• Sunday, 25 August 2024
logo

العراق في فتوى

العراق في فتوى
علاء الدين الا رشي



أصدر د. علي القره داغي مؤخراً فتوى سياسية تتعلق بالأحداث الجارية في العراق تناولتها وتداولتها المئات من الجهات المعنية، وقد التزم الشيخ بمنهج فقه الميزان القائم علي الحقوق والواجبات المتبادلة بين الحاكم والمحكوم حيث قال ما نصه: "ما يحدث في العراق من قتل المتظاهرين المطالبين بحقوقهم جريمة لا تغتفر، إذ من واجب أجهزة الشرطة والأمن حماية المواطنين، لذلك نطالب بالاستجابة الفورية لهم والإسراع بتشكيل حكومة تمثلهم وتحقق أهدافهم".

هذه الفتوى التي تقوم على فقه الميزان توجب عصمة الدم المدني وتجريم وتحريم أي مساس بالإنسان وضرورة رعاية مصالح الناس هي انعكاس حقيقي لإمكان قد التزم به في رؤيته المعرفية الأصولية القائمة على فقه الميزان حيث يرى د. علي أننا إذا "تدبرنا الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والوثائق النبوية لوجدنا أن التكريم الذي منحه الله تعالى للإنسان لا نجد مثله في أي دين أو نظام آخر، وأن هذا التكريم يشمل جميع الحقوق المشروعة للإنسان التي تتحدث عنها المواثيق الدولية والإعلانات العالمية عن حقوق الإنسان، كما أن هذا التكريم قد سبق هذه المواثيق بأكثر من ثلاثة عشر قرناً، بالإضافة إلى أنه مرتبط بالجانب العقدي والأخلاقي، وغير مرتبط بالأهواء والأمزجة التي تتغير حسب المصالح وليس عندها ثوابت وأصول تحمي المجتمع من الهزات والزلازل، كما أن التكريم الرباني للإنسان (أي منح حقوقه) شامل لجميع حالات السلم والحرب، والقوة والضعف، وعام لكل إنسان مهما كانت عقيدته ودينه ومذهبه".

لفهم منهجية د علي لابد من وعي مكثف بنظرية فقه الميزان التي تعنى بتحقيق مقاصد الشرع والارتقاء بالوعي الفقهي وحفظ المجتمعات فقد برز اهتمام علمي كبير، في السنوات الأخيرة أكثر من ذي قبل، وبشكل أكثر منهجية، من د. علي بتقديم الكتب المعرفية ذات البعد الأخلاقي والإنساني تحت نظرية فقه الميزان. تأتي هذه "النهضة" في ترجمة الوعي الفقهي، مع ظهور متغيرات كلية، لا سيما في بلدان عربية وإسلامية وبالتزامن مع صعود تيارات الإسلاموفوبيا والتأويلات المتطرّفة بحق الفكر الإسلامي، وظهور التيارات المتشدّدة من كل صوب.

من جهة أخرى، فإن قراءة الذات الفقهية ونقدها من أبنائها بلغة أخرى يتيح التخفف من عبء التراث، أو حملها العاطفي والنفسي والتاريخي والديني والثقافي..إلخ. لكن أغلب الظن أن المتلقي المسلم سيظل بحاجة متواصلة لتتبع نظرية فقه الميزان التي تعنى بالإصلاح وبالروح وبالبلاد والعباد وفق ما قاله الله في القرآن لا ما يمليه مزاج سلطان.











روداو
Top