الفقراء..... يدفعون الثمن.......
_pukmedia
وأن كان حديثنا يدور حول الأنتفاضة الشعبية في مصر ، إلا أن القصد ليس (مصر) حصراً ، بل القصد هو إنتفاضات الشعوب كافة ضد أنظمتها الدكتاتورية والقمعية ، فالأحداث التي جرت خلال الفترة المنصرمة .. كانت فريدة ونوعية وأخذت طابعاً جديداً وذلك بالأعتماد على القوى الشعبية وإجراء التغييرات بأسلوب سلمي وحضاري ، وتجسد ذلك بالشعار الرئيسي للتظاهرات والأنتفاضات ألا وهو (سلمية .. سلمية) ، وما حدث من إراقة الدماء هنا وهناك ، فأنه كان من صنع ـ السلطة ـ أو تدخلات غريبة داخلية أو خارجية.
نجحت الأنتفاضة في ـ مصر ـ ، والدكتاتور وعائلته وزمرته ينتظرون محاكمتهم ونيل جزائهم العادل ، ولكنها أي ـ الأنتفاضة ـ أو ما سميت بالثورة في موقع إندلاعها لم تعط ثمارها ، وتحولت الى نوع من عدم الأنضباط والتخيط والصراعات بين التيارات الأسلامية منها والعلمانية ، والى الأنفلات الأمني ، وهذه مسألة خطيرة ، لأنها محبطة للآمال وتنذر بفشل إسلوب فريد ، كان محل أمل الجماهير المنتفضة لتحقيق مطالبها السياسية المشروعة وأهدافها الأجتماعية العادلة.
ولتوضيح الصورة ولمزيد من المعلومات ... ونقلاً عن موقع ـ إيلاف ـ نورد ما يلي: يقول المواطن المصري محمد أبو السعود / كيميائي: إن أخطر سلبيات الثورة إنتشار ـ البلطجية ـ في كل شبر من أرض مصر .. وسط إنفلات أمني واضح..!!
ويضيف: إن الحرية التي طالب بها الثوار تحولت الى ـ فوضى ..! ، والحداد عماده عبده شهاب يشير الى أنه لا يهمه الدستور أو الأنتخابات ، ويقول: (الطعام أولاً .. فأولادي لن يعيشوا بالحرية فقط)!
ورجاء خليل مواطنة مصرية تؤكد بأن ثمة صراعات حادة ، والفقراء يدفعون الثمن.
وبعد هذه الأمثلة الحية، يبدو أن المشهد أصبح واضحاً ، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا وأين يكمن الخلل ..؟ والخلل ببساطة وبعيداً عن التعقيدات السياسية والصراعات الحزبية، هو أن الأنتفاضات الشعبية وبحكم كونها ردة إنفعالية إزاء الظلم المتراكم واللاعدالية المتراكمة ، تأخذ صيغة إرتجالية وعفوية ، بعيدة عن التخطيط والتنظيم والقيادة وتحديد الأهداف الآنية ومن ثم المستقبلية ، لذا فليس من المستغرب أن تجد نفسها في حالة نجاحها ، في مناخ من عدم وضوح الرؤى ، وفي أجواء غير مستقرة، وتدخلات ومواجهات مع القوى المحسوبة على النظام والتي تضررت مصالحها، وهي ليست بالهينة وليست بالسهلة، بل إنها من الممكن أن تقضي على الثورة وأهدافها بهذا الشكل أو ذاك، أو إنها تعيق عملية البناء وتسعى من أجل إخراج الثورة من مسارها الصحيح.
فالمطلوب ترتيب البيت وإختيار قيادة جماعية، لحين إجراء الانتخابات، والتي هي الأخرى بحاجة الى مؤسسات محايدة للأشراف عليها ، كي تجري بشكل نزيه ، وتنتخب الأكفاء والمخلصين والمؤهلين لقيادة التغييرات.
فالشعب المصري والشعوب الأخرى على شاكلته، ينتظره المزيد من النضال والسعي والوعي السياسي والأجتماعي والفكري، لترسيخ المباديء الديمقراطية والعدالة الأجتماعية ، وليتجدد الأمل بعد أن تجدد وخف..!!