• Friday, 17 May 2024
logo

لا أعذار...

لا أعذار...
حسين فوزي
_جريدة الاتحاد


سواء راق الأمر أم لم يرق للبعض، فالشيء المؤكد هو أن الاجتماع الذي دعا له رئيس جمهورية العراق الاتحادي السيد جلال طالباني قد حقق العديد من القضايا المهمة، في مقدمتها وقف الحملات الإعلامية، ناهيك عن اتاحة المجال لتلتقي الوجوه و تطرح ما يجيش في صدرها من عتب أو ما في ذهنها من أفكار بشأن مستقبل العملية السياسية، كما فعل سماحة عمار الحكيم.

المواطنون الذين يأنون من "رحمة" الحر المتفاقمة في عراق لم نرحم فيه النخيل الذي لم نحتفظ بعشر ما كان عليه من غابات كانت تترحم بالمناخ الوطني، و البيئة التي دمرنا الكثير منها، بدءاً من الأهوار، في مشاريع قتالية في مواجهة اعداء مصطنعين لعسكرة المجتمع و احكام قبضة النظام الشمولي، ناهيك عن مأساة التعامل المخجل مع القضية الكردية و القتل الجمعي في ارجاء كردستان العراق، هذه الجماهير الغفيرة التي خرجت إلى ساحة التحرير و ساحات البلاد الأخرى، حتى في إقليم كردستان، تريد أن تكون "الطبقة" السياسية بالمستوى المطلوب في اخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية السياسية الاجتماعية الخدمية، و يتبلور رأي بأن هذه الطبقة في أغلبها من المستجدين على العمل السياسي درجة أخفاقهم في اختيار العبرات غير الاستفزازية، عدا في إقليم كردستان، حيث تبلورت "طبقة" سياسية مستفيدة من خبرةالممارسة بعيداً عن قبضة الشمولية لأكثر من عشر سنوات، ناهيك عن الوعي بالمعادلات الدولية و الإقليمية المحيطة بالكرد، و هو الأمر الذي جعلهم الأكثر موضوعية في طروحاتهم، و خطاب قيادة التحالف الكردستاني الأكثر قدرة على التوفيق بين القوى و الكتل السياسية المختلفة في أغلب الاحيان لأبسط الأسباب، مما فسح المجال لموجة جديدة من القتل الجمعي.

إن وقف تداعي الوضع السياسي على أثر الاجتماع الذي رعاه طالباني ينبغي على الطبقة السياسية العراقية أن تعمقه بتحويل الاجتماع المقبل إلى برمجة إجراءات عملية تنهي مأساة التشظي و التجاذب و التهديدات المتبادلة، و صياغة خطاب يستوحي القيم و المبادئ الدستورية و القانونية "العالمية" التي قادت إلى خلع النظام السابق، في استكمال بناء المؤسسات السياسية و البقية بعيداً عن أية صيغ يشم منها أي شكل من أشكال شرعية مجلس قيادة الثورة التي انتهكت كل الشرعيات، لأنها أولاً باسم الشرعية مسحت الطبقة السياسية.

ترى هل سيكون الحضور كاملاً في الاجتماع المقبل بلا أعذار غياب، لتأكيد وجود طبقة مسؤولة، أم أن الوضع سيدفع نحو البحث عن صيغ عمل تفرضها الجماهير و معاناتهم الآنية لتسود حالة الانفعال المنفلت الذي يلغي وصاية السياسيين المهيمنين حاليا كونهم ليسوا معنيين بحضور ما ينهي معاناة المواطن؟
Top