• Friday, 17 May 2024
logo

العراق .. العملية السياسية والشك المتبادل

العراق .. العملية السياسية والشك المتبادل
رجائي فايد
_pukmedia


تفجرت في الأيام الأخيرة مسألة وجود مؤامرة بعثية لقلب نظام الحكم في العراق، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبالطبع فإن الساعة لايمكن لها أن تعود للوراء، وماجرى في أعقاب الإعلان عن ذلك من إعتقالات وفصل لمن قيل أنهم متورطون في تلك المؤامرة، وأنا هنا لاأناقش هذه المسألة من حيث صحتها وحسب خطاب إئتلاف دولة القانون، أو عدم صحتها وحسب خطاب القائمة العراقية، والتي تزعم أنها مجرد وسيلة للنيل من الخصوم السياسيين، وتحجيمهم على الساحة، ولكن مايعنيني هنا لغة الشك المتبادل في ردود الأفعال والإتهامات المتبادلة، فمفردات تصريح النائب عن إئتلاف دولة القانون كمال الساعدي حول وجهة نظر ائتلافه في هذه المسألة أزعجتني كثيراّ، فهو يقول (إن لدينا معلومات مؤكدة بوجود مؤامرة تهدف إلى قلب النظام السياسي في البلاد)، لافتا إلى أن (الأجهزة الأمنية هي المعنية بالتفصيلات، أما الشركاء السياسيون فيتم إطلاعهم على الخطوط العامة للمؤامرة وليس على تفصيلاتها حفاظا على سرية المعلومات)، ثم يعلن صراحة عدم الثقة ببعض شركاء العملية السياسية (هناك من هم في العملية السياسية ويسربون معلومات، وأن بعض الشخصيات المشتركة في العملية السياسية تشكل خرقا امنيا، فكيف يتم ائتمانهم على أسرار خطيرة كهذه)، ويؤكد على طرحه هذا بقوله (عدم إمكانية عرض أمر المؤامرة على كل شركاء العملية السياسية لوجود معلومات حساسة جدا وكلما توسعت دائرة المطلعين عليها أصبح من السهل تسريبها)، معتبرا أن (اتهام الأجهزة الأمنية من قبل أطراف سياسية مسألة تضر بالاستقرار السياسي، سيما وأنها لاتستند على واقع ما يجري). وفي المقابل أكد رئيس الكتلة العراقية في البرلمان سلمان الجميلي ( أن قائمته أعدت طلبا لاستضافة قادة الأجهزة الأمنية للتوضيح بشان التصريحات عن وجود مؤامرة لقلب النظام السياسي)، وفي حين بين أن هذه المسألة لم تعرض أمام الشركاء السياسيين أو مجلس الأمن الوطني أو مجلس الوزراء لمناقشتها، وفي اتهام مباشر بأن القضية ملفقة أشار الى (أن بعض المقربين من المالكي أكدوا أن تلك المعلومات مفبركة أعدها احد وكلاء وزارة الداخلية الذي يرتبط بجهة سياسية لها مصلحة بعدم استقرار البلاد وبقاء القوات الأميركية)، وكما ذكرت سابقاّ فإن مسألة وجود مؤامرة بالفعل من عدمه، أو كونها صحيحة أو ملفقة، فهذا ليس من شأني وإنما من شأن السلطات التحقيقية، ولكن مايعنيني هو مفردات الخطاب المتبادل والذي من شأنه الإضرار الجسيم بالعملية السياسية وبخارطة الطريق التي رسمها العراق لنفسه، فوجود شك متبادل بين أطراف العملية السياسية بل واتهامات صريحة،من شأنه أن يجعل كل طرف يتربص بالآخر ويتعامل مع أي سلوك أو حتى كلمة من الآخر بالشك وكما يصرح الساعدي (فكيف يتم ائتمانهم على أسرار خطيرة كهذه)، ويؤكد على طرحه هذا بقوله (عدم إمكانية عرض أمر المؤامرة على كل شركاء العملية السياسية لوجود معلومات حساسة جدا وكلما توسعت دائرة المطلعين عليها أصبح من السهل تسريبه)، والخطاب الآخر يشكك في المسألة برمتها وكما يقول الجميلي (أن بعض المقربين من المالكي أكدوا أن تلك المعلومات مفبركة أعدها احد وكلاء وزارة الداخلية الذي يرتبط بجهة سياسية لها مصلحة بعدم استقرار البلاد وبقاء القوات الأميركية)، وهذه الكلمات بمثابة اتهام صريح للآخرالشريك في العملية السياسية، إذاّ المسألة بهذا الشكل باتت خطيرة على التقدم السياسي الذي ننشده للعراق، وإذا كان هناك خوف بالفعل من إطلاع البعض على تفاصيل المؤامرة فإنه من الواجب ألا يعلن هذا الخوف على الملأ وكما جاء في التصريحات السابقة، وإنما يصرح به من خلال إجتماعات مغلقة، حتى لايضطر الآخر إلى إطلاق تصريحاته التي لاتخلو من اتهامات، وبالتالي تتسع دائرة الإتهامات تلقائيا، ويعلو الشك على الثقة، وهذا ما لانتمناه.
Top