ما يجب أن يفهمه الرئيس السوري
_سوريون
سقط النظام السوري, او بالاحرى خط طريقه الى الانهيار, عند أول رصاصة أطلقت من بندقية رجل أمن على المتظاهرين المطالبين بالاصلاح, وتعرى حزب البعث الحاكم من كل أوراق توت التفرد بالحكم الذي مارسه طوال عقود, وفيما دخلت سورية فصل ربيعها الأكثر نضارة في تاريخها الحديث بدأ فصل خريف الديكتاتورية فيها, واخذت اوراقه تتساقط واحدة تلو الاخرى, من ورقة إسقاط الشرعية الشعبية عن الحكم ككل وليس الحكومة وحدها, الى اصفرار ورقة العلاقات الاقليمية الوطيدة مع تركيا وعدد من الدول العربية, الى العزلة الدولية الآخذة في الاشتداد على النظام ومن أعلى الهرم الى أدناه, هذا ما يجب ان يفهمه الرئيس بشار الاسد – طبيب العيون – المطالب باصلاح نظر حكمه ليرى جيدا حاجات شعبه اذا اراد فعلا الخروج بسورية من هذا النفق الذي تمر فيه الان.
مع كل رصاصة تطلق من بندقية عنصر أمن على صدور المتظاهرين العزل يدق النظام مسمارا في نعشه, ويضرب معولا في حفرة قبره, ولهذا لا تبريرات أجهزة الاعلام الرسمية ستفيد في منع الناس من التعبير عن مطالبهم, ولا التصريحات المتفرقة التي يطلقها بعض المسؤولين ستخمد نار غضب الدم المسال يوميا بعبث ورعونة في غالبية المدن والقرى السورية. فما هي هذه المؤامرة التي تشتعل في آن واحد في أكثر من عشرين مدينة وقرية, ويشارك فيها ملايين من الناس العزل يهتفون بالحرية وعدم إذلال الشعب, فاذا كانت غالبية الشعب م¯تآمرة فذاك يعني ان النظام طوال العقود الماضية كان مخترقا, ويخدم من يتآمرون عليه عبر قمعه وتضييقه على الناس واستشراء الفساد في مؤسساته, وحشر الآلاف من مساجين الرأي في الزنازين.
لم يأخذ الرئيس الاسد بالنصائح التي أسديت له طوال الاسابيع الماضية, ما دفع بالعديد الى التخلي عنه, وتركه في عراء أسر مجموعة من المنتفعين الفاسدين الذين لا يتورعون عن فعل اي شيء في سبيل مصالحهم, حتى أقرب الحلفاء له, بل أدواته السياسية اللبنانية بدأت تظهر تململا منه ومن نظامه, وأخذت أجهزة إعلامها تغمز من قناة فشله في الايفاء بالوعود التي قطعها على نفسه بالاصلاح, ما يعني ان النظام السوري بدأ يفقد أسنانه وأظافره التي يقاتل بها نيابة عن نفسه منذ سنوات طويلة خارج حدود سورية.
رغم ان النظام سقط منذ الرصاصة الاولى الا ان الوقت لم يفت بعد لمنع انهيار سورية وسقوطها في أتون الحرب الاهلية التي أدخل بلاده فيها الحليف الستراتيجي للاسد الزعيم الليبي معمر القذافي, وهو ما لا يريده أحد الا عصابات القتل الأمنية التابعة للنظام لتحول دون وضع رأسها تحت مقصلة المحاسبة الشعبية, بل يستطيع الرئيس بشار الاسد ان يتحرر من أسر مجموعة القتلة التي تحيط به, ويصلح ما أفسده دهر التسلط المخابراتي على الناس, وذلك عبر مكاشفة شعبه بالحقيقة كاملة, وان يخاطبه مباشرة من دون وسطاء, ويظهر الى الناس لا أن يبقى خلف الجدران وكأن المجازر التي ترتكب يوميا ليست في سورية, فهذا سيوفر الكثير من الجثث التي تعرض يوميا على شاشات القنوات الفضائية, ويحفظ ما تبقى له من رصيد عند السوريين, كما يستطيع فك عزلته العربية بالعودة الى الحضن العربي الاكثر دفئا له من الحضن الفارسي, ويتخلى عن الاستعانة بحرسه الثوري لقمع أبناء شعبه, بل ان العالم العربي يمكن ان يعيده الى الساحة الدولية, وعندها فقط سيجد ان شعبه يلتف حوله, ويفشل المؤامرات اذا كانت هناك مؤمرات تحاك على سورية التي لا تحتاج الى من يتآمر عليها طالما هي غارقة في مستنقع الفساد والقتل والقمع وأقبية التعذيب.