• Thursday, 18 April 2024
logo

العراق ..من بلد فاشل الى حكومة فاشلة

العراق ..من بلد فاشل الى حكومة فاشلة
ترجمة/ بهاءالدين جلال


لو وصفنا العراق بأنه دولة فاشلة،وأنه يقوم، بعد انهيار النظام البعثي ،بأعادة بنائه مرة أخرى كدولة فدرالية و ديمقراطية معاصرة تداوي جروح شعبها، فإنه بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية العام المنصرم و ظهور الخلافات و التجاذبات بين القائمتين الرئيستين العراقية و دولة القانون و التعطيل الكامل للخدمات الحكومية و تصاعد نسبة اعمال العنف في المناطق الوسطى و الجنوبية من العراق بشكل عام و في بغداد على وجه الخصوص،نلاحظ أنها قد فشلتْ كحومة اتحادية(فدرالية) ويتصرف الآن فعلياً كحكومة مركزية و تحاول فرض سيطرتها على سائر المحافظات(عدا أقليم كوردستان)، وكذلك في عدم التزامها بالاتفاقيات المبرمة بين الكيانات السياسية،ولهذا السبب نجد أنّ جميع المراقبين يتوقعون بأنّ الحكومة الحالية لم ترتق الى مستوى مطالب الشعب العراقي،وحول هذا الموضوع سألنا السيدة النائبة العراقية صفية السهيل ومن جانبها تحدثت ل(كولان) عن الوضع الحالي للعملية السياسية و مستوى الخدمات المقدمة من الحكومة العراقية حيث قالت :
(من الواضح أنّ لدى كياناتنا السياسية خللاً في الفهم الحقيقي ل(الشراكة)في ادارة شؤون الحكومة،كما أنّ هناك اختلافاً في الفهم بين القوى السياسية حول كيفية العمل المشترك منذ عام 2003 وبعد تشكيل الحكومات المتعاقبة و تغيير( حكومة الوحدة الوطنية)الى (حكومة شراكة) وصولاً الى اتفاقية "اربيل"و تشكيل الحكومة الحالية،ولكن من المعلوم أنه رغم كل المحادثات و الحوارات الاّ أننا لانجد أية رغبة حقيقية من المكونات للوصول الى تفاهم مشترك من شأنه أنْ يعززالشراكة في ادارة الدولة،ولكن مشكلة انعدام الثقة لاتزال قائمةعلى صعيد العمل المشترك لبناء المستقبل و ضمان حقوق عموم المكونات، وفيمالو تجاوزنا هذه الظروف فإنني أرى من الأفضل العودة الى الدستور، وبأعتقادي أن الوقت حان للتأكيد في التنفيذ الحقيقي لعدد من المواد الدستورية،لأن الدستور يحتوي على بعض المواد تحتاج الى التعديلات ،وأنا متأكدة أنكم على علم بأن هذه المسألة هي في غاية الأهمية،لأننا رأينا بعد انتخابات عام 2010 أياً من القوائم فازت فيها بأغلبية الاصوات وأي تحالف تم تشكيله فيمابعد لتكوين كيان أكبر داخل البرلمان،لذا علينا العودة الى الدستور في هكذا مسائل ورفع الغموض عن بعض المواد الدستورية وذلك بأجراء تعديلات فيها و التأكيد على عملية ديمقراطية حقيقية و مراعاة المصالح العليا و الابتعاد عن المصالح الخاصة للأحزاب و الاطراف السياسية بهدف تشكيل حكومة قادرة على تقديم الخدمات للشعب،وليس من اجل خلق أزمة تلوأخرى.
من الواضح أنّ الخلافات تتعلق بمحاولات بعض الاطراف للوصول الى السلطة على حساب الاطراف الأخرى،ولهذا عندما نطرح موضوع الدستور و الالتزام به،نجد أن الساسة يأخذون فقط المواد التي تتفق مع مصالحهم،و في حال استجد وضع آخر و شعروا بأنه ليس في صالحهم،عندئذِ يحاولون ايجاد تفسيرات غامضة لتلك المواد)).
السيدة صفية السهيل عزت فشل الحكومة الى أنّ الساسة العراقيين لم يفهموا لحد الآن معنى و مفهوم المشاركة و الشراكة الحقيقية للحكومة،وهم لايستندون على الدستور في هذا الجانب،وحتى اذا رجعوا الى الدستور- كما تقول السيدة السهيل – فأنهم يجرون تفسيرات مختلفة لبعض مواده،وعلى سبيل المثال كما لاحظنا كيف تم وضع عراقيل أمام تشكيل مجلس السياسات العليا حيث لم يتم حسم المسألة لحد الآن،ومن اجل معرفة امكانية تجاوز هذه المسألة و اعادة العملية السياسية الى مسارها الصحيح و العمل المشترك بين مختلف الكيانات،وجهنا هذه الملاحظة الى النائب جمال البطيخ حيث ابدى رأيه ل(كولان) قائلاً: (نمر ومنذ عام 2003 بالمرحلة الانتقالية،ولكننا لم نصل بعد الى وضع يتم فيه حسم و حل الخلافات و الازمات،ومصدر كل هذه الخلافات هو القادة السياسيين أنفسهم،لأنّ تلك الخلافات لها تأثير كبير على الآوضاع السياسية،و بعض الاطراف المتنازعة هي أطراف طائفية أو مذهبية او قومية حيث تتنافس بينها منافسة شديدة من أجل الحصول على أعلى نسبة من السلطات من الناحيتين المادية و المعنوية،و اغلب السياسيين يتسترون وراء الاتفاقات السياسية التي يستخدمونها أحياناً كأوراق ضغط من اجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية،وفي هذه الظروف تتحول كل الامور بدون شك الى اتفاقات و صفقات،وهذا يؤدي بالنتيجة الى تجاهل الدستور الذي يصبح عاملاً مهماً في اضعاف الحكومة و الدولة وينتج عنه ظهور مشكلات وخلافات اخرى،وفي ظل هذه الظروف لاأتوقع أنّ تهدأ الاوضاع بل أرى من الافضل قيام الجميع بأبطال القنبلة السياسية الموضوعة حالياً داخل العملية السياسية،لاأكاد أفهم خلال ال(9) سنوات المنصرمة لماذا لم ينفّذ أي مشروع تنموي في البلد ولن نرى أي تحسن ملحوظ في الوضع الأمني يذكر،في الحقيقة هناك تداخلات كثيرة بين الازمات السياسية و الأمنية، نأمل أنْ يتخذ العراق خطوات نحو الاستقرار و الوفاق السياسي و التصرف العقلاني و الابتعاد عن"المراهقة السياسية" التي يتحدث عنها المواطنون يومياً في وسائل الاعلام و الفضائيات،ولهذا من المفروض أن يقوم السياسيون رغم وجود الخلافات بمراجعة مواقفهم على مستواهم الحزبي و ووفق حجم كياناتهم،والاً فأنّ النفق الحالي سوف لن يحتمل خروج الكل من بوابته،وهنا أود الاشارة الى بعض النقاط،وعل سبيل المثال: السبب الرئيس لهذه المسألة يتعلق بأنعدام الثقة و الكراهية بين قادة الكتل السياسية و يعزى ذلك الى الطائفية و المناطقية،فضلاً عن وجود اسباب أخرى تقف وراءالصراعات بين الطوائف و المجاميع، مثلاً: الصراع (الشيعي- الشيعي) و(السني- السني)و كذلك الصراع( الشيعي- السني) و( العربي- الكوردي). صحيح أن عموم القادة يجلسون معاً ولكن في الواقع هناك صراعات كبيرة بينهم،سيما بين القادة الكبار المتنفذين وهذا هو سبب في عدم استقرار الاوضاع السياسية ما يؤدي الى عدم تمكن العراق من أنّ يتبوأ مركزه المرموق،وعلى الاقل بين الدول الاقليمية و العالمية،وينبغي أنْ تنتهي هذه المشكلة وذلك عبر ظهور قادة مخلصين يكنون الحب و التقدير لشعبهم،وهذا يتم من خلال تقديم الخدمات وحل مشكلتي السكن و البطالة و تحسين النظام التربوي وارسال الشباب الى الخارج للمشاركة في الدورات، لأن المواطنين عندما يشعرون بوجود كل هذه الخدمات، فأن ذلك يؤدي حتماً الى غرس المودة في نفوسهم تجاه قادتهم،ويتحول هذا الشعور الى حب متبادل وخلق أجواء من الرفاهية و السعادة)).
اذاً النائبان صفية السهيل و جمال البطييخ يعترفان بالحقيقة وهي إنْ لم تكن هناك محاولات جدية لتهدئة الاوضاع فإن الامور لاتأتي في صالح الشعب،وهذا يؤدي الى أن يتحمّل المواطنون العراقييون دفع الضريبة لوحدهم،وحول وجود النقص و التقصير في مستوى الخدمات و عدم استجابة الحكومة العراقيىة لتلبية احتياجات المواطنين الخدمية،أضافت السيدة صفية السهيل قائلة: (لم تستطع الحكومة العراقية أنْ تكون على الأقل عند مستوى تأمين الخدمات للمواطنين، لأنّ كافة الكيانات السياسية اختارت الاشخاص الذين يشغلون المنصب الحكومية على أساس المحسوبية و القرابة لقادتها،لذا لو كان الوزراءو المسؤلون قادرين على ادارة امور البلاد و تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين بشكل أفضل وبعيداًعن الفساد، لما كانت الامور تصل الى مانراها اليوم،ولاأعتقد أنّ هناك أي ارادة حقيقية لأجتثاث الفساد الذي يستشري الآن في المؤسسات الحكومية العراقية،وحتى اذا ماأريد مواجهته فإنّ المحاولة تجري مع صغار المفسدين وليس مع كبارهم،اذاً كيف بأمكان الحكومة تأمين الخدمات للشعب في حين لاتجد الوزارات أمامها الفرص لتنفيذ مشاريعها و برامجها ؟اعتقد أنّ السبب الرئيس في ذلك يعود الى وجود الفساد،وعلى سبيل المثال: الأموال التي تم تخصيصها للكهرباء، حسب التقارير التي وصلتنا،تبين لنا أنها أهدرتْ إما بسبب أنّ السلطات التنفيذية و المشرفين على المشاريع غير مؤهلين و غير قادرين على تنفيذ مهماتهم على أكمل وجه، وإمّا حدثت حالة من الفساد المالي وهدرمفرط للأموال،سواء كان متعمداً أم لا،وبالنتيجة نرى أنّ ثلث الاموال المخصصة لأي مشروع يذهب هدراً،أو يُسرق،وأنّ ملف الخدمات لايشهد أي تقدّم،و لو تابعنا اقليم كوردستان في مجال الكهرباء،لوجدنا أنّه استطاع حل الأزمة حتى لو كان عن طريق القطاع الخاص،لذا اعتقد أنّ عدم ايجاد حل مناسب لآزمة الكهرباء في وسط و جنوب العراق يتعلق بالدرجة الأساس بالفساد الحزبي أو ببعض التوازنات من قبل المديرين و المسؤولين في الوزارات أو المؤسسات ذات العلاقة،حيث يستغلون الاوضاع لاصدار القرارات بشأن بعض المسائل التي تصب في مصلحة احزابهم أو مجاميعهم،وكذلك الحال بالنسبة لسائر المشاريع و الأمور،كما أن عدم توفّر فرص المساواة لجميع العراقيين ووجود اللاعدالة يشكل سبباً آخر في هذا الصدد،أنا لاافهم لماذا لم يراعوا هذا الجانب، نراهم أحياناً كثيرة يستشهدون في تصريحاتهم ب(تجربة كوردستان العراق)و يدعون الى اتباعها في مجال ادارة الحكومة، رغم وجود نسبة من الفساد في الاقليم، الاً أنّه قد حقق مكاسب و منجزات كثيرة،منْ يزور اربيل و السليمانية و دهوك يجد بأم عينه ما تحقق من مكاسب ويشعر بوجود حركة مستمرة في مجال تأمين الخدمات الى جانب بدء الاصلاحات من قبل الحكومة و رئاسة الاقليم،وأرى من الضروري و المهم مقارنة تجربة اقليم كوردستان مع تجارب بعض الدول التي مرت مثل العراق بظروف صعبة و قاسية من الناحية التأريخية وهي الآن في المرحلة الانتقالية و تعمل في بناء مؤسساتها وترسيخ الديمقراطية من اجل خدمة مواطنيها،هناك أمثلة كثيرة يمكن الاعتماد عليها في مجال تنفيذ المشاريع التنموية و خدمة البنية التحتية و غيرها التي تتعلق باحتياجات المواطنين ويالنسبة الى الموازنة العامة في"العراق"ليس فقط لهذا العام بل للسنوات المقبلة،نجد أنها زادت بنسبة كبيرة ما ادى الى تسميتها ب(الانفجار)وقد علّق عليها الشعب الآمال لتحسين اوضاعه في شتى المجالات الحياتية ولكن للأسف نجد أنّ المواطنين يشعرون بأن هناك من يستغل الفرص في كل عام من اجل الحصول على أموال طائلة على حساب المواطن،وبرأيي إنّ هذه المسألة تحتاج الى ارادة سياسية لمواجهة الفساد بالدرجة الاولى،كما أنها ضرورية للوصول الى اتفاق و انسجام بين الاطراف و الكيانات السياسية، وينبغي اختيار أشخاص مؤهلين و متخصصين لشغل المناصب الوزارية و المؤسسات الحكومية من اجل التعامل الامثل و الادارة الناجحة و خدمة المواطنين.
النائبة صفية السهيل ل(كولان): حان الوقت للأصرارفي التنفيذ الحقيقي لعدد من المواد الدستورية
النائب جمال البطيخ ل (كولان): لاأعتقد أنّ هناك أي ارادة حقيقية لأجتثاث الفساد الذي يستشري في المؤسسات الحكومية العراقية.
Top