• Wednesday, 22 January 2025
logo

المشروع القومي الكوردي ضرورة سياسية في الالفية الثالثة

المشروع القومي الكوردي ضرورة سياسية في الالفية الثالثة
نالين قنبر
المشروع القومي الكوردي ضرورة تاريخية و سياسية بالنسبة للشعب الكوردستاني، هذا المشروع التاريخي راود المفكرين والسياسيين الكورد، وبل راود الشعب الكوردي عامة. هذا المشروع يضمن الحقوق الطبيعية للشعب الكوردي الذي يتميز بالمقومات القومية والوطنية، ومن هذه المقومات:

أولا، الشعب/ الامة، فإن الشعب الكوردي الاصيل حافظ على وجوده وهويته رغم السياسات الاستعمارية والقمعية التي استهدفت ازالته من الخارطة السياسية والجغرافية، ان كل الممارسات التعسفية باءت بالفشل امام ارتباط الكورد بالحرية والحياة.

ثانيا، الاقليم / الوطن هو الرقعة الجغرافية - كوردستان - التي يستقر عليها الشعب الكوردي بصورة دائمة وعلى مر العهود التاريخية، هذا الوطن دعم وبلورالشخصية الكوردية ونظم الحياة السياسية للكورد وساهم في تحديد الاهداف التي يناضل الشعب الكوردي من اجل تحقيقه، وكذلك يسهم الاقليم/ الوطن في تنمية الشعور القومي في حب الوطن والدفاع عنه، لانه ارتبط بضمير الشعب الكوردي وكيانه ومصيره، فالتاريخ يشهد آلاف الاشخاص الذين استشهدوا دفاعا عن كوردستان، وهو التعبير عن الهوية الكوردية وخلق الطمأنينة والاستقرار ان اصبح الكورد اصحاب السلطة عليه.

ثالثا، اللغة والتاريخ المشترك، فاللغة الكوردية لغة حية ولها تاريخ طويل وعريق يعود الى الاحقاب القديمة، وهي مازالت الوسيلة المؤثرة والفاعلة والمثمرة للتواصل والتفاهم بين ابناء الشعب الكوردي، وهي همزة الوصل بين ماضي وحاضره، وتملك قابلية التجديد ومواكبة تقدم العصر، مما يجعل الفكر والثقافة الكوردية غنيتين، في مواجهة السياسات التي تقلل من شأنهما.

فالسؤال الذي يطرح نفسه بصورة مستمرة، لماذا لم يستطع الكورد اقامة سلطته على البقعة الجغرافية التي يقطنها؟ هل الظروف السياسة الاقليمية والدولية كانت لغير صالحه في كل المراحل؟ ام للقوى السياسية الكوردية دور في الوقوع في الاخطاء التي ساهمت في بقاء القضية الكوردية كما هي دون تحقيق النتائج المرجوة؟ فإن هذه الاسئلة تطرح علينا جميعا وبشكل يومي، ولكل منا رأيه في ذلك. علينا ان نواجه ممارسات السياسة الكوردية باسلوب بناء لتجاوز السلبيات التي ارتكبت، ودفع الشعب الكوردي في نهاية المطاف ثمنا غاليا من دماء ابنائه جراء تلك السلبيات.

فهناك دراسات تشير الى وجود امكانية تحقيق مشروع قومي للكورد ضمن ظروف الحرب العالمية الثانية، لوكانت العوامل الذاتية متوفرة في تلك المرحلة، لان الظروف الموضوعية كانت مهيئة، فتركيا كانت دولة مشغولة بنفسها وتعاني من عدم الاستقرار، والاحتلال السوفياتي لايران، والعراق كان ضعيفا يعاني من هشاشة الحكم فيه، والفرنسيون والانكليز كانوا يسيطرون على سوريا والعراق. هذه الظروف الاقليمية كانت مناسبة لكسب الراي العام الدولي - وخاصة الحلفاء- لصالح الكورد - ونخص بالذكر كوردستان سوريا- فالحلفاء كانوا في البداية يبدون اهتماما بالشعور القومي الكوردي ويفتحون مجالا لنشر الثقافة واللغة الكوردية وذلك من خلال تقديم المساعدات للمثقفين الكورد في نشر الجرائد والمجلات والكتب الكوردية، هذه الانفتاح على الكورد كان يثار قلق الشوفينية العربية. لم يتمكن الكورد من اقناع الحلفاء بامكانية ادارة مناطقهم وحماية المصالح الاستراتيجية لهم في سوريا، هذا من جانب ومن جانب آخر حالة الانقسام وعدم التلاحم على هدف مشترك من قبل النخبة والقوى التي كانت ترى نفسها مسؤولة عن ملف القضية الكوردية. استمرالانقسام وعدم التلاحم بين انصار قيام السلطة الكوردية وبين الانصار الذين كانوا يفضلون البقاء مع بقية الشعب السوري ضمن اطار الدولة السورية، وفي نهاية المطاف فضلت فرنسا النخبة العربية على النخبة الكوردية، وبالتالي اضعف الموقف السياسي الكوردي، فاضطر الكورد للخضوع الى السلطات العربية التي كانت تحاول ان تظهر بمظهر الديمقراطي، وكانت تنادي تكتيكياً بالتعاون الاخوي بين المسلمين عربا واكرادا، وهكذا اقتنع انصار كلا السياستين بوعود السلطة العربية السورية وبحسن نواياها، وفيما بعد تبين بأن اصحاب السلطة لم يكن يهمها سوى الانفراد بالحكم والتسلط على كافة مقدرات البلاد، ورسم سياسات تهدف الى ابادة واضطهاد الشعب الكوردي، وهكذا خابت آمال الكورد الذين كانوا يؤمنون بامكانية المشاركة في ادارة دولة سورية ديمقراطية يتمتع فيها جميع المواطنين بنفس الحقوق، بغض النظر عن اصولهم القومية او معتقداتهم الدينية. واستمرت الظروف السياسية السلبية بالنسبة للكورد حتى آواخر القرن العشرين.

فتحت الالفية الثالثة مرحلة جديدة للشعب الكوردي، ليحقق طموحاته القومية والديمقراطية، من خلال نضالاته المشتركة مع باقي شعوب المنطقة التي تبنت سياسة التغيير للانظمة الديكتاتورية والاستبدادية.

ان المشاركة الكوردية في الثورة السورية ماهي إلا قراءة صحيحة للمتغيرات التي تطرأ على المنطقة عامة وسوريا خاصة. تعتبر هذه المشاركة خطوة اولية نحو تحقيق مشروع قومي كوردي، رغم اصطدامه بعقول شوفينية عربية لا تستطيع قبول فكرة ان الشعب الكوردي له خصائصه القومية التي تميزه عن باقي مكونات المجتمع السوري. لذا فإن المسؤولية كبيرة وتتطلب العمل الدؤوب لضمان السلطة الكوردية في مناطقهم، ويكون عبرالاعتراف الدستوري الرسمي بتلك السلطة، لان ما يتفق عليه خلف الكواليس، يزول ايضا من خلف الكواليس، كما يتطلب من الكورد عدم الانجرار الى ارتكاب الاخطاء السابقة في وضع ثقتهم بالنوايا الحسنة لاي طرف كان، وكذلك التحرك لتجاوز الصمت والتردد الذي يخيم على مواقف الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية وحتى روسيا والصين والدول العربية تجاه حقوق الشعب الكوردي ودفعهم للاعتراف بقيام السلطة الكوردية في غرب كوردستان، واعطاء ضمانات للمحافظة على المصالح الدولية والاقليمية المشتركة في سوريا وحثهم - خاصة فرنسا وانكلترا - على اعادة وتصحيح سياستهما التي ادت الى تجزئة كوردستان وبالتالي تجزئة الكورد وتركهم تحت رحمة الانظمة الشوفينية الديكتاتورية. اضافة الى اعطاء ضمانات للاقليات الدينية والقومية التي تقطن كوردستان سوريا واشراكهم في ادارة المنطقة بشكل فعلي، عندها يكون الشعب الكوردي قد ضمن حقوقه المعترف به رسميا وبالتالي اضفى على سلطته الشرعية في ظل الدولة الفيدرالية الاتحادية السورية، فالنظام الفيدرالي هو ضمان التلاحم والتآخي والاستقرار في سوريا وبديله هو حرب طائفية واقتتال داخلي وهدر الدماء، ان بقي او رحل النظام.
ولاتي نت
Top