• Sunday, 25 August 2024
logo

كيف أصبح الكوردي انفصالياً؟

كيف أصبح الكوردي انفصالياً؟
فدوى حسين



إن كان قدر الكوردي أن يولد بخيمة على ظهره وندبة في قلبه اسمها وطن، فلأنه خُلِق يبحث عن ذاته وكينونته، تاريخه وأرضه، آماله وآلامه، فأي كوردي مهما كانت درجة تمسكه بقوميته هو دائم البحث عن ذاته الكوردية المغيبة والمشتتة، ويسعى دوماً لإيجاد عوامل تكوينه الكوردي، وهو نتيجة حتمية لما تعرض ويتعرض له الكوردي عبر تاريخه المضرج بالخيبات والنكران، فحين تم تقسيم أرضه التاريخية على جغرافية دويلات تم إحداثها من توزيع تركة السلطنة العثمانية المتهالكة، وتم إلحاق الجغرافية الكوردية وشعبها بها، فتاه الحلم الكوردي بينها وأصبح كل جزء غصة وعين تبكي نفسها وتبكي إخوتها في الأجزاء الأخرى في الجغرافيات الأخرى. جغرافيات توالت عليها أنظمة مستبدة مارست وما زالت تمارس على الكوردي الإقصاء والنكران والتهميش، تسعى بكل جهدها وبشتى الوسائل والأساليب إلى إذابة الكوردي وصهره في تكويناتها، وعدم الاعتراف بقوميته وثقافته المغايرة، فلا بديل إلا أن يكونوا تركاً أو عرباً أو فرساً، فالكورد في سوريا والعراق هم عرب تنكروا لأصلهم، وفي تركيا أتراك الجبال وفي إيران فرس، ولا وجود لشعب كوردي وقومية كوردية في قواميس هذه الأنظمة، والحديث عن الحلم الكوردي هو ضرب من الجنون والخيال، وتعبير عن روح تمردية انفصالية تحاول تقسيم دويلاتها، وتفتيت وحدتها المصطنعة والنيل من سيادتها. لذا لم تتوان هذه الأنظمة على مر التاريخ في الضرب بيد من حديد على كل حركة تحررية سعى إليها الكوردي ونذكر منها:

ثورة محمود البرزنجي الأولى والثانية 1922/1919 في العراق.
ثورة سمكو آغا الشكاكي 1926/1922/1918 في إيران.
ثورة الشيخ سعيد 1925في تركيا.
حركة آرارات الأولى والثانية والثالثة في تركيا 1930/1927.
ثورة الشيخ أحمد البارزاني في العراق.

الثورة الإزيدية في العراق 1935.
ثورة ديرسم 1938/1937 في تركيا.
جمهورية مهاباد في إيران 1946/1946.
الثورات البارزانية بقيادة ملا مصطفى البارزاني 1970/1961 في العراق.
الثورة الكوردية في إيران 1961.
الصراع مع حزب العمال الكوردستاني في تركيا.
حملات الأنفال والتطهير العرقي في العراق.
انتفاضة قامشلي 2004 في سوريا.

والكثير من حركات التحرر التي سعت لاسترجاع الحق الكوردي المغتصب والذي يحاول مغتصبوه إنكاره وحجبه، ويزداد غطرسة ومحاولة إنهاء الوجود الكوردي ومحوه، فما زال خيرة الشباب الكورد يعلقون على المشانق في ساحات إيران العامة لو رفعوا رؤوسهم (نحن الكورد).

والأنظمة السورية المتعاقبة وليومنا هذا تسعى لصهر أي وجود وكيان كوردي في كيانها العربي واعتبارهم جماعات خلقت من العدم عابرة للقارات تسعى لبعض حقوقها الثقافية وكان مشروع الحزام العربي وإحصاء 1962 وغيرها من المحاولات للتغيير الديمغرافي للوجود الكوردي على جغرافياه التاريخية.

ولا ننسى ما يتم للنيل من الإنجاز والنجاح والأمن والأمان الذي تحقق في إقليم كوردستان العراق، سواء سابقاً قبل أن يتكون في عهد البعث أو الآن في عهد الحكومات العراقية المتعاقبة.

ولا تزال الآلة العسكرية التركية التي دمرت المدن الكوردية وحرقت قراها مستمرة في سياسات القمع والتنكيل، بل وتوجهت نحو كوردستان سوريا لاحتلالها، وتشريد وقتل وتهجير أهلها، وتوطين مهجرين سوريين مكانهم، وما يحدث في عفرين وتل أبيض ورأس العين وقرى الشمال الشرقي الحدودية عامة خير شاهد .

ثم يأتي الجميع ويطلب من الكوردي أن يكون كوردياً إيجابياً، كوردياً صالحاً، كوردياً وطنياً. كيف للكوردي أن يكون وطنياً لوطن يرفضه وينكره؟!، يلغي تاريخه، قوميته، ثقافته، لغته، أرضه ووجوده، وطن يسعى جلاوزته لخنق صوته ووأد صرخته، يحاول محاصرته ومحاربته كمرض يخشون انتشاره ووجب استئصاله.

كيف للكوردي أن يكون وطنياً وهو يُقتل ويُشرد عن وطنه وأرضه لأنه لا ينصهر فيها ولا يذوب مختفياً؟!!، ألا تعلم هذه الأنظمة ومعها معارضتها مدّعية التحرر والحريات أنهم قتلوا في الكوردي الروح الوطنية، ونجحوا بجدارة في خلق الكوردي الانفصالي، الذي لم يعد يثق بأحد وأصبح هاجس الاستقلال والدولة الكوردية هو الأمن والأمان، وهو طرف ثوب أمه الذي لا بديل له عنه.










روداو
Top