• Friday, 17 May 2024
logo

الشعب يريد قول الحقيقة

الشعب يريد قول الحقيقة
عدنان حسين
_الاخبار


العراقيون أجمعهم تقريباً يعرفون أن الأعمال الإرهابية، من تفجيرات وقتل بالكواتم وسواها، لا تقف وراءها "القاعدة" وفلول نظام صدام وجماعات مسلحة أخرى مناهضة للعملية السياسية فقط، وإنما أيضاً قوى منخرطة في العملية السياسية. ولذا فأن رئيس الوزراء لا يأتي بجديد عندما يعلن أن بعض هذه الأعمال مغطّى سياسياً.
في الكيّات والكوسترات والمقاهي والمطاعم وفي المجالس العامة والخاصة لا يتردد العراقيون عن القول صراحةً بالفم المليان إن الكثير من التفجيرات وأعمال القتل تقوم بها ميليشيات وعصابات مستترة وخلايا نائمة تابعة لقوى وأحزاب ممثلة في الحكومة والبرلمان، وذلك في إطار عملية تصفية حسابات بين هذه القوى ولحسم الصراع الدائر في ما بينها على السلطة والنفوذ والمال. ويدلل عامة العراقيين على ذلك بتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية كلما اشتد الصراع السياسي، بينما تتراجع هذه الوتيرة عندما تلوح بوادر توافق بين هذه القوى، وهو توافق على الحصص والمغانم وليس على مصالح الوطن والمواطن. وهذا الرأي الشعبي سديد في الواقع، والنوبة الإرهابية التي تشهدها البلاد الآن تعكس حدة الصراع بين أطراف العملية السياسية.
رئيس الوزراء قال أول من أمس في مؤتمر صحافي عقده على هامش افتتاح مجمع الجهاد السكني في منطقة البياع ببغداد إن "العراق ما زال يعاني من القتل بسبب بعض الرغبات السياسية أو القتل المأجور لصالح رغبات سياسية"، وأضاف أن "بعض هذه الأعمال الإرهابية مغطاة سياسيا من بعض هذه الإطراف"، وهو في هذا لم يجانب الصواب ولم يجافِ الحقيقة. ولكن السؤال: هل هذا هو كل ما منتظر من رئيس الحكومة؟ أم أن مسؤوليته السياسية والتزامه الأخلاقي تجاه الشعب يحتمان عليه ألا يكتفي بالتلميح، بل أن يذهب إلى التصريح لتحديد من يقف وراء الأعمال الإرهابية، مجاراة لما يتردد على أفواه الناس في الكيّات والكوسترات والمقاهي والمطاعم والمجالس العامة والخاصة؟
أقسم رئيس الوزراء ، كما سائر أعضاء الحكومة، على أن يؤدي مهماته ومسؤولياته القانونية بتفانٍ وإخلاص، وأن يحافظ على استقلال العراق وسيادته، ويرعى مصالح شعبه، ويسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وان يعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة.. ومن أولى مهمات رئيس الوزراء ومسؤولياته في ظروف البلاد الراهنة أن يكافح الإرهاب والإرهابيين من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وصيانة الحريات والانطلاق بعملية التنمية، ومكافحة الإرهاب لا تكون بالتستر على الإرهابيين، وإنما بفضحهم وجلبهم إلى العدالة حتى لو كان من يقف خلفهم شركاء في السلطة.
نحن الآن عشية استحقاق مهم، هو موعد المئة يوم الذي حدده رئيس الوزراء للوزارات والوزراء لمعرفة من وضع قطاره على السكة ومن تخلف.. وستكون هذه مناسبة جيدة لأن يُبلغ رئيس الحكومة الأمة بالحقائق التي يعرفها، وبالتأكيد هو يعرف أكثر ممّا يعرف ركاب الكيّات والكوسترات ورواد المقاهي والمطاعم والمجالس العامة والخاصة بشأن من يواصل القيام بأعمال الإرهاب ويدعمها مباشرة أو مداورة.. والأمة تريد منه أن يُبلغها بالحقيقة مباشرة وليس مداورة كما فعل في حديثه الأخير، فهذه هي مسؤوليته وهذا هو واجبه باعتباره رئيس حكومة منتخباً ومسؤولاً مسؤولية مباشرة أمام الأمة التي انتخبته.
لقد مرّ ما يكفي، وأكثر، من الوقت لكي يتلاعب السياسيون بمصير البلاد والعباد من اجل حصصهم ومغانمهم، وإذا كان هؤلاء السياسيون لم يتعبوا بعد من لعبة الموت والإرهاب التي يمارسونها في حق الناس الأبرياء، فان الشعب لم تعد لديه طاقة على التحمل، فقد بلغ السيل الزبى وآن الأوان لوضع النقاط على الحروف.. ومن لا يفعل هذا سيعتبره الشعب شريكاً للإرهابيين في ما يفعلون ويتحمل القدر نفسه من المسؤولية عن الإرهاب.
Top