• Saturday, 24 August 2024
logo

في أن العراقي فرحان

في أن العراقي فرحان
عندي تفسيرُ معقول الى حد ما، وأؤمن به شخصيا لفرح العراقي او سعادته لو قال سعيد، وفيما لوصح فعلا استطلاع دولي”يموت من الضحك” مؤخرا قهقتُ بسببه سخرية واستغرابا، سجلَ أنّ العراقي مشمول بالسعادة.

ضحكتُ كثيرا وانا أقرأ ان للعراقي نصيبُ ايضا في قائمة ضمت شعوبا أخرى قالت عنها منظمة ما دولية توا، انها الشعوب الاكثر سعادة، ولكن مهلا، فأنّ في هذا، ثمة لحظة جدية تستدعي التأمل كذلك ويجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار، فكرت مثلا بجدِ حول حقيقة قد تكون انطلق منها منظمو الاستطلاع او من اجراه نيابة عنهم، مادام أستند لأرقام أو مقابلات شخصية ربما. ووجهة نظري او تفسيري لذلك فيما لو قال العراقي حقا لأحد يسأله: “أنا سعيد”، او” زين” إنّه قد يكون جادا في ذلك وصادقا، لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك صحيحا، يعرف المجيب في قرارة نفسه ان ذلك ليس دقيقا، ولكن السؤال الجوهري في معرفة مدى سعادة العراقي فعلا، لايكمن في صدقية الاجابة عن السؤال من عدمها، انما بأي بوعي تنطلق هذه الاجابة، وماهو مفهوم العراقي للسعادة حقا؟، وماهي مستلزماتها بالنسبة اليه، ومامدى درجة احساسه بها؟.

قصدي ان جل العراقيين ماعادوا يميزون الاصل الحقيقي للسعادة او مواصفاتها ولا حتى وبفعل تراكمات هائلة يعرفون طعمها الحقيقي، هم ربما نسوها، او نسوا الاسباب الحياتية اليومية التي تجعل امرئ ما سعيدا دون غيره.

فالعراقي الذي يجلد ظهره حر تموز مثلا في ظل انعدام رهيب للكهرباء التي قد لايراها الا ساعتين من اصل أربع وعشرين ساعة (على سبيل المثال مرة اخرى)، هذا العراقي ممكن ان يجيبك: “والله الحمد لله، زينة الامور” او حتى قد يقول بصراحة: “ والله اني سعيد ليش لا” شرط ان تسأله عن ذلك تحديدا خلال وقت استمتاعه ببرد الساعتين المنعش تلك.

امس كان العراقي يمشي على جثث الحروب ويدوس لكي يفلت من موت قريب، على رؤوس بشرية حقيقية، ولكن ما أن ينزل لبيته بإجازة قصيرة، يعود بعدها، حتى يطير من الفرح ويعد نفسه في قمة السعادة، وقس على ذلك امورشبيهة أخرى كثيرة.

السعادة ليست نسبية في المفهوم العراقي، فهذه النسبية العامة لاتنطبق على هذا الحال، نحن نتحدث عن خرافة هنا، عن اختلال كامل في المعايير والنسب، وبالاساس عن غموض الشعور الداخلي بالاشياء الجوهرية التي تتعلق بالحياة او هشاشتها، وفي اصلها السعادة.
Top