مكانة الاقليم في صياغة الجغرافيا السياسية للشرق الاوسط
هنري باركي
ان الاهمية التي تمثلها الزيارة الرسمية للسيد مسعود البارزاني الى تركيا بصفته رئيسا لاقليم كوردستان , تعد تحولا كبيرا ليس في السياسة الخارجية التركية ازاء اقليم كوردستان او سياستها ازاء دول الجوار والمنطقة , فحسب , بل هي اعادة صياغة للخارطة الجيوسياسية , تلك الخارطة التي بدأت مع عملية تحرير العراق على عهد ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش والتي تنفَذ الان في عهد الرئيس اوباما ,وهذا التوجة ناجم عن الرؤية التي حملها تقرير البروفيسورهنري باركي مستشار الولايات المتحدة الامريكية لقضايا السلام والذي حمل عنوان
( العلاقة بين تركيا والعراق : تشمل كوردستان العراق ) وهذا العنوان, مكمَل لعنوان مقال اخر كتبه دافيد فيليبس عام 2009 تحت عنوان ( بناء الثقة بين الاتراك وكورد العراق ) والمقال الاخير نشر قبل شهرين من اعتماد تركيا للسياسة التي سمتها بـ ( عودة الديمقراطية) , ويشير المقال الى ان مستقبل العلاقات بين تركيا والعراق منوط بوجهة نظر اقليم كوردستان ازاء هذه العلاقة , وهذا يعني :
1 ـ ان الجغرافيا السياسية للمنطقة تفرض وجود اقليم كوردستان كاقليم فيدرالي وكامر واقع, ضمن اطار عراق ديمقراطي , في المنطقة , ويجب ان يحتل مكانه المناسب على الخارطة السياسية الجديدة .
2 ـ انتهت تلك الجغرافيا السياسية التي كانت تعول على علاقة طبيعية بين تركيا والعراق دون اخذ اقليم كوردستان بنظر الاعتبار .
ولكن السؤال المهم هنا هو : كيف ينظر الكورد الى هذه الجغرافيا السياسية الجديدة للمنطقة ؟وكيف يتعامل معها بمنطق, مع الجيوبولوتيكا الجديدة؟
والاجابة على هذا التساؤل واضحة بالنسبة الى القيادات السياسية الكوردستانية ولاسيما بالنسبة الى الرئيس مسعود البارزاني والرئيس جلال الطالباني ورئيس حكومة التشكيلة الخامسة نيجيرفان البارزاني , فهم مدركون وبشكل جيد لواقع الجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة ولحقيقة ان زمن الاقتتال والعمليات العسكرية قد ولى ولهذا فان المسؤولية التي تقع على عاتق السياسين في الاقليم تحتم عليهم اقناع المنطقة بان الوقت بات مناسبا للحياة المشتركة وان خارطة الجيوبولوتيكا الجديدة لن تنجح دون اعتماد السلام .
لقد جابه السيد نيجيرفان البارزاني مهمة صعبة في العام 2007 حينما تولى ادا رة الازمة الناجمة عن دخول القوات التركية الى اراضي اقليم كوردستان , لقد كان السيد رجب طيب اردوغان حينها مجتمعا مع جورج بوش من اجل الحصول على الضوء الاخضر من اجل الهجوم على اقليم كوردستان في ربيع 2008 , وفي ذات اليوم اي في 5/11/2007 نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريرا تحت عنوان ( كوردستان تتمنى الحوار ) واقترحت على قرائها قراءة مقال السيد نيجيرفان البارزاني مرة ثانية لأن ما جاء في المقال هو الامر الواقع اذ ان الطرفان
( تركيا واقليم كوردستان معا )ي يمارسانه فعليا .
حينما بدأت القوات التركية هجومها المحدود النطاق على المناطق الحدودية لاقليم كوردستان ربيع عام 2008 , اشرنا في مجلة كولان وبصراحة الى ان المستقبل منوط بلغة السلام والحلول السلمية والانفتاح والديمقراطية .
قلنا حينها ان السياسة التي يتبناها القادة السياسيون الكورد وبالتحديد السيدان نيجيرفان البارزاني وجلال الطالباني والتي كلف السيد نيجيرفان بادارتها وتطبيقها و تمثل السياسة والدبلوماسية المعتمدة لادارة الازمة من قبل الجانب الكوردي واقترحنا ان تدرس تلك الدبلوماسية في الكليات السياسية بجامعات كوردستان , وهذا الاقتراح جاء لسبب مهم وهوما اشار اليه البروفيسور هنري باركي في مقاله الاخير حول افتتاح القنصلية التركية العامة في كوردستان و حيث جاء فيه:
( يعتبر افتتاح القنصلية التركية في اربيل , تحوَل مهم و انعطافة كبيرة في السياسة الخارجية التركية ازاء اقليم كوردستان , , فقد كان الحديث, عن افتتاح قنصلية تركية في اربيل قبل عام او عامين, يعد ضربا من الخيانة ) هذا هو الجانب المخفي من الزيارة التاريخية التي لازال الكثيرون لا يفهمونها كما هي ,هذا هو انتصار ارادة الخير والتعايش على ارادة الشر وتبني العنف الذي كان قد خطط له جنرالات الجيش التركي وكان يطبل له مايكل روبين في امريكا وبعض الناس في كوردستان ويترجمونه الى اللغة الكوردية ويناهضون تلك السياسة التي تبناها القادة الكورد ويحرضون ضدها من خلال الدعوات المسمومة لتأليب الراي العام ,حالهم حال الجبهة التركمانية .ولكننا لنقارن نتائج طروحات التي تبنتها شخصيات ضمن جبهة العنف والاقتتال وكيف حل التهميش بتلك الشخصيات وبقيت خارج المعادلات السياسية وبشكل خاص يشار بيوكانيت ومايكل روبن والجبهة التركمانية , كانوا يروجون لمايكل روبن ويشار بيوكانيت والجبهة التركمانية , داخل الرأي العام الكوردستاني , وبالمقابل كان اقليم كوردستان و قادة اقليم كوردستان يرفعون من مكانة كوردستان الذي تحول الى ذلك الواقع الذي باتت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما تدرك فيه ان السلام في المنطقة وتطبيق الجيوسياسية للمنطقة مربوط بوجهة نظر الادارة في اقليم كوردستان, وهذا يعني :
1 ـ ان اية خاطة جيوسياسية للمنطقة لن تنجح اذا لم تؤخذ وجهة نظر اقليم كوردستان في الاعتبار في الخارطة السياسية الجديدة .
2 ـ السلام لن يعم المنطقة ما لم تؤخذ وجة نظر اقليم كوردستان , حول السلام , بنظر الاعتبار .
حول هاتين النقطتين المهمتين يشير البروفيسور هنري باركي في مقاله الى ان : (امريكا لم تستطع ان تحقق تلك الاهداف التي كانت تتمناها في العراق كما انها لم تستطع ايضا ان تحقق الامن والنظام في العراق ولهذا السبب فان امريكا ومع قدوم اوباما الى البيت الابيض وقبل ان يفكر اوباما بمستقبل العراق , قرر سحب القوات الامريكية من العراق في الوقت المحدد ).
ويسترسل البروفيسور باركي في مقالته فيقول :
( ولكن القلق من مستقبل العراق كان يشغل بال الساسة الامريكان , ولهذا فان تغييرات دراماتيكية في السياسة التركية , حصلت , قبيل انسحاب القوات الامريكية من العراق ).
ويصنف البروفيسور باركي تلك التغييرات على النحو التالي :
1 ـ قدمت تركيا مبادرة كبرى في اب عام 2009 في الانفتاح والديمقراطية في معالجة سلمية للقضية الكوردية في تركيا (وتجدر الاشارة الى ان رئاسة اقليم كوردستان رحبت بتلك السياسة ).
2 ـ تركيا التي كانت في قمة العداء لاقليم كوردستان وحكومة الاقليم , غيرت موقفها بنسبة 180 درجة ازاء الاقليم وعمدت الى توسيع افق التعاون الاقتصادي مع اقليم كوردستان .
3 ـ التقت الخطوات المتخذة للسير نحو, الامام , بالتزامن مع تلك التغييرات ( بمعنى ان رد اقليم كوردستان كان ايجابيا ازاء الخطوات التي اقدمت عليها تركيا ) ما ادى الى استحداث خارطة جديدة للجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة وفهم للسياسة الخارجية الجديدة لتركيا .
اذن فان السياسة الخارجية الجديدة لتركيا تركزت حول النقاط الثلاث وهي التى جاء ذكرها في مقالة السيد نيجيرفان البارزاني والتي نشرها يوم 5 / 11 /2007 في الواشنطن بوست . عليه فان الرد الايجابي لاقليم كوردستان حول السياسة الخارجية الجديدة لتركيا ,كان من منطلق المفهوم المشترك للطرفين لمعالجة سلمية ولعلاقات جيدة بين تركيا واقليم كوردستان .
ويقترح باركي اربعة نقاط اخرى لالتزام ادارة اوباما باقليم كوردستان وهي :
أ ـ يجب على الولايات الامتحدة الامريكية ان تفتتح قنصليتها في اربيل , وهذا عامل مهم للكورد من الناحية السيكولوجية لكي يشعروا بان امريكا تعترف بهم بشكل رسمي ( وهذ النقطة اعتمدتها الولايات المتحدة الامريكية و قررت فتح قنصلية امريكية في اربيل .
ب ـ مع تشكيل الحكومةالعراقية الجديدة طلبت الولايات المتحدة الامريكية من يونامي ومن كل الاطراف ذات العلاقة . مساعدتها في ايجاد الحلول للمناطق المتنازع عليها ( وهذا يعني تطبيق المادة 140 ).
ج ـ مساعدة الحكومة العراقية في تصديق قانون النفط والغاز العراقي ( وما يدعوا للسعادة هو ان الحكومة التركية , الان , تدعم قانون النفط والغاز في العراق الفيدرالي , الذي يفتح الطريق امام النفط والغاز في اقليم كوردستان بموجب القانون , ويسمح للاقليم بعقد الاتفاقات وادارة حقول النفط والغاز في الافليم , بنفسها ).
د ـ تعاون اقليم كوردستان للوصول الى حكم رشيد
( Good governance )
لأن اقليم كوردستان يعتمد ومنذ امد بعيد على نفسه في ادارة الاقليم ( الوقوف عند هذه النقطة ظرورية لأن استخدام مصطلح " الحكم الرشيد " ضمن هذا المقال لا يعني ان الحكم الحالي ليس جيدا , بل يعني ان الاقليم بحاجة الى المساعدة من اجل ترسيخ المؤسسات وحكم القانون بمعنى الوصول الى دولة القانون , ولسنا نحن فقط بل كل الدول النامية في هذه المرحلة تحتاج الى المساعدة الخارجية و مساعدة البنك الدولي .
ولهذ فان البروفيسور باركي يتناول في جانب اخر من تقريره مكانة اقليم كوردستان كسبب من اسباب التغيير الكبير في العلاقة الجديدة بين انقرة واربيل ويوجزها في النقاط التالية :
1 ـ استطاع اقليم كوردستان ان يؤسس لنفسه , اي انه استطاع ان يفرض نفسه ككيان فيدرالي ضمن اطار عراق نموذج للديمقراطية .
2 ـ اضطلاع القيادة السياسية في اقليم كوردستان بدور حاسم في القرارات المتخذة في بغداد , وهذا يعني , اذا ما ارادت تركيا ان يكون لها دور في الحكومة العراقية المقبلة , فان هذا الدور يبدأ من اربيل وليس من بغداد .
3 ـ استطاع اقليم كوردستان وكأول كيان كوردي ولأول مرة في التاريخ ,ان يحفز الاجزاء الاخرى من كوردستان على الاستفادة من بعضها البعض .
هذه نقاط اشار اليها البروفيسور باركي وهي ليست وجهة نظر عضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني او الاتحاد الوطني ، كي يقول البعض انهم يمتدحون الماكسب الناجمة عن الاتفاق الاستراتيجي بين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد .وهو فضلا عن هذا , رأي شخص اخر الّف ـ سابقا ـ كتابا حول معالجة القضية الكوردية , بالمشاركة مع غراهام فولر المدير السابق للسي اي اي .
زيارة الرئيس بارزاني والنتائج غير المتوقعة
حول مدى تأثير زيارة رئيس اقليم كوردستان مسعود البارزاني الى تركيا ولأنجاز هذا التقرير بالتحديد استطلعنا اراء العديد من السياسيين والبرلمانيين والاكاديميين , في اقليم كوردستان وخارج الاقليم و كانت الاجوبة على النحو التالي :
السيد سوات كينيكلي اوغلو عضو المكتب السياسي لحزب
A K P
ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي عبر عن رأيه على النحو التالي :
( لقد تم استقبال رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني بشكل بروتوكولي وعلى اعلى المستويات , اننا نقيم زيارته على انها تحمل في طياتها الكثير من المعاني , ولكن ومع الاسف الشديد فان اجهزة الاعلام كانت مشغولة باسرائيل وقضية غزة والهجوم الاسرائيلي على السفينة التركية , ورغم ذلك فان الزيارة كانت زيارة مهمة وكانت ردا مناسبا على الانباء التي افادت ان العملية الارهبية الاخيرة في انطاكيا ستكون سببا في تأجيل هذه الزيارة , ولكن قدوم البارزاني كان دليلا على المواقف المشتركة بين تركيا و اقليم كوردستان فيما يتعلق بالارهاب .
في الاسابيع القليلة الماضية ارتفع عدد قتلانا لأن حزب العمال الكوردستاني عاد مجددا الى اعتماد سياسة العنف , وهذا ما يبعث على فقدان الامل السياسي في بلادنا , ولهذا فان زيارة البارزاني في هذا الوقت منحتنا جرعة من الامل في هذا الاطار ) .
ويسترسل السيد كينيكلى اوغلو في حديثه لكولان ولا سيما عن المتغيرات السياسية الجديدة في السياسة التركية ازاء اقليم كوردستان , ويقول:
( لقد كانت لمحاولات الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة في الاعوام الاخيرة في تحسين العلاقات بين تركيا واقليم كوردستان دورا مهما للغاية كما اتسم رد الجانبين بالايجابية ايضا .
اذن , فان السياسية الخارجية التركية الجديدة , مبنية على اساس عودة العلاقات الى وضعها الطبيعي وان يتم تمتينها بشكل متواصل , وكما نعلم فان تركيا تسعى الان للاتصال بكل الاطراف الفائزة في الانتخابات العراقية , كما انها تتبادل الاراء مع السيد مسعود البارزاني من اجل استتباب الامن في العراق .
نحن نطالب الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي ان يعلنوا عن موقفهم في هذا الموضوع و بشكل اكثر وضوحا ولا سيما الاتحاد الاوربي الذي يفترض به ان يأخذ المبادرة التركية مع اقليم كوردستان بنظر الاعتبار وان يثني عليها , و نامل من الله ان يكون التقييم اكبر , بعد اتمام زيارة السيد مسعود البارزاني وان نرى تحولات ايجابية في عموم المنطقة وان تتحول هذه الخطوات الى نموذج مثالي , ولهذا , لا بد للدول الاخرى من مراعاة هذه الخطوات الايجابية).
حول العلاقات بين تركيا واقليم كوردستان ومستقبل العلاقات بين تركيا والعراق , قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي :
( سياستنا حول عراق موحد لن تتغير , واقليم كوردستان يمثل جزءَ مهما من الاراضي العراقية , وكما تعلمون فان وجهة نظر العالم , في الاعوام الاخيرة, تدعو الى بقاء العراق موحدا,وعلى الرغم من ازدياد وتيرة العنف بعد الانتخابات الاخيرة , ولكن وبعد استتباب الامن والهدوء الى حد ما والسيطرة على الديمقراطية داخل العراق , فسيكتسب العراق الثقة بالنفس وسيكون عاملا مهما على مستوى المنطقة والعالم ... ولهذا فانا متفاءل جدا بالعلاقات بين تركيا والعراق وبين تركيا واقليم كوردستان , ولكي تتطور هذه العلاقات , لابد اولا من الحد من العنف الذي يسببه حزب العمال الكوردستاني فاينما وجد العنف , ينعدم الامن و تضطرب الديمقراطية والتطور, وهذه المنطقة تعاني من ويلات العنف منذ سنين عديدة , نحن لسنا ادنى من الاتحاد الاوربي ويمكننا ان نستحدث منطقة اقتصادية امنة , كما هو الحال في غرب اوربا.
كما ان تركيا تعتمد سياسة خاصة , وهي متفائلة جدا وهي ترى تطور العلاقات الى هذا الحد , في فترة قصيرة ).
اما السيد فلاح مصطفى عضو الوفد المرافق للرئيس مسعود البارزاني في زيارته الى تركيا , فقد كشف عن حيثيات وتفاصيل الاجتماعات التي تمت خلال الزيارة وعبر عن رأيه لكولان و على النحو التالي :
( تعد زيارة السيد الرئيس مسعود البارزاني الى تركيا زيارة مهمة وتاريخية , وقد حظيت باهتمام الوكالات و وسائل الاعلام التركية التي اشارت الى انها المرة الوحيدة منذ ستة اعوام يقوم السيد مسعود البارزاني بزيارة الى تركيا وقد استقبل استقبالا حافلا و كرئيس لاقليم كوردستان.
تركيا دولة مهمة وهي تحظى بمكانة سياسية واقتصادية قوية في منطقة الشرق الاوسط , و تضطلع بدور اقليمي ممتاز , وهي ترقب كل التطورات عن كثب , ليس في اقليم كوردستان فحسب بل في كل العراق وعموم المنطقة واسرائيل ايضا ,وفي المقابل فان اقليم كوردستان يحمل لواء الجيرة والتعايش القومي بين قوميات المنطقة , منذ امد بعيد . وقد اشارت القيادة السياسية وحكومة اقليم كوردستان وفي اكثر من مناسبة الى انها تعتمد سياسة الانفتاح ازاء العالم من اجل ان تبني علاقات متينة على اسس الصداقة والحياة المشتركة , و توصل القادة السياسيون في تركيا , ايضا الى الاعتقاد بان اقليم كوردستان يضطلع بدور خاص ومهم في المعادلة العراقية او حتى في المنطقة.
كما ان الحوار الحضاري وحوار القوميات والتقارب بين المثقفين الاتراك ومثقفي كوردستان , كل هذا دليل على تغيير اساسي في العقلية السياسية و في نظرة تركيا ازاء الموقع الاقتصادي القوي لاقليم كوردستان , ولهذا السبب فقد وفرت زيارة السيد مسعود البارزاني فرصة تاريخية ثمينة من اجل تخطيط مبرمج و تفاهم اكبر وتعاون اوثق بين شعوب النمطقة .
لقد اعلن الرئيس مسعود البارزاني خلال زيارة داوود اوغلو الى اقليم كوردستان ومرة اخرى اثناء زيارته الى تركيا وقال " نحن في اقليم كوردستان سعداء ونرحب بالانفتاح الذي تمارسه تركيا في الداخل , وهذا الانفتاح ليس ذا اهمية لاقليم كوردستان فحسب بل انها مبادرة مهمة وايجابية للتعايش بين الكورد والاتراك في تركيا ايضا , انها خطوة مهمة لكل الاطراف " .
من جهة اخرى فان السياسة المتبعة حاليا في تركيا التي تهدف الى تقوية علاقات الصداقة والتفاهم المشترك , لها اهميتها الخاصة وهي تمهد الطريق, في المستقبل القريب , لعلاقات اخرى ,سياسية واقتصادية وفي مجالات الانتاج والتجارة والثقافة والتراث . وبامكان اقليم كوردستان ان يمارس دوره الفعال والمساعد في دعم هذه السياسة الصحيحة .
على سبيل المثال , تولي تركيا اهمية خاصة بالعملية السياسية في العراق وبتشكيل الحكومة العراقي الجديدة , وقد اعلنوا اكثر من مرة على انهم " ينظرون الى كل مكونات العراق بعين واحدة " وعلى هذا الاساس فان الكورد والقادة السياسيين الكورد والرئيس مسعود البارزاني شخصيا بامكانهم الاضطلاع بدور ايجابي وداعم للعمل من اجل تشكيل حكومة عراقية تضم كل مكونات العراق المختلفة و تمثل المكونات الحقيقية في العراق .وهذا يصب في مصلحة كل شعوب العراق واقليم كوردستان ايضا .
من جهة اخرى , هناك مصالح مشتركة بين تركيا والعراق تتثمل في وجود عراق مستقر وامن, لكي يكون بمقدوره ان يتطور من الناحية الاقتصادية والتجارية والاستثمار و تحصل فيه تركيا على حصة الاسد .
كما ان العراق وكوردستان ايضا يستفيدان من هذا المشروع ولهذا فان سياسة الانفتاح والتقارب والتفاهم المشترك ستعم بالخير على تركيا والعراق واقليم كوردستان و معا . ونحن في الاقليم نرى في الانفتاح مسألة صحيحة و نرى في وجود العلاقات , قواسم مشتركة يمكن استثمارها والتأسيس عليها والاستفادة بشكل اكبر , من هذه الفرصة المتاحة في تركيا ).
وحول النقاط التي تمت مناقشتها ف اجتماعات انقرة , قال السيد فلاح مصطفى مسؤرول العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كوردستان :
( في كل اللقاءات التي جمعت رئيس الاقليم مسعود البارزاني مع رئيس وزراء تركيا رجب طيب اوردغان ووزير خارجيته البروفيسور داوود اوغلو ونائب رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين الكبار في الحكومة التركية , في كل تلك اللقاءات جرى التأكيد على ان " تركيا تنظر باهتمام الى اقليم كوردستان وانها تطمح في علاقات ستراتيجية وبعيدة المدى مع العراق ومع الاقليم ).
ومن هذا المنطلق كانت زيارات المسؤولين المسؤولين الاتراك , الكبار, الى الاقليم وافتتاح القنصلية التركية والتشجيع على افتتاح فروع للمصارف التركية في كوردستان والتشجيع على افتتاح خطوط جوية تركية في الاقليم من اجل ان تكون هناك رحلات رسمية بين الجانبين , فضلا عن العديد من المشاريع الاخرى , التي تدل على متانة الموقع السياسي والاقتصادي الذي يتمتع به اقليم كوردستان.
ولهذا السبب فاننا نسعى ونؤكد على تمتين علاقاتنا مع كل دول الجوار وبشكل خاص مع الجارة تركيا .
لقد تم التأكيد في كل اللقاءات على " ضرورة تطوير العلاقات ووجهات النظر المشتركة والسعي الى رفعها الى مستوى افضل واكثر تقدما ".
اعتقد ان وجهة النظر المشتركة هذه , ستنقلنا الى مستقبل اكثر اشراقا وتمنحنا املا افضل ,بالمستقبل, وان ستكون هذه العلاقات لمصلحة كل الاطراف ).
وفي جانب اخر من حديث السيد فلاح مصطفى مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة الاقليم ,عضو الوفد المشارك في زيارة السيد الرئيس مسعود البارزاني قال لمجلة كولان :
( لقد تأكد لنا خلال الزيارة, ان مكانة السيد رئيس الاقليم تترسخ بشكل اكبر يوما اثر يوم وان موقع الاقليم في المعادلة , اقوى وافضل , وكانت هناك العديد من النقاط التي جرى التأكيد عليها في كل الاجتماعات وهي " صيانة وتمتين العلاقات الثنائية بين تركيا واقليم كوردستان , المشروع السياسي ونتائج الانتخابات ,بدء موسم الحوار والاتفاق بين كل الاطراف.."
في كل الحوارات , جرى التأكيد باستمرار على كيفية تمتين العلاقات الموجودة وتنظيم التبادل التجاري , كما تم الحديث عن وضع الخطط والبرامج الثقافية والتراثية والاقتصادية والسياسية , كما تم التباحث في مسألة مد النفط الخام وتطوير العلاقات , كما اكد السيد الرئيس مسعود البارزاني على سياسة مناهضة العنف والتطرف , واكد ثانية اننا ضد العنف ونؤيد العملية الديمقراطية ,واننا نعتمد الحوار السلمي من اجل معالجة الاشكالات .
ان اثارة هذه المحاور , والحوارات السلمية والتفاهم المشترك حول اهمية الحوار , كانت من اهم النقاط التي ناقشها رئيس الاقليم مسعود البارزاني مع المسؤوليين الاتراك , الكبار , انها بداية لعلاقات جديدة على امل ان تتحول العلاقات بين الطرفين الى عامل مساعد من اجل تقوية وتقدم تلك العلاقة ).
من جانب اخر وحول تأثير زيارة الرئيس مسعود البارزاني في الجانب التركي وهل انها ستكون عاملا في زايارة المسؤولين الاتراك الى اقليم كوردستان . قال السيد فلاح مصطفى :
( لقد دعى السيد رئيس الاقليم خلال لقاءاته المسؤولين الاتراك الى زيارة اقليم كوردستان , وبالمقابل و عبر المسؤولون الاتراك عن سعادتهم ووعدوا بزيارة الاقليم مستقبلا.
اهم النقاط البارزة في اللقاءات تمثلت في ان الجانب التركي ايضا , دخل الحوارات باطمئنان وثقة بمستقبل العلاقات بين تركيا والاقليم وعلى انها ستكون علاقات ستراتيجية مشتركة و بعيدة الامد وستكون وفق برامج واولويات خاصة من اجل تطوير العلاقات الاقتصدية والتجارية والاستثمار الذي سيعود بالنفع والفائدة على الطرفين , وعلى هذا الاساس تم التأكيد على القواسم المشتركة وعلى ضرورة الاستفادة من الفرص السانحة ).
وفي سؤال اخر لمسؤول العلاقات الخارجية حول ما قصده السيد الرئيس مسعود البارزاني حينما قال في مؤتمره الصحفي ( ان اقليم كوردستان هو جسر متين للعلاقات بين تركيا والعراق ) قال السيد فلاح مصطفى :
( كان السيد رئيس الاقليم يقصد ان اقليم كوردستان والشعب الكوردي لهما مكانتهما الخاصة وهما يتمتعان بتأثير مباشر على العملية السياسية والاقتصادية في العراق , ومن هذا المنطلق يمكن العمل على هذا القاسم المشترك من اجل بناء عراق مستقر , لأن من مصلحة تركيا ان يكون العراق هادئا ومستقرا وديمقراطيا , كما من مصلحة العراق ايضا ان يكون لديه جيران جيدين في المنطقة ومن هنا ياتي دور اقليم كوردستان ليكون عاملا مشتركا في بناء عراق ديمقراطي يأخذ المصالح المشتركة بنظر الاعتبار ويتعامل مع جيرانه بودية.
يمكن لاقليم كوردستان ان يكون بوابة لتمهيد الطريق من اجل بناء علاقات مشتركة ومن اجل التفاهم بين حكومات المنطقة .
وحول وجهة نظر الصحافة التركية لهذه الزيارة التاريخية الى تركيا وتقييمها لهذا الحدث , قال السيد مصطفى
قرة اوغلو رئيس مؤسسة ( ستار الاعلامية ) لكولان :
( ان قدوم السيد مسعود البارزاني الى تركيا مهمة للغاية , على الرغم من ان حزب العمال الكوردستاني قد صعد من عملياته مؤخرا ما ادى الى بروز بعض ردود الفعل , الا ان زيارة السيد مسعود البارزاني يمكنها ان تؤثر بشكل ايجابي كبير على الناس وعلى الحكومة , هناك الان ,علاقات اقتصادية ممتازة بين الجانبين , كما اننا ومن الناحية التاريخية , لدينا ماضي مشترك ومهم في المنطقة , كما ان تركيا قد عمدت مؤخرا الى اتخاذ الكثير من الخطوات الجادة لمعالجة القضية الكوردية في تركيا ,و تطور هذا الامر بشكل سريع , لقد بدأت تركيا وحكومتها , مؤخرا باتخاذ العديد من الخطوات السياسية للاقتراب من اقليم كوردستان اذ يمكننا القول انهما اقتربا من بعض ولا سيما من الناحية الاقتصادية التي تعود بالنفع على الطرفين بدرجة لا يمكننا مقارنتها بالوضع قبل عام او عامين . ولكنكم تعلمون جيدا ان حزب العمال الكوردستاني يحول دون تطور هذه العلاقات , ولا سيما في اشهر الصيف حيث كثف عملياته واعاد احياء المشاكل القديمة , كما ان موقف حكومة اقليم كوردستان من الاحداث ايجابي جدا .
و حول ذات الموضوع ومن داخل كوردستان , يقول الدكتور كيوان ازاد انور المتخصص في مجال التاريخ والاستاذ في جامعة السليمانية:
( ان زيارة الرئيس مسعود البارزاني الى تركيا لم تكن زيارة لشخصية سياسية او لرئيس حزب او تيار اوزيارة اعتيادية ,بل هي زيارة لها اهميتها الكبرى لأنها تأتي بعد قطيعة وعداء طويل للحكومات التركية ازاء الشعب الكوردي , وعلى هذا الاساس فانا ارى ان اثار و نتائج هذه الزيارة ستظهر للعيان في المستقبل القريب , ان اقتراب دولة مثل تركيا من اقليم كوردستان له الكثير من الجوانب الايجابية على لشعب الكوردي بشكل عام و لاقليم كوردستان العراق بشكل خاص .
انها المرة الاولى في تاريخ الكورد وفي كل اجزاء كوردستان , ينتخب فيها قائد سياسي ورئيس من خلال الانتخابات والتصويت ويحظى بنسبة فوز 25 ,7 من اصوات الناخبين , ومن هذا المنطلق جاءت زيارته الرسمية الى تركيا حيث استقبل على اعلى المستويات وعلى هذا جرت العديد من اللقاءات .
من جهة اخرى فان رئيس الاقليم يتمتع بماضي نضيف وحافل بالبطولة وهو ( بيشمركة ) وحامي لكوردستان ولمكتسباتنا .
ومن هذا المنطلق ايصا فان زيارة الرئيس مسعود البارزاني تكتسب اهمية خاصة وتحتمل الكثير من التأويلات , انها المرة الاولى التي يدعى فيها الرئيس مسعود البارزاني وبشكل رسمي لزيارة تركيا ويستقبل استقبالا رسميا وحافلا , وهذه الدعوة تعتبر اعترافا بمكانة هذا الرئيس المنتخب واعتراف بالشعب الكوردي وباقليم كوردستان , على اعتباره اقليما فيدراليا يتمتع بمكانة خاصة وقوة سياسية واقتصادية في المنطقة .
ان زيارة الرئيس مسعود البارزاني كانت عاملا للتغيير في عقل سلطة مارست العداء للشعب الكوردي على مدى التاريخ .
ان هذه الزيارة , هي اشارة الى ان الكورد امة باقية ولديها قائد منتخب ومكانتها في العراق الفيدرالي والمنطقة واضحة للعيان .
كما ان الزيارة تعني في جانب منها ان الاتراك قد ادركوا ان قضية الكورد في تركيا هي قضية داخلية ويجب حلها داخل تركيا ويمكن الاستفادة في هذا المجال من خلال التعاون والتنسيق مع اقليم كوردستان .
ترجمة عبدالرحمن الباشا