• Sunday, 25 August 2024
logo

المرجعية الكوردية

المرجعية الكوردية
معد فياض



يتوهم ‌‌أي سياسي يريد تشكيل حكومة عراقية مع تهميش الكورد، وأعني بالكورد السياسيين الكورد، وبدرجة خاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود البارزاني الذي يُعد المرجعية السياسية للكورد جميعاً. نقول هذا لسبب بسيط جداً هو أن الكورد جزء مهم من تكوين الشعب العراقي، وبمراجعة سريعة لتاريخهم النضالي نجد أن الانتماء الوطني للعراق كان وما يزال يتحكم في توجهاتهم.

إن أحد أهم أسباب، وليس كل الأسباب، فشل الدكتور محمد توفيق علاوي في مهمته لتشكيل حكومته المؤقتة كانت محاولته تهميش الكورد، سواء عن قصد أو جهل، خارطة العمل السياسي وأهمية الزعامة البارزانية كوردياً وعراقياً، فالرجل المعروف بنزاهته ومهنيته تم تضليله من قبل تيارات وقوى سياسية شيعية، وفي مقدمتهم مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، وهادي العامري، زعيم كتلة الفتح البرلمانية، بأنه يستطيع تشكيل حكومة نموذجية (سوبر) دون الاعتماد على الكورد أو إجراء مشاورات مع قياداتهم التاريخية المتمثلة بمسعود البارزاني، بشأن تشكيل هذه الحكومة التي ماتت قبل أن تولد.
السياسيون، أو بالأحرى (المتسيسون) العراقيون، والذين عاشوا غالبية حياتهم في بلدان الجوار أو في أوروبا والولايات المتحدة، باستثناء الدكتور أياد علاوي، لم يجيدوا سوى لعبة المعارضة، أو خيانة قضية العراق والشعب العراقي في أحيان كثيرة، ولم يجربوا أسلوب االنضال الوطني الثوري، وبقوا، حتى بعد أن تسلموا السلطة في البلد، يعتمدون هذا التفكير للأسف، يتعاملون مع الأحداث بلا انتماء للعراق وشعبه. أما مع الكورد، فقد حكمتهم عقد نقص مزمنة بسبب تفوق القيادات الكوردية من حيث الانتماء الوطني ووضوحهم وإنجازاتهم المتطورة في الإقليم، ولم يفكروا بأن الكورد، كشعب، هم مكون أساسي من المجتمع العراقي وأن إقليم كوردستان هو جزء مهم من البيت العراقي، وأن محاولات تهميشه أو إبداء العداء المخفي أو المعلن يعني تعطيل طاقة الشعب وتشويه خارطة البلد، ولم يدرك هؤلاء بأن المرضى نفسياً لا يستطيعون بناء بلد متقدم والحفاظ على وحدة الشعب بينما تحكمهم عقد مستعصية تجاه هذا المكون أو ذاك، بل أنهم يتحركون مثل دمى مربوطة بخيوط تحركها أصابع من خارج العراق.

على العكس من ذلك، نجد أن الانتماء للوطن والعمل من أجل قضايا الشعب المشروعة وبإخلاص هو من تحكم بالعمل الثوري الكوردي دون تهميش أي مكون مهما كان عدده أو قوميته أو دينه أو طائفته، وبالتالي انتصرت الثورة الكوردية لأنها خرجت من هذه الأرض بقيادة الملا مصطفى البارزاني، الذي يحمل حتى اليوم نجله الزعيم مسعود البارزاني وأحفاده مبادئه السامية وممارساته الصحيحة.

الكورد لم يخونوا قضيتهم، حاشاهم، ولم يغدروا بالشعب العراقي، ولم يتخلوا عن حقوق شعبهم، وعندما انتصرت إرادتهم في تشكيل إقليم بمواصفات دولة حضارية، تصرفوا، وما زالوا، بمسؤولية واعية، كرجال دولة، ونحن هنا لا نقارن بين الزعامات الكوردية وبين بعض من المتسيسين ممن يتحكمون في الأمور بالحكومة العراقية، ففي ذلك إجحاف كبير للساسة الكورد الذين عبروا، وما زالوا، في مواقف كثيرة ومهمة عن حرصهم على العراق ووحدة الشعب العراقي ومصالح البلد.

إن من يطلق تصريحات تهدد وحدة الشعب العراقي وأمن واستقرار وتقدم العراق لا يحق له أن يتحدث عن مصلحة البلد وشعبه، ومن يصر على أن رئاسة الوزراء يجب أن لا تخرج من الشيعة، حسب تصريحات تحالف الفتح بزعامة العامري، أو بالأحرى إصرار جميع القوى السياسية الشيعية على هذا الموضوع، مهمشاً الكورد والسنة ومهملاً لباقي القوميات والديانات والطوائف التي تكون فسيفساء المجتمع العراقي منذ قيام دولة العراق الحديثة، لا يحق له أن يبقى في العملية السياسية لأنه ببساطة يحمل معول تهديم البيت العراقي وتشتيت أهل هذا البيت.

انطلاقاً من هذه العوامل، ولأسباب كثيرة أخرى نقول إن أي محاولة لتهميش االكورد أو إضعافهم بأية طريقة، إنما تعني تخريب العراق وتهديد أمن واستقرار ومستقبل العراقيين جميعاً، وندعو وبإصرار للاعتماد على المرجعية السياسية الكوردية المتمثلة بالزعيم مسعود البارزاني والقيادات الكوردية الشابة في الإقليم وفي مقدمتهم الرئيس نيجيرفان البارزاني لرسم خارطة طريق إعادة بناء العراق سياسياً وأمنياً ومجتمعياً واقتصادياً وعمرانياً، فالكورد ليسوا أعداء العراق كما يحاول المخربون تصويرهم، بل هم الأبناء المخلصون للعراق، وهم تاريخياً أهل هذا البيت العراقي قبل غيرهم، وننصح بإخلاص كل من توكل له مسؤولية تشكيل الحكومة القادمة أن يعتمد على المرجعية الكوردية لقيادة سفينة العراق إلى بر الأمان بعيداً عن العواصف التي ستغرق هذه السفينة وركابها.








روداو
Top