نادر عبدي سعدون

ستتوقف مطابع النقود عن الطباعة وتختفي الأموال الورقية والمعدنية التي بين يدينا في المستقبل القريب في جميع دول العالم بدون استثناء والدول التي لا تلتزم ستحرم من الموارد الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وسينتهي الحال بتلك الأموال الموجودة الآن في العالم الى حاويات القمامة شيئا فشيئا وتصبح العملات الرقمية والمشفرة سمة العصر الجديد في ظل اقتصاد سيحكمه دولة واحدة أو تحالف عدة دول فقط.

سيدة العالم اقتصاديا تتحكم بالغالبية العظمى من تحويل الأموال بين جميع دول العالم وتطّلع على حجم التداولات بشكل تفصيلي، ولكنها لا تملك السيطرة المطلقة على بعض الجوانب كالتحويلات المالية التي تدعم وتمول الإرهاب والارهابيين في العالم، تلك الأموال التي تحول لهم بطرق خارجة عن سيطرتها وكذلك الحال تلك الأموال الضخمة التي تصرف على تجارة الممنوعات وتجارة الأسلحة والحروب، وقد حاولت بطرق متعددة لضبط كل تلك العمليات لكنها فشلت الى حد ما بسبب طريقة عمل الاقتصاد الحالي من وجود عملات متعددة وبنوك لا تلتزم بسياسات محكمة ودول لا تطبق قوانين النظافة المالية وتحالفات دول أخرى لفرض هيمنة عملاتها ومنافسة عملة سيدة العالم.

كل تلك الأسباب أثرت ولو بشكل بسيط على زعزعة اقتصاد سيدة العالم واحداث بعض الزلازل في عملتها القوية، ولكن علماء التنبؤ عندهم انتبهوا واثاروا الجدل حول ذلك منذ عشرات السنوات وأعلنت الدولة حالة الطوارئ لخلق بديل لا يمكن منافسته ولا يمكن تهريبه ولا يمكن تزويره فقاموا بتجارب واختبارات اقتصادية رهيبة في مختبراتها المتواجدة في دول العالم من فرض التضخم في دولة ما وافلاس دول أخرى ورفع اقتصاد بعض الدول وانهيار العقارات في أماكن أخرى وانهيار عملات بعض الدول وانفكاك دول عن أخرى والعديد من النتائج التي لا تعد ولا تحصى، وبعد كل تلك التجارب كانت الخلاصة هي اختراع العملات الرقمية والمشفرة التي لا تكلف شيئا سوى الطاقة والانترنت وليست بحاجة الى بنوك مركزية ولا مطابع نقود ولا احتياطي من الذهب والعملات الأخرى ولا بطاقات ائتمان ولا تحتاج الى الشحن أو النقل أو التخزين أو السرقة أو بناء خزائن مصفحة ضد الانفجارات والحرائق وغيرها من الكوارث .

ستبدأ سيدة العالم ومن معها بفرض العملات الرقمية والمشفرة على جميع دول العالم وستكون هي المتحكمة الوحيدة في المال والاقتصاد العالمي بشكل كامل وهي التي ستقوم بتوزيع الموارد بين الدول وارسال ميزانية كل دولة من تلك العملات الرقمية حسب ناتجها الإجمالي ومقابل سحب ثرواتها وستكون المتحكمة الوحيدة في تصريف تلك الثروات وتوزيعها و السيطرة عليها وستقسم الدول حسب انتاجها للمواد وستصبح كل دولة من دول التحالف مسؤولة عن صناعة أو زراعة أو تجارة شيء محدد في كل دول العالم، فدولة ما ستكون مسؤولة عن الغذاء في العالم ودولة أخرى ستكون مسؤولة عن الدواء في جميع دول العالم وغيرها ستكون مسؤولة عن منتج أخر، وستكون هناك أسعار جديدة لكل شيء والعملة الوحيدة المسيطرة هي مجرد ارقام لا قيمة لها، والخبر المؤسف بأن الدول التي لا تملك موارد "طبيعية كانت أم فكرية" سوف تزول وتنقرض.

الأرقام سوف تتحكم بكل البشر والدول، فهم يحاولون جعل الحياة مجرد لعبة واضحة المعالم بالنسبة لهم مع التوقع الكامل لكل النتائج والمفاجئات التي سوف تحصل ويبقى الحبل الوحيد للنجاة للدول بالبحث عن موارد لا تنضب والعمل على الجمع بين علماء الاقتصاد وعلماء التكنولوجيا وعلماء الطاقة لترتيب اقتصادها على اساس المستقبل الذي قد خططوا له .





rudaw