• Saturday, 20 April 2024
logo

معيار تقييم المثقف هو المجتمع الذي يعيش فيه

معيار تقييم المثقف هو المجتمع الذي يعيش فيه
( من اكبر معضلات مثقفي الشرق الاوسط , عدم محاولتهم معرفة من يكونون !هل هم اناس اختصاصيون وفعالون في المجالات المختلفة ويتأقلمون مع التغييرات الاقتصادية والسياسية ؟ام انهم يعتبرون انفسهم انهم مستقلون وانهم ملتزمون بالحقيقة المعرفية ويتحولون الى محفزين للحوارات والقضايا التي تدور وتتفاعل بين الرأي العام ؟
منذ زمن طويل ومجتمعات الشرق الاوسط تئن تحت وطأة هذه النخبة من المثقفين , هؤلاء المثقفون كانوا قد تخلوا عن طقوسهم الفكرية والعقلانية هذه و كانوا يتبرعون بالمفاهيم التي ينتجونها الى الاسس الثابتة لايديولوجيات الماركسية او الاسلام السياسي .
صحيح ان السياسيين كانوا يوظفون ذلك لصالحهم ويفسرونه بشكل يتواءم مع طموحاتهم , كانوا يغضون الطرف عن الحقائق , وهذه هي اكبر خيانة مارسوها من موقعهم الثقافي, داخل المجتمع ) ... المفكر الايراني رامين جيهانبكلو

في مجتمعات الدول النامية لما بعد مرحلة التحرر الوطني وبدء عملية البناء الديمقراطي , نادرا ما يتم الحديث عن التحول الثقافي السياسي وبناء ثقافة السياسة الديمقراطية , وهذا شبيه بتلك الاحزاب والاطراف السياسية التي ناضلت خلال فترة التحرر الوطني من اجل التحرر الديمقراطي وقدمت الضحايا من اجل ذلك ,وانتصرت في تلك المرحلة وبنت المؤسسات واكتسبت الشرعية الجماهيرية عبر صناديق الاقتراع وان الثقافة الديمقراطية قد ترسخت ولا داعي للتأسيس او للتحول من الثقافة السياسية الثورية الى الثقافة السياسية الديمقراطية , هذه هي احدى الاشكاليات التي يجب على المثقف في هذه المرحلة العابرة وفي بناء الثقافة السياسية الديمقراطية , ان يكون له فيها دور مؤثر , واهم من هذا و على حد زعم البروفيسور وليام ميرفن كادم المتخصص في الباء الديمقراطي في جنوب افريقيا الذي يقول :( من الاهمية بمكان في هذه المرحلة ان لا نستفيض في الكلام حول تقدم الثقافة السياسية الديمقراطية , لأن مقياس التقدم الديمقراطي هو الطريق الوحيد لتقييم الديمقراطية داخل المجتمع ) وسبب هذا هو ان الثقافة الديمقراطية هي صاحبة القرار حول مؤسسات البلاد , على سبيل المثال :
1 – من الذي منح الحكومة سلطتها وكيف تطبّق تلك السلطة ؟
2- من هم هؤلاء الذين تسلموا المسؤولية والسلطة , من الحكومة ؟
3- من يسمح لهذه الاطراف من المجتمع بالمشاركة في العملية السياسية وعملية صنع القرار ؟
4- كيف يحمّل المواطنون المسؤولية للمسؤولين الذين منحوهم اصواتهم ؟
حول اهمية تأسيس هذه الثقافة ودورالمثقف في بناء هذه الثقافة , يقول مايكل بيتزر في حديث خاص بمجلة كولان ( اعتقد ان المثقفين فضلا عن المواطنين بامكانهم ان يصوغوا ارضية مناسبة للديمقراطية والمسألة الرئيسية هي ,ياترى هل انكم تتحدثون عن تلك الديمقراطية التي يحق للجميع ان يدلوا باصواتهم فيها وان يكون صوته مؤثرا على تلك السياسة التي تنفذ وتسمى الديمقراطية التي لا شائبة فيها ام انكم تتحدثون عن الديمقراطية الجمهورية حيث يحق لأي كان ان يختار ممثلا عنه بامكانه ان يقرر فيما بعد , ما يراه مناسبا للشعب . اذن , فالمثقف بشكل عام يعرّف على انه شخص يقوم بعملية التفكير النقدي والتحليل كشخص متخصص في مجال معين , ويتضح ايضا انه يعمل على مساعدة المجتمع في عملية الحوار والنقاش في الموضوعات والمشاكل المختلفة ).

اذن فان البروفيسور بيتزر يحث المثقف على الاشتراك في المناقشات والحوارات حول القضايا المختلفة ولكن المسألة هنا لا تعني اذا لم تكن الثقافة السياسية الديمقراطية موجودة في المجتمع او اذا كانت هشة , فان هذه المؤسسات لا وجود لها كلا ,. اذا كانت الثقافة السياسية موجودة او غير موجودة , فان لها تأثير ايجابي او سلبي على رؤية المواطنين للنظام السياسي كـ ( المؤسسات التنفيذية , التشريعية , القضاء , الاحزاب السياسية , مجاميع ومنظمات المجتمع المدني ) كما يكون لها الاثر الاكبر في مجمل المشروع السياسي ومشروع صنع اقرار داخل النظام السياسي .

المالية والمكانة والمسؤولية
اذن فان هذا الطرح يقول لنا ان تعريف الثقافة السياسية وبناء الثقافة السياسية الديمقراطية ليست بالعملية الهينة خلال فترة التحول من مرحلة الثقافة السياسية الثورية نحو الثقافة السياسية الديمقراطية , ويتحمل المثقفون مسؤولية كبيرة وعليهم ازاء هذه المسؤولية التاريخية الثقيلة ان لا ينسوا دورهم الفعال ( لا وجود لمجتمع ديمقراطي ناجح وموفق دون وجود ثقافة النقد والحوار والمنافسة والصراع وخلق الحوار عند الرأي العام ) وكما يقول هابر ماس فان ( ثقافة النقد ومناقشات المواطنين حول الموضوعات المختلفة تدفع بالمواطنين الى مركز صنع القرار )وهكذا يمكن ان يكون للمواطنين شان في مركز صنع القرار فيقيّمون برامج الحكومة وهذا ناجم عن تأثير مكانة المثقف وتأثيره في المجتمع .
ولكن السؤال هنا , ماذا اذا فقد المثقف هذه المكانة المهمة , داخل المجتمع ؟حينما لا يمكن ان يضطلع بهذا الدور المهم ؟ما هو السبب يا ترى ؟
للاجابة على هذا السؤال وبشكل خاص لمثقفي الشرق الاوسط , يقول المفكر الايراني رامين جيهانبكلو . الاستاذ في جامعة تورنتو الكندية في مناظرة مع شلومو ايفنري استاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا ( السبب هوان هذا الانتاج المعرفي الذي ينتجه مثقفو الشرق الاوسط و يوضفونه في ثوابت الايديولوجيا مثل اليسار الماركسي والاسلام السياسي ).

في اعتقاد بيكلو ان الظاهرة التي يسميها ماكس فيبر بـ ( فقدان الامل disenchantment of the world( لم تبدأ من الدول الاسلامية والعربية , لكي يبدأوا بمشروع التنويروالعقلانية لاعادة الامل , بمعنى اخر , وكما يقول فيبر فان مشروع التنوير وعقلانية اوربا ازاء ( فقدان الامل ) بدات من العالم أي قبل فقدان الامل , من تلك الايديولوجيا الدينية التي سيطرت على اوربا قبل التنوير , ما دفع بالمثقفين ان يبداوا بالتنوير والعقلانية .
اذن فان مشروع التنوير في اوربا بدأ حينما تحرر المثقفون من وصاية الايديولوجيا السائدة انذاك وباعلانهم استقلالهم , بدأت اولى دعوات التنوير .
يتساءل ايمانويل كانت في العام 1785 عن ماهية المثقف ويسأل في مقال له ( ماهو التنوير ؟) ثم يجيب على سؤاله على النحو التالي ( التنوير هو تحرر الانسان من الوصاية التي يفرضها على اعماقه , الرضوخ لحالة الوصاية يجعل من الانسان عاجزا عن ان يفعّل ذكائه وقدراته دون مساعدة خارجية ولهذا اقول ـ والمقصود كانت ـ في حالة فرض الوصاية على انفسكم , فليس السبب هو ان الفرد ليس ذكيا بل السبب هو ان الفرد ليست لديه الشجاعة الكافية لكي يصر على تفعيل ذكائه وقدراته دون طلب المساعدة الخارجية .

اصغي اليّ . انت . كن شجاعا ومارس شجاعتك , هذه هي الدعوة الى التنوير ).
لو تمعنّا جيدا في جواب كانت حول بداية التنوير وتعريف المثقف ودوره في المجتمع , فاننا سنشعر انه يجعل من استقلالية المثقف شرطا اساسا لدور المثقف في مشروع التنوير .ولهذا فاننا وضمن هذا الاطار , حينما ننظرالى مثقفي الشرق الاوسط ومثقفي بلادنا فاننا لا نشعر بهذا الدور المهم الذي يتحلى به مثقفوا اوربا في عصر التنوير . ونحن لا نعني ان يقلّد مثقفونا مثقفي الغرب في عصر التنوير , كلا لأن هناك فارق بين الاثنين , فارق بين المرحلتين , على مثقفي كوردستان و كما يقول كانت ان يتحرروا من تأثيرات هذا الطرف او ذاك وان يثقوا بانفسهم وبقدراتهم الذاتية وذكائهم ويقنوا ان بمقدورهم خلق مفاهيم جديدة لتصبح حافزا لتحريك الرأي العام وبناء الثقافة السياسية الديمقراطية في المجتمع من خلال توظيف المفاهيم الفكرية للغرب , في ثقافتنا الاصيلة لخلق مفاهيم جديدة تختلف عن المفاهيم السائدة حاليا في كوردستان .
يعترف جيهانبكلو صراحة ان مثقفي الشرق الاوسط لم يستطيعوا ان يضطلعوا بهذا الدور المهم وعزا ذلك الى النقاط التالية :
• في الشرق , المثقفون هم الذين اصبحوا عاملا لانتشار الايديولوجيا اليسارية الماركسية والايديولوجيا الاسلامية .
• هذا السلوك السائد للمثقفين اصبح سببا لقطيعتهم عن المجتمع وعاملا لنشوء جيل جديد فاقد للامل ليس بمقدوره ان يخطوا نحو الاصلاح والسلام .
• والاكثر خوفا من هذا وذاك هو ان الاحزاب السياسية الاسلامية واليسارية والعلمانية في الشرق الاوسط , هي التي استخدمت المثقفين من اجل تقوية احزابها وتنظيماتها وا حتكار السياسة داخل المجتمع .

هذه النقاط التي يشير اليها جيهانبكلو , أي مثقفي الشرق الاوسط , لم يصلوا الى الحد الذي يسميهم فيه ماكس فيبر بـ ( فقدان الامل من العالم )وهذه الجملة لا تعني ان لا يأمل المثقفون من العالم شيئا بل يعني ان لا يأمل المثقفون شيئا من ان مفهوم الايديولوجيات , أي كانت , يسارية ام علمانية ام اسلام سياسي,بمقدورها اجراء تغيير داخل المجتمع ,لماذا ؟ لأن لا وجود لايديولوجيات مقدسة في أي من المجتمعات المنفتحة , لهذا فيحينما يتحول المثقف نفسه الى عامل لنشر ايولوجيا معينة , حينما يفعل ذلك فانه سيحول نفسه الى طرف من الصراع السياسي بين الاحزاب السياسية وليس حافزا للمناقشة والحوار داخل الراي العام , حول دور المثقف وموقعه داخل المجتمع ولمتطلبات هذا التقرير تحديدا سألنا البروفيسور توماس كوشمان استاذ السسيولوجيا في جامعة ويلسلي ورئيس تحرير جريدة حقوق الانسان فأجاب ( في الحقيقة غالبا ما يعتبر المثقفون انفسهم اكبر من ان ينزلقون الى الصراعات السياسية , يتصرفون على هذا النحو على اعتبار ان السياسة هي عمل ادنى واقل اهمية , ولكن واقع الحال هو ان السياسيون يتصرفون بنفس الطريقة كلما حانت لهم الفرصة , بمعنى , من جهة , المثقفون يستغلون ذلك و يعلنون ان ليس هناك ما يبرر انخراطهم في الفساد , ولكن ما يلاحظ هو انهم غالبا ما يصبحون لسان حال الاحزاب وربما كان الدافع هو نفس الدافع الذي يغري الاخرين الى الانضمام الى الاحزاب السياسية وهي , الحصول على السلطة , المالية والمكانة والموقع والمسؤولية ).

هذه الظاهرة التي يشير اليها كوشمان لمجلة كولان تثير لدينا الخوف من ان يتحول المثقفون الى لسان حال الاحزاب السياسية , لذا سألناه ثانية عن الدور الحقيقي للمثقف ؟ فقال ( اذا اخذنا تجربة اوربا الشرقية , او الدول التي تلت سقوط الشيوعية فيمكننا ان نشير الى ان دور المثقف في عهد الحكم الانفرادي تمثل في معارضة وتحدي النظام الدكتاتوري والتسلط ولكن وبعد سقوط هذه الانظمة القمعية وبعد بدء مشروع الدمقرطة , تغير دور المثقف الى تحديد اهداف هذا المشروع ومن اجل وضع ذلك حيز التنفيذ , كيف يجب ان يكون المجتمع الجديد وكيف سيعمل المجتمع المدني , على الرغم من ان هناك تفاوت واختلاف بين رؤية المثقفين ).

اذن فان دور المثقف مربوط بالتصدي للظواهر السلبية التي تتسلل الى المجتمع , ثم تأتي الاشارة الى ماقاله البروفيسور كوشمان عن الدول التي تلت سقوط الشيوعية ودول اوربا الشرقية , صحيح ان دور المثقف كان على عهد الشيوعية , مناهظة الانظمة السياسية ودعوة الناس الى اسقاط النظام الدكتاتوري , غير ان النظام الدكتاتوري ـــــــــــــــــ انهار وبدء المشروع الديمقراطي واهداف المثقف تتغير باتجاه بناء الثقافة الديمقراطية وتطوير النظام الديمقراطي .

حول هذه القضية وعن دور المثقف في المشروع الديمقراطي يقول البروفيسور ريكاردو لاريماونت ( اظن ان الدور الرئيس للمثقفين هو في ان لا يدعوا ان تكون المحاولات الديمقراطية او الحركات الديمقراطية مرهونة بمجموعة سياسية او دينية او اثنية معينة فقط , بل هدف المثقف يجب ان ينصب على دمج واتحاد كل المجاميع والتكوينات , لا ن على المثقفين ان يضطلعوا بدورهم المطلوب ).

انتقاد المثقفين ليس تقليدا لاديولوجيات الاحزاب السياسية

ان انتقاد المثقفين داخل المجتمعات الديمقراطية ليس مطلب قيادات ( البوبوليست ) التي تنظر الى العالم بمنظار اسود وابيض, وان فقدان الامل لم يصل بهم حدا لمعادات المؤسسات داخل الانظمة الديمقراطية , في البلدان الشبيهة ببلداننا المخاوف من ( البوبوليست ) واضحة داخل المجتمع والناس اقتنعوا بكيفية ان البوبوليست تستغل مطالب ومعاناة الناس في سبيل الوصول الى السلطة واجهاض المشروع الديمقراطي .

حول انتقاد المثقفين وعدم خلطه مع طموحات البوبوليست , يعبر البروفيسور توماس كوشمان عن رأيه على النحو التالي ويقول لكولان ( تنشأ المخاوف حينما يدعي البوبوليست انهم يسعون لتحقيق اهداف الناس وخدمة مصالحهم , في حين انهم يستغلون الناس ويجعلون منهم جسرا للوصول الى السلطة ,كما لاحظنا على عهد الاتحاد السوفيتي ,و يمكننا القول ان صدام حسين ايضا تصرف بذات الطريقة , ولكن ما يميز المثقفين هو انهم يحاولون حث الناس وتوجيههم من اجل العمل على تحقيق اهدافهم في سبيل تطور الديمقراطية .).

حول ذات الموضوع وعن تجربة نيكاراكوا وظاهرة البوبوليزم ولجوئهم الى النقد واستغلال مطالب الناس من اجل مصالحهم الخاصة , يقول البروفيسور جون بوس استاذ العلوم السياسية في جامعة نورث تكساس والمتخصص في ديمقراطية امريكا اللاتينية قال (( ما يتعلق بهذه النظرة وبهذا المفهوم نجده في البوبوليزم , في نيكاراكوا وبلدان اخرى من امريكا اللاتينية ,هناك جانبان بارزان جدا او بعدان واضحان للبوبوليزم , البعد الاول يتمثل تفضيل تطبيق هذا النوع من الديمقراطية من خلال اللجوء الى المواطنين بدلا من العمل على بناء المؤسسات ( من حيث المحاكم او السلطة القضائية ) .
اما البعد الثاني فهو , رؤية العالم بمنظار الاسود والابيض او الخير والشر )).ٍ

ما يكشف عنه البروفيسور بوس لهذا التقرير هو ان هدف البوبوليست هو تعطيل المؤسسات الديمقراطية , غير ان مهمة المثقف هي تقوية المؤسسات داخل النظام الديمقراطي .

عن دور المثقف في تقوية مؤسسات المجتمع الديمقراطي وحول نقد المثقفين يقول البروفيسور اقبال حسين استاذ القانون في جامعة نيودلهي الهندية , في حديث خاص بهذا التقرير ( في الحقيقة فان النقد له دور مهم في تحسين وتطوير اداء الحكومة , اذ يجب على المثقفين الكشف عن التقصير واقتراح الافضل من خلال انتقاداتهم , وفي ذات الوقت يجب على المثقف ان لا يسعى للحصول على المكاسب السياسية , اقصد انهم لابد ان يراعوا مسألة الحيادية اثناء ادائهم لمهامهم وان يوجهوا سهام نقدهم الى كل مجموعة سياسية تحتاج الى النقد , اشرت سابقا الى ان المثقف وقلت لا بد ان يكون للمثقفين دور بارز في تقديم المقترحات والتوصيات اللازمة من اجل الوصول الى الحكم الرشيد , من اجل تحسين علاقة البلد مع البلدان الاخرى وبالعالم الخارجي , من اجل تحسين الاوضاع الداخلية , أي انهم بامكانهم ان يؤدوا دورا مهما في هذا الاطار , وعلى النقيض فانهم يمارسون عملا غير صحيا حينما ينحازون سياسيا وينتقدون حزبا سياسيا معينا .. . .بامكان المثقفين ان يؤدوا دورهم المهم من خلال الاشارة الى ايجابات السياسة والقرارات التي تكون عاملا في تقديم الخدمات لصالح الناس وينتقدون السياسات والمواقف وبرامج العمل التي تضر بمصالح الناس )) .

اذن, فان ما يشير اليه هؤلاء الاساتذة المنتشرون في اماكن مختلفة من العالم هو ان يكون المثقف مستقلا وان ينتقد كل الاطراف وان لا يرتيط بطرف سياسي معين .

حول اهمية دور المثقف و ما يجب عليه ان يفعله داخل المجتمع يقول البروفيسور جارلس كبر المتخصص في مجال التاريخ في جامعة بوستن ( من الاهمية بمكان الحديث عن دور المثقف في كل الحوارت الجدية التي ترمي الى بناء الثقافة الديمقراطية , انا سعيد من انكم وزملاءكم تعتقدون انكم ستستفيدون من اجوبتي في هذا الاطار, ولكن ولقصر الوقت اعتذر واكتفي بالقدر اليسير حول هذا الموضوع الذي اثرتموه في سؤالكم ؛ بعد انبثاق الخطاب السياسي ( الديمقراطي ) بعد الثورة الفرنسية والثورة الامريكية , معظم القرارات السياسية كانت قد جعلت موضوع العداء بين الليبرالية ( اوالاهتمام بالحريةالشخصية ) والديمقراطيين ( وهنا نعني اسهام الناس ولا سيما اولئك الذين يشكلون الطبقات الدنيا , في عملية التمثيل في الحكومي ) موضوعا رئيسيا لخطاباتها .

دور المثقف مهم من ناحية جعل هذه القضية قضية بناءة وليست هدامة , في بعض الاحيان يعمل المثقفون خارج اطار المصالح العامة وبعيدا عن ايديولوجيات الاشخاص الذين يمثلون الطبقات المتنفذة , وفي احيان كثيرة نرى لدى المثقفين التزاما ( فكريا ) حينما يصوغون المفاهيم او التجريب او الابداع .انهم ملتزمون بالفكر النقدي والبحث المتحرر والكشف عن الذات ) وهذا يجعلهم متيقظين على الدوام ازاء التحديات التي تجابه هذا الالتزام, ان كان من جانب النخبة او من جانب الناس.واكثر من هذا فان بامكان المثقفين ان يضطلعوا بدور حاسم في تطوير قيم التفكير النقدي لاجهزة الاعلام , وفي النهاية يمكن للمثقفين ان يئسسوا لرأسمال ثقافي من اجل التصدي لمخاطر البوبوليست وبشكل خاص في الاماكن التي لازالت فيها المؤسسات الديمقراطية هشة.).

يضع البروفيسور جارلس مسألة مجابهة الجانب المخفي من البوبوليست على عاتق المثقف ولا سيما في البلدان التي لا زالت فيها المؤسسات الديمقراطية هشة ولا تزال معرضة لمخاطر البوبوليست , واذا لم يحاول المثقف ان يبعد انتقاداته عن مطالب واهداف البوبوليست , فانه انتقاداته ستصب في اطار سياسة البوبوليست فضلا عن انه سيفقد موقعه كمثقف , داخل المجتمع .
Top