا الدولة العراقية وأركانها...
وهي بمجملها، حسب رأيي، أدلة شاخصة على غياب سلطة مستقلة في النظام القضائي، لذا فإن عدم وجود نظام قضائي مستقل و محايد و معترف لدى جميع الأطراف يجعلنا عاجزين عن بناء المؤسسات و تكون لنا دولتنا الحقيقية)، و يتحدث د. عبود للمجلة عن مساعي معالجة هذه الأوضاع غير المستحبة وإعادة الأمان والأستقرار الى العراق ويقول: أن أفضل حل برأيي هو تفكيك وألغاء الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تضم جميع مكونات الشعب العراقي و بذلك تتم الحيلولة دون تسييس المحكمة الفدرالية من قبل اي طرف كان أو يوجهها لمصلحة الخاصة.
ولقد حاولنا في الأجتماع الأخير لمجلس النواب طرح موضوع قانون المحكمة الأتحادية تمهيداً للمصادقة عليه إلا أن قائمة دولة القانون قد أوردت العديد من المبررات والذرائع ولم تقبل بالأنضمام الينا والتصويت على القانون المذكور.
لأن دولة القانون راغبة في إبقاء المحكمة الأتحادية على حالها وهو أمر ترفضه غالبية الكيانات السياسية... وأعتقد أن التحالف الكوردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري هم الآن يوافقوننا الرأي حيث كانوا جميعاً مع صدور قانون المحكمة الأتحادية.. إلا أن خروج دولة القانون وحاجة التصويت على القانون ل(2-3) من أصوات أعضاء البرلمان(مجلس النواب) وكان أن فشل الموضوع في أحراز هذه النسبة للأسباب أعلاه.. وسألنا البرلماني عاشور الكربولي عن القائمة العراقية عن مسألة تفشى الفساد في السلطة القضائية فرد قائلاً: إن لم تكن المحاكم آلة أو سلاحاً بيد رئيس الوزراء فكيف تم أعتقال حراس رافع العيساوي وصدور القرارات بحقهم في ظرف(20) ساعة فقط؟ وأستطرد للمجلة قائلاً: لو نظرنا الى أوضاع السلطة القضائية في العراق من منظار قانوني، فإن جميع الأدلة والقرائن المتوفرة تبرهن عدم استقلالية محاكمنا في قراراتها و أحكامها بل هي خاضعة لضغط سياسي واضح... وكمثال على ذلك نقول هناك عدة مسائل بسيطة و قضايا محددة ولم تصدر أحكام بها منذ(2-4) سنوات فيما تم التحقيق في قضية أعتقال حراس رافع العيساوي بتهمة التورط في الأرهاب، ومن ثم محاكمتهم وأصدار الأحكام بحقهم في ظرف(20) ساعة فقط وهو دليل صارخ على أن السيناريوهات قد أعدت لهذه القضية مسبقاً وبتدبيروتوصية سياسية لذا فإن هناك نوعاً من الخلط في هذا البلد بين الأعمال والمهمات وحتى القراراتن وليس هناك وجود لأي سلطة معينة ما يعني خلط الأوراق وأن المحاكم تصدر قراراتها على مختلف القضايا سواء كانت من أختصاصها أم لا).

(المحكمة الأتحادية وفشلها في حسم القضايا)

واشار د. عبود في حديثه لمجلة (كولان) الى محاولتهم في مجلس النواب لمناقشة تشكيلة المحكمة الأتحادية إلا أن أعضاء قائمة دولة القانون قد غابوا عن الجلسة ويؤكدون بأستمرار على بقاء تكوينة المحكمة كا هي والسبب الرئيس وراء هذا الأصرار هو أن قرارات المحكمة الأتحادية الحالية هي لصالح الحكومة ورئيس الوزراء ما جعل المكونات الأخرى لا تتمكن من اللجؤ الى هذه المحكمة لحسم قضاياهم وتفسير فقرات الدستور الدائم .. عن هذا الجانب توجهنا بالسؤال الى السيدة فائزه باباخان الخبيرة القانونية السابقة عن التحالف الكوردستاني وأجابت مجلة كولان بما آت:
يتم قياس وكيل السلطة القضائية في عراق اليوم بمكيالين فتسييس القضاء هو أمر واضح و صريح لأن ما يستحق الملاحظة هو أن النظام القضائي والسلطة التنفيذية وحتى وزارتي الدفاع والداخلية تسير جميعها بيد شخص واحد و هو المالكي رئيس الوزراء كما أن رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي كان منتمياً في السابق الى حزب البعث و مشمول بعملية أجتثاث البعث..
ما جعله يخضع لضغط رئيس الوزراء ولا يتمكن من أصدار أي قرار حاسم او حكم قضائي دون علمه و في النهاية لا يكون القرار نهائياً و يظهر رئيس مجلس القضاء ذاته كشخصية ضعيفة.. وإذا كانت هذه حال السلطة القضائية، فكيف يا ترى تكون حال السلطة التنفيذية؟ إلا أنني هنا لا أريد تعميم هذه الظاهرة لأن لدينا في العراق قضاة أكفاء و متمكنين وينفذون واجباتهم وفق القانون.. إلا أن المشكلة تكمن في كيفية تنفيذ القرارات والأحكام وهو أمر لا يمكن تحقيقه كما ينبغي في الظروف الراهنة في العراق، ولا ننسى أن الوضع الأمني وعدم استقرار الأوضاع سائر و بشكل خطير نحو الأسوء كما أن مستوى الخدمات هو في تأخر ملموس والى حد بعيد.. فلو أراد المواطنون تقديم أي دعوى للمحاكم بشأن حقوقهم فإنهم يصابون مقدماً بالأحباط واليأس، لأنه ليس هناك في العراق وجود لا لسيادة القانون ولا أحد يحترم القانون)، ثم تتحدث عن دور المحكمة الأتحادية في حسم القضايا و تفسير الفقرات الدستورية وتقول: تصدر المحكمة أي قرار لصالح الحكومة بمنتهى السرعة وتهمل غيرها.. وقالت لمجلة كولان عن ذلك:
(في حالة وجود أي خطأ في تحليل القوانين وتفسيرها وكذلك لفقرات الدستور فإن ذلك هو أحدى مهمات المحكمة الأتحادية والغاية من تحليل وتفسير القوانين هي حسم أي خلاف في التوجهات بشأن البنود أو الحقوق، فنرى على سبيل المثال سهولة أصدار القرارات التي هي لصالح الحكومة والوزراء ووزراتهم إلا أن هناك قرارات صادرة عن(الجهات العليا) وهي ضد مبادئ حقوق الأنسان ولا تتفق مع المسار العام للقوانين وهو أمر يعتبر كفراً بلغة القانون فكثيرأ ما يتم تقرير أشياء مخيفة ولم يسبق أن تقرر لغيرها.. وأقول إن النظام القضائي في عراق اليوم منهار وأسمى ذلك(أنهيار المحاكم) وارى أن الشعب لا يمكن أن يسكت عن هذه المخالفات والخروقات لحقوقه وتسييس السلطة القضائية، وقد بدأت علامات الرفض منذ الآن وها هي التظاهرات ، على سبيل المثال، تعم العديد من المدن العراقية من الأنبار والموصل وغيرهاً من المناطق وهو بداية للتعبير عن إرادة الجماهير الرافضة لغياب العدالة والفساد.
وتسييس المحاكم وبقناعتي أن نطاق تلك الأحتجاجات سيتوسع يوماً بعد آخر.

(وجوب تغيير تشكيلة المحكمة الفدرالية)

إن أحدى الأشكاليات الموجودة أزاء المحكمة الأتحادية في العراق هي الشك في أستقلاليتها بل أن بعض البرلمانيين يتحدثون عن أن هذه المحكمة تعمل وكأنها قسم أو مؤسسة حكومية، والأخطر من ذلك هو أنه قد تقرر تشكيل المحكمة الأتحادية هذه قبل إعادة كتابة الدستور العراقي في عام 2005 وقد جاءت عدة مواد في الدستور بعد تشكيلها وسألنا البرلماني(آزاد سريشمي) عن بقا المحكمة بهذه الوضعية فرد على مجلة (كـولان) قائلاً:
إن المحكمة الأتحادية العليا الوارد أسمها في المواد(92 و 93 و 94 من الدستور الدائم لديها سلطة قضائية عليا محددة في الدستور وهي عبارة عن :
حسم القضايا والمشكلات ومتابعة مواد الدستور وتفسيرها وغيرها من المهمات.
إلا أن هذه المحكمة التي تشكلت قبل التصويت على الدستور عام 2005 والتي
( كان المفروض تشكيلها بشكل جديد بعد التصويت إلا أنه ليس هناك اي أتفاق بين الكتل السياسية لأصدار قانون لهذه المحكمة) هي غير موفقة في أعمالها بسبب الشك الحاصل في تسييس القضايا التي تقدم اليها أو موجهة من جهة معينة فأحد القرارات التي أصدرتها يتضمن(ليس كمجلس النواب صلاحية بأصدار القوانين لأن الدستور ينوه في مادته ال 64 أن هناك جهتين مخولتين أصدار مشاريع القوانين أو مقترحات بذلك:
وهما(أ) رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية وتقول الفقرة (ي): لعشرة من اعضاء البرلمان أو لجنة مختصة حق أقتراح مشاريع القوانين إلا أن المحكمة الأتحادية ترى في قرارها أن الحكومة غير ملزمة بتنفيذ مشاريع القوانين التي يصدرها الوارد ذكرهم في(أ و ب) و ضرورة الأستشارة المسبقة للحكومة وبعكسه فإن ذلك حسب المحكمة هو فكرة ولا تصبح مشروعاً و فسحت المجال في كل القرارات التي أصدرتها للتشكيك في عدم كون المحكمة كما ينبغى بشكلها الحالي وبالتالي ضرورة الاسراع في تأسييس هيئة جديدة ووفق قانون مسبق صادر عن مجلس النواب قبل تشكيل الهيئة.. لأن الشعور السائد الآن هو أنحياز قرارات المحكمة العليا الأتحادية لصالح الحكومة وقد تحدثت كمثال عن هذه الحالات وتساءلت: كيف لا يتمتع البرلمان بصلاحية تشريع القوانين وهو من صميم أعماله.. الى جانب تفسير آخر للمحكمة بضرورة ان تكون الهيئات المستقلة تابعة للحكومة حيث أن الدستور، وكما حدد قوانين لكل المجالات مثل الأقاليم والمؤسسات والمشتركات، قد حدد في ذات الوقت عددا من الهيئات المستقلة، وشخص لها عدة مواد تبدأ من المادة (102) فما بعد إلا أن المحكمة الفدرالية تحيدها جميعاً لصالح الحكومة ويظهر في ذلك جلياً سيطرة الحكومة على هذا الأمر وأصدار قرارات المحكمة لصالحها و ليس لصالح السلطة القضائية المحددة مهماتها وفق الدستور.
وبصدد مستقبل المحكمة الأتحادية وبقاء العراق بدون مكون قانوني محايد، للتحكيم والفصل بين التوجهات المختلفة وحسم المشكلات فقد أكد (آزاد سريشمه يي) أنه: سيبقى الوضع على هذا الحال لحين أنتخاب هيئة جديدة للمحكمة الفدالية وأضاف: وإذا ما سارت الأمور على هذا المنوال وأستمرت المحكمة ذاتها في أعمالها وعدم صدور قانون جديد وتشكيل هيئة جديدة، فإن البرلمان والعملية السياسية سيعجزان عن أداء دورهما ولا يتم حسم المشكلات بل تبقى هي والمواد القانونية ذات العلاقة كما هي وأحدى هذه المشكلات على سبيل المثال هي الخلاف بين الأقاليم والمحافظات والمشكلة القائمة بين أقليم كوردستان وبغداد حتى أن بعض الخبراء القانونيين يرون أنه ليس من صلاحية المحكمة الحالية تفسير المواد الدستورية ما يوجب الأسراع في أصدار قانون وأنتخاب هيئة جديدة.. ثم أنه في حال رفع أي شكوى الى المحكمة الأتحادية، وقد سبق أن وجدت اشكالات بيننا وبين الحكومة إلا أن المانع لرفعها كان التخوف من قرار المحكمة الأتحادية لصالح الحكومة الأتحادية سيما وقد وجدنا كيف تصدر قراراتها ما ابقى المشكلات على حالها وبقيت بدون حل أو حسم.

(العراق الى أين؟)
وقبل الأجابة على هذا السؤال بشأن مصير العراق ومساره في العام القادم نقول: مما لا شك فيه أنه يجب ملاحظة أحتمال سير الحكم بوضعه الحالي و دون أجراء أية تغيرات عليه فإن الأحتمالات وعلى المستويين الداخلي والخارجي ستكون سيئة للغاية ويخطو العراق بذلك نحو المزيد من عدم الأستقرار والتقسيم ولقطع الطريق أمام هذه التوقعات السيئة وبالتالي إعادة الحكومة الى المسار الوطني والشراكة الحقيقية بين مكونات البلاد نرى أقتراح الأمريكيين على حكومتهم بقطع مساعداتها عن العراق والى أن يتخلى رئيس الوزراء نوري المالكي عن تفرده دكتاتوريية.. إلا أن السؤال المهم هنا هو:
وماذا يتوجب على المكونات الرئيسة في العراق من عمل لأنقاذ العراق من هذه الكارثة. والجواب يرتبط بشكل أعتيادي بمواقف الأطراف الشيعية داخل التحالف الوطني سيما وأنها (باستثناء دولة القانون) قد شعرت بهذه الحقيقة وأن نتائج النهج الذي يتبعه المالكي في الحكم لن يكون لصالح المكون الشيعي، حتى قبل غيره، ما يعني أهمية أتخاذهم خطوات جدية لممارسة الضغط عليه لتقييم وتعديل مساره، أو أن يكون التحالف الوطني مبادراً لتغيير رئيس الوزراء.. وبدون أقدام التحالف الوطني على أتخاذ هذه الخطوات الجدية المسؤولة فإن على العراقيين مواجهة الدكتاتورية في العام القادم وأستقبال العالم لدولة فاشلة تماماً...


ترجمة / ترجمة صديق نورجان
Top