• Thursday, 25 April 2024
logo

العراق في مفترق الألتزام بالدستور و التوجه الأكثر نحو الحكم الفردي

العراق في مفترق الألتزام بالدستور و التوجه الأكثر نحو الحكم الفردي
ترجمة /بهاءالدين جلال



الحكومة الحالية في بغداد تسعى الى تحويل الحكومة الفدرالية الى الحكومة المركزية والسلطة الديمقراطية الى الدكتاتورية الفردية،ولكن هناك حقيقة راسخة وهي أنّه لايمكن لم شمل عموم المكونات العراقية مرة أخرى في اطار حكومة مركزية ولابأمكان أي سلطة أنْ تتحول بالقوة الى ذلك الدكتاتور الذي كان يبيد ابناء الشعب من أهوار الجنوب حتى زاخو ويقوم بممارسة سياسة التطهير و القمع ضدهم،لذا فإنّ اللعب بهذه السياسة لايؤدي فقط الى تعرض مصير المركزية و الدكتاتورية الى الهاوية بل في الوقت ذاته يمسح العراق كدولة من على الخارطة السياسية كما حدث ذلك في يوغسلافيا،الشيخ جلال الدين الصغير مع أنّه غير متفائل بالأوضاع العراق الراهنة ولكنّه يؤكد بكل صراحة أنّ هناك أشخاصاً تناسوا انّه لايمكن حكم العراق من غير التحالف الكوردي الشيعي،في هذا الأطار وفي تصريح خاص ل(كولان) قال:((لقد وصلت الأوضاع في العراق الى مستوى تغيض الاعداء و الأصدقاء،ويمر العراق اليوم بأزمة معقدة جداً،ومايؤسف عليه هو أنّ هناك منْ يتجاهل الحقيقة ، والتي لولاها لأنتهتْ العملية السياسية،والحقيقة هي عبارة عن التحالف بين الكورد و الشيعة،وبماأنّ ادارة الأزمة لم تكن ناجحة لذا فإنّ المسافات تكاد أنْ تتّسع بشكل أكثر،لذا يُفترض اتباع نهج جديد على أساس العودة الى النقاط الثابتة التي بدأنا بها العملية منذ البداية،وبدون شك فإنّ هناك حاجة الى مستوى عال من المساومة،ولكن ليس على أساس النقاط الثابتة،بل على أساس التغاضي عن بعض المصالح من اجل تحقيق مصالح أكبر،ولكن اذا استمرتْ الأوضاع على ماهي عليها الأن، فأنني للأسف لن أجد أي مؤشر لكي أكون متفائلاً بمستقبل العراق،وهنا تبرز مشكلة أكبر من الوعود التي تنشر من وسائل الأعلام أو الآمال البسيطة في فكر الكثير من الناس،و المشكلة أعمق كثيراَ و وصلت الى بعض الجوانب أعتقد أنها تتجاوز أحياناً الخطوط الحمر،ولهذا فإنّ التوقف و المراجعة من الأمور الضرورية لأن الكل سوف يتضرر و لايستفيد أحد من نتائج تفاقم واتساع حدة الأزمة))،
الشيخ جلال الدين الصغيرأشار الى المشكلة بشكل منطقي وأكد على أنّه لايمكن ادارة العراق من غير تحالف الكورد و الشيعة، وإنْ لم ينتهج شخص نوري المالكي رئيس الوزراء وحكومته هذه الستراتيجية و ما لم يحرص على حل الخلافات بين الأقليم و بغداد وعموم مشكلات العملية السياسية فإنّ الاوضاع في العراق لن تكون مبعث تفاؤل لدى أي جهة،وبالنسبة الى الخلافات القائمة بين أقليم كوردستان وبين حكومة المالكي،قالت السيدة أشواق جاف النائبة عن قائمة التحالف الكوردستاني في تصريح خاص ل( كولان): ((المرحلة الحالية مرحلة خطرة جداَ ولو استمرت على ماهي الآن لتضرر العراق برمته،وكان البعض يعتقد سابقاَ بأنهم لو تصرفوا بهذا الشكل و حاولوا الاستحواذ على جميع السلطات والسيطرة عليها وتمكنوا من اخضاع الطرف الكوردستاني لمطاليبهم،فأن الأخيرومعه المكونات العراقية الأخرى لن يقبلوا بعودة العراق الى الفردية و الدكتاتورية،لذا فإنّ الأمل الوحيد المتوقع من هذه المرحلة هو دعوة السيد مسعود بارزاني بعد عودته من الخارج لجميع الأطراف العراقية لعقد الأجتماعات و حل الخلافات القائمة،وفي حال الاستفادة من هذه الفرصة فإنّ العراق يعود الى مساره الصحيح وبعكسها سوف يتعرض الى مفترق تتحول من خلاله السلطة الحالية التي تهيمن عليها دولة القانون الى الفشل وثم الزوال،كما أنّ هناك بين التحالف الوطني منْ لايقبل بهذه الأمور لذا فإنّ الخسارة تلاحق الجهة التي لاتؤمن بالشراكة الحقيقية،وأعتقد أنّ دعوة الرئيس البارزاني هذه للأجتماع في اربيل تهدف الى اختبارعزم رؤساء الكتل السياسية وحرصهم على حل خلافاتهم،لأن بعضهم غير جاد في حل المشكلات،ويحاول تأخير الملفات العالقة سنة بعد أخرى،واذا لم يكن لدى الاطراف موقف موحد وسريع فإنّ تلك الملفات قد يتم تأجيلها الى الدورة البرلمانية القادمة، وبعد مرور سنتين من عمل البرلمان و الحكومة لازالت التشكيلة الحكومية الجديدة لم تكتمل وغالبية المناصب بيد شخص واحد،وحتى الجهات و الأشخاص التي تتظاهر بأنها شركاء حقيقيون في هذه الحكومة فأنها في الواقع ليست شركاء في القرارات،لذا أكرر قولي وهو دعوة الرئيس البارزاني لعقد الأجتماع في اربيل و هي مهمة جداَ في هذا المجال،وإنّ لم يتحقق ذلك عندئذٍ تطرح خيارات تعلن في حينها كما أكدها الرئيس البارزاني)).
بالرغم من التشاؤم الذي يخيّم على الأوضاع،الاّ أنّ هناك بصيصاَ من الأمل لكي تقوم دولة القانون بمراجعة نفسها و تخطو نحو حل المشكلات في اطار الدستور،وبالنسبة لموقف دولة القانون اتصلنا بالسيد علي شلاه النائب عن دولة القانون حيث قال: (( لايوجد خيار آخر أمامهم غير الجلوس و الحوار المشترك وإنّ وضع العملية السياسية لاتتحمل تصعيدا اكثر،كما يمكن أنّ تؤدي مبادرة السيد رئيس الجمهورية الى جلوس الكتل السياسية على طاولة المفاوضات و الحوارالجماعي،وذلك لكي تكون هناك اجابة مشتركة عن سؤال أومناقشة جماعية حول مسألة معينة، وعلى سبيل المثال حول القوانين المهمة و المناطق المتنازع عليها حيث أنّ كل الأطراف بحاجة الى الحضور و اجراء مناقشات مستفيضة برعاية فخامة رئيس الجمهورية وانشاء الله سوف تتحقق هذه الأجتماعات لاحقاَ،كما أعتقد أنّ قنوات الأتصال مفتوحة وقوية بين المالكي والرئيس البارزاني ولاحاجة الى جعل وسائل الأعلام ادوات للحوار،بل يجب أنْ يجري الحوار بشكل مباشر وأنّ السيد رئيس الجمهورية موجود حالياً في الأقليم ويسعى الى تقريب وجهات النظر و تهدئة الأوضاع و منع التصعيد الأعلامي،وذلك من أجل الوصول الى حوار حقيقي في اطار الدستور،وكما تعلمون أنّ العلاقات بين التحالف الوطني و التحالف الكوردستاني ستراتيجية ولايوجد بديل آخر لتلك العلاقات ولانية لدى التحالف الوطني لأختيار تحالف آخر غير التحالف الكوردستاني،انه تحالف تأريخي يعود الى عهد المآسي و الويلات،لذا أعتقد أنه في النهاية لاخيار غير الجلوس معاً وحل الأشكاليات بالحوار)).
وحول حديث علي شلاه و الخطوات المتبعة في المستقبل و المحاولات لأعادة تنظيم العملية السياسية و حل المشكلات،يعتقد النائب عن التحالف الكوردستاني بكر حمه صديق بأن المشكلة تكمن في عدم وجود شراكة حقيقية لذا من الضروري أنْ تتجه الحلول نحو الشراكة الحقيقية،واضاف : ((اعتقد من الضروري أنْ تتوجه الحكومة بهذا المسار لبناء شراكة حقيقية حيث لدينا اتفاقية أربيل التي تضم نقاط عدة كانت الأساس الذي تشكلت عليه الحكومة العراقية،واعتقد لو كانت هناك نية صافية في الألتزام بأتفاقية أربيل لتم حل الجزء الأكبر من المشكلات،وعلى عكس ذلك فإنّ الدعوة الى تغيير المالكي والغاء الحكومة الحالية و اعادة تشكيلها تنسجم و المرحلة الراهنة هي الحل الأمثل،تشكيلة جديدة يشارك فيها الكورد والقائمة العراقية و التيار الصدري و مجموعة اخرى من الكتل، واعتقد اذا لم يكن المالكي مستعداَ للمصالحة و لايتقدم خطوة نحو هذا الحل ويبتعد عن تعنّده الحالي ولا يستجيب لدعوات الحوار الحقيقي فأنّ الخيار الأمثل هو البحث عن بديل حقيقي لأيجاد شراكة حقيقية في ادارة امور البلاد بين عموم الكتل السياسية،ولايمكن ادارة العملية السياسية الحالية في العراق عندما يكون طرف من الأطراف بمنأى عن القرارات و لايتحرك ساكناَ ازاء كل تلك المشكلات القائمة ودون أنْ يجد لها حلولاَ ناجحة، لذا من الضروري انْ تُحمل مبادرة رئيس اقليم كوردستان على محمل الجد و خاصة اتفاقية اربيل التي تتضمن عدداً من النقاط حول المصالحة الوطنية و الشراكة الحقيقية،و الأهم من ذلك هو قيادة السيد رئيس اقليم كوردستان لنا جميعاَ وعلى الكتل السياسية الاستجابة الحقيقية لهذه الدعوة،وفي الوقت ذاته نحن الآن أمام احتمال مصير يتطلب منّا موقفاَ موحداَ ازاء المسائل وخاصة صوت الكورد في بغداد الذي له وجود مهم ومؤثر في المؤسسات التشريعية و القضائية و التنفيذية،لذا فإنّ الأستشارة و أخذ الآراء و التحاور من الأمور المهمة ليست بالأقوال بل بالأفعال،النقطة المهمة الأخرى هي ضرورة وضع سقف زمني لتنفيذ مطالبنا مع الحكومة العراقية قبل أنْ تتعمق الأمور و تتأزم دون ايجاد أي حل كما هي الآن،كما يجب على الكورد اعطاء صورة واضحة للمالكي وكيف أنّه تمكن من اقالة رئيس الوزراء في السابق فإنّه يستطيع ازاحته عن الحكم ايضاً،وفي الوقت ذاته يفترض أنْ يحمل الكورد بديلاً سياسياً حقيقياً للأوضاع الجديدة في العراق،علينا أنْ نعلم بأنّ هناك اغلبية شيعية يجب أنْ نضع لهم الأعتبار،كما توجد قوى سياسية أخرى،لذا ينبغي على الكورد شرح هذه الحقيقة الكبيرة الى المالكي ليفهم جيداً بأنّ الكورد يستطيع تقديم بديل عنه ليس شخصاً بل بديل حقيقي سياسي تنعكس فيه شراكة سياسية حقيقية من عموم الكتل العراقية وتكون للكورد حصة الأسد في تلك الشراكة، وفي حال عدم وصول هذه الرسالة الى المالكي فإنّه سوف يستمر على نهجه الحالي)).
لايمكن حل المشكلات من غير شراكة حقيقة
كل التوجهات تؤكد على أنّه لايمكن حل المشكلات من غير الأيمان بالشراكة الحقيقية،وهذه النقطة التي اعلنها السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان في الأقليم و أوروبا و في الولايات المتحدة الأمريكية،وحول هذه المسألة سألنا النائب عن التحالف الوطني وليد عبود حيث عبّر عن رأيه قائلاً: ((الجلوس على طاولة المفاوضات واجراءحوار جدي و بنّاء مع وجود نيّة صافية لتنفيذ الوعود و التعهدات تعدّ من الأمور المهمة وينبغي على عموم الأطراف الأتفاق عليها،وبالنسبة للأوضاع الحالية في العراق وما تشهده من التوتر قال: السبب الرئيس يعود الى التنصل من الملفات الأمنية و السياسية و الخدمية و احتكار السلطات،تساور الشكوك و الريبة عموم الاطراف و معها قائمة دولة القانون اليوم في عدم وضوح رؤية حقيقية تجاه الأحداث و العمل لحلحلة الخلافات،ومن المعلوم أنّ هذه الأوضاع قد تضر بذات الأشخاص الذين يحاولون أحتكار السلطات،لأنه لايمكن حكم العراق الجديد من قبل شخص أو طرف أو حزب واحد،ومهما كان هذا الشخص أوطرف يمتلك قدرات و سلطات لابد أنْ يأتي يوم يترك فيه السلطة ويرحل، والسبب هو أنّ العراقيين متفقون على هذا التوجه وهو أنّ وجود شراكة وطنية حقيقية تضم مختلف الاطراف هو أساس الحكم الرشيد،مع هناك بعض الأشخاص الذين يتجاهلون هذه الحقيقة شاءوا أم أبوا لابد أن يواجهوا الواقع الحقيقي لمفهوم الشراكة في الحكم،نحن الأن نعيش في سباق مع الزمن ولو لم نكن مبادرين لأدركنا الزمن و تركنا ندور في حلقة مفرغة،الامور اليوم واضحة لدى كل العراقيين وهم يتفهمون حقيقتها ولايمكن أن تعبر عليهم الوعود الأنتخابية بدون أي نية حقيقية في التنفيذ،لذا أعتقد أنّه على الجميع بذل الجهود من أجل تعديل المسار لأن أبناء الشعب الذين كان لهم الفضل الأول في وصولنا الى مناصبنا هم الضحايا أولاً وأخيراً)).
النائب عن التحالف الكوردستاني محما خليل يعبّر عن رأيه حول هذه المسألة ويعتقد بأنّه على الجميع الأستجابة لدعوة الرئيس البارزاني بعد عودته من زيارته الى خارج الأقليم،لأنها تحدد الطريق الوحيد لحل كل الخلافات بين الأطراف العراقية،والاّ يضطر الكورد الى اللجوء الى خيارات أخرى،وقال في سياق حديثه ل(كولان) : ((العملية السياسية في العراق و تعقيداتها و الخلاف الحاصل بين قائمة التحالف الكوردستاني وخاصة المالكي وبين القائمة العراقية لايمكن حله من غير انعقاد مؤتمر وطني الذي دعا الرئيس البارزاني الى انعقاده،لأنّ حدة الأزمات تتزايد يوماً بعد يوم وتتعقد بحيث يصعب ايجاد حل مناسب لها،لذا اعتقد أنّه من غير انعقاد المؤتمر المزمع فإنّ مصير العراق و مستقبله سوف يدخلان نفقاً مظلماَ،وقد يترتب عليه اجراء انتخابات مبكرة و تفكك الحكومة الحالية والعراق كدولة، لأنّ هناك سيناريوهات و اجندات أخرى تنتظر العراق ومن بينها التدخلات الأقليمية ،ومن المحتمل تطبيق تلك الأجندات أو حتى فرض القرارات الدولية على البلاد،ولهذا فإنّ الانصياع لعقد المؤتمر الوطني الذي يدعو اليه السيدان جلال طالباني و مسعود بارزاني يسهم في ازالة التوترات القائمة و السيناريوهات السوداء التي تتربص بأوضاع العراق)).
سياسة المالكي عطّلتْ الخدمات
الاوضاع الحالية التي استجدت على يد رئيس الوزراء العراق عطلت الأوضاع الخدمية وفتحت الأبواب أمام توسيع ظاهرة الفساد،وفي هذا الجانب يقول الشيخ جلال الدين الصغير في اطار حديثه ل(كولان): ((من الواضح هناك سوء ادارة الملفات الخدمية في حكومة العراق الحالية ومن بينها الملف الأقتصادي ,أنّ الخلافات السياسية قد عقدّتْ الأمور أكثر،أنا لاأعتبر الخلافات السياسية ذريعة لأستمرار هذه الحالة لأنّ الاسلوب المتبع في ادارة البلاد واضح لدى الجميع و كأنّ عدم الجدية في اتخاذ الخطوات لحلحلة الخلافات تبدو متعمدة ما أثّرتْ على مستوى الخدمات المقدمة الى المواطنين، والاّ ما هو التفسير لهذه الأوضاع؟لقد صرف العراق مبلغ 26 مليار دولار على قطاع الكهرباء في حين تم توفير 1200 ميغاواط من الكهرباء فقط في غضون ثماني سنوات المنصرمة،في الوقت الذي تبلغ كلفة بناء محطة لأنتاج ميغاواط واحد من الكهرباء على مستوى العالم فقط 850 الف دولار،وبأستطاعتكم تقسيم 26 مليار دولار على 850 الف لتتضح لكم النتيجة،لذا اعتقد أنّه من الخطأ أنْ نرمي باللوم على الخلافات السياسية،وإنّما يقع على عاتق عموم المؤسسات التنفيذية في الدولة وبدوري لن أستثني أي وزارة في هذا الجانب)).
Top