• Sunday, 25 August 2024
logo

جثث مجهولة وقوانين معلومة

جثث مجهولة وقوانين معلومة
عبدالستار رمضان





وضوع الجثث مجهولة الهوية التي تم دفنها واصبحت حديث واهتمام العالم كله، الا الحكومة العراقية التي تقع عليها المسؤولية الاولى والاساسية في الحفاظ على حياة مواطنيها وكل من يتواجد على اراضيها من غير مواطنيها اذا كان تواجده ضمن القانون والاتفاقيات الدولية، عليها واجب احترام آدمية هذا الانسان حياً كان ام ميتاً لان كل الشرائع السماوية والقوانين الارضية احترمت وصانت حياة الانسان واعتبرته بناء الله وملعون من هدمه، وما ان تنتهي حياته (وفاة او قتلا او لأي سبب كان) فان اهم واجب واكرام له هو الاسراع بدفنه ما لم تكن هناك اسباب او ظروف شرعية او قانونية تمنع دفنه.

ومن الغريب ان يتم التصريح عن هذه الجثث (التي يقال انها مجهوله) من قبل منظمة خيرية او احدى منظمات المجتمع المدني، ويتم وصفها انها نتيجة نزاعات عشائرية او اسباب اخرى، مع حقيقة محزنة انها كانت منذ 4 اربع سنوات في ثلاجات الطب العدلي، في حين ان ذلك هو من مهمة الحكومة (السلطة التنفيذية) في الدفن، وواجب القضاء والادعاء العام (السلطة القضائية) في التحقيق في هذا الموضوع الذي انتهك كرامة وآدمية الانسان الذي أول ما نص عليه الدستور العراقي في ديباجته (ولقد كرمنا بني آدم).

الجثث اذا كانت مجهولة او معلومة الهوية فهي لناس انتهت حياتهم واصبحوا في ذمة الله، واي تفسير او تبرير لا يمكن قبوله لهذا التأخير في الكشف عن تفاصيل ووقائع العثور على جثثهم سواء من حيث مكان وتاريخ العثور عليها، والجهة او الشخص المُخبر عنها، والتقرير الطبي العدلي الاولي لاوصاف وتفاصيل الجثة، ووجوب ان يكون لكل منها استمارة التشريح الطبي المكونة من 4 اربع صفحات والمتضمنة على مجموعة المعلومات والاسئلة التي تنتهي باسباب الوفاة الواجب بيانها اذا كان ممكنا، او اخذ جزء من احشاء او اجزاء الجثة وارسالها الى المختبرات المختصة لبيان السبب العلمي للوفاة وبعدها اصدار شهادة الوفاة ومما يعتبر من اساسيات واصول التحقيق الجنائي في العراق والعالم.

من المهم بدلا من الدخول في نقاشات طويلة واستنتاجات واتهامات، ان يتم التركيز على الجانب القانوني ومسائلة الحكومة الاتحادية وحكومة بابل المحلية او اي جهة كانت: هل تم اتباع الاجراءات والاحكام القانونية المنصوص عليها في قانون الصحة العامة رقم (89) لسنة 1981المعدل، وقانون الطب العدلي رقم (37) لسنة 2013، وهل تم الاستفادة ونحن في الالفية الثانية من إمكانات الطب العدلي (كتحليل الحمض النووي والبصمات والشعر) وتنظيم قاعدة بيانات متاحة للجميع بحيث يستطيع اهالي المفقودين والمختطفين والمغيبين الوصول اليها لغرض التعرف على من فقدوه لأي سبب كان؟.

منظر الجثث التي تعددت أسباب وطريقة موتها، لكنها التقت في نقطة واحدة وهي انه لم تجد احتراما لها حتى بعد موتها، ولم تمنح حتى فرصة في أن تمرّ عليها عينا شخص يمكن ان يتعرف إليها، وهي قضية تستحق ان يدافع عنها كل من يمتلك ذرة من العدل والانصاف والانسانية.









روداو
Top