• Saturday, 27 July 2024
logo

استغلال الموتى لصناعة ازمة..... خضر دوملي

استغلال الموتى لصناعة ازمة..... خضر دوملي
يتفق الكثير من المتابعين والمهتمين بالشأن العراقي بأن البلاد باتت ساحة الازمات المستمرة، وشهد عام 2013 والى الان اكثر من ازمة بعضها مستمرة، واخرى اثارها تتراكم وثالثة تتوالى، وبين هذه كلها يظهر شخص رئيس الوزراء ليستغل سواءا لتغطية فشله او ليبرر بقاءه في الحكم على طريقته باستغلال موت صحفي .

وقبل توضيح صورة صناعة الازمة ومهندسها في العراق ، لابد من القول ان قتل اي انسان في بلدنا يثير في نفسي الحزن الكثير، واشعر بأننا نعود للوراء كل يوم، وان البلد يتفتت اكثر امام مرأى دولة رئيس الوزراء الذي يتشدق بحبه للديمقراطية ولكنه في هذه المرة اظهر قوة وسرعة بديهيته في متابعة ازمة مقتل الصحفي محمد بديوى الذي خسرناه في غفلة من الزمن بفعل خطأ لابد للقضاء ان يكون الحكم فيه وليس سيادة او دولة رئيس الوزراء وهوسه الكلامي في موقع الحدث وطريقة كلامه للصحفيين.

البلاد تمتلىء بالازمات، فمن ازمة الفلوجة الى سلمان باك، ومن استيلاء ((داعش )) على ناحية بهرز على ذمة وكالات ومؤسسات اعلامية مقربة من رئيس الوزراء، الى ازمة الامن في الموصل، وصناعة ازمة منع صرف رواتب موظفي الاقليم التي لابد ان ان تدخل في باب النظريات السياسية الجديدة التي يتبعها الرؤساء في التعامل مع شعوبهم، من ازمة الامن في ديالى، الى ازمة الكهرباء في البلاد ، من ازمة سرقة قوت الشعب امام وعلى مسمع دولة رئيس الوزراء، من ازمة مقتل واستهداف اكثر من مئة صحفي في فترة حكم المالكي في العراق التي لم تحركه من موقعه، الى ازمة الاقاليم، وازمة النازحين من الانبار، وهلم جرا من الازمات، وغيرها من الازمات ومثلها من الازمات التي ستأتي بلا شك من الافكار الهندسية لحاشية رئيس الوزراء، كل هذه لم تحرك سيادته من مكتبه و حصنه المنيع، ألا مقتل الاعلامي محمد بديوي رحمه الله وعذرا من اهله وذويه أنني اكتب هذا المقال بوفاته ، كنت اريد ان اكتب عنه كصحفي، لكن ماذا نفعل حتى هذه سرقها منا رئيس الوزراء، اذ جعل الجميع يكتب عن حنكته السياسية ( الدم بالدم ) بدلا من الكتابة عن بديوي الانسان، الصحفي، الاكاديمي، الاعلامي الاذاعي ، المواطن العراقي البسيط.

حتى في هذه تهندس رئيس الوزراء لأستغلال موت هذا الانسان ليصنع ازمة منها ، وفي هذه المرة اراد منها ان تكون كبيرة، لكن العقلاء لن يسمحوا بذلك .. اراد منها فتنة كبرى، ليضيف الى ازماته الكثيرة التي جاءت وعمت البلاد بسبب فشل سياسته في ادارة البلاد، وفي كل مرة تكون الحجج جاهزة ، من ان هناك ازمة، وعند متابعة الازمة لن تجد احد ورائها او احد مسؤلا عنها سوى الحكومة التي يترأسها سيادة رئيس الوزراء.

ان اقصى ألم عند موت انسان هو ان يستغلها احد اخر لمرامه الشخصية، ، ، كل يوم يقتل العراقيين، بالانفجارات والعبوات الناسفة واللاصقة والحارقة ، بقوات الدولة و قوات داعش والميليشيات التي يعرفها العراقيون ولايعرفونها،،، لما لم يتحرك سيادته هكذا بسرعة لتقصي الحقائق،،، عجيب ان يفكر ويتصرف انسان قضى عمره في النضال ضد الدكتاتورية ويتصرف اقسى منها، عجيب ان يقود انسان دولة مدنية ويتصرف ويتحدث بأسلوب بعيد عن المدنية،،، عشرات السنين يناضل الكورد ضد الدكتاتوريات الحاكمة في العراق، ودفعوا الدماء انهارا ، لم يطلق يوما قادتهم تصريحا بهذا الشكل، ولم يقولوا يوما ان مقتل مقاتل من البيشمركة لابد ان تحل بطريقة دولة رئيس الوزراء ( الدم بالدم) ، و قتل الاف المدنيين على ايدى ازلام النظام البعثي السابق ودولة رئيس الوزراء نوري المالكي شاهد عليها ، لم يقل كوردي يوما ان هذه الجرائم لابد ان تحل بطريقة الدم بالدم.... قبل اكثر من سنة من الان قلت في مقال سابق ان الدولة العراقية تتجه لتصبح دولة عشائرية لم يتفق معي الكثيريين، وها هنا رئيس الوزرءا يرسخ العقلية العشائرية الضيقة في أدارة الحكم، ( مع احترامي للمبادىء العشائرية وعاداتها) لا لشيء فقط ليقولوا يوما انها واحدة من ازماته الكثيرة التي صنعها او اشرف عليها، او باركها او تفرج عليها او فرح بها او هي من اختصاصه فقط في العراق ، لايهمه ما يحدث بين الكورد والعرب وما يحدث لجميع العراقيين من جراء سياساته الفاشلة من وراء تصريحاته ، بل يهمه ان صنع ازمة وسيتوارى عن الانظار و ينقل حديث اذاعي متشنج قريبا ليبرر، ومن ثم سيفكر بصناعة ازمة اخرى.

رحم الله زميلنا الاكاديمي والاعلامي محمد بديوي، ولابد ان تحال قضيته للقضاء وان يبت فيها ، ولابد ان تستمر جهود الخيرين في عدم السماح باستغلال ازمة موته من قبل اي كان، وخاصة أولئك الذين يعتبرون انفسهم ابواق لنشر الكراهية ويدعون الديمقراطية ويتلقون الاموال لكي يعززوا الافكار التعصبية .
Top