• Friday, 19 April 2024
logo

تحوّلات الشرق الاوسط و المرحلة الجديدة لحل القضية الكوردية

تحوّلات الشرق الاوسط  و المرحلة الجديدة  لحل القضية الكوردية
ترجمة/ بهاءالدين جلال


كل دول العالم تقرأ احداث الشرق الاوسط بمنظار مصالحها الخاصة،وحسب آخر الاحصائيات قُتل اكثر من 1600 مواطن في التظاهرات السورية لحد الآن والاضعاف المضاعفة من الجرحى،واكثر من ذلك لجأوا الى المجمعات في تركيا، ولكن الصحفي و المتخصص في الملف السوري أندرو باتلر يؤكد في لقائين مع الموقع الالكتروني لمجلس العلاقات الخارجية (www.cfr.org) و قناة BBC،أن مايطرح الى الآن على طاولة واشنطن ازاء سوريا و تمنح الاولوية هي مسألة قطع العلاقات بين سورية وايران والحل السلمي بين سوريا واسرائيل،فضلاً عن دعوة الاسد الى اجراء تغييرات سياسية،كما تم التفكير في فرض العقوبات الاقتصادية على سوريا ومنع الاسد وبعض أفراد أسرته من السفر.
اما تركيا التي فتحت حدودها امام اللاجئين السوريين،لاتزال توجّه سوريا بأتجاه اتخاذ خطوات لحل المشكلة بطريقة معقولة،وهذا يعني أن تركيا تقصد من وراء ذلك الى أن تبدأ الحكومة السورية بالأصلاحات،ولكنها ليست مع تغيير نظام الاسد،وبالنسبة الى اسرائيل التي لها مشكلة الجولان مع سوريا منذ اكثر من 44 عاماً، لم تصل بها المشكلة الى افتعال الحرب معها،لذا فأنها تفضل ايضاً بقاء الاسد في سدة الحكم وأن لايتم تشكيل حكومة سنية يلعب فيها الاخوان المسلمون الدور الرائد فيها وبالتالي تهدد أمن اسرائيل.
أما العراق، الذي زاره وزير الخارجية السوري قبل فترة، فقد ظهر حسب رأي المراقبين أن الحكومة العراقية الحالية هي الأخرى تفضل أن تحكم سوريا الاقلية العلوية و أن لاتتسلم الاغلبية السنية مقاليد الحكم فيها ،حتى لايزعزع استقرار العراق.
واذا ما جمعنا بين كل تلك الآراء ونظرنا اليها من منظار المصالح الامريكية ، لوجدنا أنها تتلخص في الجملة التي أشار اليها الدكتور محمد البازي، الصحفي والباحث في مركز مجلس العلاقات الخارجيةنضمن مقال نشرها في صحيفة وؤل ستريت (نحن لانريد أن نفتقدك، ولكننا نعتقد أن عليك الرحيل - We Don’t want to Lose You، But we Think You Ought to Go)،صحيح أن الدكتور محمد البازي هو عربي ومن أصل لبناني، ولكنه لم يقم بتوجيه هذا الخطاب الى الرئيس السوري كمواطن عربي،بل كتبه كمواطن امريكي وصحفي خبير في شؤون سوريا و الشرق الاوسط،كما أشار الى ذلك في متن المقال بأن هناك أعداءاً كثيرة لسوريا في الخارج،ولكن كل هذه الاعداء لاترغب بسقوط نظام الاسد.

الجغرافية تحدد النظرة الى المشكلات و المواقف ازائها
كان محمد حسنين هيكل من أبرزالصحفيين العرب في القرن الماضي، وفي الوقت ذاته كان وزيراً للأرشاد القومي إبان عهد جمال عبدالناصر فضلاً عن مستشار الرئيس المصري ، وكان مقرباَ من السادات قبل أن يأخذ ازائه موقفاً متشدداً بسبب اتفاقية كامب ديفيد،هذا الصحفي و الوزير الذي كان يتم استقباله كرئيس دولة من الصين حتى امريكا،وجه في أحد لقاءاته مع الرئيس الفرنسي انتقاداً لعدم اتخاذ بلاده موقفاً معيناً في هزيمة العرب مقابل اسرائيل في عام 1967،وجواباً على ذلك سأله الرئيس الفرنسي:هل أنك تنظر من باريس الى الموقف الفرنسي حيال مصرو اسرائيل أم من القاهرة ؟ لذا هو أمر طبيعي أذا ما نظرت الى المشكلة من القاهرة ،وطبيعي ايضاَ تعتقد بأن موقفها غير صحيح،ولكنك لو تنظر اليها مثلي من باريس، فأنك تشعر بأنه من المفروض أن يكون موقف فرنسا بهذا الشكل،أن هذا الحدث يعلّمنا امراً وهو عندما نعبّر عن آرئنا حول حدث أو مشكلة معينة، من المهم أن نعرف من أي موقع جغرافي ننظر الى القضايا و كيف نقرأ المتغيرات من أجل المصلحة القومية و الوطنية. وفي هذا الاطار فإن هذا التقريرحاول من اربيل مناقشة اسئلته حول مستجدات الشرق الاوسط و كذلك التداعيات التي تثيرها الانتخابات الاخيرة في تركيا حول المسألة الكوردية في الشرق الاوسط،وتوجيه اسئلته الباحثين و المتخصصين على مستوى العالم،اذن خلاصة هذا التقرير يكمن في البحث عن الاسئلة التي تفرزها المستجدات الخاصة بالقضية الكوردية والتي لاتشير اليها أحد غيرنا،وكما أن مئات الآلاف من المواطنين الكورد في سوريا حُرّموا من هوياتهم القومية ولم يدافع عنهم أحد على المستوى الدولي،لذا عندما نجد اليوم الحكومة السورية وهي تطالب بنفسها اعادة الحقوق المغتصبة للشعب الكوردي ومستعدة للتفاوض و الحوار مع الاحزاب الكوردية في سوريا، ويعني ذلك أن تلك المتغيرات صاحبتْ معها تطورات كبيرة، وعلينا الوقوف على كل نقطة من تلك المتغيرات،حتى نستطيع توجيهها نحو التنفيذ بالأتجاه الصحيح،و ليس من الشرط أن يكون طريق التنفيذ هو انتظار الكورد من السلطات السورية أن تثبت لهم حقوقهم أم لا،بل من أجل أن يشاركوا في اجتماعات المعارضة السورية كما رأينا قبل فترة استقبلتهم تركيا في انطاليا حيث حضرها عدد كبير من ممثلي الاحزاب الكوردية السورية،ولكي يدخل ضمن برنامج المعارضة ومن أجل أن لايتم اغتصاب تلك الحقوق من الكورد مرة أخرى،والجانب الآخر من الاهتمام بهذه المسألة هو أن يُدعَم الكورد في سوريا كوسيلة للديمقراطية و حماية حقوق الانسان و التعريف بحقوق مواطنتهم لكي يسمعهم العالم ويحترم آرائهم،وأن يقتنعوا بأنفسهم أن مايمكن تحقيقه سلمياً، لايمكن أن يتحقق عن طريق القتال،لذا من المهم هنا أن ينظر الكورد في سوريا اشقائهم في تركيا،كيف أنهم يرحبون بخطوات الانفتاح والنضال السياسي البرلماني،وعدد ممثليهم الى البرلمان يزداد في كل العمليات الانتخابية ،بحيث وصلت الآمال في الانتخابات التركية هذا الشهر الى التفاؤل بشأن دخول حزب كوردي الى البرلمان بدلاً من مجموعة نواب الكورد المستقلين،وهذا يعني أن تجري تغييرات في نظام الانتخابات التركية، كي يحصل الكورد على اكثر من 10% من الاصوات ويشكل كتلة برلمانية ويلعب دوره بشكل اكبر.

الخطوات الناجحة لأقليم كوردستان عرّف العالم بالموقع الكوردي المتمييز
ان ما يميّزالكورد عن القوميات الاخرى في الشرق الاوسط هو أن الكورد لايرى في غير الانتخابات الديمقراطية طريقاَ قويماً آخرلضمان مستقبله،و الاكثر من ذلك إنه حاول وفق حجمه ترك آثاره بهذا الأتجاه على المنطقة، والخصوصية الأخرى للكورد كشعب مسلم،أنه لم يحاول الدمج بين السياسة و الدين، أوتسييس الدين،لذا نجد أن الاحزاب و التيارات الاسلامية في كوردستان لها كامل الحرية في تشكيل الاحزاب بصورة علنية وتشارك في البرلمان،ولكن ليست بهذا الحجم بحيث تشكل خطراً على العملية الديمقراطية،وهذا دليل على أن طبيعة الشعب الكوردي توحي بأنها لاتقبل بالأحزاب السياسية الاسلامية،وماتم تشكيله في اقليم كوردستان هو من الافكار المستوردة من الخارج،بجانبيه السلفية و الاخوان المسلمين،لذا فإن هذه الحالة لم تصبح أملاً لمستقبل الكورد في المنطقة ليخطو نحو آفاق مشرقة فحسب،بل اكثر من ذلك فإن أقليم كوردستان غدا موضع آمال للمجتمع الدولي لأعتباره المحطة الاولى للديمقراطية في المنطقة.وحول هذا الجانب توجّهنا بسؤال الى البروفسور جوشو لانديسس مدير مركزدراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما والمتخصص في المسألة الكوردية بصورة عا مة، والكورد في سوريا على وجه الخصوص،حول أهمية اقليم كوردستان بالنسبة للكورد في الشرق الاوسط،فأجاب قائلاً: ((لو قارننا الآن بين الكورد وفلسطين، نرى أن وضع الكورد احسن بكثير عن وضع فلسطين،أنا لايسرني هذا،ولكنني لاأعتقد أن الفلسطينيين يشكلون دولة ابداً، ولكن الكورد فأنهم يمتلكون كل الامور عدا الدولة،لهذا فمن الصعب جداً أن يتم منع الكورد من امتلاك دولة مستقلة لهم،والاوضاع الراهنة في اقليم كوردستان صحيح أن الاقليم غير مستقل بشكل كامل الآّ أنه شبه مستقل الى حدٍ كبير،و يمتلك سلطة ادارية واسعة،ويعتبرأساساً لصالح دولة كوردستانية مستقلة،ولكن الواقع الحالي لكوردستان يتوقف على مستوى علاقات اقليم كوردستان مع تركيا،واذا ماأصر اقليم كوردستان في تعزيز علاقاته مع تركيا، فمن المحتمل أن تقبل تركيا بأن يصبح الاقليم دولة مستقلة،كما أن تحويل اقليم كوردستان العراق الى دولة تعادل استقلال عموم كوردستان،بالتأكيد فإن هذا لاينحصرفقط في القضية الكوردية ، بل إنها قضية عموم الاقليات العرقية و الدينية،وهذا يتعلق بكيفية تعاطف الكل كمواطني هذا البلد،بحيث يكون الجميع سواسياً، كانت تلك مشكلة صعبة،ليست بالنسبة الى تركيا فقط،بل بالنسبة الى سوريا والعراق وايران ايضاً، وإن حل القضية الكوردية جزء كبير من المسألة،وما يبعث عن الامل هو ان تتحول تجربة كوردستان والعراق الى نموذج متميزلأنها اصبحت سبباً لتغييرالنظرة حول الكورد وقضيتهم بشكل عام.وأنهم ينظرون الى كوردستان العراق بهذا الشكل حيث كانت لهم نتائج ايجابية وليست سلبية،اذن لو كان ناجحاً من الجانب الاقتصادي فأن باستطاعة تركيا أن تنجز فيه اموراً كثيرة،و الاكثر من ذلك فأنه يؤدي الى تأثير تركيا على العراق،لأن الكورد في الجزء الكوردي من العراق يعتمدون على تركيا الى حد كبير،وتركيا تقوم بحمايتهم وتسعى الى تطوير مصالحها لكي تتمكن عن طريق الكورد من زيادة وجودها داخل الحكومة العراقية، و تترتب على ذلك نتائج ايجابية بالنسبة الى كوردستان و الى تركيا ايضاً، وهذا يشكل تغييراً في وجهات نظر تركيا ازاء القضية الكوردية،لان تركيا تعتقد أنها تتمكن من بناء علاقات قوية وتفكّر في أنه لو نجحتْ كوردستان العراق،فأن ذلك ينعكس على الكورد في تركيا وحينها يشعرون بأرتياح،ولآن وجود شعب مستقل أو شبه مستقل في العراق يحثهم على عدم توجيه الطلب المماثل من تركيا،وهذا يكون مشابهاً لليهود الامريكيين،الذين يشعرون بالسعادة كونهم امريكيون،و في الوقت ذاته مرتاحون بوجود اسرائيل الذين بأمكانهم مساندتها،وأن هذا الدعم تعبير عن الطموح القومي من أجل الاستقلال القومي)).

وفي جانب آخر من حديثه وحول تأثير سياسة الانفتاح في تركيا وخطواتها على حل المشكلة الكوردية،والذي يعود ايضاً الى انعكاسات علاقة اقليم كوردستان معها،و مدى تأثير تلك الخطوات في المسألة الكوردية بالنسبة الى الاجزاء الأخرى،يقول البروفسور لانديس: (الخطوات المتخدذة منقبل اردوغان و حزب العدالة و التنمية هي خطوات مهمة في تغيير مفهوم القضية الكوردية على صعيد عموم المنطقة ،بالـتأكيد فإن انشاء اقليم كوردستان العراق يعتبر مهماً من عدة جوانب،لانه في العهود السابقة التي كانت فيها الاوضاع غير آمنة ، كان بأمكان سوريا الادّعاء بأنها تتعامل مع الكورد معاملة أحسن من غيرها،أي أحسن من صدام حسين و كذلك من تركيا، و من المحتمل أن يكون صحيحاً ، لأن جميع الاطراف كانت تتعامل مع الكورد معاملة قاسية،وحالياَ فإن الظروف قد تغيّرتْ بالنسبة للكورد بشكل جذري،وذلك بسبب ما حدث في العراق،وأن كورد العراق يمتلكون مستوى رفيع من حق تقرير المصير،وهذا يتطلب من جيران العراق البدء بنوع آخر من التعامل مع الكورد، حتى أن معايير التعامل الحقيقي مع الكورد قد تغييرت في الوقت الحاضر،والآن تتعامل سورية مع الكورد بأبشع طريقة،ولأنها لم تمنح اكثر من 300 ألف مواطن كوردي الجنسية السورية ،وقد تغيّر ذلك مع الانتفاضة السورية،لأن الرئيس الاسد قلق جداَ من أنْ ينضم الكورد الى تلك الانتفاضة وينظمون التظاهرات،وقد اعرب لهم عن عدة تنازلات،أنا اعتقد أن الحوار الذي دار بين الاسد و اردوغان خلال الاشهر الماضية كان عاملاً مساعداً لمنح الكورد السوريين شهادة الجنسية السورية التي حُرّموا منها سابقاً،لان الجميع كان يتساءل حول مسألة الجنسية ومستقبل الكورد في هذا البلد،أحد اسباب حرمان المواطنين الكورد في سوريا من الشهادة هو أن الكورد كانوا قد قدموا من تركيا الى سوريا إبان العشرينيات وحتى الاربعينيات ،وكان المتوقع أن يعودوا يوما ما الى تركيا،لأنهم أتراك وليسوا سوريين،وخلال الاشهر القليلة الماضية التي كان اوردوغان يتباحث فيها مع الاسد، أشار الى موضوع حزب العمال الكوردستاني وبالمقابل تحدث الاسد حول الكورد في بلاده،،اعتقد أنه أبلغه بأنهم لو أرادوا حل القضية الكوردية ،فإنه يجب على سوريا منح الكورد شهادة الجنسية السورية المقيمين فيها،لأنهم لايعودون الى تركيا،اعتقد أنّ الاسد كان متفقاً معه في ذلك،ولكنه كان قلقاً حيال كوردستان وقلقاً حول مصيرهم هل أنهم يريدون أن يكونوا سوريين أم يشكّلون دولة مستقلة؟
لذا فإن كل الامور تتوقف على مايحدث في سوريا،ومن الصعب معرفة مايؤول اليه المسستقبل في هذا البلد،وحاليا يظهر أن مستقبلاً مظلماً ينتظرها،وما يقلقني بشأن سوريا هو احتمال اندلاع حرب أهلية فيها، وماذا يعني ذلك بالنسبة الى المواطنين الكورد فيها؟ وهذا غير واضح لحد الآن.


الكورد كقوة ديمقر اطية في المنطقة وفي الشرق الاوسط
مايبعث على الامل بالنسبة للكورد جراء المستجدات في الشرق الاوسط و سوريا، هو أنه بأنتظار أنْ تخطو المنطقة نحو الديمقراطيية،واستعداد الكورد لاستقبال موجة الديمقراطية اكبر من القوميات الاخرى،وحول هذا الموضوع تحدث البروفسور مارتن سلان استاذ العلوم السياسية و عميد كلية العلوم في جامعة كارولينا ل( كولان) مشيرأ الى أن هناك ثقافة ضد الديمقراطية في الشرق الاوسط ،ولكن الكورد له استعداد لقبول الديمقراطية،وأضاف قائلاً: ((عليكم الاستمرار في اعمالكم التي انجزتموها سابقاَ،الكورد فيه نزعة الديمقراطية ولم يُغرّربهم من قبل المتطرفين،ولم يُخيفهم العنف،لذا فأنهم يقاتلون من اجل الاستقلال منذ مئات السنين،هذه فرصة ثمينة موالية للكورد،أنا أتوقع أن ترون كوردستاناً مستقلة في غضون عشر الى خمس عشرة سنة القادمة،كوردستاناً ديمقراطياً تطارد الأحزاب المتطرفة،وتلك الاحزاب تسعى الى العودة بالكورد الى العصور الوسطى من اجل أن يعيشوا في ظل القمع و الاستبداد،هذا الزمن يمضي في وقت قصير و الكورد يصبحون أول أمة تحافظ على هذا المكسب، وفي المقابل اعتقد ان العرب يتخوفون مما يدور في كوردستان،ويفهمون الحقيقة أن الكورد أسسوا الديمقراطية،أوعلى الأقل سعوا الى بناء الديمقراطية،هذا في حين أنه لايتوقع أن تظهر الديمقراطية في أي جزء من العالم العربي،وهذا لايمكنه أن يحدث،لأن الثقافة تعادي مساعي الديمقراطية،أنا سمعت من القادة الكورد يقولون لو تم انشاء كوردستان مستقلة و ديمقراطية في الشرق الاوسط فإنها تصبح أقرب حليف لأمريكا،اعتقد أن هذا هو احسن خبر بالنسبة لأمريكا وكذلك للكورد،أنا على ثقة أنه في حال انشاء كوردستان مستقلة و ديمقراطية ، فإنها سوف تعزز علاقات متينة و متكافئة مع امريكا،ولذا لو وجدتْ كوردستان يصل عدد سكانها الى 25 أو 30 مليون كوردي،لها وجود سياسي مستقل في الشرق الاوسط، فأنها تزيد الفرص أمام الديمقراطية الى حدٍ كبير،وعند ذلك يتضح للكثير من جيران كوردستان، سواء من العرب أومن الاتراك بأن كوردستان تصبح أول دولة اسلامية كوردستانية متكاملة و مزدهرة في العالم،أي تصبح نموذجاً للأجزاء المتبقية من العالم الأسلامي،وهذا يحدث لأول مرة في كوردستان ومن الضروري أن يحدث فيها،لأن الكورد لهم تأريخ عريق وغابر قبل الاستقلال،وبعد الاستقلال فإنهم يعرفون بأن الديمقراطية ستكون في صالحهم،وهذا سوف تشكل أملاً كبيراً لباقي الاجزاء الاخرى في العلم الاسلامي)).
وحول الانفتاح الحالي في تركيا ازاء الاكراد،يقول البروفسور مارتن سلان في جانب آخر من حديثه: ((الاتراك متفهمون بأن الكورد يشكّلون نسبة كبيرة للسكان في تركيا،أكبرمن النسبة الموجودة في سوريا،ولكن يحدث أمر آخر في تركيا وهو أن عدد سكان الاتراك لاينمو على غرار عدد الكورد،اعتقد أن الحكومة التركية تنظر الى المسألة بأن هناك قنبلة ديموغرافية موقوتة على أراضيها،وذلك لأحتمال أن يصبح الاتراك اقلية في بلادهم في غضون اربعين أو خمسين سنة المقبلة و الكورد يصبحون اكثرية، حينها تتحول تركيا أو بالأحرى شرقها الى كوردستان جديدة.
الحكومة التركية تتفهم جدية هذه المسألة وتسعى الى منع الكورد من خلق هذا الشعور بين أجيالهم القادمة،لأن ذلك يعتبرالطريق الوحيد لحماية تركيا كاملة،وبشأن عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي ليصبح ذلك عاملاً لتحسين اوضاع الكورد،اعتقد أنه يترتب على الكورد أن يتوقعوا دعماً كبيراً من الاتحاد الاوروبي،لأن الاوروبيين لديهم مشاغلهم الخاصة،انهم يهتمون بالعرب و الاتراك أكثر من اهتمامهم بالكورد،الاّ عندما يتم انشاء دولة مستقلة و الكورد يصدّرون النفط الى اوروبا،من جهةاخرى فإنه بأمكان امريكا أن تصبح سنداً وعوناً كبيراً الى كوردستان.اكررها ثانية،يجب أن يكون للكورد ممثل خاص في امريكا من أجل التباحث مع اعضاء الكونغرس الامريكي و حثهم على الاقتناع بقضيتهم وشرح الحقائق لهم بأن الكورد من اعرق شعوب الشرق الاوسط،ولم يكن بينهم وبين امريكا أى احتكاك، وبأمكانهم أن يصبحوا حليفاً مفيداً لأمريكا،هذه هي الرسالة التي عليكم ايصالها الى اعضاء الكونغرس الامريكي،لقد فكرت ومنذ عدة سنين بأنه يجب على الكورد أن يكون لهم لوبي(lobby)قوي في واشنطن- مجموعة قادرة في التأثير على السياسات الامريكية و اقناعهم،لقد تحدثت مع العديد من الامريكيين،يملكون عطفاً و عوناً ازاء الكورد،لآنهم يتفهمون بأن الكورد تعرضوا الى الابادة والاستبداد عبرحقب من الزمن ويجب أن تكون لهم دولتهم المستقلة،الجدير بالملاحظة أنني قد تحدثتُ مع الاسرائيليين وهم ايضاً يعتقدون بضرورة وجود دولة مستقلة للكورد،حقيقة أنهم على قناعة بأنه آن الأوان لذلك،وبخصوص القضية الفلسطينية ،لقد تم اثارتها أصلاً من قبل العرب لهدم اسرائيل، والاسرائيليون يفهمون بأن هدم اسرائيل لايشكل اهتماماً لدى الكورد،لأنهم يهتمون فقط بمسستقبلهم السياسي، اعتقد أن وجود 25 مليون كوردي أهم بكثيرمن 5 ملايين فلسطيني)).

الكورد أمام فرصة تأريخية كبيرة
الى أي حد يستطيع الكورد الاستفادة من هذه الفرصة الكبيرة التى توفرت جراء التغيييرات التي حصلت في المنطقة واغتنامها لصالحهم؟وجهنا هذا السؤال الى البروفسورة اوفرا بيبنكو استاذة العلوم السياسية و المتخصصة و الخبيرة في شؤون العراق و أقليم كوردستان وقد أجابت عنه ضمن حديثها الى (كولان) قائلة: ((اعتقد أنه من الضروري الاطلاع على مايدور في هذا القرن،نتأمل بدايته و ومقارنته بالقرن الماضي،وذلك من أجل التفهم ليس فقط عن مايدور في سوريا، بل للأطلاع على اوضاع عموم المناطق الكوردية التي يعيش فيها الكورد،لآنها محل أهتمام كبير،وعلى سبيل المثال في القرن الماضي نجد أن اوضاع الكورد لم تكن مستقرة في نهاية الحرب العالمية الاولى،لأنهم كانوا يقيمون في خمس دول ،وقد أُستُضعفوا و كُمتْ افواههم قرابة قرن كامل،وعلى عكس ذلك نجد الكورد قد استعادوا عافيتهم واصبحوا أقوياء في بداية القرن الحالي،وقد تعاملوا من أجل أن يتم الاعتراف بحقوقهم و سلطاتهم،بدءاً من كوردستان العراق وبعدها في تركيا والآن في سوريا،إن ما يحدث في سوريا الآن يثير الاهتمام، لأن بشار الاسد يتفهم الحقيقة بأنه بحاجة ماسة الى الكورد كحليف ضد العرب السنة ويسعى الى جذبهم الى جبهته،السؤال هو:هل أن الكورد مع السنة و الاغلبية في سوريا؟وقد لاحظت أن الكورد يلعبون على الجبهتين،أي أنهم يحاولون التحالف مع المعارضة ضد الحكومة،وفي الوقت ذاته لم يغلقوا الباب بصورة كاملة بوجه بشارالاسد لكي يكسبهم الى جبهته،ولكن بشكل عام أعتقد أن هناك علاقات بين عموم أجزاء كوردستان،حتى كوردستان ايران التي لانسمع عنها كثيراً من الأخبار في الوقت الحاضر،ولكن وجود الحدود بين الكورد كان له تأثير كبيرودائم في ذلك،ولو أخذنا ثورة بارزان ابان السبعينات على سبيل المثال،نجد أن تأثيرها كبير على مايحدث حالياً في المنطقة،عندما بدأ البارزاني ثورته، مُنع كورد تركيا من التحدث باللغة الكوردية و واظهار شعورهم القومي الكوردي،وبالامكان أن نقول الشئ نفسه بالنسبة لكورد سوريا المقيمين على الحدود،اعتقد أن هناك تفاعلاً أكبر بين الكورد في تركيا و سوريا،وذلك بسبب التحالف القائم بين الحكومتين التركية و السورية،وبين اوردوغان و الاسد،حيث كان مواطنو سوريا وتركيا يعبرون الحدود بينهما بمنتهى الحرية،دون الحاجة الى تأشيرة الدخول، كما يمكننا القول بأن العلاقات بين كورد البلدين كانت قوية،لأن الكثير من الكورد في تركيا لجأوا الى سوريا ابان الثورات الكوردية في تركيا في أوائل القرن الماضي،ونقلوا معهم فعاليات ثقافية و صحفهم الى سوريا،لذا يمكن الاشارة الى أن الحدود لم تشكّل أبداً حواجزاً بين الجانبين،وكان التعاون و التفاعل على حدود البلدين موجوداً،وما يتعلق بما يحدث في تركيا ،كان اوردوغان قد رفع شعاراً في كل مكان الذي بدأه في اوكتوبر من عام2009،وكان عبارة عن اصدار قرار العفو عن اعضاء حزب العمال الكوردستاني،حيث بدأه لفترة ثم أوقفه،ولم يستمر، ونحن لانعلم هل يستمر أم لا،ولكن بأمكاننا القول أن الكورد في تركيا هم الآن في موقع قوي)).

وحول تأثير اقليم كوردستان على المنطقة و جهوده لاظهار استعداد الكورد للديمقراطية قالت السيدة اوفرا بينكو في اطار حديثها ل(كولان): (( انا متأكدة أن الكورد يلعب دوراً مهماً،لذا لو أستشهدنا بتجربة العراق ،كان للكورد تأثير كبيرعلى الدمقرطة الكاملة للبلاد،في كتابة الدستور الذي يعد من اكثر الدساتير ديمقراطية التي سُنّتْ في العراق لحد الآن،وما يتعلق بتركيا، صحيح إنها ديمقراطية،ولكن ما يخص الكورد فيها، فلا وزن ولا صدى لهم في سياسة هذه الدولة،لم يتم الاعتراف بهويتهم الى الآن،وهذا يعني بأنها ليست ديمقراطية بشكل كامل، اذن الى أن تعترف بالحقوق القانونية للكورد، عندها نستطيع وصف ديمقراطية تركيا بأنها حقيقية،والشئ ذاته بالنسبة لكورد سوريا،حتى أن بعض المواطنين الكورد لم تكن لديهم الجنسية،وبالتالي لم يتمكنوا من السفر الى خارج البلاد،أو التجوال فيها، وينطبق ذلك على الكورد في ايران،اذن متى ما حقق الكورد حقوقهم الديمقراطية،هذا يعني أن عموم البلاد سوف يكون مفتوحاً بوجه الديمقراطية،وهذا لايشمل الكورد لوحدهم)).

حول نظرتها الى مستقبل اقليم كوردستان وجهود الكورد في هذا الاطار تقول البروفسورة اوفرا: ((النقطة المهمة بالنسبة الى كوردستان هي أن القوى الاسلامية ليس لها أي تأثير على الحياة السياسية لشعب كوردستان،بداية أنا لاأقول أن لاوجود لأي تيار اسلامي في كوردستان العراق،بل هناك بعض من التيارات الاسلامية،ولكن نستطيع القول أن الناس يحاولون التقليل من تأثيرها ومنع سيطرة الاسلاموية على حياتهم اليومية،وهذا شئ مهم،واذا ما توقفنا على الاوضاع في بغداد،لوجدنا أن حركة الاسلمة في تطور مستمرويخضع المواطنون فيها بشكل كبير الى تأثيرات بعض الدول الاقليمية المعروفة،في حين أن الاحزاب الرئيسة الكوردستانية لاتقع تحت تأثيركبير لتلك الاحزاب،اذن يمكن القول بشكل من الاشكال أن كوردستان تشبه جزيرة داخل بحرتنمومن حولها الاسلاموية،أملي أن نتمكن أن تصبح هذه الجزيرة نموذجاً، كما تتمنون،لعموم المنطقة،وذلك من أجل أن يثبتوا للعالم بأمكانية أن تكون مسلماً و ديمقراطياً في آن واحد،والفصل بين الدين و الدولة،وبالنسبة الى مساعيكم لحل القضية في الشرق الاوسط،أعتقد ان الوقت مناسب لذلك،ولكن سؤالي هو:أي نوع من الحلول تقصدون للقضية الكوردية،هل هو الحل الذي تم في جنوب السودان؟أو الذي أُتّبع في العراق أو مايدور في تركيا؟ لأن هناك عدة طرق وصيغ لحل القضية،صيغة السودان،هل إنّ الاوروبيين يحاولون تطبيق النموذج السوداني في العراق،وهذا يتوقف على نضال الكورد ،وماذا يفعل الكورد، وليس ما يفعل الاوروبيون،كان ذلك سؤالاً صعباً وجوابه كذلك،هذه هي المسألة التي انا اسأل عنها،لماذا لاتقارنون أنفسكم بالفلسطينين أو بجنوب السودان،مهمتكم الرئيس ككورد هي أن تتوجهون الى العالم و تثبتون بأنكم أمة لكم الحق في دولة مستقلة،هذه هي مهمتكم،انْ لم تطالبوا بها فلا يمنحكم اياها أحد،لقد أنجزتم الكثير ولكنكم لستم على الخريطة الدولية،لذا على الكورد أن يكون لديهم الاستعداد للوجود على الخريطة الدولية و عليكم ايضاً طرح مسألة تشكيل الدولة،واعتقد أن الكورد لم تتكون لديهم العزيمة الكاملة لحد الآن أو لم يصّروا على اتخاذ هذه الخطوة،وذلك إما بسبب خوفهم من الدول الجواروإما لم يتحدوا كما يجب،هناك توجّهان اثنان بصدد فشل الكورد من تحقيق الدولة الكوردية،البعض يُحمّل القوى الخارجية اسباب ذلك،ولكنني أًحمّل الكورد أنفسهم تبعياته،لأنك متى ما اصبحتَ جريئاً أو موحداً على انجاز عمل ما،فإنك تنجح فيه، وعلى العكس فأن العالم لايمنحك شيئاً، فقط بسبب المصيبة التي حلتْ بك أو تطلبه أنت.

البروفسورجيم كوفمان استاذ العلوم السياسية في جامعة ليهي(Lehigh) و المتخصص في مجال نظرية العلاقات الدولية،الامن الدولي(مسائل الحرب و السلام)القومية والمشكلات العرقية،علم النفس السياسي ، والمتخصص والخبير في شؤون الكورد والعراق و الشرق الاوسط،له دراسات عديدةعن الكورد منها(العراق:التعايش بعد التطهيرالعرقي،تقسيم العراق.. يحمي العراق)البروفسور كوفمان كان قد كتب العديد من المقالات الخاصة ب(كولان)، واجرت معه المجلة لقاءات خاصة، وكان في كل مرة يعبّر عن آرائه حول الاحداث بصراحة كاملة،وهذه المرة أيضاً بعد الاحساس بأن القضية الكوردية دخلتْ مرحلة جديدة بعد مستجدات الاحداث في الشرق الاوسط والانتخابات التركية،ارتأينا من الضروري أن نجري حواراً صريحاً مع البروفسور كوفمان،
وقد حدد لنا الموعد مشكوراَ و أجاب عن أسئلتنا،هذا هو نص اللقاء مع كولان.
* تزامناً مع تغييرات في الشرق الاوسط و الدول العربية،تكاد القضية الكوردية تشهد التغيير،ولأول مرة نرى الرئيس السوري(بشار الأسد) مستعداَ للقاء رؤساء الاحزاب السياسية الكوردية السورية، كيف تقرأ هذه التحولات؟
جيم كوفمان:قبل كل شئ أًعيدُ تغييرات الحكومة السورية الى الاوضاع الخاصة في هذا البلد،لأنها تُحكم من قبل الجماعة العلوية وهي الاقلية،وكانت دائماً في موقع ضعيف مقابل الاغلبية السنية العربية،وقد اتبّعوا تقليداً وهي التسامح أو ساعدوا الاقليات الاخرى، ولكن لانجد الى الآن يشمل هذا التقليد السياسي السوري الكورد،ولكنهم عملوا ذلك مع المسيحيين السوريين،و الاضطرابات الحالية في سوريا افتعلها بشكل رئيس- وليس بالكامل- العرب من المذهب السني،والذين يدافعون عن نظامهم العلويين و المسيحيين بالدرجة الاساس.
لذا نجد أن كل العالم يتحدث عن خبر قيام قوات النظام السوري بقتل اكثر من 1000 شخص ومنعوا الناس من الوصول الى المستشفيات فضلاً عن جرائم أخرى،واذا ما سألت المسيحيين السوريين الامريكيين عن ذلك لقالوا لك أن المتظاهرين هم الذين يقتلون ويمثلّون بالجثامين ويقطّعونها،والحكومة لم ترتكب أى خطأ.وهذه اشارة الى الخوف الذي يعم الاقليات السورية،وحول ما تؤول اليه الاحداث بعد سقوط الاسد وتسنم الحكومة الجديدة مقاليد الحكم، والتي من المؤكد أن يتم تشكيلها على يد الاغلبية السنية، سيكون الكورد في وضع مختلف جداً،لأن الحكومة السورية حتى لو تعاملتْ مع المسيحيين و الدروز و الاقليات الصغيرة الاخرى معاملة حسنة، فإنها لم تفعل ذلك مع الكورد.
* شهدت القضية الكوردية في تركيا ايضاً تطوراً، سيما أن حزب العدالة والتنمية التركي اتخذ خطوات نحو الانفتاح و الديمقراطية،واعترف بأنّ القضية الكوردية في تركيا يجب حلها بالاسلوب الديمقراطي،الى أي حد كان للخطوات التركية تأثيرعلى خطوة بشار الاسد هذه؟
جيم كوفمان:قبل ثلاث سنوات من الآن كتبتٌ في مجلتكم(كولان) بأنه احدى الخطوات الضرورية للقيادة الكوردية هي تطوير علاقاتها مع تركيا،حتى لو كان ثمن هذه العلاقة غالية بالنسبة اليكم،وحسب علمي لقد فعلوها،القادة الكورد في اقليم كوردستان يعود اليهم جزء من الفضل في تحسين الظروف بين الحكومة التركية والكورد،وبلا شك فأن هذا لايعبّر فقط عن تطور السياسة الداخلية التركية،بل أن الكورد يستحقون الثناء ازاء بعض من هذه التطورات فيها،انتم تستفسرون عن العلاقة بين السياستين التركية والسورية،ففي الظروف الاعتيادية يُتَوقّع وجود بعض العلاقات بينهما،ولكن الظروف الحالية في سوريا ليست اعتيادية،قلق الحكومة السورية في الوقت الحاضر هوالبقاء في السلطة،وهي أمام تهديدات علنية، ونحن غير متأكدين هل بأمكانها المحافظة على السلطة أم لا،وهم يتمنون ذلك،المسألة الكبيرة التي علينا أن ندركها وهي أن النظام السوري يفعل كل ما يقدر عليه من أجل البقاء في سدة الحكم،ويُحتمل أن يستمر على تلك السياسة،التي يتّبعها منذ الستينات،وهي عبارة عن جمع الاقليات معاً لمنعها من دعمها للتمرد العربي السني،وأنا اعتقد أن سوريا سوف تبادر في المدى القريب للوصول الى اتفاقية صداقة مع الاقلية الكوردية لديها وهذا ليس غريباً،ولكن علينا أن نتفهم أمرين،الاول ان هذه ستراتيجيةُ قصيرة المدى للتعامل و مواجهة الاضطرابات الموجودة،لأنه حتى لو نجحتْ الحكومة في البقاء في السلطة ،فلاتوجد ضمانات لاستمرار التسامح ازاء الكورد في المديات الوسطى والبعيدة،ويمكن أن يحدث ذلك،ولكن لاتوجد ضمانة لحدوثها،وحالياً لايفكرون فيها على مدى البعيد وهم ليسوا في الموقع الذي يؤهلهم ذلك.
*هل تعتقد أن هذه التحولات من شأنها أن تصبح عاملاً ديمقراطياً في المنطقة يصورة عامة وفي سوريا خصوصاً؟
جيم كوفمان: لاتصبح عاملاً مساعداَ لدمقرطة سوريا اطلاقاً،لأن النظام السوري ينأى عن العملية الديمقراطية،وأن جهوده من أجل المحا دثات مع الكورد تأتي في هذا الاطار،لآنهم عندما يتحدثون مع الكورد عن الديمقراطية ،لايشيرون الى الديمقراطية التي يفهمها الجميع،بل أن هدفهم هو التأكد من عدم انضمام الكورد للتمرد الذي يدعمه العرب السنة،في الحقيقة انها عبارة عن سياسة( فرق تسد)ولاعلاقة لها بالديمقراطية،ومع هذا،ومن المحتمل أن تكون هذه صفقة جيدة للكورد،لأنه البديل الآخر هو اسقاط النظام،واذا ما سقط النظام ، فإن الجميع يسعى في البداية الى تشكيل تحالف للسورية الديمقراطية،التي تضم الكورد ايضاً،ولكن يطّلع الكورد على حقيقة ذلك مستقبلاً،وكذلك الحال بالنسبة الى العلويين وحتى المسيحيين،وهذا سبب تخوّفهم منها،وعلى الكورد ايضاً ملاحظة ذلك،لآن النظام سيضم بشكل رئيس الاغلبية من العرب السنة التي تتسلم كل السلطات تقريباً،أي تصبح كالعراق- عدا اقليم كوردستان- وفيها تَبيّنتْ للشيعة الحقيقة بأعتبارهم اقوياء الى الحد الذي بأمكانهم ازاحة السُنّة بحيث لايكونوا مستعدين في اكثر من مناسبة لحل وسط من اجل تحقيق مصالح السنة.
في حال حدوث ثورة أو تحول ديمقراطي- بغض النظر عما تسمى ثورة أم لا-،فالنتائج التي من المتوقع أن تتمخض عنها هي بناء نظام تكون غالبيته من العرب السنة و استبعاد العلويين و المسيحيين و الكورد عنه،اذن فان الكورد حالهم حال الاقليات الاخرى ، مصلحتهم هي عدم تطبيق الديمقراطية في سوريا،ولو نتأمل التيارات السياسية الكوردية،نجد أن الاحزاب الاسلامية ليس لها أي تأثيرعلى التفكير السياسي الكوردي.
*الى أي حد يمكن الاستفادة من التعدد الفكري الكوردي لخدمة الديمقراطية في المنطقة؟
جيم كوفمان:هذه المسألة لاأهمية لها في سوريا، المشكلة هي أنّ 60% من سكان البلاد من العرب السنة،وهناك مؤيدون للأسلاميين من بين تلك الاغلبية وهم أقوياء ويستغلون الاضطرابات الامنية لتعزيز صفوفهم،اذن في حال تحقيق الديمقراطية في سوريا،سواء من جراء الثورة أومن الحوا ر،بالنتيجة يتسلم اشخاص مقاليد السلطة أصلاً لايخدمون القضية الكوردية،لأنهم يعتقدون أنّ الكورد مسلمون غير جيدين،لأن الاحزاب الكوردية هي غير اسلامية،انتم تتحدثون عن عالم مثالي يتعامل فيه الجميع بأسلوب ايجابي، يلعب فيه الكورد دوراً ايجابياً الى جانب العلويين و المسيحيين،ولكن اذا حدثت تحولات فأننا لن نرى هذا العالم،بل أنّ العالم الذي يتحقق سينتهج فيه بعض الاحزاب السنية الاسلاموية و تتحكم بالسلطة، وهؤلاء لايفيدون الكورد أو العلويين و المسيحيين.

*اذا كان هدف الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة هو السلام و الاستقرار في الشرق الاوسط، وإنّ حل القضية الكوردية يدخل ضمن هذا الهدف،الى أي حد يمكن أن تدعم الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة الامريكية هذا الحل؟
جيم كوفمان:مايتعلق بالأتحاد الاوروبي و أمريكا فانهما يفضلان أن تتعامل تركيا بشكل أفضل مع الكورد، ،صحيح أنّ التعامل الايجابي مع الكورد هو أحد الشروط لوصول تركيا الى الاتحاد الاوروبي،ولكن بسبب قضية المهاجرين و وجود الحقد و الكراهية ازاء الأجانب،نجد أن فرنسا و بعض الدول الأخرى في الأتحاد الأوروبي لن تسمح بقبول تركيا كعضو في الاتحاد،أي لاتسمح بتحقيق ذلك في عهد الجيل الحالي،وهذا يعني أنه لايجوز تقديم هذا الطلب الاّ بعد عشرسنوات،والاتراك يفهمون هذه الحقيقة و مستاؤون من هذا الموقف،وما تهتم به أمريكا هو أنّ تركيا حليفها وهذه هي نهاية القصة،في البداية كانت امريكا في العراق ترى في الكورد حليفاً مخلصاً،ولكنها الآن تهتم بوجود حكومة مستقرة في بغداد من أجل أنْ تغادر العراق، القادة الكورد ينتقدون أمريكا بأنها تحاول تهميش الكورد وهم على حق في هذه الانتقادات،التنصل من التحالف التكتيكي الامريكي، هذا التحالف الذي عقده مع الكورد منذ عام 1991 والسنوات اللاحقة،مايتعلق بأيران، فإنّ للولايات المتحدة و الأتحاد الاوروبي علاقات غير سليمة معها،والتحوّلات فيها منوطة بمواطنيه الفرس و ليست بالكورد، و بالنسبة لسوريا،فإنّ امريكا و الاتحاد الاوروبي غير متأكديْن في بناء دولة سورية تنتهج الديمقراطية أم لا،وإنْ لن تكون ديمقراطية ،فإنّها ستبقى جزئياً كدولة فاشلة،ولكن هذا الوصف يعتبرصحيحاً بل الاسوأ لسوريا حتى ولو انتهجتْ الديمقراطية،والكورد هم أقلية صغيرة في سوريا بحيث يعتقد الكل في الغرب بأنهم مهما تعرضوا الى أي طارىء، فإنّ الاوضاع تظل ثابتة و لاتتغير،وهذا يعني أن الكورد يعيشون في نفس الظروف السيئة التي كانوا يعيشونها ابان العهد العثماني،وهذه اشارة الى أنّ القوى الكبرى كأيران و تركيا و امريكا و بريطانيا و القوى الاوروبية الاخرى لاتولي إهتماماً كبيراً بالكورد،أنا اعلم أنكم لاترغبون سماع آرائي هذه،ولكنني لااريد أن اخبركم و قرائكم غير هذه الآراء، ليس بأستطاعتكم الاعتماد على امريكا و الأوروبيين،لآنكم في نظرهم تشكّلون الاقلية في المنطقة ومتى ما كنتم بحاجة الى تحالف تكتيكي بأمكانكم استغلاله، أي هم ليسوا من اللاعبين الكبار، أي اذا كانت علاقاتكم مع بغداد وطهران و أنقرة و دمشق بحيث تتطلع تلك الدول الى تهميش الكورد عندها يجب تحقيق ذلك،ولو كنتُ مكانكم واطلعت على الاوضاع في سوريا،لتبين لي بأنّها تشّكل مصدر خوف لي وليس طموحاً.

*هناك في الوقت الراهن شعبان في الشرق الاوسط دون دولة، الاول هم الفلسطينيون والثاني الكورد،السياسة الدولية تسمح للفلسطينيين بأنشاء دولة خاصة لهم،هذا في حين هناك بلدان أخرى مساحاتها اصغر من كوردستان و سكانها اقل منها ايضاً، امثال موناكو،سان مورينو و الفاتيكان..الخ،ألم يأت الاوان للسياسة الدولية السماح للكورد بأمتلاك دولتها المستقلة؟
جيم كوفان:انتم تتخيلون عالَماً تصدر فيه القرارات وفق مباديء العدالة،في حين الامور فيه على عكس من ذلك،في الحيقة أنّ الفلسطينين امامهم فرصة أكبر،هذا الى جانب أنّ السياسة الداخلية للفلسطينين في وضع تؤدي الى نتائج مرضية و هادفة،هناك نكتة قديمة قالها احد رؤساء الوزراء الاسرائيليين،ولكنه يصف فيها امراً حقيقياً وكاملاً حيث قال: ((الفلسطينيون لم يفوّتوا فرصة من اجل تفويت فرصة))،ولكن الفلسطينيين لهم اصدقاء،وغالبيتهم من دول العالم العربي.مما لفت انتباه امريكا و الاوروبيين،في حين أنّ الكورد بالرغم من الزيادة الكبيرة في عدد سكانهم و الادارة الجيدة لأمورهم، الاّ أنهم واجهوا المآسي وذلك بتقسيمهم على أربع دول،اثنتان منها ايران و تركيا وهما قويتان جداً،والاخرى هي العراق و يعاني من الضعف في الوقت الراهن،ولكن العراق هو دولة قوية بطبيعة الحال ويعود الى قواه في المستقبل،أما سوريا فهي ليست قوية جداً،وعدد مواطنيها الكورد قليل،إذن موقع الكورد في الدول الاربعة ليس قوياً،وهذه صدفة جغرافية،عندما تم رسم الحدود في القرون الثامن عشر و التاسع عشر و العشرين،ولم يكن حينها للكورد أي ممثل في معاهدة فيرساي،وكذلك في معاهدة سيفر،إنّ أي شخص يتأمل مستقبلكم يلاحظ حقيقة ما ابتليتم به.

* توقعاتك للعراق بعد انسحاب القوات الامريكية منه؟
جيم كوفمان:السؤال الكبير هو هل تندلع الحروب الداخلية مرة اخرى؟ بعض الٌسّنة قبلوا الحقيقة بأنهم لايمكن أن يكونوا ناجحين،لهذا يسعون للحصول على المكاسب عن طريق السياسة البرلمانية،حيث لم تؤد لحد الآن الى أي نتيجة من الناحية العملية،التوجه الآخر هو عندما تغادر امريكا العراق فنحن نزحف نحو بغداد،اعتقد أنهم يجازفون ولاأظن سوف تكون لهم أي فرصة نجاح، ولكن هل أنهم يجرّبون هذه المحاولات أم لا،أنا لاأعلم،وما يقلقني أكثر حول العراق هو الوضع في شماله ، لأن هناك اقتتال محلي محدود يدور على اقليم كوردستان،ولا ثمة أي سبب يجعلنا نقتنع بأن الاوضاع سوف تتحسن،لأن الاوضاع شبيهة بما في اسرائيل بشكل من الاشكال،انتم الآن ضمن ظروف احتلال عسكري اقليمي،والكورد في جزء منها يشكلون الاقلية بين سكانه و الشعب يحارب الارهابيين الذين يفجّرون أنفسهم، ولكن هل بالأمكان على مدى البعيد المحافظة على هذه الاوضاع، هذا لاأعلمه أنا.
Top