• Thursday, 25 April 2024
logo

في الذكرى السنوية ال(114) للصحافة الكوردية، الأخلاقية الصحفية المهنية لتكوين الرأي العام

في الذكرى السنوية ال(114) للصحافة الكوردية، الأخلاقية الصحفية المهنية لتكوين الرأي العام
ترجمة/ بهاءالدين جلال


((الصحفيون هم شخصيات مهمة لتكوين الرأي العام، لذا فأنّه يتم التعبير عن دورهم بمفهوم العين الرقيب (Watchdog)،مهنة الصحفي هي الرقابة وهذا ما يحتّم عليه عندما يرى مواقف وأشياء غريبة و شاذة أنْ يبلّغ عنها كرقيب ولايقف عندها مكتوف الأيدي ويُطلع عليها المجتمع، وهذا يعدّ بحد ذاته دوراَ متميزاَ))
البروفسور و الصحفي دينس لاوري ل(كولان)




نحن لسنا كالفرنسيين اصحاب امبراطورية لنصدر على غرار نابليون الصحف لصالح السلطة و الاحتلال ،ولا كالبريطانيين نصدر أول صحيفة حرة في ظل الماكناكارات تحت مسمية السلطة الرابعة،و لم نكن حتى كالأمريكيين نعتبر الصحافة أكثرأهمية من البرلمان بعد الأستقلال،نحن الأمة الوحيدة التي ليست لها دولة على مستوى العالم،و اذا كان لتأريخ الصحافة معنى عابر في تأريخ أي أمة،فإنّ لها في تأريخ امتنا معنى مختلف،اذا كانت الصحافة في تأريخ الأمم الأخرى تعني طموحاَ للأمبراطوريات و توسيعها،أووسيلة لمراقبة الاستخدام السيء للسلطة،أو حماية الأستقلال و الحرية،فإنّ في تاريخنا كانت الصحافة ومازالت تعبّر عن صوت أمة لم يكن لها صوت، ولهذا نجد أنّ رسالتنا الصحفية لم تكن موجهة منذ البداية الى الشعب،بل كانت رسالة موجهة الى الدول التي قسّمتْ كوردستان و أحرمتْ شعباً من هويته القومية، و اذا كان تعريف العمل الصحفي يحدّد المهمة التي تقع على عاتق الصحفي بهذا الشكل الذي يمثّل صوت المواطنين الذين لاتسمعه السلطة، فإنّ تعريف الصحافة الكوردية و الكوردستانية حدّد مهمتنا الرئيسة كصحفيين كورد و كوردستانيين بأتجاه الذي نوجه عبره رسالتنا الى العالم و نقول لهم بأننا أمة آن الأوان أن تسمعوها و تحترموا ارادتها لتحدد مستقبلها بنفسها،لذا لو اننا في هذه المرحلة وفي ظل هذه التجربة الديمقراطية القائمة حالياً في اقليم كوردستان نشعر بأن مهمتنا هي من اجل مسائل داخلية ومن اجل مراقبة السلطة فقط،فأننا عل خطأ والواقع يقول لنا بأن المهمة الرئيسة و المهمة التي تتجسد في خدمة الوطن وبناء كيان مستقل لم تنته بعد،وفي هذا الأطار يستطيع الصحفيون بناء أرضية مشتركة بين الشعب و السلطة لتتحول الى آصرة تربط مطالب الشعب اليومية بمطالبه الوطنية الملحة وتعمل من اجل رفاهيته لكي لايشعرافراده بالغربة و التهميش وفي النتيجة تضعف في نفوسهم الأخلاص و الأنتماء لأرضهم،لنعمل بأستمرار من أجل توعية المسؤولين و افهامهم بأن المرحلة الأنتقالية و الحساسة الحالية لاتحتمل اسرافكم و فسادكم،والسعي لأبقاء تلك الآصرة بين طموحات الشعب و الطموحات الوطنية الأخرى المهمة الرئيسة لهذه المرحلة،وكما أشار اليه البروفسور دينس لاوري في حديث له الى (كولان): على الصحفيين أنْ يكونوا العيون الساهرة و الرقيبة للمحافظة على هذه الآصرة،واذا ماحاول أي شخص قطعها يتحتم عليهم ايقافه عند حده و ابلاغ المجتمع عنه،وفي هذا الأطار عندما نستذكر في يوم الصحافة الكوردية رائد الصحافة مقداد مدحت بدرخان، نجد أنّ حاجة أمة بين عالم مجرد من الضميرقد أوجدت الصحافة الكوردية لذا فإنّ العدد الأول من صحيفة "كردستان" صدرت في المهجر وفي العاصمة المصرية القاهرة بينما اعدادها التالية صدرت في دول أخرى،لذا عندما نعود الى هذا التأريخ فإننا نواجه السؤال الأتي:هل انتهى هذا التأريخ، وهل اصبحت للكورد دولة وامتلك هويتها القومية للتعريف و التعبير عن نفسها في اطار هذا العالم؟
صحافة مرحلة التحررالوطني و نضال( الجبل- البيشمركايتي)
بسبب تعرض امتنا الكوردية بأستمرار الى تهديد الأبادة و الفناء نجد أن ّصحافتنا كانت تتعايش مع هذا الواقع وكانت دوماَ في طليعة النضال من اجل توعية الجماهير،أما اعداء الأمة و المحتلون بقدر ما كانوا يحاولون بأستمرار انهاء وسائل الأعلام الثورية ومنعها كالمطابع و الأذاعات وحتى آلات الأستنساخ من تحت يد الثوريين لم يكن هدفهم الأول السيطرة على مقر أو موقع عسكري، ولهذا السبب نجد أنّ الأعلام و الصحافة كانتا في كل الأوقات جزءاً رئيساً من النضال و التضحية و المقاومة، وكما اشرنا اليه سابقاً فإنّ مرحلة التحرر الوطني الكوردستاني لم تنته بعد،لذا فأنّ صحافتنا لم تتخذ حتى الآن طابع الصحافة الدولية أو المجتمع الديمقراطي في اطار دولة مستقلة،ويحتل الوعي الوطني و القومي حيّزاً رئيساً في صحافتنا الكوردستانية ويتم تخصيص الكوتا للكورد الأيزديين و الشبك في البرلمان العراقي في عهد ثورة المعلومات،ولهذا السبب فإنّ هذا الجانب وهو الدفاع عن الهوية الوطنية لشعبنا مهمة كبيرة لعملنا الصحفي.
الصحافة عامل مهم في عملية البناء الديمقراطي
في هذا العصر الذي يشهد توسعاَ كبيراَ في مجال ثورة التكنولوجيا و شبكة الأنترنيت بحيث يستطيع أي مواطن أن يتحول الى صحفي ويقوم بنشر المعلومات،نرى أنّه ليس بأمكان أي شخص فيما بعد حجب المعلومات أو اخفائها،أو اغرب من ذلك يحاول تغيير اتجاه الأحداث بالخطاب غير الحقيقي،لذا فإنّ هذا الواقع الجديد لثورة المعلومات و التكنولوجيا تترك السبيل الوحيد أمام الصحفيين وهو أن يواصلوا عملهم في اطار المهنية و الأخلاقية الصحفية والاّ ينقطعون عن مواكبة المسيرة ،وحول التقدم الذي تشهده الصحافة و توجّه المواطنين الى مهنة الصحافة،قال البروفسور دينس لاوري استاذ الصحافة في جامعة ايلنويس في تصريح له ل(كولان):
((الصحفيون هم شخصيات مهمة لتكوين الرأي العام، لذا فأنّه يتم التعبير عن دورهم بمفهوم العين الرقيب (Watchdog)،مهنة الصحفي هي الرقابة وهذا ما يحتّم على الصحفي عندما يرى مواقف وأشياء غريبة و شاذة أنْ يبلّغ عنها كرقيب ولايقف عندها مكتوف الأيدي ويُطلع عليها المجتمع، وهذا يعدّ بحد ذاته دوراَ متميزاَ،كما يعجبني المصطلح القائل :تحوّل كل المواطنين اليوم الى صحفيين و لاحظنا هذا الأمر في معظم الدول وعلى سبيل المثال : عندما اشاهد التلفزيون يومياً أجد أنّ غالبية المشاهد التي تُنشر عن سوريا تم تصويرها بكاميرات المواطنين و هواتفهم الخلوية قبل بثها،وهذا ما يتطابق مع وجهات نظرنا في هذا الجانب حول مسألة تحوّل غالبية المواطنين الى صحفيين،وبصدد مهمة الصحفي في هذا العصر بأعتقادي أنّ هذا الأتجاه سوف يستمر،وأقصد هنا أنّ الأوضاع تستمر بالأتجاه الذي تفقد وسائل الأعلام و القنوات الرئيسة جماهيرها بأستمرار،وتواصل المصادر البديلة وسيما مواقع الأنترنيت و توسّعها ويزداد عدد الصحفيين،ولهذا فإنّ قراءتي لهذه المسألة اكثر ايجابية،وعلى سبيل المثال احدى القنوات التلفزيونية التي كانت من اكبر القنوات انتشاراً لأكثر من 20 عاماً نراها اليوم خسرتْ الملايين من مشاهديها،وذلك بسبب وجود مصادر منافسة وخاصة المواقع الألكترونية،لذا اعتقد أنّ افضل العلاج يكمن في وجود تعددية في الاصوات و المصادر بحيث اذا ما ايّدتْ احدى وسائل الأعلام أحد الأتجاهات تقوم الوسائل الأخرى أو مصادر الأنترنيت بتأييد الأتجاهات الأخرى وذلك من اجل المحافظة على التوازن في الاوضاع)).
اذاً ما أشار اليه البروفسور لاوري هو التراجع اليومي لنسبة القراء و مشاهدي وسائل الأعلام على مستوى العالم، وهذا لايعني أنّ الناس قد ملَ من الأعلام والعمل الصحفي ،بل أنّ وسائل الأعلام تستطيع الوصول الى المواطنين بسهولة أكثرو حول هذا الموضوع يؤكد البروفسور لاوري على أنّ الأعلام لايعمل وفق الضرورة لذا نجد هنا دور الأنترنيت الذي يأتي في الصف الأول الى جانب مواقع الكترونية و مصادر بديلة أخرى للحصول على الأخبار و المعلومات ولايمكن الأعتماد لاحقاً على وسيلة اعلامية واحدة في هذا الأمر.
ولكن بشأن كيفية قيام الصحفيين في هذه المرحلة بالمحافظة على مواقفهم، سألنا البروفسور الصحفي فيليب ماير في جامعة كارولينا حيث قال:((الصحفيون ليسوا فقط مهمين بل أنهم أساسيون، وحتى يتمكن المواطنون في ظل الديمقراطين من اعطاء الحكم يجب أنْ يتسلحوا بمعلومات،وهذا هو تقليد اصيل في الديمقراطيات،اقتبسوه من الأنكليز الذين توارثوه بدورهم من مفكري عصر التنوير،الذين كانوا يعتقدون أنّ الديمقراطية مستحيلة من غير وجود مواطن واع ومطّلع ،ولكن في الوقت ذاته يجب أنْ يراعي الصحفي ايضاً حدود المهنة الصحفية،وهذا ليس اطاراَ، ولكن نجد في الولايات المتحدة الأمريكية هناك العديد من الأطر للعمل الصحفي،ومن بينها وجود عقوبات قانونية، وعلى سبيل المثال عندما يقوم الصحفي بنشر معلومات خاطئة عن شخص و يسيء اليه حتى لو كان مكلفاً بأظهار الحقائق،المسألة الثانية هي السوق،لأنه حتى اذا نشر معلومات فإنها لاتجدي نفعاَ من غيرأهتمام الجماهير، اذاً على الصحفيين نشر المعلومات التي يشتريها الناس،ويتبين من ذلك أنّ السوق لها حدود معينة،ثالثاَ،الأخلاق الصحفية والتي لم تلق أي اهتمام في امريكا،صحيح أنّ جماعة من الصحفيين الرواد لهم ضوابط اخلاقية خاصة كما للمؤسسات الأعلامية المختلفة اخلاقيات العمل،اذاً فإنّ وجود الاخلاقية الصحفية من الأمور المهمة ، أنا لست متأكداً من كيفية ادارة العمل الصحفي و الجهة الممولة لها وتطبيق اسس العمل المهني للصحافة،وذلك بسبب ظهور العديد من أشكال الصحافة بعيدة عن المهنية،أو ظهور صحافة المواطن،اذاَ نحن ندخل عالماً آخراً لايُعرف منه كيف يؤدي الصحفي عمله و ما دوره في هذا المجال،لذا فإنني قلق ازاء ما يحدث في هذه التجربة الجديدة من أخطاء)).
وحول التشاؤم الذي يشعر به البروفسور ماير على عكس البروفسور دينس لاوري، سألناه لماذا تنظر بعين التشاؤم الى تقدم التكنولوجيا؟اجاب عن السؤال قائلاً: ((الاشخاص الذين كتبوا دستورنا في القرن الثامن عشرا أكدوا أنّ الديمقراطية ستنال النجاح فقط في حال مشاركة الشعب فيها بكل نشاط،لقد كانوا قلقين ولكن لديهم حجج في ذلك و السبب هو تقدم التكنولوجيا، ففي الأدب الأنكليزي كتابتان حول الخيال العلمي فيما يتعلق بالمستقبل،يتحدثون في هذا الجانب عن اتجاه المسائل مستقبلاً واتخاذ الدول الديمقراطية مسارات خاطئة،الأولى كتبها هكسل، حيث يتكهن بالمستقبل وأنّ الحكومة هي التي سوف تسيطر على الشعب، وذلك عبر رغبة البعض في استخدام المواد المخدرة،والثاني هو جورج ويل،حيث يتحدث عن الحكومة وسيطرتها على الشعب عبر الرقابة المستمرة وأجهزة الشرطة،يعتقد بعضنا أنّ تقدم التكنولوجيا يغيّر العالم بالشكل الذي كان يتوقّعه هكسل، ولكن بدلاَ من أنْ يستخدم الناس المواد المخدرة بشكل أختياري فإنّ الترفيه لعب هذا الدور،وما يتعلق بالصحافة فنحن كنّا قلقين في هذا الجانب حتى قبل ثورة التكنولوجيا،وفي الوقت الحاضر نجد أنّ هناك الكثير من الناس يعملون في الأعلام الأجتماعي،وأنا قلق من أنهم ليس لديهم الوقت الكافي لمتابعة الأمور العامة،احتمال آخر هو بسبب تسهيل العلاقات فإنّ الناس يهتم بالأمور العامة اكثر من أي شيء آخر،ونظراً لنشر المعلومات الغزيرة فإنّ الأمر يتطلب تنظيماَ مباشراً للمعلومات وهضمها وتحليلها ووضعها في سياقها الحقيقي،ليطّلع المواطنون على تلك المعلومات المتعلقة بواقع حياتهم ، لقد ظهراتجاهان صحفيّان لمواجهة الوضع القائم،الأول يقوم بجمع معلومات وفيرة وفق استخدام الطابع العلمي الأجتماعي،وفي بعض الأوقات بسبب استخدام الكومبيوتر و حل الأحتمالات، الأخر عبارة عن استخدام تقنية سرد قصة الحدث عند صياغة الأخباروكان هذا الأسلوب شائعاً في السبعينيات،وله أهمية كبيرة حيث تقام له سنوياَ ورش عمل في الجامعات،أنا مع دمج الأسلوبين،الأول لتحليل المعلومات و الثاني لتوضيحها،وهذا يساعد المواطنين على التعامل مع الموجات المعلوماتية المستجدة))
وحول العلاقة بين الشعب و الصحفيين و الثقة المتبادلة و تأثيرها على العملية الديمقراطية،وجهنا سوآلاَ الى الصحفي كيم نيوتن الأستاذ المساعدفي جامعة اريزونا والمتخصص في مجال الصحافة والذي يعمل كصحفي مستقل حيث عبّر عن رأيه بهذا الشأن ل(كولان) قائلاَ: ((يلعب الصحفيون دوراَ مهماَ في اعلان وعرض المسألتين أو طرح وجهات نظرهما،خاصىة اذا تمكنوا من الحصول على معلومات الجانبين،وكذلك في امكانية نقل المسألة الى الرأي العام بعقلانية،ولهذا السبب نرى أنّ الأخلاقية الصحفية مهمة للصحفيي الحر و الصادق، وهذا من صلب عمل المراسلين أو المصورين عندما يؤدون واجبهم بكل اخلاص و تفان،العمل الصحفي مرهون بالصدقية واذا شعر الشعب أنّ المعلومات التي تصلهم خالية من المصداقية،فأنّ الثقة بين الصحفيين و أبناء الشعب سوف تتلاشى،في الحقيقة فإنّ لكل مؤسسة اعلامية ضوابط و تعليمات خاصة وعلى العاملين فيها اتباعها،ولكن الأخلاقيات الأساسية كقول الحق مهمة جداَ بالنسبة الى الصحفي الصادق، اذا تحلت العملية الصحفية بصدقية ونظر الناس اليها بهذه النظرة بأعتقادي أنّ هذا هو الجواب الشافي لسؤالكم،والصحافة قد تتعرض الى المشكلات عندما تحجب الحكومة المعلومات و تضع الرقابة على عملية نشر و بث الأخبار،وهذا مايؤدي الى تشويه الصورة والحقيقة أمام المواطنين))
Top