• Saturday, 24 August 2024
logo

خرتها .. كتائب صدامية! *

خرتها .. كتائب صدامية! *
كان على حق كل من طالب بسلمية الثورة السورية منذ اليوم الأول لبدءها. و كذلك، كان على حق كل من حذر من مخاطر عسكرة الثورة و تأخر الحسم في الصراع الدائر منذ ما يقرب من ثمانية عشر شهرا ً، و ذلك خشية أن تأخذ الثورة منحاً طائفي، و يؤدي دوامة العنف، التي لا تبدو أنها تشرف على نهايتها، إلى سيطرة و هيمنة الحركات الجهادية و السلفية الإسلامية و تلك المرتبطة بالقاعدة و غيرها. حاول البعض تبرير الصبغة الدينية للمعارضة المسلحة، و إطلاق أسماء رموز الدين الإسلامي على الكتائب المسلحة التابعة للجيش السوري الحر، من جهة أن ذلك يعكس الجانب النفسي و الإجتماعي لغالبية الشعب السوري، إلا أن ما هو غريب ، و يثير الدهشة و الإستغراب، بل و الأمتعاض فهو، بلا أدنى شك، إعلان كتائب صدامية في بعض المدن السورية كأدلب و دير الزور، و لا ندري كيف سيحاول مبرري أسلمة الثورة السورية تمرير و تبرير هذه الطواهر الغريبة و المدانة.

فتمجيد صدام حسين إلى درجة و حد إطلاق إسمه على كتائب مسلحة، من المفروض أنها تسعى لإسقاط طاغية و ديكتاتور في سوريا، شبيه في حكمه و إيديولوجيته و و ممارساته و جرائمه لصدام حسين، و إن حدث، كما هو اليوم في إدلب و دير الزور, فإن ذلك لا بد أن يشكل سابقة، و نذير شؤم، لن يصدم الكرد فحسب، رغم أنهم أكثر من عانوا من صدام و جرائمه و فظائعه على مر تاريخهم، و إنما، أيضا ً، الشعوب العربية في الخليخ، الذي كان على شفى حفرة من إحتلال صدام حسين لأغلب مناطقه بعد إحتلال الكويت، قبل أن يتدخل التحالف الدولي ، و يرد صدام و جيشه إلى أعقابه. فالكرد مكون أساسي في سوريا , و يشكل الشعب الكردي القومية الثانية عدداً ، و كان أبناءه من أوائل المنخرطين في الثورة السورية عبر المظاهرات الإحتجاجات الإسبوعية إسوة بباقي بلدات و قرى سوريا. أما شعوب الخليج، فقد عبرت أغلب حكوماتها عن دعمها و مساندتها للثورة السورية، و مدت يد المساعدة للسوريين، إغاثيا، و حتى عسكريا، من أجل التخلص من نظام بشار الأسد.

لا شك، إنه أمر مؤسف، رغم أنه صدر من قلة قليلة، لا يمثلون إرادة السوريين ، و توقهم إلى الإنعتاق و التحرر، و لكنه مفزع، لأن من شأنه، إلى جانب مظاهر سلبية أخرى تظهر بين الحين و الأخر، أن يثير حفيظة المتعاطفين مع الشعب السوري و محنته، خاصة في الوقت الذي بدأت فيه منظمات حقوقية دولية تورد في تقاريرها، تجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان، ترتكبها مجموعات و كتائب تابعة للجيش السوري الحر، كانت أخرها دعوة من منظمة العفو الدولية لمحاسبة المتورطين في إنتهاكات حقوق الإنسان من الجانبين، أي من النظام و المعارضة على حد سواء.

إنه أمر مؤسف، عندما تتحول بعض الكتائب التابعة للجيش السوري الحر، التي من المفترض أنها تدافع عن الشعب السوري و حقوقه المشروعة في الحرية و إستعادة الكرامة، إلى طغاة و منتهكي الحقوق، تمارس العنف في بعض الأحيان بنفس القدر من الحقد كالنظام الدموي، و الأنكى من كل ذلك، قيام البعض، من بينه أو بإسمه، بتشكيل مجموعات صدامية، دون أدنى مراعاة لمشاعر الأخرين.

يبدو أن المجتمع الدولي كان يراقب عن كثب التحولات التي كانت تطرأ على المشهد السوري الملتهب، و أيقن على إثرها ضعف المعارضة السياسية السورية، و صعوبة لملمة صفوفها، في ظل تنامي قوة الإسلاميين، سياسيا ً و عسكريا ً، و هو ما يفسر تراخيه عن تقديم مساعدة حقيقة و جدية للشعب السوري، تتجاوز الإدانات اللفظية و الإعلامية، رغم مرور ما يقرب من ثمانية عشر شهرا ً على الثورة السورية، و المجازر المروعة بحق الأبرياء. فهو، أي المجتمع الدولي، لا يمكن أن يساهم في مجئ دغاة جدد، قروسطيين، لا يعيرون أي إعتبار لقيم الحرية و العدل و الديمقراطية محل الطغاة الحاليين في سوريا.

لا شك أن الشعب السوري في محنة صعبة و قاسية ، جراء الفظائع التي ترتكب بحقه يوميا ً على يد النظام، و لكن ما يزيد من هذه المحنة و يجعلها لا تطاق، فهو عدم الإحساس بالعواقب و المخاطر على الثورة من قبل العديد من فصائل المعارضة السورية ، السياسية و العسكرية، و ذلك من خلال غض النظر عن الكثير من التجاوزات الخطيرة في صفوفها، أخرها كانت إعلان كتائب صدامية في بعض المناطق !، إلى درجة أننا بتنا نخشى من ظهور مجموعات بإسم إسامة بن لادن و الظواهري، و ربما هتلر و نيرون و غيرهم من طغاة التاريخ.
ولاتي نت
زيور العمر
Top