• Friday, 17 May 2024
logo

مخاطر استمرار تجاهل مطالب الشعب ؟

مخاطر استمرار تجاهل مطالب الشعب ؟
د. مهند البراك
_الاخبار


رغم سقوط الدكتاتورية بحرب خارجية، و انواع التحفظات و التعقيدات، و رغم الأرهاب و صراعات الميليشيات الطائفية و سقوط اعداد كبيرة من الضحايا رجالاً و نساءً . . اثبت شعبنا بألوان طيفه و طلائعه السياسية الداعية الى وحدة قوى الشعب الفاعلة و بدعم من مرجعية آية الله علي السيستاني، اثبت على قدرة لايستهان بها في التأثير على العملية السياسية.
و رغم انواع الضغوطات الإقليمية و العربية، فإنه تحدىّ الإرهاب و الرصاص و الإنفجارات . . مشاركاً بكل اطيافه القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية في الإنتخابات التشريعية و في التصويت على الدستور، في اثبات لايقبل الشك على روحه الحية و على قدرته على بناء الأمل مجدداً و النشاط بضوئه، رغم الثغرات و السلوكيات التي انكشفت من الدوائر و الكتل المتنفذة .
الاّ ان الخروج عن الدستور و روحه بدل السعي لإصلاحه و تطويره . . الخروج عنه في قضايا جوهرية متعددة . . من طبيعة الدولة و مؤسساتها و آلياتها، سواء في هيمنة المحاصصة الطائفية عليها من اعلى درجة حكومية الى ادناها دون مراعاة الكفاءة و دون اعتماد الهوية الوطنية كأساس للإنتماء الوطني بغض النظر عن الدين و المذهب و القومية، الى الموقف من مؤسسات المجتمع المدني و حرية التفكير و التعبير، قانون الإنتخابات و وضع قانون للأحزاب، الموقف الأصم من قضية المرأة و حقوقها، صيانة استقلال الهيئات المستقلة كهيئة النزاهة و الإنتخابات و غيرها، الى الموقف من مفهوم الفدرالية و علاقة المركز بالحكومة الكردستانية . .
الأمر الذي ادىّ الى الفساد والإنغماس فيه و الوصولية و الإنتهاز المصلحي الأناني و خلق البطانات، و وفق تصريحات مسؤولين و وجوه هامة من مختلف الكتل البرلمانية و من الناشطين في المسيرة السياسية . . بسبب التسويف و عدم الإلتزام بالضوابط الدستورية و بالتالي بالقوانين الموضوعة وفقها، و بسبب عدم ايفاء الكتل النافذة بالإلتزامات التي قطعتها لناخبيها، الذين صاروا يعضّون اصابع الندم لإنتخابهم ايّاها.
و ادىّ بالتالي و بمسيرة السنوات الثماني الى بروز فئات و صعود اخرى في عالم المال و السمسرة صعوداً صاروخياً، مستفيدة من وجود و تفعيل المجاميع اللصوصية الموروثة من زمان الدكتاتورية المنهارة، التي صارت تتدثر بدثار المحاصصة الطائفية، حيث وجدت فيها حماية و وسيلة لم تحلم بها . . من جهة .
و حوّل صمت اوسع الأوساط الشعبية و الشبابية التي تعاني شظف العيش، الى مناشدات و اعتراضات، ثم الى تظاهرات سلمية تطالب بالحقوق الدستورية المهظومة، جابت و تجوب ساحات البلاد من اقصاها الى اقصاها، و تتواصل . . رغم انها جوبهت في بدايتها بالتهديدات، ثم بالعنف و الرصاص و بسقوط الشهداء، من جهة اخرى.
و فيما وصمت اوساط حكم نافذة، تلك التظاهرات بكونها مخططاً لها من الخارج، و بكون محركيّها ينفذون مخططاً سياسياً ما . . لم يجهدوا انفسهم رغم كل الإمكانيات التي بحوزتهم، لمعرفة معاناة الشارع اليومية و معاناة اوسع اوساط الشباب، فلم يفرّقوا بين حجم المعاناة الحقيقية المتزايد و بين مشاريع سياسية تحاول توظيف ذلك لأهداف انانية ضيقة من نوع مقابل . . و بالتالي لم تقم باجراءات عملية تحسّها و تعيشها الأوساط الشبابية و الكادحة .
غير مدركين ان مايجري قد يمزّق الميليشيات المحتمين بها ذاتها على صخرة المستفيدين و جمهرة المهمّشين فيها ذاتها، الذي يجري بسبب الفساد و التعفن، و لا ادلّ على ذلك من الفضيحة الأمنية الخطيرة الأخيرة بهروب سجناء القاعدة الأرهابية من سجني بغداد و البصرة . .
و فيما ينبّه خبراء الى ان طريق اعتماد الهبات المالية بين فترة و اخرى لتخفيف الغلواء غير مجدي . . فإنهم يحذّرون من ان استمرار تجاهل المطالب الشعبية و الشبابية، يحمل مخاطر قد تؤدي الى سقوط طريق التعددية و التبادل السلمي للسلطة، الضروريان للحفاظ على العراق غير منحاز و على طريق البناء . . في لجّة الصراعات العاصفة في المنطقة، التي يظهر ابرزها فيها في المرحلة الراهنة : الصراع الإيراني ـ العربي ـ الإسرائيلي، و الصراع العربي ـ الإيراني المغطى بالصراع الطائفي . .
Top