• Sunday, 25 August 2024
logo

تعذيب حتى الموت!

تعذيب حتى الموت!
عبدالستار رمضان



تقريررسمي صادر من دائرة الطب العدلي في إحدى المحافظات العراقية، يؤكد فيه تشريح جثة متوفى، بيّن التقرير الأوصاف الظاهرية لتلك الجثة واسم (المعتقل أوالموقوف) وعمره وجنسه والمظاهر الخارجية وأوصاف الجثة التي تمت معاينتها وفحصها، وبيّن التقرير وجود مظاهر تعذيب عمرها بحدود (حوالي الأسبوعين) وهي علامات تقييد على شكل آثار حول المعصمين ومنطقة الكاحلين، وعلامات فلقة على شكل نزف دموي شديد في الجلد وما دونه من أنسجة لينة في باطن القدمين وتظهر فيه الكدمات والرضوض، و"نتيجة التشريح أكدت أن الوفاة ناتجة عن التعذيب ".

هذا التقرير الصادر من جهة رسمية عراقية يبين بوضوح واقعاً لا يستطع أحد أن ينكره، وهو عدم احترام حقوق الإنسان الأساسية وتعرض الموقوفين والمسجونين والمحكومين، وأياً كانت التسمية أو العنوان الذي يحمله أي شخص يقع بأيدي القوات العراقية العسكرية أو الأمنية أو غيرها من التسميات والعناوين المعروفة أو غير المعروفة، والتي قد يتعرض فيها إلى أنواع من المعاملة القاسية داخل مواقف الاحتجاز والتوقيف، ويتم استخدام التعذيب الجسدي والمعاملة القاسية والمهينة واستغلال وضع هؤلاء الأشخاص أو ابتزازهم بكل أنواع الابتزاز، والتأثير عليهم وعلى عوائلهم (زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وأمهاتهم) وبما يؤدي إلى انتزاع الاعترافات منهم وبطرق وحشية وقاسية تعجز الكلمات والأوصاف عن بيانها وتعدادها.

هذه الجريمة التي كشفتها وسائل الإعلام وما أكده بيان المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى والذي جاء فيه أن "محكمة تحقيق... وبعد ثبوت تعرض المتهم للتعذيب اتخذت الاجراءات القانونية وأصدرت أوامر قبض بحق عدد من الضباط وهم مدير مكتب مكافحة إجرام --- وضابط تحقيق برتبة رائد وجرى توقيفهم فيما أصدرت أمر قبض بحق ضابط تحقيق آخر برتبة نقيب"، وأن "المحكمة اتخذت كافة الاجراءات القانونية ودونت أقوال المتهمين وفقاً لأحكام المادة 410 من قانون العقوبات".

إن التعذيب في السجون العراقية أصبح واقعاً لا يستطيع أحد أن ينكره لأنه واقع معاش ومعروض في كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ومفروض، بحيث يتعرض إليه كل من يُساق إلى هذه الأماكن التي أصبحت جهنم حقيقية يتم فيها تلفيق وترتيب التهم الجاهزة بناءً على شكاوى وإخبار المخبر السري والوشايات الكاذبة أو الكيدية وما يتبعها من اعترافات مفصلة ومرتبة حسب مقاس وشخصية الذي يتعرض للتعذيب الممنهج والمستمر مع انعدام الخدمات الضرورية الإنسانية من مكان الجلوس أو النوم وقوفاً، وسوء الغذاء وانعدام أي اهتمام بأوضاع السجناء الصحية أو الإنسانية بحدها الأدنى والمقبول.

تعذيب حتى الموت، هو المصير الذي آل اليه حال المواطن العراقي الذي عرفنا اسمه هويته واتخذت بعض الاجراءات القانونية بحق اللذين عذبوه وقتلوه تحت التعذيب، ولكن ماذا عن مصير عشرات أو مئات أو آلاف المعتقلين والمُغيّبين والمفقودين منذ عدة سنوات والذين مات الكثير منهم ولم يعرف أحد هويتهم أو لم يعرف بموتهم أحد!؟.










روداو
Top