وول ستريت جورنال: الانتخابات المحلية كشفت الندوب المؤلمة للصراع الطائفي في العراق

وقالت الصحيفة ان كادر مفوضية الانتخابات بدأ عد صناديق الاقتراع يوم الاحد، بعد يوم من اجراء اول انتخابات منذ انسحاب القوات الاميركية ما يشير الى تدني حماس العراقيين تجاه نظامهم السياسي الناشئ.
فلم يشارك في هذه الانتخابات سوى اكثر من 50% بقليل من الناخبين المؤهلين في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم السبت الماضي، بفارق كبير عما كانت عليه نسبة المشاركة في آخر انتخابات لمجالس المحافظات، حيث وصلت حينها الى 72% في العام 2009، طبقا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وقد تدنى الإقبال على صناديق الاقتراع الى 33 % في بغداد.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين في المفوضية قولهم ان النتائج الاولية سوف تعلن اليوم الأربعاء. وترى الصحيفة ان تدني معدل المشاركة يعكس تزايد خيبة الأمل بالعملية السياسية التي انفقت الولايات المتحدة عليها مئات المليارات من الدولارات وخسرت الاف الأرواح كي تساعد في بنائها، حسب ما يقول ناخبون ومحللون. فبعد ستة عشر شهرا من مغادرة آخر جنود قوات التحالف، يقول الكثير من العراقيين انهم يشعرون أنهم بعيدون عن حوار سياسي يقولون انه طائفي وفاسد. وبعض العراقيين يقول ان العراق يبدو انه ينزلق الى حكم سلطوي.
حيدر العاملي، 27 سنة، طبيب في بغداد، يقول إن "هذا عرض تجاري. والعراق مريض بسببه"، مضيفا انه وكل أصدقائه يبحثون عن طرق للهجرة من البلد. وقال العاملي "شاركت في كل الانتخابات، لكن هذه هي المرة الاولى التي لم اذهب فيها للتصويت. كل المتعلمين لم يذهبوا". واضافت الصحيفة ان الانتخابات المحلية التي جرت السبت كانت جزئيا تعد مقياسا لقدرة المؤسسات السياسية الناشئة وقوات الأمن على التعامل مع انتخابات تجرى على نطاق وطني. وبكل الأحوال يبدو إنها نجحت الى هذا الحد.
وتابعت الصحيفة قولها ان الحكومة قد اتخذت تحوطات أمنية شديدة، فمنعت حركة السيارات في الشوارع خلال نهار التصويت، حتى لو كانت بعيدة عن مراكز الاقتراع. وقد ادلت القوات الامنية بأصواتها قبل اسبوع كي تتمكن الحكومة من نشر أفراد القوات الأمنية في انتخابات يوم السبت. واشارت الصحيفة الى ان عددا من التفجيرات الصغيرة حدثت في مناطق اقتراع وأودت بعدد من الجرحى في مناطق متفرقة من البلد. الا ان مثل هكذا مستوى من العنف في العراق يراه كثير من المراقبين الخارجيين ومسؤولون من الحكومة العراقية نكسات صغيرة. ففي الاسبوع الذي سبق الانتخابات، قتل العشرات في سلسلة من الهجمات. لكن الكثير من العراقيين يرون ان افعال العنف الأخيرة كان لها الاثر القليل على الإقبال على التصويت، ذلك ان العراقيين اعتادوا على الارهاب.
غير ان الكثير من الذين لم يصوتوا يقولون انهم تجنبوا عدم المشاركة بالانتخابات ـ وهي ثامن انتخابات منذ ان الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 ـ بسبب من ان أوراق الانتخابات صارت تتبدى لهم وسائل غير ذات معنى للتغيير. فالكثير من العراقيين مثل حال العاملي يشتكون من أن السياسيين أنفسهم يهيمنون على المشهد السياسي بغض النظر عن نتائج التصويت.
وحتى بعد أن حققت القائمة العراقية، وهي الأكثر تعددية بنزعتها السنية، نصرا طفيفا خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام 2010، الا انها تعرضت الى تحييد فعلي خلال عملية البحث الشاقة عن التوصل الى اختيار رئيس وزراء تسوية. فرئيس الوزراء نوري المالكي، الذي تمكن في نهاية المطاف من تولي هذا الدور، ترأس الحكومة العراقية لمدة سبع سنوات ويتوقع انه سيدخل المنافسة على ولاية ثالثة في العام المقبل.
رمزي مارديني، زميل في المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية، يقول للصحيفة ان "الانتخابات تجري، لكن السياسة في العراق تبقى جامدة زمنيا"، ويضيف ان "حقيقة اجراء انتخابات لا يعني للديمقراطية العراقية كثيرا". وتقول الصحيفة ان المالكي وزملاءه يأملون اذا فاز ائتلاف دولة القانون بانتخابات مجالس المحافظات، فان هذا الانتصار سوف يساعدهم في حشد التأييد لانفسهم قبل الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في العام 2014. وبوجود ما يكفي من الاصوات، فان ائتلاف دولة القانون قد يتمكن من قيادة الحكومة العراقية من دون الاضطرار الى اللجوء الى تسوية مع الاقلية السنية التي يتزايد سخطها.
ويقول مارديني ان "اذا اظهرت النتائج ضعف [المالكي] في انتخابات مجالس المحافظات، فلن تجد كثيرين يصعدون في قاربه. بل سيقفز الكثيرون منه"، مضيفا ان المالكي "في حاجة الى هذه الحتمية اكثر من اي احد اخر".
وعلقت الصحيفة بالقول انه بوجود الكثيرين على المحك، فان السياسيين العراقيين يبدو انهم تحركوا باتجاه التطرف الطائفي، ما ابعدوا مزيداً من المصوتين المعتدلين سنة وشيعة الذين يريدون ان يروا الطائفتين وهما تتعاونان. ويقول مارديني ان "الطائفية ما زالت العلامة التجارية المهيمنة في العرض السياسي،" لافتا الى ان "الكثير من العراقيين غير راضين عن الطائفية لكن عندما يصل الامر الى التصويت لا يجدون امامهم خيارا اخر. فهم خائفون من هيمنة الجانب الاخر".
وتعلق الصحيفة بالقول ان انتخابات السبت الماضي بينت الندوب المؤلمة التي خلفها الصراع الطائفي. فالمحافظتان اللتان تسكنهما غالبية سنية في غرب العراق منعتا من المشاركة في التصويت على مجالس المحافظات بعد ان ذكر مجلس الوزراء ان الاحتجاجات المناهضة للمالكي جعلت من اجراء الانتخابات فيهما خطرا امنيا. فقبل اسبوع من اجراء الانتخابات، قال المالكي ان الانتخابات المحلية في الانبار ونينوى ستتأجل "لحين استتباب الأمن" فيهما ـ ما اعطى المسؤولين فرصة للابقاء على المجالس الحالية المنحازة الى المالكي.
في هذه الاثناء، كما تقول الصحيفة، ضم ائتلاف المالكي أربعة احزاب شيعية لائتلافه، من بينها مجموعتان شيعيتان قوميتان قويتان. وتذكر الصحيفة ان سياسيين من حزب المالكي يقولون ان اللهجة الطائفية العدائية ما تزال النكهة المهيمنة في السياسة، بخاصة ما تصاعد وتيرة العنف في سورية واتساع تأثير ايران في مناطق غربي العراق.
وتذكر الصحيفة ان كثيراً من الناخبين يقولون إن مياه السياسة المسممة سوف تقتل النظام السياسي العراقي الجديد قبل ان تتاح له حتى فرصة نجاة. وتختتم الصحيفة تقريرها بقول اسامة لطيف، 28 عاما طبيب أسنان رفض المشاركة في انتخابات السبت الماضي، "لا اعتقد أن هناك ديمقراطية في العراق. فكل شيء في الدولة تحت سيطرة الأحزاب"، ويضيف "نحن نعود الى الديكتاتورية".
عن صحيفة المدى