• Sunday, 25 August 2024
logo

الكورد محظوظون بالقيادة البارزانية

الكورد محظوظون بالقيادة البارزانية
معد فياض



بعد ان غدر شاه ايران بكورد العراق إثر توقيعه اتفاقية الجزائر عام 1975 مع صدام حسين، الذي تنازل بموجبها عن نصف شط العرب واراضي عراقية حدودية في محاولة للقضاء على الثورة الكوردية التي لم يستطع الجيش العراقي مواجهتها عسكريا، اضطر الزعيم والثائر الكوردي ملا مصطفى البارزاني الى ترك العراق.

وبسبب مرضه كان على البارزاني السفر عام 1979 الى الولايات المتحدة للعلاج عبر ايران، وبرفقته نجله الثائر مسعود البارزاني.

حدثني ذات مرة المفكر والكاتب الايراني أمير طاهري، الذي كان من ابرز مستشاري شاه ايران وقت ذاك، في جلسة خاصة، حيث كنا نعمل سوية في جريدة "الشرق الاوسط" في لندن، قال" كنت حاضرا قبيل سفر الزعيم الكوردي ونجله الشاب (وقتذاك) مسعود البارزاني، فانا كنت من المعجبين بشخصية ملا مصطفى بارزاني، تطلعت في عيني نجله (مسعود)، ورصدت عمق الاصرار والقوة عند هذا الشاب على مواصلة الثورة وتأكدت وقت ذاك بان هذا الثائر الشاب سيقود الثورة الكوردية حتى النصر"، مضيفا" ما استدعى انتباهي هو ان الشاب مسعود البارزاني كان يتطلع الى ساعته بين الحين والآخر وكأنه يريد ان يمضي الوقت بسرعة للعودة الى جبال العراق ومواصلة الثورة".

في حوار صحفي لاحق مع زعيم الحزب الديموقراطي الكوردستاني، مسعود البارزاني، عندما كان رئيسا لاقليم كوردستان، وبعد سنوات من حديث طاهري، قال" كان ذلك من اصعب الاوقات التي مرت بها الثورة الكوردية، لكننا، اخي المرحوم أدريس(البارزاني) والد نيجيرفان رئيس الاقليم الحالي، كذلك رفاقنا في الحزب الديموقراطي الكوردستاني والبيشمركة، لم يتسلل الى نفوسنا اليأس بمواصلة القتال من اجل تحقيق اهداف الثورة التي رسمها لنا والدي".

من المعروف ان الرئيس مسعود البارزاني كان قد التحق بصفوف الثورة الكوردية وهو في السادسة عشر من عمره، وحسب ما نشرته "رووداو" في 20/9/2017، وتحت عنوان "مسعود البارزاني.. من جمهورية مهاباد الى دولة كوردستان"، أكد الرئيس بارزاني ما ورد في كتاب "هاورينامه"، أنه انضم لصفوف البيشمركة حين كان في سن 16 عاماً بتاريخ 20/5/1962، ويقول البارزاني إن "يوم انضمامه إلى صفوف البيشمركة هو أجمل لحظات حياته على الإطلاق".

وتحدث البارزاني عن يوم انضمامه إلى صفوف البيشمركة قائلاً: "لقد أصبحت واحداً من البيشمركة في يوم 20/5/1962، وأعطوني بندقية من نوع (برنو)، فشعرت في ذلك الوقت أنني أملك العالم كله، وكنت أحب سلاحي وأخدمه أكثر من نفسي، لم أتعلم ركوب الخيل، لذلك كنت أسير مع القوات مشياً على الأقدام".

وقد تولى مسعود البارزاني بعد ذلك أدواراً كبيرة ومهمة في صفوف البيشمركة، إلا أنه يتحدث عن الأيام الأولى قائلاً: "قبل أن أنضم لصفوف البيشمركة، توجهتُ إلى شقيقي إدريس واستشرته، لأنه كان شقيقنا الأكبر، وقد حاول إقناعي بعدم الانضمام لصفوف البيشمركة، وطلب مني ألا أبتعد عنه، وبعد ذلك ذهبتُ إلى عمي (شيخ بابو) واستشرته، فأخبرني بأن علينا أن نسأل (شيخ أحمد)، فذهبنا إليه، وهو بدوره وافق على أن أنضم لصفوف البيشمركة، وعندما وافق (شيخ أحمد) على ذلك، شعرت بأن الدنيا كلها ملكٌ لي".

التحق مسعود البارزاني بوالده وبمقاتلي البيشمركة في منطقة "بيخمه"، وفي أول اجتماع لهم وضع الجنرال مصطفى البارزاني عدداً من الشروط أمام نجله مسعود.

وأشار مسعود البارزاني إلى تلك الشروط قائلاً: "أخبرني والدي بأنه ليس من السهل أن يصبح المرء فرداً من البيشمركة، وسوف أعطيك بعض التعليمات، فإن لم تتمكن من تطبيقها فسوف أعيدك إلى المنزل، ثم قال لي: أنت لست أكبر أو أهم من هؤلاء البيشمركة، وستكون واجباتك وطعامك ولباسك وكل شيء مماثلاً لهؤلاء البيشمركة، وسيكون المسؤول عنك هو حاجك (حاجك كان مسؤول الحرس الشخصي للجنرال مصطفى البارزاني)، فأجبتُ والدي بالقول: لقد قبلت بجميع شروطك، وأعدك بأن أطبقها كلها بحذافيرها".

كل ما اقرأ سيرة الثوار، البارزانيون، بدءا بالزعيم الخالد ملا مصطفى االبارزاني، مرورا بالراحل أدريس البارزاني والرئيس مسعود البارزاني، ورئيس الاقليم نيجيرفان البارزاني، وليس انتهاءا برئيس حكومة الاقليم مسرور البارزاني، أدرك حجم التضحيات التي قدمتها، وما زالت، هذه العائلة من تضحيات جسيمة من اجل الشعب الكوردي لتحقيق اهداف الكورد بقيام اقليم شبه مستقل بحجم دولة دولة حضارية متطورة ضمنت للكوردستانيين حقوقهم في حياة كريمة وحرة وسعيد وصانت كرامتهم ومستقبل ابنائهم.

في فتوتنا وشبابنا كنا نضع صور الثائر تشي جيفارا على صدورنا وفي غرفنا باعتباره مقاتل من اجل الحرية، واتسائل اليوم، أليس الاجدر بشبابنا وبنا اليوم ان نحيي الزعيم الخالد ملا مصطفى البارزاني باعتباره مقاتلا خرج من رحم الارض ليقود الفلاحين في ثورة انسانية ضد الظلم والاستعباد من اجل حقوق شعبه ومستقبلهم، فهو بالنسبة لي اهم بكثير من جيفارا ومن بقية الزعماء البعيدين عني وعن قضية شعبنا الكوردي، ذلك ان ثورة البارزانيين كانت وما زالت نورا اضيء في سنوات العتمة ليس للكورد فحسب، بل لجميع العراقيين والثوار في العالم. كما اتسائل، أليس الكورد محظوظون بقادتهم البارزانيون الذين لم يتراجعوا عن ثورتهم رغم كل المؤامرات والمصاعب وواصلوا نضالهم حتى حققوا امنيات شعبهم، بالتأكيد هم محظوظون، كما البارزانيون محظوظون بشعبهم الذي آزرهم ووقف معهم منذ انطلاقة الثورة حتى اليوم.





روداو
Top