• Friday, 17 May 2024
logo

الخيانة...

الخيانة...
حسين فوزي
_جريدة الاتحاد


حسناً فعل مكتب ممثل الأمين العام للامم المتحدة السيد إد ميلكرت في "إعادة" صياغة ترجمة الكلمة التي القاها في الاجتماع التشاوري بشان الخطة الوطنية لحقوق الإنسان في العراق، فقد كان النص الذي نشرته وسائل الإعلام يفوق الخيال من حيث عد العراق دولة طليعية في ضمان حقوق الإنسان في المنطقة.

و جاءت الصيغة المعدلة أكثر موضوعية من حيث الاقرار بوجود تشريعات إيجابية رائدة مع المطالبة بضمان حقوق التظاهر و التعبير و "ضرورة أن تتم الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة وضمان حماية واحترام حقوقهم الإنسانية دون أي تمييز. كما أنه من المهم توفير الظروف اللازمة لحرية حقيقية للتعبير عن الرأي ضمن أطر المساءلة واتباع الأجراءات القانونية الصحيحة".

و مما يشهد عملياً على ممارسة حق التعبير لدينا موقف الناشطة هناء ادور في مطالبة رئيس الوزراء بـ"توضيح" تطرقه إلى قاتل متستر بمنظمة ناشطة للدفاع عن حقوق الإنسان، بغض النظر عما إذا كانت قد غادرت القاعة احتجاجاً أو انها اجبرت على المغادرة. فكما نعرف أن أي موقف يتحدى جبروت القائد العام للقوات المسلحة كان لا يعني مجرد الاعتقال، كما حدث لبعض المسؤولين زمن النظام السابق، إنما عدهم معادين لمسيرة الثورة الظافرة، بالتالي تعرضهم للكثير الذي قد يصل إلى التصفية الجسدية. و يكفي في هذا الشأن الاشارة إلى أن المحامي وزير العدل شبيب المالكي قد اعفي من منصبه لتجرأه التطلع إلى ساعة يده فيما كان رئيس الجمهورية يسهب في خطبة من خطبه التي يتوجب على الوزراء قضاء كل الوقت يستمعون إليها و يسترشدون بها في إدارة عملهم، و لتذهب التزامات مواعيد عملهم ادراج الرياح. و مسكين الزعيم عبد الكريم قاسم الذي كان يقدم لمجلس وزرائه "نفر" كباب من جيبه الخاص مقابل خطبه التي لم تبارِّ خطب القائد الضرورة في مجلس الوزراء.

الشيء المؤسف أن نائباً من أكبر التحالفات تناول الاحتجاجات على سياسة الحكومة و الحراك الذي قد يشهد بعض التصاعد بعد انتهاء مهلة المائة يوم، لم يقل أن هذه المهلة كانت اختباراً قصير الأمد لتوجهات الحكومة ككل و كل وزير من حيث القدرة على تنفيذ التوجهات العامة، و بالتالي مراجعة الحكومة لمسيرتها في ظل رقابة مجلس النواب و الرأي العام، بل "صدح" قائلاً إن" أية مشاركة سياسية في تهييج الشارع العراقي ضد الحكومة العراقية هي خيانة للشعب،"!؟

إن المتحدثين الحكوميين بمسؤولية و لباقة عن حقوق الإنسان و الحريات في خطب تستمع لها الامم المتحدة، و الأمم الكبرى بمستشاريها الحاضرين، ضمنهم المحررون، ينبغي أن يعلموا المتحدثين في كتلتهم ضرورة استبعاد تهم الخيانة، حتى و إن لم تكن العظمى، لأن هذه الاتهامات جزء من ملامح الأنظمة الشمولية بدءاً بهتلر و القذافي ملك ملوك افريقيا و صالح، و لن تستقيم مع الحديث عن حقوق الإنسان، بل هي خيانة لها..
Top