• Friday, 17 May 2024
logo

النظام السياسي في مصر قبل ثورة يناير

النظام السياسي في مصر قبل ثورة يناير
فتح الله حسيني
_pukmedia


يمكن فهم النظام السياسي المصري بشكل كامل عندما نضغه في سياقه التاريخي، ويمكن التمييز بين ثلاث مراحل، وهي: مرحلة التعددية السياسية الأولى 1923- 1952 ومرحلة التنظيم السياسي الواحد 1952- 1979 ومرحلة التعددية السياسية الثانية من العام 1977 الى تاريخ صدور كتاب "النظام السياسي المصري بين ارث الماضي وآفاق المستقبل" في العام 2010 .

يقدم الدكتور علي الدين هلال في كتابه هذا، تشرحاً للنظام السياسي المصري، إذ يطرح اسئلة كثيرة وبالجملة، من حيث توجهات النظام السياسي في مصر، واستناده الى الموروثات السياسية الفائتة، وما هي آفاق مستقبل هذا النظام، ولكن بالنهاية يعول كثيراً على العمر الطويل للنظام، بينما التجربة العملية أثبتت غير ذلك بعد قيام ثورة شباب مصر في 25 يناير، وتنحي رئيس مصر محمد حسني مبارك عن السلطة تحت الضغط الجماهير العارم.

لا يستند المؤلف على النظرة التقليدية للمستشرقين الغربيين عن السياسة المصرية والنظام السياسي في الإسلام، فهو يبحث في التفاعل بين القوي الاقتصادية والسياسية في المجتمع المصري، كما لم يغفل العولمة والنظام العالمي، باعتبارها عوامل خارجية تفسر التغيير الاجتماعي وتحلل النظم السياسية.

الكتاب يقدم خلفيات نظرية مهمة حول شكل نظام الحكم وفقاً للدستور المصري والسلطات الثلاث، حيث يؤكد ضعف التجربة الحزبية المصرية، رغم وجود أربعة وعشرين حزباً سياسياً، لكنها غير مؤتلفة، مما يجعل من دورها ضعيفاً في مجلس الشوري، وفي الشارع على حد سواء.

يستعرض المؤلف، نشأة الاحزاب المصرية وتطورها، بداية من عودة تعدد الأحزاب في مصر من العام 1977، حتى وصول عدد الأحزاب الى 24 حزبا قبل ثورة 25 يناير، إذ يؤكد المؤلف، على أهمية دور الأحزاب السياسية في أي نظام سياسي ديمقراطي، فهي تقوم بدور في ملء الفراغ بين الدولة والمجتمع، وهي التي تقوم بتجميع مصالح القوى الاجتماعية ومطالبها فى شكل رؤى وسياسات، تتنافس على التأييد المجتمعي لها، وتمثل بدائل وخيارات قائمة فى الوعي الاجتماعي والسياسي معاً.

يستعرض الكتاب، خريطة المجتمع المدني في مصر، ابتداءاً بالجمعيات والمؤسسات الاهلية والتي تعرف بأنها تجمعات منظمة تطوعية غير هادفة للربح، تعمل فى مجالات الرعاية الاجتماعية، وهنا، يتبين ثلاثة أنماط رئيسية من هذه الجمعيات مثل: الجمعيات الخيرية والخدمية، الجمعيات التنموية، الجمعيات الحقوقية والدفاعية.

كما ويعرض المؤلف دور النقابات المهنية والعمالية باعتبارها أحد أشكال المجتمع المدني، التى تكون العضوية فيها على أساس الاشتغال بوظيفة أو مهنة معينة كالتعليم والطب والصيدلة والهندسة..الخ، بالاضافة الى دور نادي القضاة كأحد تشكيلات المجتمع المدني وجمعيات رجال الأعمال، وغرف التجارة والصناعة، لان البحث في أصل النظام السياسي يتعين البحث في دور وواجبات المنظمات التي تقف الى جانب النظام السياسي أو بالضد منه، الخصائص التي لم تتغير في مصر، جعلت منها، ضعيف في الحياة السياسية، حيث تغلب السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، مما ادى الى عدم الاستقرار الوزاري.

يشير الكتاب، الى عملية اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في 6 أكتوبر من العام 1981، ويصفها بأنها كانت بمثابة امتحان عسير للنظام السياسي المصري ولاستقراره، من خلال تلك الحادثة، يشير الكتاب الى أن مؤسسات النظام السياسي أثبتت قدرة عالية من الفعالية، وحدث الانتقال الدستوري السلمي للسلطة، وفي أقل من عشرة أيام كان لمصر رئيس جديد، وبدأت مرحلة حكم الرئيس محمد حسني مبارك منذ العام 1981 والتي تعتبر أطول مرحلة حكم فيها رئيس دولة من أيام محمد علي، وأطول مرحلة لم تدخل فيها مصر حربًا، وأطول مرحلة استمر فيها العمل بالدستور نفسه، وهو دستور 1971.

وإذا كان محمد حسني مبارك قد أدخل تعديلات وتغييرات بشكل تدريجي في اسس النظام السياسي، شملت مختلف جوانب النظام السياسي، الا انه الثورة الشبابية الأخيرة في مصر، أجبرته على التنحي ليكون مصير النظام السياسيي في مصر أمام المجهول، على الأقل بعيداً عن تسلط الحزب الوحد، رغم الوجود الصوري للأحزب المصرية الصغيرة.
Top