• Sunday, 25 August 2024
logo

عمليات الانفال.. والابادة الجماعية الاخيرة في شنگال

عمليات الانفال.. والابادة الجماعية الاخيرة في شنگال
نايف رشو الايسياني



تعتبر عمليات الابادة الجماعية التي نفذها النظام البعثي ضد المواطنين الكورد عام 1988، من ابشع جرائم العصر التي اقترفت ضد شعب كوردستان، الأنفال، تلك الجريمةُ سيئة الصيت التي هزت ضمائر البشرية، قصصها حقائق أغرب من الخيال، هولوكوست الشعب الكوردي، اليوم الاحد تمر الذكرى الـ 31 لجرائم الأنفال، المرحلة الثامنة، بادينان.

وبمراجعتنا للتاريخ القديم وماحدث في الازمنة المتعاقبة على مر العصور التاريخية من الغزوات باسم الإسلام وصراع امبراطوريات المنطقة كالعثمانية والفارسية والعربية المتمثلة بالغزوات والفتوحات والفرمانات والابادات ونهب وسرق وسبايا وجاريات، وفي الاخير الترحيل.

قام النظام في صباح يوم 31/7/1983 المشؤوم بحملة الأنفال المعروفة "ب انفال البارزانيين" حيث حاصرت القوات الامنية القمعية وجلاوزة البعث العربي مجمعات البارزانيين العزل وقامت باعتقال8 آلاف بارزاني بين مسن وشاب من عمر9 أعوام وحتى الـ90 عاماً ونقلهم الى صحارى جنوب العراق ( نقرة السلمان)، وقام بقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية.

بدأت المرحلة الاولى من الانفال في منطقة السليمانية 2/2/1988، وكانت مرحلتها النهائية والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان( آميدي، آكري، زاخو، شيخان، دهوك) في 25/8/1988، واستخدمت في جميع حملات الأنفال انواع من الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي كغاز الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور، وسميت هذه العمليات السيئة بالانفال استنادا الى اية الانفال قبل 1400سنة.

كشاهد عيان في الانفال كنت مع عائلتي واخي وعائلته من الناجين حيث استشهد والدي في السجن عام1987 وسجِنَت والدتي حتى نهاية الحملة للضغط علينا بتسليم انفسنا.

المرحلة الاخيرة من الانفال بدأت في صباح يوم 25/8/1988 حيث حلقت الطائرات الحربية في سماء كوردستان والمناطق المحررة في (بادينان) وهرع اهالي المنطقة عند سماع دوي الطائرات الحربية، أفرغت الطائرات حمولتها على قرى من قضاء اتروش (كانياباسكا، كلي ئافوكي، مراني، سوار وسبينداري، گارة، بَري گارة، بوطكي، كافيا، چم جوي، زيوه شكان، وخواكورك، ومناطق قضاء زاخو) وصولاً الى حدود تركيا وايران، وقد جرت معارك طاحنة في مناطق خواكورك باشراف ومشاركة الرئيس مسعود بارزاني.

وفي 28/8/1988 سيطر الجيش والقوات المرتزقة والجحوش ومفارز ابو فراس الحمداني على جميع المنافذ وتم حصرنا في مناطق الزيبار بين ناحية دينارتة وشيلدزي وقسم من الهاربين من ظلم وطغيان النظام وصلوا الى تركيا وكثيرا منهم ماتوا في الطريق وهناك من تم تسميمهم ليموتوا والقسم الاخر وصلوا باعجوبة الى ايران دون مأوى او مسكن والقسم الاخر القي القبض عليهم في الحدود ونقلوهم الى السلامية، قسم من العوائل اختبأت بين احضان جبل گارة الى يوم 6/9/1988 حيث صدور العفو المفخخ، وفي يوم اسود تم القبض علينا وتقسيمنا الى قسمين ونقلنا الى قلعة عقرة (آكري) وبعدها الى بحركي (جژنيكان) والقسم الاخر الى قلعة نزاركي في دهوك وهناك تم تصفية الكثير من زملائنا واقاربنا الايزديين والمسيحيين الذين سلموا انفسهم في العفو (المفخخ) وكان من بينهم اطفال رضع لاتتجاوز اعمارهم خمسة أشهر والى يومنا هذا مصيرهم ومصير مئات الالاف من الايزديين والمسيحيين والكورد المسلمين من نساء واطفال ورجال وامهات في سن الشيخوخة مفقودين.

رغم مرور 31 عاماً على مجازر "الأنفال سيئة الصيت"، مازال العديد من المواطنين في قرى إقليم كوردستان التي تعرّضت لحملة "الأنفال" تسعى للبحث عن جثث اقاربها في الصحراء والمحافظات الجنوبية لإعادة رفاتهم إلى إقليم كوردستان، وبين فترة واخرى يتم العثور على مقابر جماعية جديدة تُجدد الآلام لدى الآلاف من أسر الضحايا.

هناك سؤال يطرحه الكثيرون، مالفرق بين احداث عام 1988 في الانفالات سيئة الصيت على السكان العزل في كوردستان المحررة والابادة الجماعية للكورد الايزديين في شنگال وقرية كوجو بالتحديد في3 لغاية 15/8/2014 وهو نفس الغرض(لكونهم كورد).

اليكم بعض النقاط والمبررات التي بررالنظام السابق والدولة التي تسمى بالخلافة الاسلامية فيها جرائمه البشعة :-

1-في عام 1988 تم استخدام اسم سورة في القرآن الكريم لتبرير عمليات إبادة جماعية بحق المدنيين "سورة الانفال" التي اباحت لهم الذبح والقتل والسبي واخذ اموالهم واعتبرت الحكومة العراقية انذاك الكورد والكوردستانين من مسيحيين وايزديين ومسلمين مصدر تهديد لهم وقد سميت الحملة بالأنفال نسبة للسورة رقم 8 من القران الكريم، وفي نفس الوقت في3/8/2014 تم تطبيق نصوص قرآنية تدعو إلى قتل الكفار مثل الآية 191 من سورة البقرة، والآية 89 من سورة النساء على ان الايزديين كفرة ويحق لهم سلب ارضنا وعرضنا.

2-في الانفال 1988تم تدمير 5 آلآف قرية كوردية بضمنها مراقد دينية للايزديين والمسيحين وسرقة اموال الكورد وقتل وتهجير والقبض على الالاف منهم وتغييبهم، في الفرمان الاخير ضد شنگال بدأ التنظيم بأرتكاب المجازر ضد السكان من الايزديين العزل ونهب وسرق مسلحوا تنظيم الدولة الإسلامية القرى والمدينة (شنگال)، وأختطفوا النساء وأخذوهم سبايا لتوزيعهم على مقاتلي التنظيم.

3- في انفال بادينان المرحلة الثامنة الاخيرة تم ارغام الرجال من مناطق مثل قرية كوريمة بري گارة(قرية كوزي) قرية گفركي وبيبادي بالانبطاح وقام جلاوزة النظام والمرتزقة الجحوش بالرمي عليهم من بنادقهم وتم قتل العشرات منهم، أما النساء والفتيات والأطفال تم تحميلهم في سيارات عسكرية الى المجمعات القسرية في جژنيكان و گردچال و برحوشتر، وحدث الشي نفسه في الفرمان الاخير في شنگال حيث تم إرغام الرجال على الانبطاح أرضاً ومن ثم إطلاق النار عليهم من أسلحة رشاشة، أما النساء والفتيات والأطفال تم تحميلهم في باصات واخذوا سبايا.

4- في الانفال قضي على 182الف مواطن كوردي من بينهم اطفال ونساء، وقبل ايام تم العثور على عشرات المقابر الجماعة في السماوة.

في المرحلة الثامنة من انفال بادينان غُيب اكثر من 500عائلة ايزدية ومسيحية كانوا قد سلموا انفسهم لجلاوزة النظام في العفو ومصيرهم مازال مجهولاً الى يومنا هذا ولم يعرف اين دفنوا. في الفرمان الاخير ضد شنگال وقع اكثر من عشرة الاف قتيل ومخطوف وتم العثور على اكثر من80مقبرة جماعية الى اليوم وهناك اكثر من350 الف مهجر الى كوردستان واكثر من مئة الف هاجروا الى دول اوروبا وبقاع العالم الأخرى.

5- تجاهل الإعلام العربي والاسلامي عملية الأنفال رغم بشاعة عملية "الأنفال" والفرمان الاخير، وسكت الاعلام العربي ضد داعش، لا بل حولت تلك الممارسة إلى أداة تجنيد ثابتة لجذب الرجال من المجتمعات الإسلامية. أن ممارسات داعش ضد الأيزديين تصل لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية .

6-عملت الحكومة على اتباع ساسة التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردستانية في اطار عملية تعريب تلك المناطق، وهذا عن طريق اخراج وتهجير وابعاد المواطنين الأصلاء من هذه المناطق واسكان أناس آخرين في مكانهم، وهذه الحملة بدأت باصدار العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وخاصة في محافظة كركوك، والمناطق الكوردستانية الاخرى في حدود محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين. وهذه الانفال تبعتها الابادة الجماعية للايزديين لتغيير الهوية القومية الدينية للايزديين و التغيير الديموغرافي للمناطق الايزديين في الشنگال وناحية باشيك وبحزان ومجمع بابيرة في قضاء تلكيف والمناطق الاخرى.

في النهاية، الانفال والابادة الجماعية للكورد الايزديين في شنگال هي امتداد لبعضهم البعض كسلسلة من عمليات الابادة الجماعية ضد الكورد، ووفقاً للمقاييس الدولية للجرائم فإن هذه العمليات تدخل في اطار جرائم الجينوسايد، لذلك نطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بتلك المجزرة كإبادة جماعية، من أجل سد الطريق أمام تكرار ممارسات اجرامية مماثلة.

يعتبر مبدأ حق تقرير المصير للشعوب المضطهده من بين أهم المبادئ السياسية في العصر الحديث ومن بين أفضل الطرق لتحقيق السلام والأمن والاستقرار واحترام حقوق الانسان. ان من حق الشعب الكوردي بعد ان تعرض الى مثل هذه الجرائم ان يحصل على حقوقه الكاملة ومنها حقه في التعويض عما اصابه من اضرار وفي معاقبة جميع المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم ضده وكذلك في تقرير مصيره بنفسه طبقا لقواعد القانون الدولي والدستور العراقي ( المادة1).









PDK
Top