• Sunday, 25 August 2024
logo

اللقاء الذي غير رأي المجتمع الدولي في الكورد

اللقاء الذي غير رأي المجتمع الدولي في الكورد
مجيد نظام الدين كلي




"يعمل إقليم كوردستان بنشاط وخطوة فخطوة لتقسيم العراق"، هذا ما قاله دبلوماسي كبير في مجلس الأمن الدولي، يعمل على ملف العراق. كان هذا رأي أغلب ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي حتى أسبوعين من الآن.

"كل الخطوات الجيدة التي خطاها إقليم كوردستان (محاربة داعش مثلاً) هي من أجل تقسيم العراق على حساب استقرار المنطقة"، كان الترويج لهذا الرأي – بتغاض من أمريكا وتشجيع من بريطانيا – يجري من قبل ممثلي العراق في أيام العبادي وممثلي تركيا وإيران. الأمر الذي تسبب في أضرار كبيرة واتخاذ قرارات وخطوات لضرب مصالح الكورد في المجلس، في حين يحتاج إقليم كوردستان إلى المزيد من الشرعية الدولية (سأتحدث عن الأسباب باختصار في الأسطر التالية ـ وسأتحدث أكثر عن تلك التهديدات في مقالي التالي).

لكن نفس الدبلوماسي الذي تحدث في الشهر الماضي سلباً عن دور أربيل، قال لي بعد زيارة مجلس الأمن الدولي إلى بغداد: "تبين لنا جميعاً أن أربيل هي عملياً العاصمة الثانية للعراق"، لم يأت هذا التغيير لأن ممثلي الدول الخمس عشرة في مجلس الأمن لم تكن لديهم معلومات أو ليسوا مطلعين على أوضاع العراق، بل كان إشارة دبلوماسية قوية لاجتماع رئيس إقليم كوردستان مع وفد مجلس الأمن الدولي في بغداد.

كان قرار نيجيرفان البارزاني الذهاب إلى بغداد وعدم دعوة الوفد الدولي للقدوم إلى أربيل، إشارة قوية وجهها إلى كل أعضاء مجلس الأمن الدولي مفادها أن أربيل جزء من الحل وليس من المشكلة. فبينما من المهم أن يأتي مسؤولو الدول إلى أربيل، كان الذهاب إلى بغداد هذه المرة إشارة سياسية هامة وجهتها أربيل إلى عالم الدبلوماسية.

"نتوجه بالشكر والتقدير إلى الرئيس البارزاني وقيادات حكومة إقليم كوردستان على الوقت الذي كرسوه للقدوم من أربيل إلى بغداد للاجتماع بخصوص العمل المتواصل بين حكومة إقليم كوردستان وحكومة العراق لحل جميع مشاكلهم بموجب الدستور العراقي"، هذا ما صرح به رسمياً ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، السفير جوناثان كوهن.

ثم تحدث ممثل الكويت، السفير منصور العتيبي، باسم جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي، وأعلن ما يأتي: "رحب أعضاء مجلس الأمن الدولي باستمرار عمل حكومة العراق وحكومة إقليم كوردستان على حل جميع المشاكل وفقاً للدستور العراقي. كما أنهم (أعضاء مجلس الأمن الدولي) يشعرون بالارتياح للتقدم الذي تحقق في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان".

وهذا يعني مساندة كل أعضاء مجلس الأمن الدولي لتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة في إقليم كوردستان، تلك الحكومة التي كان ممثلو العراق في أيام العبادي يصفونها في الأمم المتحدة على أنها مجرد محافظة.

هذا التغيير الذي طرأ على الانطباعات هو انعكاس لتغيير أكبر ينبغي أن يراعيه أصحاب القرار في إقليم كوردستان، عند تعاملهم مع الهيئات الدولية.

إذا اتخذ الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن موقفاً موحداً من موضوع ما، فإن الإجماع الدولي سيبنى على هذا الموقف، وقرار السماح بعملية عسكرية ضد القذافي في ليبيا في 2011 وأهمية الحفاظ على الاستقرار في مضيق هرمز، نموذجان على المواضيع التي اتفقت القوى العظمى بشأنها. هذه المواضيع مدعومة بالإرادة والشرعية الدوليتين.

قبل داعش والاستفتاء، كان هناك موضوعان مرتبطين بالكورد، يحظيان بالإجماع الدولي:

1- لا يسمح بأن تكون لهم دولة (بدأ الإجماع الدولي على هذه النقطة في العام 1923).

2- لا ينبغي أن نسمح بممارسة القتل الجماعي ضدهم في العراق (بدأ الإجماع الدولي على هذه النقطة من العام 1991 فصاعداً).

بعد بروز ظاهرة داعش وإجراء الاستفتاء، أضيفت نقطتان أخريان إلى المواضيع المرتبطة بالكورد والتي تتفق بشأنها مواقف المجتمع الدولي:

1- لحماية وحدة العراق، يجب حل المشاكل بين إقليم كوردستان وحكومة العراق. (أدى الاستفتاء إلى بناء هذه القناعة)
2- استقرار إقليم كوردستان هام لاستقرار العراق والمنطقة. (أدت حرب داعش إلى خلق هذه القناعة)

انعكست هاتان النقطتان الأخيرتان في مشاريع قرارات وتقارير الأمم المتحدة وخطابها الرسمي. فهذه هي المرة الأولى في تاريخها، والتي لا تكتفي فيها الأمم المتحدة بالتعامل رسمياً مع كيان كوردي، بل تعتبر "حماية استقراره" وحل مشاكله مع العراق من بين أهدافها، وهذا أمر هام، وعدم إدراك ماهية هذه النقطة وعدم استغلالها يعد خطأ تاريخياً.

كان ذهاب نيجيرفان البارزاني إلى بغداد، وإعلان مسرور البارزاني الالتزام بالحل السلمي للمشاكل مع بغداد، خطوتين هامتين باتجاه الإفادة من طريقة التعامل الجديدة للمجتمع الدولي مع القضية الكوردية في العراق. الحقيقة المرة مازالت قائمة: الدعم والشرعية الدوليتان هما الأمل الوحيد للقضية الكوردية في كل أجزاء كوردستان، ولم يعد التعامل الثنائي مع القنصليات يكفي، بل هو ضرب من الكسل في العمل الدبلوماسي. خاصة عند تعلق الأمر بكركوك ومسألة النفط، حيث يحتاج الكورد الدعم والشرعية الكاملين من المجتمع الدولي واللذين يتأتيان من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية متعددة الأطراف.









روداو
Top