البروفيسور مايكل بيل ل(كولان): من ابرز ملامح الحكومة الرشيدة الشفافية و اشراك الشعب في القرارات
July 10, 2013
مقابلات خاصة
البروفيسور مايكل اي بيل استاذ السياسة العامة في جامعة جورج واشنطن و مدير مركز الجهود الجماعية للديمقراطية في الحكومة المحلية،و يعمل الآن كأحد المختصين في مجال تعزيز امكانيات الأدارة الحكومية الذاتية في الديمقراطية الحديثة بأفريقيا الجنوبية،و للحديث عن الحكومة النشطة و كيفية انجاح عملية التنمية في الدول النامية اجرت (كولان) هذا اللقاء مع البروفيسور مايك.ترجمة/بهاءالدين جلال
*ماهي المبادىء التي تحدد ملامح الحكم الرشيد؟
- اجراء الأنتخابات من الأمور المهمة ولكنها ليست كافية، والمثال على ذلك هو اجراؤها في زمن الأتحاد السوفيتي السابق ولكن دون نتائج مشجعة للحكومة الرشيدة،اعتقد أن من ابرز ملامح هذه الحكومات هي وجود شفافية واضحة في تعاملها مع المواطنين و الأعتماد عليهم في اتخاذ الخطوات التي تخدم المصالح العليا،الى جانب اتخاذ خطوات جريئة بأتجاه مكافحة الفساد في جميع مفاصل الدولة،و الأهم من كل هذه الأمور هو اشراك ابناء الشعب في انشطة الحكومة المختلفة ، وعلى سبيل المثال هناك نظام يتم ممارسته في امريكا اللاتينية و يسمى «participatory budgeting« و فيه تؤخذ آراء و وجهات نظر جميع شرائح المجتمع حول صرف جزء من الموازنة،اذاً الحكم الرشيد يعتمد على العلاقة القوية و الناجحة بين الحكومة و المواطنين الذين يتلقون الخدمات من المؤسسات الحكومية،فالحكومة اداة المجتمع في تحديد المشكلات و معالجتها،ومن الشروط الأساسية لتحقيق هذا الهدف هو العمل على تعزيز تلك العلاقة و بشكل مستمر.
* في الدول النامية التي هي الآن في مراحل بناء الديمقراطية وتأمل في اتخاذ خطوات نحو انتهاج الحكم الرشيد، السؤال هو: ما العلاقة بين الديمقراطية و الحكم الرشيد؟
- نحن نتحدث عن امرين مختلفين ، بأمكانك امتلاك حكومة رشيدة من غير وجود الديمقراطية التي تتبناها الدول الغربية،فالحكومة تستطيع تمشية امورها من خلال تشخيص المشكلات و مواصلة الأستجابة من اجل معالجتها و من ثم انجاز مراحل التنمية في البلاد،اذاَ السؤال هو كيف بمقدور الحكومة اداء مهماتها من غير الأعتماد على مبدا الديمقراطية؟ الجواب هو :نعم وذلك حتى دون وجود اللامركزية »decentralization» و لكن شريطة وجود اشخاص محترفين يتولون ادارة امور الدولة و وضع حد لظاهرة الفساد و الأعتماد على عناصر تتحمل مسؤولية تقديم الخدمات الرئيسة لأبناء الشعب،واعتقد أن الحكم الرشيد هو مفهوم واسع ولايقتصر فقط على انجاز المشاريع بصورة دقيقة و ناجحة،بل أنه يضم حكومة تستجيب لمطالب الشعب مع التأكيد على انجاز مشاريع تخدم قبل كل شىء مصالح جميع شرائح المجتمع بغض النظر عن ماهية تلك المشاريع.
* ماهو تعريف الحكومة النشطة التي لها القدرة على الأستجابة لمرحلة التنمية؟
- هذا هو التحدي،و اعتقد أنّ الخطوة الأولى تكمن في دعم المجتمع لأي عمل بدائي، وعندما يقوم الشعب بدعم الحكومة فإنّ المشاريع سوف تُنجز بسرعةـ، انا كثيراً اعمل في افريقيا ولكنني لاأعمل نيابة عن أحد،اساعد الناس من اجل القيام بالأعمال و عليهم انجاز المشاريع بأنفسهم،و يؤدي ذلك الى تمليكها من قبلهم و تقوم الحكومة بتوفير التسهيلات لتنفيذها، وفي افريقيا الجنوبية يقوم الشعب بدعم الحكومة مادياُ و في بوتسوانا عندما تقوم الحكومة بانشاء طريق بين منطقتين فإن الناس يدرك جيداَ أنَ هذا الطريق هو من اجل مصلحتهم،وهذا ما يشجعهم على التبرع بمبلغ من المال الى الحكومة لأنجاز المشروع الذي يمر من أمام دورهم السكنية،و بالنتيجة فأنهم يشعرون بأن المشروع هوملك لهم.
* الأستثمارفي الثروة البشرية عامل مهم في عملية التنمية لدى الدول النامية،اذاَ من اين تبدأ التنمية البشرية و كيف تبدأ؟
- اهم المسألة التي تتبناها الحكومة الجديدة في المرحلة الأنتقالية هي بناء الثقة بينها وبين المواطنين،حيث ان الفساد يزيل هذه الثقة،انا اعمل في معظم الدول الأوروبية الى جانب بعض الدول التي كانت ضمن الأتحاد السوفيتي السابق و كذلك في بعض دول افريقيا الجنوبية،عندما تتحدث مع الشعب تشعر بأن الحكومة موجودة ولكنها بعيدة عنهم وذلك بسبب كون معظم هذه الحكومات جاءت الى السلطة وهي تفرض اراداتها السياسية على ابناء الشعوب، لذا في المرحلة الأنتقالية على الحكومة تشخيص المشكلات و ايجاد الحلول المناسبة لها و لن يتحقق ذلك الاّ من خلال بناء الثقة مع المواطنين.
* الى أي مدى يؤثر الأهتمام بالتربية و التعليم على تنمية الثروة البشرية؟
- هذه مسألة مهمة،لأنك عندما تريد حكومة تؤدي مهامها بأنتظام فأنك سوف تحتاج الى أناس تلقوا تربية حسنة و تأهلوا للعمل في مجالات الحياة المختلفة،مع وجود أشخاص متعلمين لأدارة الأمور الأقتصادية،و حسب تجاربي الكثيرة في هذا المجال،عملتُ في المجتمعات التي قد اهملت من قبل الحكومات المركزية، لقد وجدتهم يبنون المدارس بأيديهم لأنهم يدركون جيداً أنّها السبيل الوحيد لنجاح مجتمعهم،كما انهم يبدأون تربية اجيالهم ايماناً منهم بأن البناء الأقتصادي المتين يأتي من التربية الصحيحة،وكذلك من تطوير العلاقات بين الحكومة و الجماهير و مستوى الخدمات المقدمة وعلى مختلف الصعد،و على الحكومة ايضاً ابداء المرونة الكاملة في التعامل مع متطلبات الجماهير و الكشف عن الموارد المالية ليطّلع عليها الشعب،في المجتمعات التي أشرتُ اليها من قبل نجد أنّ وزير التربية هو الذي يقوم بتعيين المعلمين و كذلك الحال بالنسبة الى وزير الأعمار الذي يتولى تنفيذ مشاريع البناء، وهذا يعني أنّ عموم شرائح المجتمع سوف يستفيد من الموارد المالية ولكن في الوقت ذاته لم تلق هذه الخطوات أي نجاح لأن الشعب لايملك أي رأي او وجهة نظر حول كيفية استخدام الموارد،ومن بين تلك الآراء هل أن الحاجة تدعو الى تعيين المزيد من المعلمين أم بناء اعداد اكبر من المدارس؟ خلاصة الكلام و كما اعتقد أنّ على الحكومات تأمين المزيد من الخدمات لشعوبها و أخذ آراء المواطنين في الحسبان و أنْ تعمل بشكل تعاوني و جماعي من خلال اشراك شرائح المجتمع في القرارات من اجل توفير أجواء سلمية و ارساء مبادىء الديمقراطية و بناء مجتمع يسوده التعايش و الألفة و الوئام.