• Sunday, 22 December 2024
logo

الاعدام وحده لايكفي!

الاعدام وحده لايكفي!
عبد الستار رمضان


هذه ليست دعوة أوتأييدا لعقوبة الاعدام التي يشهد العراق بين فترة واخرى مطالبات لتسريع تنفيذها، او المطالبة بها كرد فعل لبعض الجرائم البشعة والاخبار المفزعة التي تنقلها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بل هي دعوة للتأمل والتفكير خارج اطار الاخبارالتي لا يمر اسبوع او احيانا عدة ايام الا وتحدث جريمة شنيعة ومقززة من قتل واغتصاب وانتهاك للحقوق والحرمات.

فخلال الاسابيع القليلة الماضية كانت الاخبار عن الأم التي القت بطفليها في نهردجلة والتي اشعلت عواطف واهتمام الناس الذين ادانوا هذا الفعل الشنيع، ثم تلتها جريمة أب قتل أولاده الثلاثة شنقاً بسبب خلافات عائلية مع زوجته وتعاطيه المخدرات، فقام بخنق أطفاله الثلاثة الصغار.

كما قام ثلاثة أبناء بقتل والدهم بعد ان تم الاخبار عن واقعة انتحاره ثم تبين بعد التحقيق ان أبناء المجني عليه الثلاثة قاموا بالاتفاق والاشتراك بقتل والدهم بسبب الميراث، وقام رجل برمي زوجته من سيارته التي تسير بسرعة كبيرة واصابتها بكسور ورضوض ونزيف حاد تم نقلها إلى المستشفى وفارقت الحياة بعد طلبها الشكوى ضد زوجها.

كما أقدم شاب على حرق أبيه ليفارق الأخير حياته متأثراً بالحروق، وقامت زوجة بقتل زوجها وبمساعدة بناتها في حرق وتقطيع جثة الاب، وغيرها الكثير من الجرائم البشعة التي حدثت في نطاق العائلة الواحدة التي يجمعها الدم والرحم والقرابة والتي كان فيها الجناة(أم واب وابناء اولاد وبنات وزوج وزوجة...).

هذه الجرائم لا يمكن ان يكون علاجها او المعالجة الوحيدة لها عقوبة الاعدام التي تُنهي حياة الجاني وتحقق الراحة والقبول للآخرين الذين غالبا ما يتفاعلون او يتأثرون بالجانب الظاهراو المعلن من الجريمة، دون ان يكون هناك دراسة وبحث ومتابعة للاسباب والظروف التي ادت الى حدوث هذه الجرائم.

ان الجرائم تتكرر وتكاد تتحول الى ظاهرة في بعض المدن والمناطق التي تشهد جرائم زنا المحارم وقتل الوالدين او الابناء او الازواج، مما يبين ان هذه الجرائم هي انفجار حقيقي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يعاني منها المجتمع العراقي من دون اي حلول حكومية لمعالجتها.

غياب الدولة عن مهماتها وواجباتها في حماية الفرد والاسرة وتوفير حاجياتهم في التعليم والصحة والامن والرعاية والحماية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والنفسية وعدم تطبيق مواد الدستور والقوانين النافذة التي لا يطبق الا ما هو في مصلحة الحكومة والاحزاب.

ان اسباب الجرائم كثيرة ومتنوعة بعضها يعود الى الجاني نفسه وبعضها يتحملها المجتمع والحكومة معاً، فانتشار الفقر ودور وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي التي زادت من مشكلات ومآسي المجتمع العراقي الذي انتشرت فيه عصابات وجرائم القتل والخيانة والاحتيال والتهديد والتشهير والابتزاز الالكتروني والدعارة وغسل العاروالاتجار بالبشر والترويج وتعاطي المخدرات.

عليه فان الاعدام وحده لا يكفي عندما يتم الحكم على الام التي رمت طفليها في نهر دجلة بالاعدام مرتين من دون معرفة الاسباب والظروف التي ادت الى حدوث هذه الجرائم ودراستها من قبل اساتذة ومختصين لهم المام واسع في علم النفس والاجتماع والتربية والطب العدلي والعلوم والمعارف الاخرى التي تساعد في تقديم ما يمنع او يقلل من حدوث جرائم اخرى مماثلة لها، وهو ما يعجز الاعدام عن تحقيقيه حيث توجد آلاف احكام الاعدام غير المنفذة ومازالت الجرائم تتوالى وتتكرر من دون حلول او معالجات.









باسنيوز
Top