• Friday, 26 April 2024
logo

الصحافة كمراقب لأعمال الحكومة.. إيصال المعلومات الصحيحة وحث المواطنين على المشاركة

الصحافة كمراقب لأعمال الحكومة.. إيصال المعلومات الصحيحة وحث المواطنين على المشاركة
ترجمة: دارا صديق نورجان



(بإمكان وسائل الأعلام الحر المشاركة في تحسين أوضاع الدول والمجتمعات، ولكي تضمن أداء هذا الدور فإن عليها في الكثير من الحالات القيام بعملية أصلاح انفسها وتحسينها... فالمعلوم أن وسائل الأعلام الحر تؤدي دورين أو مهمتين الأولى هي كمراقب على الحكومة والثانية توعية الناس أزاء المسائل التي تؤثر على حياتهم.
فرديدريك دلبو شيك

تمر الديمقراطية في طريقها الى مرحلة الديمقراطية الكاملة، بمرحلة أخرى أولية تسمى الديمقراطية الشابة(Young Democracy)، ويكمن الفرق بين هاتين المرحلتين في أن الديمقراطية الكاملة(Mature democracy )، تتصف بكون المؤسسات فيها ثابتة وتكون سيادة القانون قد أخذت أو رسخت موقعها في المجتمع فيما تكون المؤسسات، في مرحلة الديمقراطية الشابة، هي في مرحلة البناء والترسيخ وأن سيادة القانون فيها، حتى إن وجدت، فما زالت في طور تعزيز موقعها في المجتمع.. لذا فأنه إن كان هدف الصحافة في الديمقراطية الكاملة حماية الديمقراطية، فإن ذلك الدور يتلخص في الديمقراطية الشابة في بناء الديمقراطية وترسيخ المؤسسات وتعزيز موقع سيادة القانون في المجتمع.. ما يحتم أن يكون مستوى و تقدم الصحافة في هذه المرحلة إنعكاسا لمستوى التقدم الأجتماعي وبتكامل الديمقراطية في ذلك المجتمع.
ما يعني أنه لا يمكن مقارنة العمل الصحفي في مجتمع لم يعبر بعد المرحلة الأنتقالية بمستوى مجتمع تكون إدارة المؤسسات فيه الى تكامل الديمقراطية فيه، وبمعنى أدق أنه لا يمكن تكرار أساليب العمل الصحفي في الدول الديمقراطية الغربية ذاتها في الدول ما بعد الشيوعية أو ما بعد الأنظمة الدكتاتورية، بل بالعكس أن الوضع يحتم أن تغدو الصحافة بحد ذاتها جزءاً من عملية التحول والأنتقال وأنعاش الديمقراطية ولحين وصولها الى مرحلة تسمى فيها بالديمقراطية الكاملة..
عن هذا الجانب فقد طرحت (كارول جاكوبيس) خبيرة القسم الدولي وعضو لجنة الأعلام الحر في كوسوفو في دراسة أجرتها بعنوان (وجهة تطوير الأعلام في مرحلة ما بعد الشيوعية) وبكل صراحة أن الأعلام في المرحلة الأنتقالية بالدول ما بعد الشيوعية هو بمثابة المنتج لأوكسجين الديمقراطية والغاز المضحك في ذات الوقت لنشر المعلومات الهادفة واحتكار التجارة، ما يحدو بالمختصين من الخبراء بالنسبة لأعلام تلك الدول أعلاه أن يعيدوا هذه الحالة الى قصور في خبرات منح تلك المساعدات التي منحتها الدول الغربية والوكالات الدولية كدعم للأعلان الحر أي بمعنى آخر أن تلك الدول والوكالات قد منحت وهيأت تلك المساعدات للأعلام الحر في الدول النامية شريطة أن يعمل ذلك الأعلام بذات الصيغ التي يعمل بها في الدول الغربية، ما دفع ببعض الخبراء الى تشبيه تلك المساعي برحلة(كريستوف كولومبوس) كون الأخير قد خطط لأيجاد طريق مائي مختصر الى الهند، غير أن رحلته المشهورة تلك قد سلكت وجهة لا علاقة لها بالهند، وكذلك الحال بالنسبة للدول الغربية فنقول: صحيح أن الدول الغربية والوكالات الدولية ساعدت وسائل الأعلام في الدول ما بعد الشيوعية والنامية لتغدو عاملاً لأنعاش الديمقراطية ونمائها وتجاوز المرحلة الأنتقالية، غير أن هذا المسعى قد سار هو الآخر مسارا مغايرا.. تقول (كارول جاكوبيز)عن هذه الظاهرة: أنها قد أصبحت مثار إعجاب جماهير كبيرة في دول شرق و وسط أوربا بدور الأعلام وتولدت ظاهرة مفادها كما يشاع: أن كل شخص يستمع فقط الى صدى حديثه هو والا احد يستمع اليه. وتعيد جاكوبيز سبب هذه الظاهرة الى أنه لو جئنا وقارنا بين دول ما بعد الشيوعية و دولة مثل بريطانيا، لوجدنا أن الأولى قد عملت على رفع المراقبة الحكومية على الأعلام منذ سنوات قليلة فقط، هذا في حين ان المراقبة على الأعلام في بريطانيا لم يعد لها وجود منذ(300) عام وبشكل أدق أن مراقبة الدولة قد رفعت عن الأعلام منذ عام(1688) وقرنا أقرب من ذلك في الدول الغربية الأخرى، غير أن هذه العملية هي حديثة في الدول ما بعد الشيوعية أو النامية وحددت(3) نقاط رئيسة لمعالجة هذه الظاهرة وهي:
1- لقد حدثت تحولات في الدول ما بعد الشيوعية والنامية وصلت الى نقطة اللاعودة.. أي أنه قد بدأت نقاط التحول من النظام القديم الى نظام جديد وهي خطوات يجب أستمرارها.
2- علينا أن نحذر، بعد هذا التحول، من أننا قد نتواجه مع بقايا النظام السابق وهو يشكل بحد ذاته تحديا للنظام الجديد.
3- كما أن ترسيخ النظام الجديد هو الآخر تحد جديد ما يحتم أن يتحالف جميع العناصر، وبما فيها الصحافة، من أجل ترسيخ هذا النظام ونجاحه في بناء الديمقراطية.

الصحافة كدافع للحوار داخل المجتمع
على أي مجتمع يحث الخطى نحو الديمقراطية أن يكون مؤمنا بالحوار بين مكوناته، وستكون مهمة الصحافة في هذا الأطار ليست مختصرة في نقل الأخبار، بل سيكون الصحفي ذاته ظاهرة للنشاط الثقافي في المجتمع أو بشكل أصح ستكون النشاطات الصحفية سببا لضبط ثقافة المجتمع وبالتالي سيغدو العمل الصحفي المظهرالبارز للمجتمع، أي بمعنى آخر إما أن تكون الصحافة الوجه البارز لمظهر تقدم المجتمع أو سببا في أظهار الوجه المختلف له، لذا فأنه حين تطالب الصحافة أن تؤدي هذا الدور المهم في تهيئة أرضية الحوار بين مكونات المجتمع، فأن المسألة تحتم أن يكون الصحفي على أستعداد لأداء هذا الدور، و تدرك الصحافة أن الحوار بين مكونات المجتمع يعني الأنفتاح على عموم تلك المكونات لتتمكن الأخيرة وعلى أختلاف وجهات نظرها من طرح عموم المسائل الرئيسة للمجتمع وأجراء حوار مفتوح عليها وبمشاركة جميع المكونات لذا فأن الحوار، كأتباع صيغة من الديمقراطية، سيكون إنعكاسا للتوافق والعمل المشترك بين مختلف التوجهات على المسائل الرئيسة ويؤمن ثقة جميع الأطراف.. والأمر هكذا فأن هذا التوجه يظهر لنا حقيقة أنه لا يمكن أن يكون أي مجتمع ديمقراطياً مالم يتمكن من التباحث المفتوح على قضاياه الرئيسة وأن الفرص لم تتح فيه لأن يفكر جميع الأفراد والمكونات في معالجة مشكلات المجتمع.. أي أن هذا النوع من الحوار سيكون مجالا مفتوحا إزاء المشكلات والمعوقات التي يعاني منها المجتمع وعلى جميع الأطراف أن تبدي رأيها فيها و دون محاولة فرض وجهة نظر معينة وأخفاء باقي التوجهات وعندها سيتحول هذا التوازن بين التوجهات المختلفة الى عامل لمعالجة المشكلات. أما إذا حاولنا فرض أحدى وجهات النظر على البقية عندها سنكون قد عقدنا المشكلات أكثر بدل معالجتها. في هذا الجانب يتحدث المفكر العربي المعروف(د. محمد وقيدي) عن مشروع أصلاح كورباجوف أي(البيروسترويكا) ويقول: إن كتاب
(كورباجوف) لا يتحدث عن الديمقراطية في ظل حكمه بل عن الأسباب التي حالت دون بناء الديمقراطية أو غياب الديمقراطية لأعادة بناء الأتحاد السوفيتي من جديد) ما يؤكد أن مهمة الصحافة هي ليست التغنى بالديمقراطية بل هي مسعى لأزالة العوائق القائمة أمام الديمقراطية.. والسؤال هو كيف الطريق الى ذلك؟ وسيكون بلا شك ببناء(اجواء عامة مفتوحة) تتمكن التوجهات المختلفة من التجمع فيه وتداولها للقضية الرئيسة والعامة – ولو عدنا في هذا الأمر الى أوضاع الصحافة في كوردستان اليوم فأننا سنتوصل الى نتيجة أنه مهمة الصحافة أو الصحفي ليس المعلومات المتعلقة بالخبر كيفما شاء ويعيد بها صياغته لصالح طرف ضد آخر أو أن يقرر هو) نيابة عن المواطنين ويفسره أو يؤله بهذا المنحى عن هذا الجانب .... يتحدث البروفيسور(اكنرفوك) من جامعة كوبنهاكن في دراسته المعنونة(أحتمالات الدور الحقيقي لوسائل الأعلام في الديمقراطية المعاصرة): إن الصيغة التي يدار بها العمل الصحفي على أسس المنافسة أو بالأحرى الصراعات، تجبر وسائل الأعلام على أن تعيد صياغة أخبارها بحيث تلفت أنظار الناس وتعتمد في ذلك العناوين والخطوط الرئيسة التي تبرز المخاطر والجرائم والمآسي بالدرجة الأولى، ما يعني أن وسائل الأعلام تلك قد أختارت سبيلا ترغب من خلاله وتنوى أبلاغ الناس بأن العالم أو المجتمع هو أخطر مما ترونه وسيكون لذلك أثر أو تأثير سلبي كبير على العملية وتوجه النظام نحو الدكتاتورية والحكم الشمولي.. ويعود السبب في ذلك الى أن الأعلام، وبدل أن يكون عاملاًُ لمعالجة المشكلات، سيتحول هو الى سبب في تعقيدها.. وفي هذه الحالة فأن الحكومة الديمقراطية، ستعجز بسبب التأثيرات السلبية للأعلام، عن حل القضايا الداخلية وكذلك القضايا الدولية بالطرق المناسبة، يضطر النظام الديمقراطي في هذه الحالة الى أصدار بعض القرارات والقوانين تحت هذه التأثيرات، التي تتمخض في النهاية عن عدالة ناقصة وغير مقبولة مثل القرارات التي تصدرها الصين بحق المدانين بالفساد أو المخالفين لسياستها وتقضى علنا بأعدامهم وتبقى المشكلات فيها كما هي و دون أية حلول.. لذا فأن اِلأمر يتطلب، أن أردنا ألا يصل ألنظام الديمقراطي والمجتمع بعمومه الى أصدار قرارات غير مقبولة وقوانين سيئة كهذه، فسيكون أمام الصحافة مراعاة النقاط الآتية:
1- إن وسائل الأعلام هي المنظم والعمود الفقري للنظام الديمقراطي.
2- وهي تؤمن للمواطن المعلومات التي يحتاج اليها أثناء التصويت أو الأنتخاب ما يعني أن وسائل الأعلام تعرف المواطن وتعلمه على الأختيار والتحديد وأتخاذ القرار.
3- عندما يحدد الأعلام القضايا أو المشكلات ويتابعها فأنه لا يتحدث عنها بل سيكون سببا في بناء حوار أجتماعي عليها وبالتالي طرح وجهات النظر المختلفة لأرائها بهذا الصدد ، وأن يكون الهدف معالجة المشكلة أو القضية وليس تعقيدها.
4- الأعلام هو المراقب لكشف الأخطاء والسلبيات وسوء أستخدام السلطة من الأشخاص العاملين في المناصب العامة.

إن الخبراء والمختصين عندما ينوهون الى دور الأعلام وفق النقاط أعلاه وجعلوها واجب الصحفي ومهمته إنما يدركون أن على الصحفي أن يراعيها أثناء نقل الأخبار وتغطية الأحداث ما أجمع الخبراء والمختصون على ضرورة أن يقيم الأعلام أداءه وفق مقاييس مناسبة، طريقا لأن يتمكن مجتمعنا الديمقراطي، وبناء على الأداء الصحفي المسؤول هذا، من إدارة شؤونه وأعماله.

(العلاقة بين الحكومة وبين الأعلام. المراقبة والمسائلة)
رغم أن العلاقة بين الحكومة وبين الأعلام تسير كأتجاه بمسارين متباينين ومتعاكسين، إلا أن الحكم المسؤول يتحمل ويتقبل هذا الأتجاه المعاكس ويعتبر مراقبة الأعلام ومساءلته سببا رئيسا لنجاح حكومته لذا فأن مقولة (توماس جيفرسن) لا تعتبر أمرا عجيبا مفادها: لو خيرت بين برلمان حر و بين صحافة حرة، فأنني بلا شك سأختار الصحافة الحرة)، وهذا يعني بصراحة أن دور الصحافة الحرة لو لم يكن أكبر وأجدر من دور برلمان حر فأنه ليس بأقل منه... ما غدا تعريف السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة أقليم كوردستان لتلك العلاقة بين الحكومة وبين الأعلام بشكل عصري وقوله، سنعتبر الأعلام أنه رديفنا في هذه التشكيلة الحكومية وذلك بمراقبته أداء الحكومة وأعمالها وتشخيص النواقص والسلبيات وتحديدها بنشر المعلومات والمتابعة الصحيحة ما ينشط الحكومة وأداءها في جميع النواحي، وغدا هذا التعريف موضع فرح وترحيب صحفيي كوردستان، ما يعني أن التشكيلة السابعة(الحالية) برئاسة نيجيرفان بارزاني مؤمنة بأن يراقب الأعلام أداءها وأعمالها و نواقصها بكل حرية، وأطلاع الناس عليها وفق المعطيات التي تحدثنا عنها ما يعني بلغة الصحافة أن رئيس حكومة أقليم كوردستان يحترم المتابعات والتحقيقات الصحفية، بأعتبارها تقارير لسلطة رابعة لها الحق في مراقبة أعمال الحكومة ومستعد لتوفير حرية أكبر للأعلام، عن آفاق التعاون بين الأعلام وبين الحكومة سألنا البروفيسور(لي باركر) أستاذ الصحافة والأعلام في جامعة جورجيا فأبدى رأيه في حديث خاص لمجلة(كـــولان) قائلا:
للأعلام دور رئيسي في النظام الديمقراطي وللأعلام أيضا دور في غاية الأهمية والتأثير والفاعلية كممثل لأصوات المواطنين فبمقدور الأعلام العمل كمراقب على الحكومة وأدائها والأهم ضمن كل ذلك هو مسؤوليات الأعلام والذي عليه أن يؤدي مهماته بصورة مهنية مع تدريب جيد للصحفيين وتأهيلهم بحيث يؤكدون على خدمة مصالح المجتمع بصورة عامة وليس المصالح الشخصية.. وبرأيي على العموم أن الصحافة لا تتمكن من العمل لوحدها بل أن تتعاون مع المؤسسات الأخرى في المجتمع وكمثال على ذلك ضرورة وجود نظام قضائي مستقل يساند الصحافة مع وجود نخبة سياسية كفؤة تؤكد بمجموعها على أنجاح عملية الحكم وستكون الصحافة عندها السباقة والمبادرة وبالمقابل ستعجز الصحافة عن أداء مهماتها بغياب حماية النظام القضائي والقوانين الضرورية وحرية عمل ينظمها القانون ويوفرها.. ما يحتم أن تتوحد جملة مبادئ وعوامل وتتكاتف في مسعى تطوير العملية الديمقراطية.
ويؤكد البروفيسور(لي بارك) بصدد أهمية العمل الصحفي ونجاحه أن ذلك يعتمدو يحتاج الى تعاون مختلف عناصر المجتمع والحكم أيضا، غير أن الأستاذ(آيفور شابيرو) أستاذ الصحافة والمختص في الأداء الصحفي يعيد دور الصحافة في العملية كلها الى العمل الصحفي المسؤول وأضاف في حديث خاص لمجلة(كولان):
من المهم جداً أن تصبح الصحافة ممثلا للأصوات غير المسموعة وبرأيي أن مهمة الصحافة والصحفيين هي عبارة عن سرد قصص أناس غير مسموعي الأصوات ليصل المواطنون الى قناعة أنهم ليسوا وحيدين كما تكون الصحافة عائقا أمام أحتكار السلطة لأن أطراف السلطات، سواء كانت توظيف أعمال وأموال سياسية وحتى المؤسساتية، هي غير راغبة في الكشف عن كل الحقائق ما يؤكد حقيقة العمل الصحفي بكونه الساعي لكشف الجانب الأخر من الحقائق، لذا فأن تنفيذ الصحفيين لأدوارهم وطرح المعلومات ذات العلاقة بالحياة اليومية للمواطنين، سيؤول بالتأكيد الى خلق الحوار داخل المجتمع ويسعى جميع الأطراف لأيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتهم ما يؤدي بالتالي الى تطوير الديمقراطية والحريات غير أنني أعود هنا، والحديث ما زال للبروفيسور شابيرو، الى صلب سؤالكم:
وأراه عبارة عن سبل تمكن الصحافة المسؤولة من تطوير الديمقراطية؟ ولأوضح أكثر :
ما هي الصحافة المسؤولة؟ وهي برأيي مستقلة وبعيدة عن المصالح الشخصية ومصرة على أيجاد الحقائق وأثباتها... ما يجعل الصحافة في ذلك تسرد الأحداث على شكل (قصص) بحيث يفهمها المواطنون، هذه هي بقناعتي، مهمة الصحافة المسؤولة، والآن بودي العودة ثانية الى صلب سؤالكم و أقول أن الصحافة عندما تكون حرة و مستقلة، سيكون بأمكانها مراقبة الموجودين في السلطة ويحتكرون المعلومات أي أن مهمة الصحافة هي(سرد القصص غير المروية) وبشكل أدق كشف الحقائق وأثباتها وتصرفات وأعمال الجهات التي تتولى السلطة-(السلطات السياسية والمؤسساتية والأعمال) وغيرها ، وأن تكون الصحافة(تشك) في كل الأمور والتحقيق في المسائل والعمل بأستقلالية للتوصل الى الحقائق ما يؤمن قطع الطريق أمام الراغبين في أحتكار صلاحياتهم.

الثقة بين الجماهير وبين الصحافة

إن إنعدام الثقة بين الجماهير وبين الصحافة يجعل العمل الصحفي أمرا لا معنى له وكأن لا وجود يذكر للصحافة. وإذا كانت هذه الظاهرة سائدة في جميع الدول النامية، فأن لها وجودها في بلدنا أيضا وبذات الأسلوب الذي يوجد فيه فراغ بين السلطة وبين الجماهير يوجد هناك فراغ بين الأعلام وبين الناس أيضا، لذا فأن هذا المنحى، إذا كان دافعا في الدول الغربية المتقدمة لبحث المواطن عن عدة مصادر أعلامية ليقرر هو بنفسه بشأن بعض المسائل والحقائق؛ فأنه سيتحول بالنسبة للدول النامية الى سبب رئيس لأبتعاد الناس عن الأعلام فيها ما يلحق ضررا فادحاً بالعملية الديمقراطية ...عن ذلك توجهنا بالسؤال الى البروفيسور(جارلس ديفيز) أستاذ الصحافة في جامعة ميزوري وجاء رده للمجلة كما يأتي:
برأيي أن هناك عدة خطوات على أجهزة الأعلام مراعاتها لضمان كسب ثقة الناس بها فلا شك أن الأسباب الكامنة وراء عدم ثقة الجماهير بأجهزة الأعلام تعود بالدرجة الأساس الى جوهر الأخبار والمعلومات وليس الى صيغة أداء تلك الأجهزة والوسائل.. ولو تحدثنا قليلا عن صيغة الأداء هذه فأن على الصحفيين، حسب رأيي، أن يكونوا وإلى حد بعيد يتبعون الشفافية في عملهم ويكشفون عن مصادر تمويلهم ومصادر تشجيعهم وأتجاهاتهم السياسية أيضا، كل ذلك لضمان أن يتمكن الناس من تقييم أخبارهم والمعلومات التي ينشرونها بعقل مفتوح والجانب الآخر الذي يحتم على الصحفي أتباعه هو قيامه بتصحيح أخطائه والأعلان عنها بسرعة وصراحة فالمهم لنا جميعا أن نعترف بأخطائنا ونقطة أخرى هي:
تمكن الصحفي من تحقيق مسالة النقد والنقد الذاتي وقبول النقد أيضا وهي أمور تضمن له ثقة الناس غير أنني أكرر دائما، فيما يتعلق بالعلاقة بين الأعلام وبين الحكومة، بأنه يجب أن تكون علاقة متينة ومتوترة في ذات الوقت لا أن تكون معارضة، بمعنى آخر أن الحكومة هي ليست عدوتنا بل هي منصاعة لنا، ومن المهم أيضا أن تنذر الحكومة في النظام الديمقراطي وبأستمرار، أن النظام الحكومي إنما يعمل من أجلنا نيابة عنا،- نحن هنا نتحدث عن المجتمع الديمقراطي.. ما يحتم أن يكون ويسود هناك نوع من التوتر في العلاقات – الثنائية تلك وأن تبدي الحكومة في النظام الديمقراطي- احترامها وتقديرها للعمل والنشاط الأعلامي ، والعكس صحيح أيضا، غير أنه لا يمكن تجاوز التوتر القائم بين الأعلام وبين الحكومة فهو أمر محسوم.
إن ما يؤكد عليه البروفيسور( جارلس ديفيز) هو أنه يجب على الصحفيين أتباع هذا المسلك لنيل ثقة المواطنين (الينوي) يشدد على أن الصحفي يساند المواطن، وبدون الثقة المتبادلة هذه فأن من الصعب بمكان أن تتمكن الصحافة من مساعدة المواطن أو التعاون معه، وأبدى تفاصيل رأيه هذا لمجلة(كــــولان) كالآتي:
الأعلام لا يساند الحكومة بل يساند المواطنين في النظام الديمقراطي عن طريق توعية وأشعار المواطنين بمجريات الأحداث والمشكلات وتفاصيلها وهي المهمة الرئيسة للأعلام وسيتولى المواطنون مسؤولية اتخاذ القرار في تأييد أو رفض العمل مع الحكومة أو أنتقادها أو أسداء النصح اليها، أو حتى تقرير مصيرها، والمهمة الأخرى للصحافة هي تعريف الناس وتمكينهم من تشكيل الحكومة، فالصحافة لا تشكل الحكومة بل هي نقطة وسط بين المواطن وبين الحكومة لأشعار المواطن و توعيته أزاء أعمال الحكومة وتصرفاتها، أولا أو كيفية تعامله معها بأحسن وجه.. ما يصعب مهمة الصحافة في مساعدة الناس بغياب الثقة المتبادلة تلك، وهناك العديد من الأسئلة التي تبين عدم ممارسة الأعلام لمهماته كما ينبغي والجانب الأهم في هذه العلاقة والممارسة تكمن في إن يكون الأعلام صريحا و هادفا في نقل المعلومات والأخبار وأرى في العملية أن هناك منحييان من شأنهما تطوير الصحافة للديمقراطية الأول هو وعي الناس أزاء ما يجري حولهم من أحداث والثاني هو ضرورة أن تكون الحكومة مفتوحة وبأتجاه أن تكون مستعدة لتقبل النقد وهما منحيان ضروريان لأي مجتمع واع وفاهم وحكومة منفتحة لضمان تطوير الصحافة للديمقراطية).
وهناك جانب آخر يتمكن المواطنون من خلاله من أيصال أصواتهم وهو تقدم التكنولوجيا وبالأخص عن طريق التواصل أو الشبكات الأجتماعية(الفيسوك والتويتر) وهذا بدوره يثير تساؤلا آخر مفاده:
الى أي مدى تبنى تلك الشبكات من المواطن صحفيا أو مدى أيصال المواطن لصوته عن طريقها.. عن ذلك يواصل البروفيسور(جايس ديفيز) حديثه لمجلة(كـــولان) بقوله:
لو كان النشر على شبكات الفيسبوك أو التويتر مقياسا للصحافة لكنا اليوم جميعا صحفيين... بقناعتي هناك عاملان مهمان للفصل بين الصحفي وبين من ينشر المواضيع على تلك الشبكات .
الأول: هو عبارة عن الحرية والأستقلالية حيث يجب ألا ينتمي الصحفي لأي طرف سواء كان هذا الطرف سياسيا أم حكوميا أم غير حكومي ليتفهم المواطنون ويعوا جيدا أننا نحن الصحفيين لسنا تحت أية ضغوط.
والثاني: هو أن (تورط) الصحفي ويخوض في عملية واسعة من أثبات المعلومات أي يجب أن يكون الصحفي حاملاً للحقيقة فبأمكان كل الناس نشرما يرغبون من مواضيع على شبكة الأنترنيت غير أن على الشخص الصحفي أن ينشر المواضيع فقط عندما يتأكد من الحقائق التي تقف وراءها وهو أختلاف كبير بين أولئك وبين هؤلاء.

والحقاق تؤكد أن الناس، في عالمنا اليوم، يخلطون بين الأخبار ويصعب عليهم التمييز بين الخطأ والصواب فيها، وهذا ما يشكل فرصة سانحة أمام الصحفيين لتأكيد المعلومات غير أن البروفيسور(آيفور شابيرو) يحمل رأيا آخر ويعتقد أن تقدم التكنولوجيا قد جعل الصحفيين لا يملكون سوى جزء من الأعلام وليس كله وقال لمجلة (كـــــولان):
بسبب هذه الحقائق تستخدم مهمات الصحفي و مسؤولياته قبل نقل المعلومات وبصورة تفرض أن يكون الصحفي مستقلا وبعيدا عن ضغوط و دوافع الأطراف الأخرى، فلنا نحن الصحفيين حقوقنا كأي مواطن أعتيادي ونتمكن من ذكر الأحداث والحقائق بحرية وأستقلالية ونشرها دون أن يمنعنا أحد من ذلك وفي حال وجود أي عائق، سنتمكن من دخول الأنترنيت والحديث عن اي شيء بكل حرية، إلا أن الواقع يحتم على الصحفي أن يتأكد من حقيقة موادة قبل نشرها، ومن جانب آخر، وبسبب عدم وجود أي نوع من الرقابة على شبكة الأنترنيت، هو بحد ذاته أمر جيد ومحمود، فأن الصحفي سيتمكن من متابعة الأخبار والأحداث التي تنشرها الشبكة وهو من صلب واجبات الصحفي للتأكد من الحقائق والعمل على تثبيت والأطمئنان على المعلومات الصحيحة وتصحيح الخطأ منها وهو في الواقع مهمة الصحفي في العالم الرائع الذي نعيش فيه اليوم...
Top