• Sunday, 25 August 2024
logo

الكورد والنمو السكاني السريع في العراق

الكورد والنمو السكاني السريع في العراق
زريان روجهلاتي




أصبح عدد سكان العراق 40 مليون نسمة وهناك توقعات باستمرار الزيادة السريعة في عدد سكان هذا البلد. هذه المسألة وإلى جانب أهميتها بالنسبة إلى بغداد، هامة بالقدر نفسه بالنسبة إلى إقليم كوردستان. فإلى جانب الآثار السيئة للنمو السكاني غير الممنهج والسريع، من الممكن ظهور حالة عدم توازن كبيرة بين العرب وغير العرب في هذا البلد ما سيخلف آثاراً سياسية – اقتصادية واجتماعية كبيرة.

في الواقع، بدأت نسبة الزيادة في سكان العراق تتراجع مقارنة بأربع أو خمس سنوات من الآن، ويبلغ تعداد سكان العراق حالياً 40412299 نسمة مع نسبة زيادة سكانية قدرها 2.73% في حين كانت هذه النسبة 3.26% في العام 2015 لكن النسبة الحالية لا تزال مرتفعة.

في المقابل، فإن نسبة الزيادة السكانية في إقليم كوردستان أدنى، وتتوقع وزارتا التخطيط في العراق وإقليم كوردستان أن تتراجع نسبة سكان إقليم كوردستان إلى سكان العراق إلى 14.9% بعد أن كانت 18% في العام 2003.

المخاطر التي تهدد إقليم كوردستان

أولاً: ليست آثار عدم التوازن في تعداد السكان بين العراق وإقليم كوردستان سياسية فقط، حيث سيتراجع عدد النواب الكورد وممثليهم في مؤسسات الدولة العراقية، فهذا واحد فقط من أبعاد المسألة.

ثانياً: للنمو السكاني السريع في العراق آثار اقتصادية وسياسية، فالأعداد المتزايدة من السكان ستزيد الطلب على العمل والمشاركة السياسية والحياة الأفضل وهذا، حسب الدراسات التي أجريت في البلاد التي تقترب فيها نسب الزيادة السكانية من 3% وخاصة في الدول التي تنمو، يمهد السبيل أمام عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والمشاكل الاقتصادية وحتى المظاهرات والانتفاضات وما شاكلها من المشاكل. عموماً، كانت نسبة الزيادة السكانية في العراق خلال ثلاث فترات امتدت 28 عاماً (1964-1979) و(1993-2000) و(2010-2016) فوق 3%.

عندما ندقق في نمو عدد سكان العراق، يتبين لنا أن هناك ثلاث موجات كبرى للنمو السكاني، استمرت الأولى 13 سنة، لكن مدة الموجتين الأخريين كانت أقصر، 11 عاماً وستة أعوام على التوالي، وخلال كل واحدة من هذه الموجات كانت هناك مجموعة تطورات سياسية وأمنية واقتصادية في العراق يمكن أن تعزز احتمالات "الربط بين الزيادة السكانية والتطورات السياسية – الأمنية والاجتماعية".

وتراوحت نسبة الزيادة السكانية في العراق خلال السنوات العشر الأخيرات بين 2.5% و3%، ومع الأخذ بقدرات الدولة في هذا البلد، نتوقع بروز عدم استقرار سياسي واجتماعي (ظهور العصابات الإجرامية وارتفاع نسبة الجريمة) في السنوات القادمات.

ثالثاً: سيكون للنمو السكاني السريع في العراق تأثير على الحالة الأمنية. فالأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل والحالة التربوية الهزيلة، يمهدان لتشكيل العصابات الإجرامية والمتطرفة فكرياً، وكانت في السنوات الأخيرة من بين أسباب إنتاج تنظيمين متشددين هما الدولة الإسلامية والحشد الشعبي في العراق.

رابعاً: يمكن أن تؤدي الزيادة السكانية الكبيرة، في السنوات القادمة، إلى تعزيز موقف الحكومة المركزية في مواجهة إقليم كوردستان، بل وخلق مشاكل للأخير! فتعداد السكان يعتبر من عناصر قوة أي دولة. إذ أن العدد الكبير من السكان، حتى الآن على الأقل، يعني زيادة في القوة العاملة والجيش القوي. هذا في حال لم تكن الدولة المعنية من الدول المنتكسة أو التي تميل إلى الانتكاس. لأنها إن لم تكن كذلك، فإن هذه الزيادة ستشكل حملاً ثقيلاً إضافياً على الاقتصاد والوضع السياسي والاجتماعي.

خامساً: بإمكانها زيادة المشاكل الأمنية والعسكرية على خلفية الهوية، وقد يشكل هذا خطراً على الكورد.

سادساً: مسألة الصراع على الموارد الحياتية كالماء والمكان (الجغرافيا) بين سكان جنوب العراق الذين تزيد أعدادهم وسكان إقليم كوردستان الذين تتراجع أعدادهم، وهذا يحتم نزوح سكان الجنوب من جديد صوب الشمال ما يعني بالتالي استمرار الصراعات في الأعوام القادمة.

عودة العرب الوافدين ومشكلة حرق محاصيل الحبوب وأحداث قرية حفتغار إلخ... وإن كانت تحمل أبعاداً سياسية وأمنية، فإنها مرتبطة من جهة أخرى بمسألة الزيادة السكانية والبحث عن فضاء للحياة.

النتيجة

يمكن للنمو الكبير في عدد السكان أن يسبب مشاكل للحكومة المركزية في العراق، لأن قدراتها في مجال توفير الخدمات الأساس وفرص العمل والأمن محدودة. لكن هذا النمو، يمكن أن يخفف من دور المكونات غير العربية في العراق على المدى البعيد، وهذا يشكل خطراً على إقليم كوردستان ويشجع حكومة بغداد على اتباع سياسة السيطرة السكانية. في نفس الوقت، يمكن إقناع بغداد بمنع الهجرة الداخلية وتغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد وتنظيم وتحديد الشراء والبيع اللامحدودين للعقارات والأملاك.











روداو
Top