ثمار الحرب بالوكالة
ليس من الصعب التكهن بالأهداف التي دفعت الفصيل الارهابي لقصف مناطق في مدينة اربيل بصواريخ الكاتيوشا. انها جزء من حرب بالوكالة تخوضها مجاميع مسلحة عراقية الهوية خارجية الهوى والارتباط.
ردود الافعال القويّة المناصرة والمساندة والداعمة لأربيل مستقرّة، ربما كانت غير متوقعة من جانب الدافعين باتجاه الضغط على اقليم كوردستان تحت يافطة مقاومة المحتل. أي محتل هذا الذي تستهدفه مجاميع مذهبية مسلحة لم يكن ممكنا تواجدها في الاراضي العراقية وتسلم اسيادها زمام البلد، لولا القبضة الفولاذية للمحتل الذي سبق وان اسقط النظام السابق قبل اقل من عقدين من الآن.
ان الصراع الدائر بين الولايات المتحدة الامريكية والجارة ايران، لا ناقة للعراق فيه ولا جمل، وافضل خيار سياسي للعراق هو الوقوف على الحياد بين الدولتين. ايران جار مهم جدا بالنسبة للعراق، والولايات المتحدة الامريكية لها الفضل الكبير في قيادتها تحالفا دوليا اسقط النظام السابق الذي سبق وان حوّل البلد الى زنزانة وصندوق مغلق، ويرتبط العراق ايضا باتفاق استراتيجي مع الولايات المتحدة، ومن المهم ان يحافظ العراق على علاقات وديّة مع القوة العظمى الاولى في العالم، مثلما مهم بالنسبة له ان يحافظ على علاقات وديّة (وليس تبعية) مع الجارة ايران.
تجارب البلدان والشعوب تقدم العديد من الادلة على ان الحرب بالوكالة لا تجلب سوى الخسران والخذلان للضالعين فيه. والعراق لن يجني سوى المرارة من أي حرب بالوكالة تقام على اراضيه، فرحى الحرب تسحق الحرث والنسل، وهذا البلد يعاني من آثار جراح سلسلة حروب امتدت طوال عقود، ويدفع مواطنوه ضريبة هذه الحروب باهضا من خلال حالة وقوع البلد في مستنقع التخلف وسيادة الفساد وتراجع الخدمات والحرمان الكبير الذي يعانيه السكان.
يجب ان تكون الحكومة العراقية، او بالأحرى يجب ان تضطلع القوى والاحزاب العراقية المتنفذة حاليا بمزيد من الشجاعة وتصرح بشكل علني، بأنها لن تقبل بتحول العراق الى ساحة للصراع بين اصدقائها. البلد بحاجة الى حزمة مواقف موحدة يجتمع الكل حول مفرداتها ومن دون تردد او خجل. ليس من الوطنية في شيء فيما لو جعل البعض الوطن ساحة لصراع القوى الخارجية مهما كانت هوياتها ومهما كانت درجة العلاقة التي تجمع العراق معها.
قالت احدى المواقع الالكترونية، ان هناك " تحرك سياسي يهدف إيجاد اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان على تدويل ملف قصف محافظة أربيل من قبل الميليشيات ليكون للمجتمع الدولي دور كبير بهذا الملف." اذا تيقن هذا الخبر الذي نشره الموقع، فهو تحول ايجابي مهم بالاتجاه الصحيح، خصوصا وان الهدف من "تدويل استهداف محافظة أربيل هو تشكيل تحالف دولي لمواجهة الميليشيات وانهاء الخطر الذي تشكله على امن واستقرار العراق وامن البعثات الاجنبية والمصالح الدولية فيه، وكذلك الحفاظ على استقرار المنطقة بشكل عام وحفظ الامن فيها من خلال وضع حد للنفوذ والسيطرة الإيرانية ودعم طهران لهذه الميليشيات." بحسب الموقع الالكتروني.
ان استهداف اربيل من قبل الميليشيات المنفلتة والخارجة عن القانون كان تحولا امنيا خطيرا باتجاه زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة الأكثر استقرارا في العراق، مما يعني اسقاط أي امل لتحسن الوضع العراقي امنيا. وهذا يتقاطع مع الجهود الدولية الرامية والداعمة لاستقرار العراق والمنطقة والدفع باتجاه نزع فتيل الازمات فيها.
من هنا ليس من المستبعد تشكيل تحالف دولي لمواجهة الميليشيات الموالية يقوم بفرض عقوبات اقتصادية عليها ومن ثم قطع مصادر تمويلها واخيرا استهدافها عسكريا.
باسنيوز