• Friday, 17 May 2024
logo

التردد

التردد
حسين فوزي
_جريدة الاتحاد


جاء الجنرال المتقاعد غارنر لتولي إعادة الإعمار والمعونات، كان معروفاً بتصوره السياسي القائم على إزاحة القشرة العليا من الحاكمين و محاسبتهم، على أن تبقى مؤسسات الدولة.لكن غارنر سقط لأن سياسيين في الغالب من المكونات ذاتها التي لم تشارك في مؤتمرات المعارضة مخافة بطش النظام المخلوع، إضافة إلى بعض القوى السياسية التاريخية، تحفظوا على مشاركة غارنر مشروعه في عدم هدم الدولة العراقية.

احتفظ غارنر بدعم الخمسة الاوائل، الذين لم تبقَّ الشمولية شيئاً من سهامها لم تستخدمه لتصفيتهم. في حينها حرص أمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني السيد جلال طالباني، بحكم علاقاته التاريخية بتلك القوى السياسية العازفة، التحرك من أجل جذب الحزب الإسلامي والحركة الإشتراكية العربية والحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي للعمل من أجل إعادة بناء دولة المؤسسات بالإستفادة من ركائز الدولة القائمة، ظلت هذه الأطراف على ترددها حتى أُسقط غارنر وأطلقت يد رامسفيلد المتعجرف في الشأن العراقي، و تجميد كلي لمخططات الخارجية الأميركية الذي مثله غارنر.
المحصلة كانت مجيء الحاكم المدني المطلق بريمر المجاهر بسلطة قواته المحتلة وقرار مجلس الأمن المشرعن لها. لست هنا معنياً بتلميع غارنر الذي عزف عن ذكر كل حقائق إزاحته، سوى إشارته إلى تحفظه على أفكار رامسفيلد التي نفذها بريمر، لكن التحدي يواجه العراقيين منذ ما عرف بـ”المسألة الكبرى” عام 1920 بشأن الموقف من الاحتلال البريطاني، الذي عزفت مكونات عن التعامل معه، و عزف عن التعامل معها، فكانت الإشكالية الكبرى في إنعدام التوازن في مكونات السلطة العراقية و طبقتها السياسية.
هذه الأيام يحرص السيدان جلال طالباني ومسعود برزاني بحكم خبرتهما الشخصية والحركة الديمقراطية العراقية في التقريب لترتيب الأوليات وتحقيق توازن و عدالة تجسدان حقوق الإنسان والديمقراطية في بناء مؤسسات لا تحكمها نعرة طائفية أو تعصب قومي، لكن المأساة أن التردد الذي نصب بريمر والمطامع التي لطخت هيبة السلطات العراقية يتحكمان، و كأن أي موقف من قضية حساسة توريط يحتمى منه بالتردد، بل البعض يتجرأ في مناسبة و غير مناسبة في المجاهرة بالعداء للدستور ومؤسساته، وجل ما يخشاه البعض توريطه في موقف قد لا ينسجم مع مزاج جماهيره المنفعل، خائفاً من طرح الحقائق. ترى هل نحن مقبلون على مجلس قيادة ثورة جديد و قائد ملهم ضرورة، أم توضع الأشياء في نصابها و نضمن حقوق موضوعية لنوظف عدداً محدوداً من الأميركيين لتدريب قواتنا، وعلاقاتنا الأستراتيجية مع “المحرر” لحماية بلادنا ممن بدأوا يقيمون معسكراتهم حتى داخل اراضينا التي يقصفونها، فيما نمنع من الملاحة والصيد حتى في شط العرب؟
Top