• Wednesday, 17 July 2024
logo

اخي غالب.. الشهيد الذي ظلم مرات

اخي غالب.. الشهيد الذي ظلم مرات
في 30/10/2005 وانت تتوجه لدائرتك امطرتك عصابات الارهاب بوابل من الرصاص.. توفى ملازمك محمد ادهام.. وبالكاد نجت ابنتك التي كانت في المقعد الخلفي. فتركت زوجة وبنتين واخوة واخوات واحبة نكبوا برحيلك.. وانت العزيز ذو الخلق الدمث الكريم.. وابن ذلك المجاهد الذي هو احد اركان الدولة العراقية المعاصرة المغفور له السيد عبد المهدي. فانا لله وانا اليه راجعون.
ظلموك بقتلك كما ظلموا قبلك ابناء شعبك، وكما يستمرون بقتلهم في كل يوم.. فكنت شريك العراقيين في ظلم الاستبداد والدكتاتورية ومواجهة الارهاب، وندعو العلي القدير ان يجعلك شريكهم في جنات الخلد، مع نبيك وائمتك عليهم السلام اجمعين.. ومع احبابك والصالحين ووالديك اللذين تتفق ذكرى رحيلهم مع ذكرى رحيلك بفواصل زمنية قصيرة.
نقلوك بعد الحادثة لاحدى المستشفيات.. اتصلت بي بالهاتف وكان صوتك مطمئناً.. لم تكن تعلم بان احدى الرصاصات احدثت نزفاً داخلياً.. وكان بالامكان انقاذك لو اسعفوك وكشفوا عليك.. لكنهم تركوك في ممر تنتظر ساعات.. ونزفت ما يكفي لتفارق الحياة، فلا اعتراض على حكمه.. {وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون}.. فظلموك كما يظلم الكثيرون اليوم، نتيجة الاهمال ونقص الخدمات الطبية.. وهذا ظلم يضاف لظلم الارهاب.
اخي الغالي.. سأكرر كلمات قلتها في عزائك العام الماضي، عندما قلت: كنت وفياً للشعب.. وصمدت امام ملاحقات واضطهاد الانظمة السابقة. وقدمت حياتك في مواجهة الارهاب، شأنك شأن بقية الشهداء والمضحين الذين قدموا للوطن.. فماذا قدمنا لهم؟ فعوائلكم مهجرة، ارهقها اختلال الامن وعوامل الاستقرار الاداري والمعيشي. وبالامس ضرب الارهاب.. وهو ما يفعله مراراً وتكراراً بنفس الاساليب وذات النتائج المؤلمة.. فنرد عليه بنفس الاساليب وذات الوسائل الفاشلة. اننا بطيئون، بل نتراجع احياناً في البناء ومراكمة المكاسب وتحمل تبعات اخطاء الاعمال المخلصة، لكن قدراتنا عظيمة في ملاحقة ابسط الهفوات، وبارعون سريعون في ايقاع الاذى والهدم وتطبيق كل ما برهن عن فشله من تشريعات وسياسات. ان الكثير مما حاربناه، وقدم شهداؤنا دماءهم لازاحته، يعود بواجهات ومسميات جديدة. فالعسكرة، والمديونية، والبطالة، ونقص الخدمات، واحتكار الدولة وبيروقراطيتها، والفساد، والمحسوبية، والتحزب، والطائفية، والانقسامات، وبوادر العزلة تشق طريقها لتغلق ابواب الاصلاح ولتسرق المكاسب والانجازات الواحدة تلو الاخرى. فإنا لله وإنا اليه راجعون.

عادل عبد المهدي
‌ puk
Top