• Monday, 29 April 2024
logo

قصف أربيل ورخاوة قبضة بايدن

قصف أربيل ورخاوة قبضة بايدن
شيروان الشميراني



عندما سمعت تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض معلقاً على القصف الصاروخي الذي تعرضت له مدينة أربيل في إقليم كوردستان العراق يوم الاثنين 15-2-2021 ، تذكرت رئيس نظام البعث السوري بشار الأسد ونشرات اعلامه وقتما تشن الطائرات الإسرائيلية غاراتها بكل اريحية على الأهداف النظامية والقوى المتحالفة معه، بالاحتفاظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، هو أوباما نفسه يتكرر في جسد بايدن، التراجع من ابرز سماته، والقلق والتردد.

لماذا اختيار أربيل؟

في نظري وهي قراءة اكثر منها رأي، ان هناك أسباباً تكمن وراء جعل أربيل عاصمة الإقليم المزدهرة هدفاً، كثافة القصف واستهداف الشوارع والمناطق السكنية كانت صادمة، وغريبة في الآن نفسه، لكن يمكن تعداد الأسباب كالتالي:-

1- ان مقاصد هذه المجموعات المسلحة والسياسة الإيرانية هي افراغ الأرض العراقية من الوجود الأميركي، حتى تخلو الساحة ويتدنى الحضور السياسي الأميركي والغربي بالتبع، ان ما دار خلال الفترة الماضية من حديث حول توجه الأميركيين الى المنطقة الكوردية كان محل انزعاج الجانب الإيراني ومن ثم المجموعات المسلحة الشيعية المنضوية أو المختبئة تحت الوية الحشد الشعبي، لان الحضور العسكري في أي مكان في العراق يعرقل تحقيق الأهداف المتوخاة من العداوة مع الأميركيين.

2- سحب أربيل ومن ثم المدن الكوردية التي كانت محمية من التوترات الطائفية والعسكرية الميليشياوية المتفشية في باقي مناطق العراق الى تلك الأجواء المتفسخة، و جعلها كأي مدينة عراقية تعيش أجواء حرب لا تهدأ.

3- ضرب حركة العمران والاستقرار شبه الكامل في أربيل، كما ان التدمير والهدم هو زلزال لا يمكن ان يكون كوردستان محفوظا من تأثيراته وتداعياته، ان قضية الهدوء الأمني في مناطق إقليم كوردستان ولجوء مئات الالاف من باقي مناطق العراق اليها، وحركة العمران والبناء المستمرة والتي تتوسع بشكل مطرد، مما يحاجج بها سكان المناطق الجنوبية مسؤوليهم، فهم لا يطيقون بقاء أربيل عصية من تداعيات الحرب في بغداد او المدن الجنوبية، خاصة ان القيادات الكوردية لم تذهب ولا لمرة واحدة مع تلك المجموعات المسلحة في سياساتها العرجاء المحطمة للبنيان، يعملون من اجل كسر انفتها، يبغون الحاق أربيل بحركة التدمير العراقية.

4- رسالة كذلك القيادة السياسية الكوردية انه حذار التصور انكم خارج الصراع بل انتم في قلبه والجزء الأصعب والأخطر منه.

وبالعودة الى طريقة تعامل بايدن مع الأمر، هل ان الولايات المتحدة تحولت الى يد ناعمة مقصوصة المخالب؟ ففقدت القدرة على استعمال قبضتها .

الذين قالوا ان العقل عائد، يرددون فقط الكلام المنمق الموجود في كتب مكتباتهم، بعيد عن فهم الاحداث الجارية في الشرق والشرق الأوسط، أين كان العقل حاضراً في هذه المنطقة؟ أي الاحداث تسير وفق مقتضيات قوانين العقل؟

إن إيران، بالاعتماد على القوة، الناعة وغالبا الخشنة واليد الشوكاوية - من الشوكة - أثناء المصافحة، تمكن من جعل من نفسها القوة الأولى في العراق، وأجبرت الولايات المتحدة الأميركية على الجلوس على الطاولة التي ترغبها هي - ايران -، كما هو الحال في اليمن. ما يجري في سوريا معاكس لمنطق العقل في كليته، كما أن الحضور الذي تتمتع به تركيا نابع عن القوة، في العراق وإقليم كوردستان وآذربيجان وليبيا واليونان وسوريا وعفرين وأفغانستان مع الناتو، الدول غير الممتلكة للقوة او التي تريد العقلانية في كل شيء او الضعيفة، صاحبة اليد الناعمة، تكون على المائدة كوجبة ليس أكثر، لا تحترم.

في سوريا وفي فترة أوباما، في ذروة التدخلات الأجنبية المساندة للنظام وفي ذروة مجازر الأسد بحق الشعب الثائر، قال أوباما، إن استعمال السلاح الكيمياوي خط أحمر، لكن القراءة السورية والإيرانية والروسية كانت تقول إن أوباما ليس رجل الحسم ولا رجل القوة، وانه يسقط في الاختبار، وفعلا كما توقعوا، سقط الرئيس الأميركي في الامتحان السوري.

بعد القصف الصاروخي على مدينة أربيل، الذي هي المرة الأولى التي تتعرض كبرى المدن الكوردية لإعتداء صاروخي بهذا الشكل، ظهر بعضا مما قلناه، الرد الأميركي هو نفس سياسة أوباما، الذي كان قد قال وما دخلي انا، دعهم هم يتعاملوا مع بعض، الادراة الأميركية الان تقول انها تساعد الحكومة العراقية على الرد على تعرض أربيل للرشقات الصاروخية، كأن الحكومة العراقية تمتلك أجهزة الدولة، هي غير مسيطرة حتى على شوارعها. ربما يريد بايدن جعل العراق في مواجهة ايران، وهذا لن يحدث. الآن المقارنة لن تكون بين واشنطن وطهران بقدر ما تكون بين ترمب وبايدن، السفير الأميركي السابق في العراق قال في زمن ترمب كانت دماء الجنود الأميركين خطأ أحمر، لكن الامر الان مختلف، أين تكون أميركا القوية صاحبة الهيبة؟ هل تلك التي كانت عند ترمب او التي الآن عند بايدن؟

إذا كان بايدن - والحديث هنا عن العراق ثم المناطق الأخرى المشابهة - يريد العقلانية فسيكون مسلوخا قبل الإفاقة، لأن الذي يتعامل معهم لا يفهم ولا يعرف بالأساس سوى لغة القوة الخشنة.. وسيكون مضطراً على السير على الخط الذي هم يرسمونه.

ربما يتبادر الى الذهن الان المفاوضات وهي الأصل، ربما، صحيح، لكن والحديث عن الحالة العراقية الان، فأنه ومنذ ولاية بوش الإبن، وحكومة المالكي الأولى، جلس الطرفان بإلحاح عراقي على طاولة المفاوضات، وتفاهم الأميركيون ونسقوا مع الإيرانيين في الأمور الأساسية المتعلقة بالعراق، حتى ضد منطوق الدستور والنتيجة هي هذه.

والآن وبعد عودة بايدن (أوباما 2) مع شيء من التغيير كما يقول البعض، فقط استهدف الأميركيين، وضربوا بالصواريخ، وقتل منهم وجرح، وضربت حلفائهم، كيف يرد؟

ليست النية من الصواريخ اختبار بايدن، وان كانت اختبارا واقعياً، بل الغاية هي إجباره غصبا لفتح الملف النووي الإيراني، كما هي حالة حرب طبيعية بين الطرفين في المنطقة، لأن الإيرانيين لا يتحلمون سياسة بايدن طويلة المدى في التعاطي مع الملف، الوضع الإيراني لا يتحمل، و لهذا ربما سيتلقى الأميركيون وحلفائهم المزيد من القصف الصاروخي والاستهداف في العراق، فهم يعلمون ان جسد بايدنَ أوباما يرتجف، هنا ردّ الأميركيين هو الذي يوضح هل إن قراءة الإيرانيين والميليشيات المسلحة التابعة لها صحيحة أو وقعوا في خطأ وإن اليد ألأميركية قوية ليست رخوة وبكامل صحتها؟.







روداو
Top