• Sunday, 25 August 2024
logo

الازدهار والتعددية للعراق وإقليم كوردستان

الازدهار والتعددية للعراق وإقليم كوردستان
مارتن هوث و فنسنت غيلوم بوبيو




يحتفل الاتحاد الأوروبي اليوم (9 أيار 2020) بالذكرى السبعين لـ"إعلان 9 أيار" التاريخي من قبل وزير الخارجية الفرنسي، روبرت شومان، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي. دعا شومان في إعلانه كلاً من فرنسا وألمانيا إلى جمع إنتاجهما من الفحم والحديد تحت سلطة عليا مشتركة، في خطوة كبرى لحظر الحرب إلى الأبد. مثلت هذه الرسالة البداية لما يعرف اليوم بالاتحاد الأوروبي.

بدأ مشروع الاتحاد الأوروبي يتشكل في السنوات الأولى من القرن العشرين عندما قررت فرنسا وبريطانيا التعاون بينهما لفرض سيطرة أفضل على أسعار القمح. ظلت التجارة والاقتصاد تشكلان المحركات الأساس لهذا المشروع كما كشف عن ذلك عدد من اتفاقيات التجارة الحرة التي تم التوقيع عليها منذ ولادة المفوضية الأوروبية في 1957 (معاهدة روما). ثم بنى جاك ديلور، عندما كان رئيساً للمفوضية الأوروبية للفترة من 1985 إلى 1995، أوروبا ذات مزيد من الصبغة السياسية من خلال اعتماد معاهدة ماستريخت (1992) ثم معاهدة لشبونة في 2009.

لم يكن تشكيل الاتحاد الأوروبي بالنزهة اليسيرة. فقد كان لا بد من عقد قمم أوروبية لا تحصى لغرض صياغة التسويات، مثلما ذكر جان مونيت، وهو واحد آخر من الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، في مذكراته: "يتقبل الناس التغيير فقط عندما يكونون بحاجة إليه، ويشعرون بالحاجة إليه فقط عندما يكونون في مواجهة أزمة". أدت الأزمة إلى المزيد من الأوربة وإلى أوروبا أفضل. أما اليوم، فإن الاتحاد الأوروبي، المؤلف من سبع وعشرين دولة عضو، يشكل مساحة للحرية والازدهار ولاندماج ناجح.

ليس للاتحاد الأوروبي نظير في العالم. فهو منظمة إقليمية متماسكة، ومزيج من "فدرالية أوروبية"، كما تمناه روبرت شومان – ذو برلمان أوروبي وعملة واحدة هي اليورو– وأوروبا مكونة من أمم – يجسدها مجلس الاتحاد الأوروبي، ويتمتع الاتحاد الأوروبي، منذ أيار 2011، بموقع مراقب في الأمم المتحدة يمكّنه من التحدث وطرح المقترحات لصالح أعضائه. كما منحت جائزة نوبل للسلام في 2012 إلى الاتحاد الأوروبي عرفاناً بمشاركته في خلق السلام.

يلتزم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد ب(عراق) وب(إقليم كوردستان) مستقرين ومزدهرين ينعمان بالسلام، وفي إطار علاقات وصداقة قويين بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية العراق، كرس الاتحاد الأوروبي معونات مالية مهمة لدعم تطور إقليم كوردستان في مجالات المساعدات الإنسانية، التعليم، التدريب المهني، الطاقة – خاصة الطاقة الخضراء، الماء والمجاري، الزراعة، الصحة، الثقافة، إزالة الألغام، وحقوق الإنسان. كما دشن الاتحاد الأوروبي وموّل مشاريع تدار من قبل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، والتي تلعب فيها المنظمات غير الحكومية العراقية والكوردية العراقية دوراً حاسماً بصفتهم شركاء تنفيذيين. كما أن للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مشاريعها أيضاً.

دعم الاتحاد الأوروبي للمجالات المدنية لإصلاح القطاع الأمني العراقي نموذج جيد لمساهمتنا في بناء السلم والاستقرار في العراق. بعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية في العراق، واحدة من سبع عشرة بعثة أمن وسياسة دفاعية مشتركة عاملة في أنحاء العالم، مددت مهامها مؤخراً سنتين إضافيتين، حتى 30 نيسان 2022. الهجمات الأخيرة التي نفذها داعش ضد القوات الأمنية العراقية أظهرت الحاجة إلى استمرار جهود الإصلاح في القطاع الأمني. كما تجري حكومة إقليم كوردستان إصلاحات في قوات البيشمركة ستسهم أيضاً وبصورة مشهودة في تعزيز الأمن والدفاع.

مشاركة الاتحاد الأوروبي في تخفيف التوترات مع جيران العراق من قبيل إيران وسوريا، تشكل مثالاً آخر لحرصنا على السلام والتزامنا بتعزيز التعددية. فقد كان للاتحاد الأوروبي جنباً إلى جنب الأعضاء الخمسة الدائميين في مجلس الأمن وألمانيا، دور رئيس في العمل على خطة عمل مشتركة شاملة للعمل مع إيران، وهي اتفاقية سارية بالرغم من قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها. فآلية الاتحاد الأوروبي للتجارة مع إيران INSTEX المصممة للاستمرار في التبادل التجاري مع إيران ببضائع معينة، تم تفعيلها للمرة الأولى في أواخر آذار لغرض تصدير سلع طبية جراء تفشي كوفيد-19 في إيران. كما أثبتت مؤتمرات بروكسل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة فعاليتها في رفع مستويات الوعي وحشد الدعم، وبضمنه الدعم المالي.

وبينما نواجه وباء كوفيد 19، وآفاقاً اقتصادية صعبة وتوترات متزايدة في الشرق الأوسط، يظل الاتحاد الأوروبي ملتزماً بشراكته الوثيقة مع العراق، وبضمنه إقليم كوردستان، وبالاستقرار والتطور والازدهار في عموم المنطقة.



9 أيار 2020



تم كتابة هذا المقال من قبل سفير الاتحاد الأوروبي في العراق مارتن هوث - ورئيس مكتب تنسيق الاتحاد الأوروبي في أربيل فنسنت غيلوم بوبيو،





روداو
Top