وتغيّر وجهُ سوريا!
ثمّة وجود سؤالين ، يردده السوريون في كل مكان، وهما الأول : كيف سيكون مستقبلهم؟ والسؤال الثاني:هل ستعود سوريا كما كانت؟!
والحق، وقبل الخوض في المقال، إنّ القصد من السؤال الثاني هو عودة النظام.
فإنّ شكل الدولة -دولة سوريا -قد تغيّر كثيراً، وإنّ السنوات الثمان التي مضت كانت كافيّة لتغيير ملامح الدولة، كالجغرافيّة، والسكان، وأيضا كنظام السياسي.
وكما إنّه ثمة تغيير جذري قد حصل خلال سنوات الحرب هذه، وثمة تباين في المشهد الثقافي نتيجة ظهور التعليم الجديد والذي برز على السطح، فالنظام وبالرغم من تهديده الدائم لكل ملاك التعليم فإنّ ثلاث نماذج تعليميّة قد شقت طريقها في سوريا.
النظام التعليمي القديم، حيث يعتمده النظام، والنظام التعليمي للمعارضة، حيث ينفذ في شمال غرب سوريا، والنظام متعدد اللغات والذي يُنَفذ في شرق الفرات.
عدا عن التغيير في بنية السوق وتعدد أنواع المصالح، وأساليب ممارسة الحكم والقضاة.
ولا نستغرب، إنّ ماكينة التغيير وخلق واقع مختلف عن السابق قد يفعل فعله؛ ففي الشمال جامعات، ومدارس والصحة، وفي الشرق ادارات ذاتية وأقاليم ونظام عام.
بيد إنّه ثمة أمرين ما زالا يطغيان على المشهد بالرغم من هذه المعطيّات الجديدة:
الأول، الرغبة في بناء السلام، حيث يبدو انه تتواجد إرادة ما لدفع الأوضاع إلى النهاية،
وهذه النهاية قد لا تكون محل تحقيق الآمال لا بالنسبة للمعارضة ولا بالنسبة للنظام
انّما للنظام ثمة وضع خاص ، ما يحقق ميزة له، ويضعه في خانةٍ يشعر بنوع من استرداد ما خسره قبل سنوات على مستو مساحة الأراضي لا على المستوى الفعلي..
وهذا النوع من الأريحية التي يشعر بها النظام ليست أريحية مستندة على حجج ملموسة أو "نصر ملموس" إنّما "نصر خُلّبي".
واقع الحال السوري مختلف كليّاً؛ فكل شيء تغيّر حتى الآليات تغيّرت، والمقاربات تغيّرت، فالذي يشعر بالانتصار لا يعني انه منتصر فعليّاً، ومن يشعر بالإخفاق نفس الشعور..
المهم هنا، إنّه ثمة وجود إرادة ما للتغيير من هذا الوضع.
والأمر الآخر، ثمة توزيع سوريا إلى مناطق النفوذ الدولي، روسيا، وامريكا.
ويبدو إن أحد موجبات هذا التوزيع هي صياغة الدستور، وبناء نظام سياسي جديد، يظهر ملامحه في صياغة شكل الدولة ككل.
بقي القول، إنّ سوريا كما السابق لم تعد؛ ولعل السبب يعود إلى إنّه لا يوجد طرف من أطراف النزاع يتحمّس لسوريا القديمة، فالنظام نظر إلى سوريا من منظار سوريا المفيدة، في وقت إنّ المعارضة مطلبها من سوريا ليس أكثر نضجاً من النظام، في حين إنّ الكورد يرغبون في تأمين الحقوق ولا يرون غير ذلك.
وحكمة المقال تفيد" لا يمكن الحديث عن الانتصار في وقت الحروب لأنّه لا توجد صورة حيّة غير صوّر الموتى!".
باسنيوز