نفق الغرب
بدأت الدول الأوروبية الحليفة لأمريكا محادثات حول مقترح نشر قوة مشتركة لحماية الاستقرار في شمال سوريا (الذي يضم أيضاً كوردستان سوريا الذي يسيطر عليه الكورد). هذه الدول بصفتها أعضاء في حلف شمال الأطلسي وأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة داعش وكون بعضها متعاطفاً مع الكورد في كوردستان سوريا، مترددة في القبول بالمقترح الأمريكي، وتقول إنها علمت في وقت سابق ومن خلال تغريدة لترمب بأن أمريكا تريد الانسحاب من تلك المناطق، لهذا فإنها مازالت غير واثقة من خطط أمريكا في المنطقة، كما أنها لا تخفي ترحيبها برغبة أمريكا في حماية الحلفاء في المنطقة من الأسد وقواته.
معلوم أن الدول الأوروبية ستوافق في نهاية المطاف، وستنشر مع أمريكا قوات في تلك المناطق، ومعلوم أيضاً أن المعارك في الداخل السوري لن تنتهي في هذه السنة، ويتوقع أن تزيد التوترات في بعض المناطق. فمثلاً، من المتوقع أن تزيد تركيا والقوى التابعة لها من تحركاتها في إدلب، وهذا خلاف ما تخطط له دمشق، التي تريد من خلال التعاون مع موسكو وطهران أن تستعيد تلك المناطق وتعيد الجيش السوري إليها. كما قد يسفر هذا عن مواجهات بين القوى التي تعمل بالوكالة بل وقد يؤدي إلى تدهور العلاقات بين تركيا وإيران. كما يتوقع أن تقوم إسرائيل في النصف الثاني من هذا العام بتصعيد وتكثيف هجماتها على المصالح الإيرانية في سوريا، وقد تكثف أمريكا، بذريعة استعادة داعش لقوته في بعض المناطق السورية، وخاصة في خطوط التماس مع شمال سوريا وكوردستان سوريا، من هجماتها الجوية على المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري، وتوجد فيها قوات ومستشارون إيرانيون.
في خضم كل هذا، ستتهيأ لكوردستان سوريا وإدارتها فرصة الحصول على المزيد من الوقت الإضافي للتفاوض مع دمشق وللحصول على موطئ قدم في سوريا المستقبل (رغم أن من المستبعد أن تقوم سوريا المستقبل قريباً). ليس معلوماً إلى متى سيستمر هذا التمديد، ولهذا لا ينبغي للكورد في كوردستان سوريا أن يخلدوا إلى الخمول ويناموا مطمئنين. خاصة في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون حزب العمال الكوردستاني قد استوعب الدروس من أحداث الفترة الماضية، وعرف أن أمريكا وحلفاءها متواجدون في هذه الرقعة موقتاً، والذي سيبقى هم الذين يعيشون في المنطقة. لذا وكما أن انتهاز كل فرصة لبدء المفاوضات مع دمشق على حقوق الكورد السوريين ضروري ولا يدعو للخجل، كذلك فإن إبعاد التهديدات التركية عن الحدود وإعادة بناء العلاقات التي كانت قائمة في البداية مع تركيا ثم تدهورت، جزء آخر من انتهاز هذه الفرصة وهو أيضاً ليس مدعاة للخجل. إن تحقيق الجزء الأهم من هذا يأتي من خلال إعادة ترتيب البيت المضطرب في كوردستان سوريا، وأن تكون الإدارة القائمة هناك للجميع وتدار إدارة مشتركة، لتقليل الذرائع التي تتذرع بها تركيا لإطلاق تهديداتها.
كما أن أمام الكورد السوريين فرصة ذهبية أخرى خلال الوقت الذي توفره هذه الفرصة الإضافية، ألا وهي كون نيجيرفان البارزاني رئيساً لإقليم كوردستان، فهو يتمتع بسابقة في مجال التقريب بين حزب العمال الكوردستاني وبين أنقرة، وتحريك عملية السلام في كوردستان تركيا وتركيا، وقام في الفترة الأخيرة بحَثّ الكورد السوريين على بدء الحوار مع دمشق، وهذا يؤهله للعب دور خلال هذه الفترة وليساعد في إخراج كوردستان سوريا من النفق الذي ليس الطرف الآخر منه معروفاً بعد.
روداو